> «الايام» فاروق لقمان:

لقاء المغتربين الحضارم في ارنق اباد
وعند استقلالها عام 1949م كانت مجرد مجموعات من الجزر الخصبة بأرضها الجدباء بصناعاتها تفتقر إلى وسائل التعليم والمواصلات لا يمكن مقارنتها بشبه القارة الهندية التي كانت قد قطعت أشواطاً عديدة وطويلة في خدمات التعليم والصحة والمواصلات وكان طلابها ينالون الدكتوراه من عدة جامعات فيها.
لكن الحديث اليوم يتناول الهجرة الحضرمية إلى إندونيسيا أو الأرخبيل الهندي مع أن المؤلف تجاهل شبه القارة الهندية والدول التي استعمرها الفرنسيون مثل فيتنام وكمبوديا ولاوس وأخرى كانت مستقلة مثل تايلند مع إقراري بأهمية تاريخ الهجرة الحضرمية إلى إندونيسيا وحاجة المكتبة اليمنية إلى كتاب مثله. كما أن المؤلف الذي استعرضت له كتاباً عن «كتابات الرحالة الفرنسيين» عن عدن وضم مادة ثمينة عن الشاعر الراحل آرثر رامبو رغم احتقاره لعدن وأهلها، أضاف إلى مؤلفه ترجمة «كتاب حضرموت والمستوطنات العربية في الأرخبيل الهندي» للهولندي فان دن بيخ.
وقد أسهم الدكتور صالح علي باصرة، وزير التعليم العالي والبحث العلمي بمقدمة قيمة عن الهجرات اليمنية عموماً والحضرمية خصوصاً إلى مختلف أنحاء العالم.
الدكتور باصرة كان رئيساً لجامعة عدن عندما التقيته أول مرة ثم رئيساً لجامعة صنعاء قبل توليه وزارة التعليم العالي ليطبق ما كان يتمنى أن يرى ويفعل وهو في الطريق إلى الموقع الحالي.
يقول في مقدمته أنه حينما شرع في إعداد بحث عن «الهجرة الحضرمية إلى جنوب شرق آسيا» ليشارك في ندوة «المغتربون: الرافد الأساسي للتنمية المستدامة» التي نظمها المجلس الاستشاري ووزارة المغتربين في الجمهورية اليمنية صنعاء 15-17 مايو 1999م تبين له أن كثيراً من المراجع المتعلقة بالبحث حول الهجرة اليمنية كتبت بلغات أجنبية مختلفة فاقترح على الدكتور عمشوش أن يترجم كتاب د. فان دن بيرخ عن الفرنسية.
قبل ذلك بأربع سنوات عام 1995م عقد مؤتمر بعنوان «الهجرة الحضرمية في المحيط الهندي ما بين 1750-1967م» في معهد الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن في الفترة بين 26 و 31 أبريل. وكانت الجهة المنظمة هي مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد الدراسات الشرقية والأفريقية بنفس الجامعة، لمن شاء التواصل معه للاستزادة من معرفة ملحمة الهجرات الحضرمية إلى الشرق. واشترك فيه عدد من المؤرخين والأساتذة الجامعيين الذين كتبوا وأعدوا دراسات عن الحضارم من شرق إفريقيا إلى حيدر آباد وملبار وطبعاً إندونيسيا كما كانت هناك جاليات منهم انتشرت من جزر القُمر - بضم القاف - الى مدغشقر وفيتنام. وهو ما يثبت الظاهرة التي يتحدث عنها الدكتور باصرة بأن حضرموت كانت من أكثر المناطق اليمنية «الطاردة» لسكانها إذ خرجت منها موجات عديدة من الهجرات تأكدت لي عند قيامي بإعداد المادة الأساسية لكتاب لم ير النور بعد عن الهجرات الحضرمية إلى جنوب الهند سيما «ملبار» كما كان يسميها العرب الواقعة في ولاية كيرالا الحالية. هل لا يزال الحضارم يهاجرون بالأعداد الكبيرة السابقة أو أن وضع الحواجز ضد الهجرات والإصرار على التأشيرات المسبقة قد وضعت حداً لتدفقهم وهو ما أرجحه. فقد كان الأولون يتحركون بدون قيود داخل البلدان العربية والإمبراطوريات التي أنشاها الأوروبيون. ويذكر اليمنيون أن الجواز البريطاني الصادر من عدن كان كافياً لإدخال حامله إلى أي بقعة على وجه الأرض باستثناء الكتلة الشيوعية بعد قيام الاتحاد السوفياتي التي لم يكن أحدنا يتحمس للهجرة إليها لقسوة الحياة السياسية والاجتماعية وفقرها الاقتصادي وقلة الفرص التجارية والوظيفية فيها.
قصة الحضارم في الأرخبيل الهندي وإن كانت تخلو من الإشارة إلى شبه القارة الهندية نفسها تظل مفيدة للدارسين والأجيال الجديدة التي لا تعرف كثيراً عن تاريخها مع ان أسلافنا كانوا يهاجرون إلى شبه القارة بمئات الألوف منذ ما قبل الإسلام. وبعد البعث وصل الشيخ مالك بن دينار من المدينة المنورة إلى ملبار عام سبعين للهجرة وقبله وبعده تدفق اليمنيون عموماً والحضارم خصوصاً الذين اشتغلوا في تجارة الخشب ودهن العود والأقمشة وأقاموا جاليات كبيرة ولا يزالون هناك إلى اليوم.

من اجتماعات الجمعية اليمنية للمغتربين الحضارم في ارنق اباد بالهند
ولعل الدكتور عمشوش يجد متسعاً من الوقت ليكتب عن تاريخ المغتربين الحضارم في مناطق أخرى من الأرخبيل لأنه يمتد من جزر اندامان ونكوبار في قلب المحيط الهندي إلى أقاصي إندونيسيا وبروناي بينما أواصل البحث عن سيرتهم في ملبار حيث التقى بأحفاد بارامي وبافقيه والجفري وشهاب والبار والعطاس.