الذكرى الخامسة والثلاثون لرحيل الشاعر اليمني الكبير لطفي جعفر أمان (1928- 1971م)

> «الأيام» مهندس عصمت خليل:

> صادف يوم أمس السبت السادس عشر من ديسمبر 2006م الذكرى الخامسة والثلاثين لرحيل شاعرنا اليمني الكبير لطفي جعفر أمان، الذي توفي في مستشفى المعادي بالقاهرة حيث اختاره ربنا -سبحانه وتعالى - إلى جواره عن عمر لم يتجاوز الثلاثة والأربعين عاماً.

ولد لطفي أمان في 12 مايو 1928م في حارة القاضي بكريتر القريبة من مسجد العيدروس. لقد نشأ شاعرنا المرحوم لطفي أمان في أسرة عريقة مثقفة (أسرة أمان).. حيث نشأ لطفي في تربة فنية خصبة ساعدته على كتابة الشعر واجتذاب الأضواء الباهرة إليه خاصة بعد أن أصدر أول ديوان له «بقايا نغم» عام 1948م ، وهو في ريعان شبابه لم يتجاوز العشرين من عمره ، بعد انهاء دراسته في السودان الشقيق، ثم تتابعت دواوينه حيث أصدر «الدرب الأخضر» عام 1962م و«كانت لنا أيام» العام نفسه ، و«ليل إلى متى؟»عام 1964م وأخيراً «إليكم يا إخوتي».

لم يكت أوتار بمنهاجية دقيقة وشغل عدة وظائف كان آخرها وكيلاً لوزارة التربية والتعليم التي شغلها حتى ساعة وفاته.

تأثر شاعرنا المرحوم لطفي أمان تأثراً كبيراً بالأحداث الجارية آنذاك في الساحة اليمنية وبالكفاح المسلح الذي بذله شعبنا لتحرير جنوب الوطن من الاستعمار، حيث كتب في منتصف الخمسينات قصيدة «سأنتقم» التي كانت صرخته الحقيقية الاولى التي تحمل في مضامينها الوطنية الواضحة وتعطي لنا هذا الشعور الصادق وهو يطالب بحق الإنسان اليمني وبحقه في وطنه واحترام إنسانيته.

وقد غناها فيما بعد الفنان الكبير محمد مرشد ناجي أطال الله عمره، قال فيها لطفي:

أخي كبّلوني

وغل لساني.. واتهموني

بأني تعاليت في عفتي

ووزعت روحي على تربتي

فتخنق أنفاسهم قبضتي

لأني أقدس حريتي

لذا كبّلوني

وغل لساني واتهموني

...الخ

وفي أوائل الستينات أكد المرحوم لطفي أمان رفضه للوجود الأجنبي في بلاده إذ قال:

يا بلادي.. يا نداء هادراً يعصف بي

يا بلادي.. يا ثرى ابني وجدي وأبي

يا كنوزاً لا تساويها كنوز الذهب

اقفزي من قمة الطود لأعلى الشهب

يا بلادي كلما أبصرت شمسان الأبي

شاهقا في كبرياء حرة لم تغلب

صحت يا للمجد في أسمى معاني الرتب .. الخ

وعندما جاءت الذكرى الاولى لثورة 26 سبتمبر المجيدة.. كتب لطفي قصيدة «عيد الثورة اليمنية» التي غناها ايضاً الفنان الكبير المرشدي من دون ذكر اسم (لطفي) في حينها ، نظراً إلى أن القانون الوظيفي آنذاك يحرم على الموظف الحكومي التدخل في السياسة!

وقد قال لطفي فيها:

أهنئ في عيدك المرتقب

كل عام قبلة للعرب

أهنئ واستقبل الأحباب في

صف شعب ليس بالمنشعب

أنت يا صنعاء هاتي واشربي

اشربي نخب هوانا اشربي

وانثري الأفراح والبشر على

كل قلب راقص في طرب

عيدك الحافل ما أروعه

جمع الشعب بـأسنى موكب

ارتبطت قصائد لطفي أمان الوطنية والرومانسية بوجدان كل مستمع يمني في جنوب الوطن أو شماله آنذاك وخاصة في مناطق عدن، وحضرموت ، وتعز، وصنعاء وغيرها حيث كانت ومازالت في وجداننا جميعاً تهز عواطفنا الجياشة في كل مرحلة من مراحل حياتنا الماضية والحالية.

لقد كان حب شاعرنا لوطنه ومجتمعه اليمني والعربي وتأثره بتطوراته البطيئة صادراً من إحساسه الوطني بوجع الوطن العربي عموماً فجمع في شعره الاحاسيس الوطنية القومية، حيث قال في ديوانه «إليكم يا إخوتي» موجهاً كلماته إلى المستعمر:

تقول: من أنت؟

وترنو باحتقار

وتنفث البصقة من سيجار

وتمتطي نظرتك الحمقاء أوهام الفخار

مهلاً.. ستدري من أنا؟

أنا الذي رفعت في خضمنا الشراع

فأقلعت سفينتي ماردة القلاع

تحطم الامواج.. والامواج منها كالتلاع

صريعة الصراع ..

فيغرق الماضي الذي مزق عمري في الضياع

لوكنت تدري.. من أنا؟!

وعندما تحقق الجلاء في الثلاثين من نوفمبر 1967م بعد 129 عاماً من الاحتلال البريطاني.. كتب لطفي قصيدة «بلادي حرة» ، التي غناها الفنان الكبير الموسيقار أحمد بن أحمد قاسم -رحمه الله-، وغناها معه الشعب اليمني في كل مكان. قال لطفي:

على أرضنا.. بعد طول الكفاح

تجلى الصباح.. لأول مرة

وطار الفضاء طليقاً رحيباً

بأجنحة النور ينساب تره

وقلبت الشمس سمر الجباه

وقد عقدوا النصر من بعد ثورة

كما أننا لا ننسى «مزهري الحزين» - في موكب الثورة - التي تعد من أروع قصائد لطفي الوطنية التي كتبها بمناسبة الذكرى الثانية لعيد الاستقلال قائلاً:

يا مزهري الحزين

من يرعش الحنين

إلى ملاعب الصبا .. وحبنا الدفين

هناك.. حيث رفرفت

على جناح لهونا

أعذب ساعات السنين

...

اسمع إذاً مني ..

ووقع لحن قصتي الجديد

وابعث به في مركب الشمس العتيدة للخلود

اسمع..

أنا من قبل قرن أو يزيد

قرن وربع القرن بل أكثر من عمري المديد

كانت بلادي هذه ملكي أنا..

ملكي أنا..

خيراتها مني.. ومن خيراتها أحيا أنا

كانت.. وما زالت

وهذي قصتي.. فانصت لنا!

رحم الله شاعرنا الكبير لطفي جعفر أمان رائد القصيدة الوطنية والرومانسية، الذي كان يتفاعل مع الأحداث الجسام، ويشارك جماهير الشعب اليمني حزنهم إبان الاحتلال والطغيان وأفراحهم بالانتصارات مؤمناً بقيمة الكلمة وشرف مشاركتها في صنع الأحداث. رحم الله لطفي.. الخال العزيز الغالي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى