كان يا ما كان.. ثقافة في حضرموت

> «الأيام» محمد أحمد عبدالرحيم باعباد:

> كتب الأخ النبيل صالح الفردي في العدد (4981) من صحيفة «الأيام» الغراء الصادرة بتاريخ 4 يناير 2007م فاتحة عام ميلادي جديد فأثار الشجون بتساؤله عاتباً ومعاتباً ولربما مستغرباً بسؤاله طارحاً النقط على الحروف وعلى بساط الاستطلاع عن الثقافة يطوف ويشوف ليطلع في نهاية المطاف قائلاً:«هل في حضرموت ثقافة؟!» وقد لفت انتباهي أحد قراء صحيفة «الأيام» فشعرت وكأن على ثقافة حضرموت حبل المشنقة حكم عليها أبالسة سحرة متسببون بجهالة وتنكيل في كبت أنفاس الإبداع والمبدعين والمثل الحضرمي يقول: «عطال الرشبة من جلاسها».

في الحقيقة لم يذهب الفردي بعيداً عن الواقع الملموس اليوم معادلة بماضي عصره الذهبي، ولعله تساءل متحمساً ليدق بمطرقة في مطلع عام ميلادي جديد تلك النوافذ المغلقة في حصن الثقافة الصرح الشامخ الذي يتهاوى بتواطؤ البعض وصمت الآخرين، فأصبح كل شيء محجوباً ولهذا جاء السؤال شعوراً من آمال وآلام أهل الثقافة والأدب، ويستحضرني وأنا أكتب هذا المقال ما قاله الشاعر الكبير المرحوم حسين ابوبكر المحضار في حصن الأزهر (المدرسة الوسطى بالغيل سابقاً) المركز الثقافي اليوم في إحدى مناسبات ذكرى اعادة ترميم الحصن مستعرضاً تاريخه المجيد:

«حصن شامخ في بلادي بالركون العالية.. مكنوا لك كل ساس

راحت دباستكم يا حكيمين الدباس.. بعد مايو النوب طار

الله يصونه من سحر وأبالسة.. ليهم بغوا كل زين يرجع غصب شين»

وعليه فإن مقال الفردي جاء بنفس الإحساس المحضاري وما تشهده حضرموت من سبات ثقافي وفني ومسرحي والإبداع بشتى صوره وألوانه لينبّه إن كان على أعين من يهمهم الأمر غشاوة ممن يقفون على أبواب نوافذهم ويحجبون عنهم رؤية حال الثقافة في حضرموت اليوم، فما هم إلا الأبالسة السحرة الذين لا يريدون للثقافة في حضرموت حراكاً لطمس أمجاد التاريخ وحضارة الجدود وأصالة الجذور وما تلوك ألسن الأجيال وتتغنى بأمجاد الأجداد إلا فخراً واعتزازاً وعلى قلوبهم حسرة مما طرأ على حياة اليوم من تغيير اجتماعي واقتصادي وثقافي لتجد نفسها أنها نشأت في ظروف مغايرة لظروف الجيل السابق.. فلا نشاهد مسرحاً ولا سينما ولا فنونا شعبية وفنونا تشكيلية وفرقا موسيقية غنائية وإنشادية بمنهج علمي بمعهد الفنون الجميلة ولا النشاطات اللا صفية بالمدارس الأساسية والثانوية والجامعات، ولا تفعيل نشاط ثقافي في اتحاد الأدباء وفرع نقابة الصحفيين وجمعية الفنانين للموسيقى والتراث والمنتديات الإبداعية كما ذكره الفردي في مفهوم مقاله.. وإن كلنا الكيل على مكتب فرع وزارة الثقافة في حضرموت فلربما نخلق لنا مبرراً بأن اليد الواحدة لا تصفق طالما أنها المعول عليها فلم لا تواجهها اليد الثانية السلطة المحلية والمجلس المحلي بالمحافظة وسترقص على تصفيقها الإيقاعي الموزون كل المنظمات الاجتماعية الثقافية والاتحادات الإبداعية، وتستطيع خلق المناخ الملائم والأجواء التنافسية الشريفة في حراك تدعمه مخصصات مالية تحت تصرف أيد أمينة بعد فتح النوافذ المغلقة في هذا المضمار ليتجدد الهواء، مع أهمية كشف الحجاب عن المخصصات المالية المعتمدة من وزارة الثقافة والوقوف أمامها إذا كانت لاتغطي هذا الحراك الثقافي والفني المطلوب وما يتناسب مع الخطط الشهرية والفصلية والسنوية، ولا أعتقد أن وزير الثقافة والسياحة الأخ الجميل خالد الرويشان يقف عارضاً أو عاجزاً أمام تنفيذ وتحقيق ما يطلبه مكتب الفرع حتى يشهد نشاطات إبداعية جميلة، فالرجل عاشق محب للثقافة والمبدعين إذا وجد من يتابعه بكل جهد ومثابرة دون كلل أو ملل لتستعيد حضرموت الخير مجدها وما عاشته من نهضة ثقافية وفنية في الماضي لأنها حقاً (حضرموت الأصالة والثفافة والتاريخ) ونحن عندما نقول هذا الكلام يقفز إلى أذهاننا ما تفعله الشعوب الأخرى المتحضرة التي أبقت على ثقافتها وحافظت على تراثها ولم تتنكر له أو تتجاهله محتفظة بكل الأصالة. كما يزيدنا فخراً ما قيل وكتب عن ثقافة حضرموت وتراثها الشعبي الأصيل مثل الدكتور (روبرت سارجنت) الذي وضع دراسة موسعة عن النثر والشعر في حضرموت، وهو مما يجعلنا نؤكد أنه كان يا ما كان في حضرموت ثقافة، ولوعدنا إلى استعادة ما افتقدناه فبحرنا واسع وعميق وما زالت لياقتنا في السباحة والغوص بمهاراتنا وقدراتنا ونحن أهل لها لنؤكد لمشاهدينا ما في بحرنا الواسع من درر لا يتقن استخراجها إلا غواصونا المبدعون يتعلم منهم الأجيال جيلا بعده جيل.

وأعتقد جيداً أن في الساحة رجالا مخلصين ونفوسهم تواقة إلى الحياة الجميلة وما فيها من جمال وبروح التطوير والتجديد سيقدمون لنا أجمل اللوحات والمشاهد الثقافية تدب فيهم روح الإبداع دون تعكير صفوهم مؤكدين أن في حضرموت ثقافة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى