محو الأمية وتعليم الكباش

> سعيد عولقي:

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
في هذا اليوم العالمي لمحو الأمية من واجبنا أن نأخذ المسألة على محمل الجد لأننا في طليعة العالم العربي بين الدول التي مازالت أميتها ما شاء الله في المقدمة.. نحن الدولة الخامسة في الأقدمية من حيث كثرة الأميين فيها.. ومادام هذه الأيام المفترجة يكثر فيها الكلام والنقاش والترتيبات والوعود والفرك بالوعود.. فيبان لي أن هناك فصلا أو انه ينبغي أن يكون هناك فصل بين التعليم الاعتيادي وهو ذاك اللي نعرفه وتعرفه كل الأمم ويجب أن تكون الصرامة فيه واضحة بأنه إلزامي وصارم في إلزاميته لكل من يبلغ سن الدراسة من الذكور والإناث وأن ترصد الاعتمادات الضرورية لذلك بتوفير المنشآت من مدارس وكوادر وإلى آخره.. وأن لا يكون هناك تفريط في التطبيق الالزامي مهما كانت الأعذار أو مكانة أصحاب هذه الأعذار الذين يعدون أنفسهم فوق القوانين وفوق البلد.

في هذا المجال (محو الأمية يعني) مش مقصود بس توفير السبورة والطبشور لمحو أمية من فاتهم قطار التعليم.. ولكن كذلك تدبير وتوفير كافة اللوازم التي تصاحب ذلك والانطلاق إلى محو الأمية الصناعية وغيرها حتى محو أمية المتعلمين أسلوب ولغة العمل التي يحتاجونها بعد محو أميتهم، فالمشكلة أن التعليم المدرسي الاعتيادي وحده لا يكفي إذا لم يرافقه منذ البداية تعليم التكنولوجيا منذ الأساس بمعنى أنه لا يكفي تعليم القراية والكتابة وترك مسألة التعليم التكنولوجي أو اعتبارها مسألة ثانوية لأنه بالنتيجة ستكون لدينا في العقد القادم نفس المشكلة التي نعاني منها اليوم.. أي أنه سيتحتم على الخريجين في المستويات المتوسطة وحتى الكبيرة أن يعملوا على استكمال ما استكملوه في التعليم العادي بالتعلم ومحو الأمية التقنية والتي أصبحت في هذا العصر داخلة في كل مجالات العمل والإنتاج والخدمات.. إن هذا الكلام حسب ظني واضح وإن لم يكن كذلك فإن عليكم عقد مقارنة بين الأجيال فإذا وجدناها منصفة وهي قطعاً ليست كذلك فمن الواجب إذن أن يكون التعليم متلازماً في كل مواده حسب حاجة المجتمع وإمكاناته ومقدرته على الاستيعاب.. في نفس الوقت لا بد أن يجنبنا الخلط بين ما نحتاجه بإلحاح.. وما لا نحتاجه حتى نوظف مواردنا واعتماداتنا لما يعود بالنفع على اجيالنا وبلدنا.

وزارة التربية والتعليم معنية بكل ذلك - أقصد التربية والتعليم ومحو الأمية - لأنه كما ترون ليس لدينا وزارة لمحو الأمية ولا يجب الا أن يكون محو الأمية تابعاً للتربية والتعليم ومن مهامها الحيوية.. المشكلة أنه كلما ناقشت وزارة أو هيئة أو مصلحة مشاكلها وأسباب تقصيرها وطلب منها تبرير ذلك أمام الناس وبالأرقام فإنها لا بد أن تحمل السبب لنقص الاعتمادات وقلة الامكانيات ..والدولة إذا قالت بعد النقاش خذوا - مثلاً - زيادة ثلاثين أو أربعين في المائة.. فإن الأخذ هذا لا يؤدي إلا إلى دوام الحالة المتردية.. معظم الزيادات تروح للصرف على أحدث موديلات البوابير وتزيد الأصفار في أرصدة الكبار مش بس في وزارة التربية وحدها.. وإنما في كله زي كله زي بعضه وكله لازم يساعد كله وماحد يكشِّف بأحد.. بس الله يقول الحق في بعض التباشير في وزارة التربية والتعليم (التباشير يعني الطباشير) ومادام في تباشير يبقى لازم في صمبورة (يعني سبورة).

على كل.. الحال المايل هذا ما يخصش وزارة التربية والتعليم وحدها وإنما يخص السلك التعليمي عن بكرة أبيه الخاص منه والعام - يعني الحكومي والبريوت، أي الخاص، جامعات ومعاهد ومعلامة وخلافه - ويخص كذلك أغلب وزاراتنا المبجلة اللي تشكي من قلة الاعتمادات والامكانيات.. ولما تحصل هذه الاعتمادات يبقى الحال كما هو الحال لأن هذه الاعتمادات تروح حيث ماراحت الأولة (للصرف على أحدث موديلات البوابير وتزيد الأصفار في أرصدة الكبار).. المليح هنا في بلادنا أنه ما أحد يكلم أحد وكل واحد يسوي اللي يعجبه لأنه - ما اشتيش أقول الجميع - لكن أقول الصفوة.. ومع ذلك تتطاير لك بيستين هنا.. وبيسة هناك وهكذا.. وعلى أية حال وضع كهذا جعل من بلدنا الحبيب «جنة الفساد».

المهم إن البلاد بنعمة والكلام إلا جرجرنا من مناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية إلى الأيام العالمية اليومية للهطش واللطش والمسائل عندنا ما فيش فيها غصب.. اللي يشتي يجلس بلا تعليم إن شاء الله عنه ما فتح بوك، واللي يتعلم وينجح ويبرز ما يلاقيش اللي ينصفه بشغل يناسب مؤهله - زي الدكتور فهمي التميمي - اللي يجزع من جنبه بالوساطة من هم أدنى بكثير من مستواه ويحتلون المراتب العليا وهو محلك سر.. وهكذا من زيه كثير من مختلف المجالات والمرافق.. المهم أهلاً بكل الزوار إلى جنة الفساد الأولى بلا منازع وكل من جلس له على كرسي ينتع كما يقدر.. وأهلاً بالأمية في يومها المجيد ومرحباً بشعار محو الأمية وتعليم الكباش.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى