> «الأيام» كفى الهاشلي:

المقدمة (1) استهلالية ..اللوائح والقوانين والنظم كلها من نسيج صنع البشر قابلة للتعديل والتبديل -إن لزم الأمر- وفي عالم صاحبة الجلالة والإعلام عامة غالباً ما ترفع شعارات تطالب بتعديل بعض القوانين أو تغييرها لتحقيق ما يسمى بحرية التعبير لكشف الحقائق للجمهور ووضع الخيار أمام صناع القرار.

وفي المقابل تقف شريحة أخرى من خريجي مدرسة البحث عن المتاعب أمام الصحف لمطالبتها بالعدول عن قوانينها الجبارة وإزاحة شبح الخبرة والواسطة لتتيح للشباب التعبير عن قضاياه بروح المبدع الطموح وتفك القيود التي صفدها منهاج التعليم وجمدتها قوانين بعض الصحف.الوضع دفعنا للبحث عن المتاعب التي تواجه خريجي مهنة البحث عن المتاعب ونسأل من يا ترى الظالم ومن المظلوم وهل يتحول المظلوم إلى ظالم!؟

«الأيام» تطرح المشكلة وأسبابها والحلول الممكنة كجزء من عملها الصحفي. وإيماناً بان الإصلاح لا يأتي الا من النفس أولاً وللوصول للحل أخيراً.

المقدمة (2) وصفية

البطالة.. زوبعة المشاكل.. الخطر الذي يهدد مستقبل الشباب عامة.. وقضية قد يكون عرضها أصبح مملاً ،لعدم جدوى الحديث عنها عبر التحقيقات والاستطلاعات التي تعرضها الكثير من الصحف.

لكننا هذه المرة نعيد الحديث عنها عبر هذا التحقيق ولكن بخصوصية المخصص، لأنها بوضوح مشكلة موجودة في عالم صاحبة الجلالة. ولذا قررنا طرح مشكلة الصحفي المتخرج كجزء من الواجب الصحفي في طرح المواضيع والمشاكل التي يعانيها الشباب فما بال خريجي مهنة البحث عن المتاعب.وعبر سطور «الأيام» نبحث عن متاعبهم ونسأل عن أسباب استبعادهم عن العمل الصحفي، ونطرح بعض الحلول لعلها تفتح الباب أمام الجميع للبحث عن حل لها.

من هنا بدأنا بقراءة الوضع كما هو ، وكانت محطتنا الأولى هي كلية الآداب قسم الصحافة والإعلام حيث وصل عدد الخريجين إلى حوالي 50 ، ومعظمهم لا يعمل في الصحف فهناك من خطى إلى سوق العمل في سوق عدن الدولي أو مراكز الاتصالات والبعض يعمل في الباصات والجزء الآخر في أعمال إدارية أخرى والأخير مستمر في البحث عن العمل الصحفي ومع ذلك ما زال الشباب يقبلون على الدراسة في الصحافة والإعلام.

الطموح الكبير

سألنا الشباب عن أسباب الاندفاع إلى هذه المهنة فكان الرد كما تقول الطالبة ليزا بن بريك: «أنا طموحي أكبر من الطموح نفسه لأنه كبير بحكم ارتباطي بالإعلام من صغر سني والإعلام بالنسبة لي طموح نحو إصدار صحيفة أو مجلة تفتح صفحاتها للحقيقة بمختلف القضايا المطروحة لتوصل رسالة حقيقية غير مزيفة ولا منغلقة على حالها ولا مغلفة بالكذب». وعن توقعاتها لمصير خريجي الصحافة قالت: «الظروف صعبة في بلد مثل اليمن، فهناك حكم مسبق على الشباب بعدم صلاحية المواضيع التي يطرحونها مع أنها قد تكون صالحة للنشر بكل المقاييس الصحفية، وأهم الأفكار التي أطرحها على إدارة قسم الإعلام هي أن تتيح الفرصة للطلاب بإصدار صحيفة تحت إشراف الشباب أنفسهم أي دون تدخل القسم في نوع المواضيع أو الإشراف لإعطاء الشباب فرصة في الكتابة الحرة التي تنمو بدورها مع الأيام». وقالت: «أتمنى أن تدرك الصحف أن الحكم المسبق هو أبشع الأخطاء في مهنة الصحافة».

الواقع المرير

كابوس الواقع المرير خارج دهاليز الآداب لا يحمل معه البشائر فتبقى الواسطة والخبرة في العمل هما الشبح الذي يلاحق الشباب أينما كانوا وقلة هم الذين يخدمهم القدر والحظ وبعد جهد مرير.. فكيف الحال بالخريجين الذين لم يبتسم الحظ لهم؟

الإجابة بلسان حال الخريجة نوال حيث قالت:«تخرجت ولم أجد العمل خاصة وأن شهادة الكلية تأخرت كثيراً وبقيت بالبيت حتى تمكنت من التطبيق في صحيفة (الطريق) برغم أنني اجتزت التطبيق في وكالة الأنباء سبأ ، واستمريت لمدة ستة أشهر حتى وصلت لمرحلة ملل خاصة وأنني كنت في قسم الأخبار ولم تكن هناك أخبار جديرة بالنزول الميداني ولم ترد حتى أي فاكسات ،عدت بعدها للبيت ثانية لا جديد لا وظيفة ولا تعاقد..!».

من المسؤول؟

ترى من المسؤول عن الوضع؟ سؤال حملناه إلى «الأيام» لتجيب عنه وتفاجئنا بصراحة الرد والرفض حيث قال الزميل باشراحيل رئيس قسم الشؤون الدولية في الصحيفة: «نؤكد رفضنا لأي خريج من أي كلية كانت صنعاء أو عدن» وعلل ذلك بعدم وجود منهاج أكاديمي تعليمي وعملي سليم.

وأشار إلى اعتماد الصحيفة على تدريب الكادر الراغبة في توظيفه حيث تختار الصحيفة اثنين من عشرين متدرباً وذلك وفقاً لقدراتهم على صياغة الأخبار بشكل سليم.

قسم الصحافة لا يمتلك أدنى مقومات العمل الصحفي

حملنا السؤال إلى كلية الآداب قسم الصحافة والإعلام: هل المنهاج غير صالح فعلاً؟

أجاب د. عبدالله الحو، رئيس قسم الصحافة والإعلام فقال:«منهاج جامعة عدن لا يختلف عن مناهج دول لها خبرتها في المجال نفسه بل وهي رائدة الصحافة العربية مثل مصر والسودان».

وعن الجانب العملي في الجامعة قال: «الجانب العملي هو المتغيب على مستوى كل الأقسام ونحن لا نمتلك أيسر مقومات العمل الصحفي لتطبيق الجانب النظري».

الواسطة هي السبب!

الخريجون لا يرون المنهاج سبباً ، وأكدوا أن هناك أسباباً أخرى كالواسطة والخبرة حيث قالت الأخت نوال: « أنا دخلت صحيفة (الطريق) من أجل التطبيق بالواسطة فما بالك بالعمل وأظن أن الواسطة هي السبب الأول في حصول الشاب على العمل حتى وإن كانت في مهنة الصحافة فهذا هو حال اليمن».

الزميل باشراحيل رد على ذلك بقوله: «المعايير المعتمدة لدى «الأيام» بسهولة هي أننا نريد صحفياً والصحفي هو من يعرف ماذا يسأل ومتى يسأل وكيف يأخذ المعلومة ويضعها بأسلوب جيد والصحفي هو من يتلمس قضايا الناس ومشاكلهم ويقرأ الواقع جيداً، ما لم ستبقى هناك فجوة لا يمكن ملؤها بالفراغ أو أي شيء».

ويرى د. عبدالله الحو أن روح المبادرة هي العامل الأول إلى جانب أسلوب الصحفي وقدرته على الكتابة الصحفية بالفنون السليمة هي السبب في النجاح والعمل ويجب أن يستمر الطالب بالمحاولة والكتابة طالما أراد أن يكون صحفياً ناجحاً.

الزميل نبيل علي غالب رئيس تحرير مجلة (عدن) ومدير مركز التوعية البيئية يرى أن أسلوب الصحفي في طرح الموضوع والمشكلة واحد من أهم المعايير المطلوبة في الصحفي إلى جانب موهبته وقال:«الكتابة الصحفية علم وفن كغيرها من العلوم والفنون يجب أن تكون مدروسة وللشخص ميول وموهبة فيها فليس كل شخص يمكن أن يصير صحفياً كما وأنه ليس بمستطاع أي شخص أن يكون طبيباً».

من الشباب من علق على الصحف بأنها تتحدث عن المعايير العلمية في بناء الأخبار والأحاديث الصحفية والتحقيقات وهي إخبارية متجمدة مع وجود شباب يكتب ويدرك هذه الفنون.

«الأيام» علقت وقالت:«نحن نعتمد الجانب الإخباري ولا نريد تلوين الأخبار وهناك أخبار فعلاً مملة لكننا نسعى لإرضاء القارئ العام بمختلف التوجهات الحزبية والمستويات الثقافية ونرحب بأي انتقاد لأنه يساعدنا في تطوير عملنا حتى وإن كان ممن هم أقل منا سناً».

خريجو الصحافة يحلمون بالغد الأفضل ويبحث الكثير منهم عن قبس من شعاع منير نحو تقديم الأفضل ومنافسة الكبار في طرح المواضيع والمشاكل يحلمون بنشر تحقيقاتهم وأخبار هم من سعى وراءها وسطرها على صفحات والمجلات.

لذا توجهنا ببعض الأفكار لبعض الجهات لعلها تساهم في ايجاد مخرج يسير لمشكلة الخريجين كفرصة للتدريب أو العمل أو التعاقد وكان الرد.

«الأيام» قالت:«لسنا مخولين بحل المشاكل لكن أبوابنا مفتوحة للتدريب».

مجلة (عدن) قالت: «كما تعرفون أن المجلة تصدر شهرياً وأحياناً كثيرة يتأخر إصدارها لكن لا مانع من قبول كتابات الشباب مع العلم أننا قد أفسحنا المجال للشباب بالكتابة في المجلة ونتواصل مع بعضهم وتقدر نسبة الذين يكتبون على صفحات (عدن) 30%».

رئيس قسم الصحافة د. عبدالله الحو قال عندما سألناه لماذا لا يتم تقسيم الشباب منذ المستوى الأول على التخصصات لإتاحة الفرصة للتطبيق بشكل أكثر ؟ قال: «لا يوجد للقسم صلاحيات في اختبار المتقدمين للإعلام وهذا سبب واحد وبالتالي نحتاج آلية جديدة لنضع خطة مناسبة».

وأشار إلى انعقاد ورشة عمل في منتصف الشهر الماضي بصنعاء لمناقشة الوضع وقال: «سنطرح ملاحظاتنا ومقترحاتنا للخروج بخطة نأمل أن تحدث طفرة في التعليم الجامعي».

الحديث عن هذه الورشة كان قد سبقه نزول إلى بعض الجامعات في بعض الدول الصديقة للاطلاع على التقنيات الحديثة وآلية التعليم مثل بريطانيا والدنمارك وهولندا، والورشة عقدت بتنظيم من وزارة التعليم العالي في اليمن.

ثم سألناه لماذا لا يتم التنسيق مع بعض الصحف للتطبيق الآن قال: «يبدأ التطبيق في الفصل الثاني والصحف المتعامل معها هي أكتوبر ووكالة الأنباء سبأ و«الأيام» قبل عامين تقريباً وظفت المطبقين منهم خديجة وفردوس. وإن كانت من إمكانية لقبول الطلاب لا نمانع مطلقا».

توجهنا إلى وزارة العمل لنسأل عن إمكانية استيعاب بعض الشباب الخريجين لعمل تعاقدات معهم في تغطية الفعاليات التي تنظمها المنظمات والجمعيات وأجاب الأخ أيوب أبوبكر مدير عام الشؤون الاجتماعية والعمل:«ليست مهمتنا الشباب فهذه من اختصاصات وزارة الشباب والرياضة لكن كفكرة فهي جيدة والوزارة لها في هذا الصدد سابقة وخاصة الذين لا يعملون حيث تم إلحاق 15 شاباً متخصصاً في الجانب الاجتماعي والنفسي كمتعاقدين في الدار الخاصة بالمتسولين في الشعب والمدعوم من الشيخ عبدالعزيز».

مكتب عدن للتوظيف أكد عدم التزام بعض الجهات باستمرارية عمل الموظفين لديه لمدة أطول حيث تستمر الفترة إلى ثلاثة أشهر بالكثير والصحف بعيدة عن كل البعد عن التواصل مع المكتب برغم وجود شباب لديهم الخبرة.

بقيت المشكلة أمام الجميع تحتاج إلى التكاتف والصبر والعمل المشترك من القسم والصحف ومن الشباب أنفسهم على حد قول من أجرينا معهم الحوار:

يحتاج العمل الصحفي للمبادرة والصبر-د. عبدالله لحو رئيس قسم الإعلام كلية الآداب جامعة عدن.

لا تقف مهنة الصحافة عند حد الكبار أو الشباب إنما بالموهبة والأسلوب- الزميل نبيل علي غالب رئيس تحرير مجلة (عدن) ومدير مركز التوعية البيئية عدن.

يعتمد العمل الصحفي على الإلمام بالمحيط الذي نعيش فيه ولا ينبغي أن نحلم بمتى تنشر موضوعاتنا بل متى تكون صالحة للنشر - الزميل باشراحيل.

ويبقى الأمل في الورشة التي عقدت في صنعاء أمل الأجيال القادمة لعلها تخرج بمقترحات من شأنها تطوير العملية التعليمية بشكل يتوافق ومتطلبات الصحف وسوق العمل عامة.

وتبقى موهبة الشباب وطموحهم هي السبيل للحصول على حقهم في التوظيف ولن يضيع حق وراءه مطالب وليدركوا ان المتاعب التي تواجههم هي جزء من مهنة البحث عن المتاعب وأن عالم الصحافة كما وأنه مقيد بالقوانين البشرية التي تحد من حرية التعبير فإن القائمين عليه يخلقون قوانين على المقبلين.

عليه وفي كل الأحوال تبقى القوانين قابلة للتغيير طالما هي من صنع البشر.