البحث في سماء الجابري عن أغلى قمر (2 - 2)

> «الأيام» عبدالرحمن إبراهيم:

>
سنحاول المجموعة: القصيدة مهداة إلى مغتربة من وطن.

«سأخفيه

سأخفيه

لأني غارق فيه

إلى أذني يا أختاه

لا أدري

يقال بأنه شيء

يُسمّى بالهوى العذري

سأخفيه

سأخفيه

فمن عينيك أرويه

ولا تدرين ما يجري

فكم حاولت أن ألهو

وأبدو ضاحك الثغر

لكي لا تعرفي الأحزان

حين تُعدّ من عمري

سأخفيه

سأخفيه

لأني غارق فيه...»

لا أريد وليس مهمتي - هنا- أن أوضح او أشرح افكار ومعاني القصيدة، لأنها واضحة جلية مكشوفة الالفاظ، لا تحتاج إلى قراءة ثانية كما تحتاج أو تدعو الناقد بعض القصائد الغامضة حتى التعقيد. ولعل أول ما يكشف دلالات سطورها الإهداء بعد اللغة الواضحة.

فالقارئ البسيط ذهنياً، لا أعتقد انه سيجد صعوبة في الكشف والتوضيح لأبعاده المضمونية.

والقصيدة تعبير عن تجربة حيوية ربما مر بها الكثيرون من المحبين الذين يحاصرهم الخجل، أو تمنعهم ظروف اجتماعية أخرى.

والقصيدة رغم بساطتها ورقة معانيها، تعتمد على مفردات مألوفة ومأنوسة، تخلو من التعقيد والالتواء. ومع ذلك استطاع الشاعر أن يوظفها توظيفاً جميلاً وأنيقاً، وزاد جمالها استخدام الإيقاع الذي يتكون من تآلف وانسجام تركيبة الالفاظ إضافة إلى توظيف بحر راقص (الوافر المهزوج) وإن كانت تفعيلة الهزج هي المسيطرة، ولكن التكرار لبعض المفردات لم يؤد دوره النغمي المتوخى، فتكرار لفظة (سأخفيه) كان ينبغي أن تتكرر في كل مقطع كلازمة، مما أدى إلى ضعف تدفق القصيدة نغمياً.

في حين أن تكرار بعض الألفاظ منح القصيدة دفقاً جمالياً نغمياً، لا سيما الألفاظ الدخلية مثل (فكم، وبلا)

«فكم من ليلة كنت

بلا أهل ولا بيت

وأحلم لو أكون الدار

أو أشدو حواليه

فأشعاري نشيد الأهل

والغرباء والتيه

ولكني إذا ما عدت للصمت

أرى نفسي بلا حلم

فمن أنت؟

وألقى الوهم والتيه

فأطويه

سأخفيه

لأني غارق فيه»

القصيدة تنتهي مقاطعها بـ «لأني غارق فيه» وهذا التكرار يؤكد الدلالة، ولكنه يبهت الجانب الموسيقي في القصيدة.

قصائد المجموعة تجعلنا نؤكد على أن الشاعر الاستاذ احمد الجابري يقدم رؤيته النظرية حول مفهوم أو تعريف الشعر التي تتفق وتنسجم مع ممارسته للكتابة الشعرية.

أما موضوعات المجموعة فجميعها تدور حول الحب من بدايتها حتى آخر قصيدة عدا قصيدة واحدة هي قصيدة «إلى يافا»، كما ان الشاعر في «أغلى من القمر» يعتمد على التفعيله كإطار شكلي، أي انه يلتزم لاشتراطات القصيدة الحديثة بقدرة عالية.

«تقول: كم تحبني؟

أقول: لا تسألي ودققي النظر

فملتقاي تؤمنان بالخبر

لأنني لا أستطيع أن أبوح

بالذي أحس أنه القدر

فأنت يا حبيبتي..

أغلى من القمر

فإن أتيت في المساء

يا حبيبتي

أشم في عيونك الشذى

وينتهي الإرهاق، بعد أن

أكون مجهداً

فأحضن النجوم والعبير والثمر

لأنني أحب كل ما يحبّه القمر».

لا تختلف هذه القصيدة (اغلى من القمر) ذات العنوان المدهش التي تحمل عنوان المجموعة- وقد وفق الشاعر في اختيارها عنوانا دون غيرها من القصائد التي تضمها المجموعة - لا تختلف عن بقية القصائد. ذلك انها تتحرك في دائرة الحداثة الشعرية الاولى سواء على مستوى البنية اللغ

المراجع

1- عبدالرحمن إبراهيم، المرشدي في عيون المثقفين.

2- احمد الجابري، فتاة الجزيرة، المرجع نفسه .

3- د. عبدالعز المقالح، نقوش مأربية، دراسات في الإبداع والنقد الادبي.

4- أحمد الجابري، أغلى من القمر، ينظر الغلاف الأخير للمجموعة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى