أضواء على قانون ضريبة المبيعات

> «الأيام» د. علي عبدالكريم:

> عند سماع كلمة ضريبة يكون رد الفعل تجاهها مشوباً بالحذر والاضطراب، بالحيرة والتردد وإعادة الاحتساب، والكل له مفهومه ومحاذيره، الحكومة لها حساباتها من حيث الحصيلة الكلية المتوقعة لتساهم من وجهة نظرها في سد فجوة العجز، وأصحاب الأعمال وكل الفئات التي سيطالها تعديل القانون تنظر بعين الحيطة والحذر بمقدار التأثير السلبي لتطبيق التعرفة الجديدة على مداخيلها ومواردها، وهنا التباين من حيث الاحتساب الكمي، ولكن هناك مسائل أخرى تقتضي إثارة العديد من الملاحظات حولها تتعلق بكافة الجوانب المتعلقة بالقوانين الضريبية أياً كانت نسبتها أو مجال تطبيقها خاصة إذا شاب العلاقة بين الممول أو المكلف بدفع الضريبة والجهات المخولة بالفرض والتحصيل، الطريقة البيروقراطية التي تثير من الغموض والمتاعب والتأثير السلبي الأبعد أثراً وضرراً من الحصيلة النقدية المفترض تحصيلها من المكلف، وهنا وددنا أن نسلط بعض الأضواء على مثل هذه الجوانب المهمة.

من نافل القول الإشارة إلى أن الدولة خاصة تلك التي لا توازن أمورها جيداً بين ضرورات الإنفاق وأولوياته وإشكالية ضعف الموارد، غالباً ما تلجأ وبطرق شتى إلى تجميع الموارد لتغطية تكاليف توفير الخدمات العامة، وعلى مدار التاريخ كانت الحكومة تستولي على الفائض العام وعلى ممتلكات أعدائها ورعاياها وتمارس الدور الاحتكاري، بل وتخلق الاحتكارات كي تبيعها عبر مزادات غالباً ما تفتقر للنظام والشفافية، بل كانت تلجأ إلى فرض الضرائب والرسوم على الأراضي والحيازات، وعلى الإنتاج ومدخلات الإنتاج والمعاملات التجارية والدخل وضرائب الاستهلاك.

- الضريبة أداة لإعادة التوازن.

- الضريبة آلية لإعادة توزيع الأعباء.

- الضريبة سلاح ذو حدين.

هل يلعب تدخل الدولة عبر آلية الضرائب دوراً حيوياً في تعزيز الموارد وإعادة التوازن وعدالة توزيع الأعباء، وهل تلعب آلية الضريبة دوراً يخدم أهدافا تنموية وأبعادا استراتيجية تخدم مناخات الاستثمار على المدى البعيد؟ إن ما نراه ونلمسه من تحركات للأسعار الجارية في الأسواق تحت حجة ومبرر ضريبة المبيعات وبنسب تتجاوز بكثير جداً النسبة التي حددها القانون يضع أعباء تنظيمية كبرى على الجهات ذات العلاقة بالتنفيذ.

الضريبة بشكل عام وضريبة المبيعات آلية لإعادة التوازن وتوزيع الأعباء بشكل عادل وسليم، وليست وسيلة للابتزاز وعصا غليظة للترهيب والتخويف والسحل، مما يستدعي من الجهات ذات العلاقة والأطراف المتداخلة في الشأن الضريبي فهم طبيعة المسؤولية المناطة بكل طرف، سواء المكلف بالدفع لتقديم البيانات الصحيحة، ولجابي الضريبة بالحرص على عدم المبالغة في التقدير وسوء استخدام سلطته والابتعاد عن أي ممارسات عنجهية أو تشير عناوينها إلى التعسف في استخدام سلطة الوظيفة في غير محلها، وليكن القضاء والقضاء العادل السبيل والآلية لفض المنازعات إذا أخفقت لجنة الطعون والتظلمات في إقرار الحقوق المستحقه لأي من الطرفين وإعطاء كل ذي حق حقه، وحتى يتحقق مثل هذا الأمر وحتى لا تتعقد العلاقات بين الطرفين وكلاهما صاحب حق، الدولة وضمان حق المجتمع في تحصيل الضرائب المستحقة وفقاً للقانون، والمكلف وحقه في معرفة ما يتوجب عليه دفعه وفقاً لحجم نشاطه ومعاملاته بعيداً عن المجازفات والمغالاة في التقدير ودونما لف ودوران من الجهات التي حددها القانون للتحصيل.. هنا لا بد من أن نشير ونبرز بعض الملاحظات الأكثر أهمية، والتي يتطلبها الواقع والمعاملات الجارية، وما يشوب العلاقة بين الجهات الضريبية والمكلفين بدفع الضريبة من توترات وسوء علاقات وتظلمات أو تهرب من دفع الاستحقاقات .. يتطلب الأمر التأكيد على مايلي :

1- وضوح مواد القانون والتعديلات الواردة عليه وكيفية تطبيقها وآجال سريانها، وتوضيح مدى قدرة مواد القانون والقائمين على تنفيذه على الرد الشافي والواضح على أي تساؤلات ومشاكل تنشأ مع التنفيذ. على سبيل المثال لا الحصر، كيف سيتم التعامل بالعدل بين الذين يدفعون الضريبة والمتهربين، وكيف ستعالج قضايا التهريب ، وكيف ستعالج قضايا المواد التالفه والراكدة والتي سبق ورفعت عنها الضريبة..إلخ؟.

2- أهمية وضرورة وضوح الجداول الضريبية ونسبها، وضرورة وضوح الهياكل الضريبية والابتعاد كلما كان ذلك ممكناً من تعددها وتشتتها.

3- تأهيل مستويات جهاز الضريبة المكلف ليتحلى بالقدرة والحركية والوعي والحكمة وبتقنية عالية من المعلومات المقنعة، حتى لا يتحول إلى وحش كاسر، يميط اللثام عن أنياب تلتهم الأخضر واليابس بحجة ممارسة تطبيق القانون، وبحيث تتوتر الأمور وتخلق إرباكاً وعدم استقرار نفسي ومجتمعي واقتصادي.

-4- كفاءة أجهزة مكافحة التهرب الضريبي والتهريب للسلع إلى الأسواق بعيداً عن الإجراءات القانونية.

-5- سرعة البت في قضايا التظلمات والمراجعات.

-6- العدالة المطلقة في الأمور التي تنتج أثراً يتحصل بموجبه طرف معين أو أطراف معينة على مقادير من الإعفاءات والاستثناءات، وأن تحصر في إطار قانوني يغطي بمظلته جميع من يخضعون ويكلفون بدفع الضريبة.

-7- الابتعاد عن السرعة والتعجل في إصدار القوانين، مع مراعاة أن تأتي اللوائح المفسرة للقوانين من الوضوح بما يخدم القضايا التي أصدر من أجلها القانون.

ملاحظات هامة
والدولة في سبيلها إلى تطبيق ضريبة المبيعات سعياً منها لزيادة مواردها، تلك التي تأثرت كثيراً بعد أن أدخل تعديل أساسي على القيمة الفعلية التي كانت تسعر بها قيمة النفط المصدر في الميزانية الحكومية السنوية، مما بات من المؤكد أن قدرة الحكومة على الاتكاء على فوائض فروق الأسعار سيتلاشى لاقتراب السعر في موازنة 2007م من الأسعار العالمية للبرميل، فقد بات من المؤكد أن تبحث الحكومة عن ضالتها في مورد جديد تغطي به العجز المتوقع، ووجدت أول سبيل لها تطبيق قانون ضريبة المبيعات المؤجل من العام الماضي، وإذا كنا نرى أن الضريبة العادلة حق، والتوجيه السليم لإيراداتها للخدمات الاجتماعية للوطن ضرورة، فالضرورة تقتضى أن نؤكد:

- الاهتمام الجيد بالجوانب التنظيمية والقانونية، حتى لا تستفيد كثير من الجهات من خلال قدرتها على التفاوض أو التلاعب لتقليل ضرائبها الواجبة الدفع من خلال معرفتها بالكثير من الثغرات القانونية والتنظيمية.

- تطوير وتأهيل إدارة الضرائب، ومدها بعناصر جديدة ذات كفاءة، وسجلات نظيفة، واعتبارها حجر الزاوية في إصلاح الجهاز الضريبي.

- الاتجاه نحو إعفاء ومنح الضرائب الأفضل لخلق مناخ استثماري جيد ومستديم ومستقر، ودون إخلال بحقوق المجتمع السيادية.

- الانتباه الفعلي للآثار المدمرة على الحياة الاقتصادية، وتباين مصالح المجتمع، إذا تسللت خلال عملية إصدار وتطبيق القانون عناصر الفساد في هذا الموقع أو ذلك، مما يقتضي الأمرالانتباه لهذا الجانب.

- الاهتمام بالجوانب التي تنتج آثاراً مواتية، تخدم أهدافا عدة، تنموية وتجارية واجتماعية أثناء التطبيقات الضريبية، وبما يجعل من آلية الضرائب أداة من أدوات المنافسة الجيدة على المستوى الاقتصادي العام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى