صفحات مجهولة من تاريخ الحركة الوطنية .. قرارالجمعية العامة للأمم المتحدة بالاستقلال والوحدة

> «الأيام» علي السليماني

> يظل التاريخ من القضايا الجدلية التي يتمحور حولها الكثير من النقاش والجدل، وذلك كله إنما يحكمه- له أو عليه- المؤرخ المنصف والمحايد، الذي يستمد مصادره من الوقائع والأحداث كما صنعها أصحابها، فذلك هو الفيصل في المصداقية، وليس الاستقواء بظروف معينة، أو تسجيل التاريخ كما يرويه المنتصر «الواهم».

لقد تعرضت قيادات رابطة أبناء الجنوب للنفي من قبل الاحتلال البريطاني، الأمر الذي دفع الرابطة إلى التفكير الجاد بنقل القضية إلى الفضاء الدولي الرحب.. وعلى هذا الأساس، تم تشكيل وفد الرابطة الذي تقرر سفره إلى نيويورك لعرض قضية بلاده على الأمم المتحدة من السيد محمد علي الجفري، رئيس الرابطة، والأستاذ شيخان عبدالله الحبشي، أمين عام الرابطة، والسلطان علي عبدالكريم العبدلي، سلطان لحج الشرعي رئيس المكتب القبلي بالرابطة، والأستاذ قحطان محمد الشعبي ، رئيس مكتب العلاقات العامة بالرابطة، وذلك في عام 1959م.

غير أن الرابطة لم تستطع توفير قيمة تذاكر السفر ومصاريف الإقامة والإعاشة إلا لشخص واحد، وتم تكليف الأمين العام بالسفر، ولكن الإعلان العالمي القاضي بمنح الاستقلال للأقطار والشعوب المستعمرة لم يصدر بعد، ولم تجد الرابطة من دول الإقليم العربي من يساعدها في عرض قضية الجنوب على الأمم المتحدة كما يتطلب ذلك نظام ولوائح الأمم المتحدة المعمول بها في تلك الفترة.. ولكن الرابطة طرقت الباب، ولعلها السبب في صدور الإعلان العالمي رقم 1514 الصادر في 17 ديسمبر 1960م القاضي بمنح الاستقلال للأقطار والشعوب المستعمرة، الأمر الذي أتاح فرصة جيدة لحركات التحرر بعرض قضايا بلدانها وشعوبها على الأمم المتحدة مباشرة ودونما وسيط من إقليم أو غيره.

وتمكنت رابطة أبناء الجنوب في 17 أبريل عام 1963م من عرض قضيتها الوطنية قضية استقلال ووحدة الجنوب، واستعرض الأستاذ شيخان الحبشي -المحامي- أمين عام الرابطة أمام لجنة تصفية الاستعمار مختلف جوانب وملابسات وتعقيدات قضية الجنوب العادلة ، ثم وقف أمام أعضاء اللجنة الذين أمطروه بأسئلتهم واستفساراتهم عن مختلف الظروف المعاشة على الأرض، وصدر قرار اللجنة في 30 يونيو 1963م بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الجنوب، وبعد لقاءات عقدتها مع ممثلي الجنوب في القاهرة والرياض وجدة وتعز والكويت وبغداد أصدرت قرارها في19 يوليو 1963م، بإحالة القضية إلى الجمعية العامة، التي أصدرت قرارها التاريخي في 11 ديسمبر 1963م بأكثرية 77 صوتاً ومعارضة 10 أصوات وامتناع11 عضواً عن التصويت منهم دولة عربية.

وفي هذا الصدد يقول الشيخ محمد أبوبكر عجرومة وهو من أبرز القيادات النضالية في كور العوالق ويافع :«الرابطة لم يقتصر نشاطها على المجال السياسي وإنما خاضت أيضاً الكثير من أعمال الكفاح المسلح المدروس، وساعدت الحركات والانتفاضات في العواذل ويافع وباكازم وحمير في الواحدي، ودثينة والمرقشي في بلاد الفضلي، وأيضاً انتفاضات في ردفان والضالع والصبيحة ، كل ذلك دفع بريطانيا إلى نفي قيادات الرابطة إلى الخارج ولاحقت أعضاءها، وضيقت عليهم في أعمالهم ونشاطاتهم، ولاشك أن خروج قيادات الرابطة قد جعلها تحتك بحركات التحرر العربية والأجنبية، كما أن كل ذلك وغيره من أعمال العنف والغارات الجوية البريطانية قد دفع قيادات الرابطة إلى نقل القضية إلى المجال الدولي -هيئة الأمم المتحدة وحققت نصراً مؤزراً، قرار استقلال الجنوب ووحدته».. وفيما يلي نص القرار:

«إن الجمعية العامة: وبعد أن وضعت في اعتبارها الفصل الخامس من تقرير اللجنة الخاصة بالنظر في تطبيق الإعلان القاضي بمنح الاستقلال للأقطار والشعوب المستعمرة وهو: التقرير المختص بعدن.

إذ تشير إلى قراراتها رقم 1514 الصادر في 17 ديسمبر 1960م ورقم 1954 الصادر في27 نوفمبر1961م ورقم 1810 الصادر في17 ديسمبر 1962م وإذ جعلت نصب عينيها الرغبة الإجماعية التي أعرب عنها للجنة الفرعية المختصة بعدن في الإنهاء العاجل للسيطرة الاستعمارية.

وإذ أحاطت علما بالرغبة القوية للسكان في وحدة المنطقة وإذ تعرب عن اهتمامها العميق للأحوال المتردية في المنطقة وأن استمرارها قد يؤدي إلى اضطراب خطير ويهدد الأمن الدولي ويعكر صفوه وبعد أن اقتنعت بضرورة استشارة شعب المنطقة في أقرب وقت ممكن :

-1 تصادق على تقرير اللجنة الخاصة بتطبيق الإعلان العالمي القاضي بمنح الاستقلال للأقطار والشعوب المستعمرة وتؤيد استنتاجات و توصيات اللجنة الفرعية المختصة بعدن.

-2 تعرب عن أسفها البالغ لرفض حكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال ايرلندا التعاون مع اللجنة الفرعية المختصة بعدن خاصة رفضها السماح للجنة الفرعية بالذهاب إلى المنطقة تنفيذاً للمهمة التي كلفتها بها اللجنة الخاصة .

-3 تؤيد قرارات اللجنة الخاصة التي أصدرتها في 3 يونيو 1963م و19 يوليو 1963م .

-4 تجدد التأكيد بحق شعب المنطقة في التحرر من الحكم الاستعماري وتقرير المصير طبقاً للإعلان العالمي القاضي بمنح الاستقلال للأقطار والشعوب المستعمرة.

-5 تعتبر أن الاحتفاظ بالقاعدة الحربية في عدن يلحق أضراراً تكدر صفو الأمن في تلك الجهات ولذلك فإن إلغاءها العاجل أمر مرغوب فيه.

-6 توصي بوجوب السماح لشعب عدن ومحمياتها بمزاولة حقه في تقرير مصيره بالنسبة لمستقبله على أن تتخذ مزاولة ذلك الحق شكل التشاور بين جميع السكان يجري في فرصة ممكنة على أساس من حق التصويت العام لكل البالغين.

-7 تطالب الدولة صاحبة الإدارة بأن:

أ- تلغي كافة القوانين التي قيدت الحريات العامة.

ب- تطلق سراح السجناء والمعتقلين السياسين والمحكوم عليهم لقيامهم بنشاط ذي طابع سياسي.

ج- تسمح بعودة المنفيين أو الذين منعوا من الإقامة في المنطقة لنشاطهم السياسي.

د- أن تكف في الحال عن جميع عمليات القمع ضد شعب المنطقة خاصة توجيه الحملات العسكرية إلى القرى وقصفها.

-8 - تطالب الدولة صاحبة الإدارة أن تحدث التعديلات الدستورية الضرورية لغرض إقامة جهاز تمثيلي وإقامة حكومة مؤقتة لعموم المنطقة طبقاًًً لرغبات السكان على أن يقام ذلك الجهاز التمثيلي وتلك الحكومة بناء على انتخابات عامة تجري على أساس من حق التصويت العام لكل البالغين مع المراعاة لحقوق الإنسان الأساسية وحرياته السياسية.

-9 - ترجو السكرتير العام بالتشاور مع اللجنة الخاصة والدولة صاحبة الإدارة أن يرتب وجوداً فعالاً للأمم المتحدة قبل الانتخابات المشار إليها وأثناءها.

-10 توصي بوجوب إجراء هذه الانتخابات قبل نيل الاستقلال الذي سيمنح طبقاً للرغبات التي يبديها السكان بملء حريتهم.

-11 توصي بوجوب عقد محادثات دون أي تأخير بين الحكومة التي تسفر عنها الانتخابات السالفة الذكر وبين الدولة صاحبة الإدارة لغرض تحديد موعد الاستقلال وترتيب نقل السلطة.

-12 ترجو السكرتير العام أن يبلغ هذه القرارات إلى الدولة صاحبة الإدارة وأن يقدم تقريراً إلى اللجنة الخاصة حول تنفيذها.

-13 ترجو اللجنة الخاصة أن تدرس الحالة في عدن مرة أخرى وأن تقدم تقريراً عنها إلى الجمعية العامة في دورتها التاسعة عشرة».

من الواضح أن كل القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ولجانها المختصة جاءت مطابقة للمطالب نفسها التي تقدم بها حزب رابطة الجنوب العربي إلى لجنة تصفية الاستعمار وهي المطالب التي أجمعت عليها الأغلبية الساحقة من جماهير شعب الجنوب العربي المحتل والتي تتلخص في:

-1 إزالة الوجود الاستعماري.

-2 وحدة الجنوب شعباً وأرضاً.

-3 انتقال السيادة وسلطات الحكم إلى الشعب بإجراء انتخابات عامة لمجلس تمثيلي تنبثق عنه حكومة وطنية لكل الجنوب العربي.

-4 إجراء انتخابات عامة في ظل الحريات الأساسية للإنسان وتحت إشراف لجنة دولية محايدة وأن تسبق هذه الإجراءات نيل الاستقلال.

تجدر الإشارة إلى أن وفد الرابطة كان مكوناً من السيد محمد علي الجفري رئيس الرابطة- الأستاذ شيخان الحبشي أمين عام الرابطة- السلطان علي عبدالكريم العبدلي سلطان لحج الأسبق.

ويلاحظ هنا القارئ عدم مشاركة قحطان محمد الشعبي، بسبب استقالته ومجموعته من الرابطة عام 1960م.

للمزيد حول هذه المعلومات يراجع كتاب الجنوب اليمني في هيئة الأمم المتحدة - للأستاذ محمد سالم باسندوة وكتاب الجنوب العربي في هيئة الأمم المتحدة- مطبوعات مكتب الدعاية والفكر والإعلام بالرابطة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى