أحمد الجابري .. دوحة الشعر والغناء

> «ألأيام» مختار مقطري:

>
مختار مقطري
مختار مقطري
لم أكن أدري - وأنا على جهلي ملوم -أن الأدب في اليمن قد اعترف بالشعر الغنائي باعتباره أحد أشكاله الإبداعية الجميلة، ولعلي توهمت الخلاف. وأن مصالحة تمت بينهما حتى في إطار القنوات الرسمية للأدب ربما في فترة كنت فيها لم أزل بعيداً عن الساحات الوردية للأدب والفن، لذلك شعرت بامتنان كبير وإكبار لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بعدن لتكريمه الشاعر الكبير أحمد الجابري تحت شعار (الجابري .. دوحة الشعر والغناء) في (مهرجان عدن الثقافي - الدورة الثانية وميض الارض .. وتر المحبة 17-20 ديسمبر 2006م) وكان ختام التكريم الأمسية الغنائية الجميلة التي نظمها الاتحاد برعاية مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز بفندق عدن مساء أمس الاول الثلاثاء 19/12 ، وكان في مقدمة الحضور الشاعر مبارك سالمين، رئيس الفرع ونائبه الشاعر جنيد محمد الجنيد وعدد من الاعضاء من بينهم الشاعر شوقي شفيق، الذي قدم حفل الامسية بعبارات جميلة معطرة بنفحات من شاعريته، والشاعر عبدالرحمن ابراهيم، ود. مسعود عمشوش ود. مبارك حسن الخليفة، كما حضرها عدد من رجال الصحافة والإعلام والشعراء والأدباء والمهتمين والفنانين، وكان في مقدمة الضيوف الفنان القدير عبدالكريم توفيق، الفنان أبوبكر التوي والأستاذ القدير فيصل سعيد فارع، رئيس المؤسسة راعية التكريم.

وبهذا التكريم الجميل للجابري ارتقى فرع الاتحاد بعدن إلى مستوى متموسق التقت عنده قمتا هرمي الإبداع الفني والأدبي لينحني إجلالاً لقامة أدبية شعرية غنائية شامخة مرتقياً برقيه الإبداعي حد ملامسة وجدان الناس الذي ارتقى به الجابري من قبل بإسهامه الكبير في تهذيب ورقي الذوق الفني العام بأغنيات لا تموت كتبها الجابري بحروف من ذهب.. الجابري الذي جعل مشهد سقوط جسر بحري مشهدا لا يثير الذعر والهلع ولا يخلف قتلى أو جرحى .. لكنه مشهد جميل يغمر القلب بالطرب والنفس بالفرح بتوظيفه للفعل (يفلت) بدلاُ من (يسقط) في صورة شعرية فنية أخاذة.. فيتحول سقوط الجسر إلى استرخاء جميل لمجهد أتعبته كثيرا شدة الغيرة على الحبيبة الجميلة ومحاولاته اليائسة في لفت انتباهها ليفوز برضاها.

شارك في حفل الأمسية الفنان القدير أنور مبارك .. ويا لأنور إذا صحّى أوتار عوده.. ويا لأنور إذا غنى بصوته المفعم بالعذوبة والرشاقة ولذة استطعام النغم بذائقة مرهفة وإحساس كله إحساس، وذوق كله ذوق رفيع.. ويالأنور إذا اختار من أغاني الكبار ليغني.. ومثل أنور قد يختار ..ولكن مثل أنور قليل في إجادته لغناء ما يختار من أغاني الكبار .. ومثل أنور أقل في إجادة النطق السليم للحروف وضبط مخارج الألفاظ كما فعل ويفعل فنانونا الكبار.. وبهذا الاقتدار والحضور الفني الكبير غنى أنور مبارك خمس نفائس نسقها في باقة جميلة كما ينسق الصائغ الخبير بين الحجارة الكريمة في حزام من ذهب يلف خصر غادة حسناء، فأطرب أنور الحضور ونقلهم إلى الزمن الفني الجميل بخمسة مقاطع من خمس أغنيات لأحمد قاسم ومحمد سعد والمرشدي كتبها أحمد الجابري وتنقل بين مناطق يمنية مختلفة مصوراً مشاعر سكانها وأحلامهم وآمالهم بلهجاتهم المختلفة، وبذلك يصبح توليف باقة غنائية من عدة أغنيات ليس بالأمر السهل ولا يتقنه إلا فنان مقتدر كأنور مبارك إذ تنوعت الألحان واختلفت الصياغة واللهجة والمناخات في البناء الشعري لشاعر كبير كأحمد الجابري.

كما شارك الفنان فيصل الصلاحي بأغنية (أخضر جهيش مليان) للجابري والمرشدي وبأغنية من كلمات وألحان محمد سعد عبدالله، وهي مشاركة ناجحة للصلاحي بكل المقاييس، فهو صوت مترنم دافئ ومعبر لم يكشف عن كل جوانبه المغسولة بزخات نغم عذب، كان الصلاحي موفقاً جدا في غنائه وفي قدرته على التطريب، لقد ابتعد بعد أن أمتعنا بأغنيات قليلة ولكن ها هو يعود بقوة ليسهم مع زملائه ممن يحترمون فنهم ومواهبهم وجمهورهم في نفض ما علق بالأغنية اليمنية من غبار الجمود والتقليد الأعمى والبليد للتراث.

وكان مسك الختام المغنية الشابة سهى علوان التي غنت (يابوي انا شي لله) للجابري والمرشدي، ولن أقول رأياً في سهى أنا لم أكوّنه أصلاً لأني لم أسمعها قبل، إلا أني رأيتها بارعة في التمثيل في مسرحية (عائلة دوت كوم) للمخرج عمرو جمال، وأتمنى أن تكون سهى بارعة في الغناء كما كانت بارعة في التمثيل.

وأخيراً.. شكرا لفرقة (نسائم عدن) التابعة لمنتدى باهيصمي الثقافي بالمنصورة التي شاركت في الحفل بعدد قليل من العازفين نجحوا في تجاوز قلة عددهم بمهارتهم الكبيرة في العزف بقيادة صاحب الخبرة الطويلة في قيادة الفرق الموسيقية الكبيرة والصغيرة الفنان القدير سالم الحطاب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى