المؤرخ والباحث عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي لـ «الأيام»:حضرموت عُرفت عبر تاريخها الوسيط والحديث بأنها ملاذ للعلم ومركز المحضار الثقافي يبحث عن هوية له

> «الأيام» عبد العزيز بامحسون:

> الحديث مع الأستاذ المؤرخ والباحث عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي حديث ذو شجون فمنذ أن جمعنا به أول لقاء عابر في سبتمبر 2003م كان هناك إحساس في وجداني أنه لابد أن نبحر معه في سفينة التاريخ والثقافة والأدب.

وفي أحد أيام الشهر الماضي قمت بزيارة إلى منزله بمدينة الشحر فرحب بنا وبصحيفة «الأيام» لنعرف شيئا عن علاقته بالأدب والمسرح وحياته وسيرة والده العلامة عبدالكريم الملاحي رحمه الله. فتعالوا بنا أعزاءنا الكرام نتعرف أولا على بداية حياته العلمية والعملية حيث قال:

تلقيت معارفي الاولى بالمدرسة الابتدائية ومكارم الأخلاق بالشحر، ثم المدرسة المتوسطة بغيل باوزير ثم التحقت بدار المعلمين حتى تخرجت فيها في مارس 1953م، بعدها عملت بعد تخرجي معلما فمديرا لبعض مدارس المحافظة، وفي سبعينات القرن الماضي نقلت عملي إلى وزارة الثقافة والسياحة مشرفاً للمراكز الثقافية في جمهورية اليمن الديمقراطية آنذاك، وعند افتتاح مكتب الوزارة في حضرموت عام 1975م تحملت ادارته حتى العام 1980م، بعدها تفرغت لكتابة الابحاث التاريخية والاجتماعية ،وفي عام 1992 أحلت إلى التقاعد والحمد لله مازلت أمارس الكتابة في بعض الصحف والمجلات والدوريات حيث انني شغفت منذ صغرى بالقراءة والاطلاع كما نشأت في كنف والد عالم مرب ومحاط بأسرة يسودها العلم والتربية الاسلامية رجالا ونساء فجدتي (أم والدي) كانت أول من افتتحت مكتبة لتعليم الفتيات بمدينة الشحر وكان ذلك في مطلع العقد الثالث من القرن الميلادي الماضي.

> يعد الأستاذ الملاحي أول رئيس لفرع اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين بحضرموت خلال الفترة من عام 1977- 1981م من وجهة نظركم كيف تقيمون واقع الحركة الثقافية والادبية بالمحافظة؟

- اسمح لي بالحديث عن هذا الموضوع باختصار لتشعب حواراته، لقد عرفت حضرموت عبر تاريخها الوسيط والحديث بأنها ملاذ للعلم وطلابه، ولأهلها رغبة في الخير كما وصفهم جغرافي عربي مسلم، وتدلنا كثرة المصنفات الحضرمية في شتى العلوم على مدار القرون السابقة على ان ينبوع العطاء المعرفي ما زال يجود بالاصدارات الحديثة وهذا جانب ومظهر من تواتر العطاء الادبي والفكري الذي تشهده المحافظة اليوم.

ففي مجال القصة القصيرة يوجد اليوم عدد من القاصين المخضرمين والمحدثين وبدأت كتابة الرواية تشهد طريقا مواكبا ومتغيرات الفكر والتطور الادبي العربي الاسلامي واكب ذلك كتابات في النقد الادبي الذي يشق هو الآخر طريقه بثبات، وفي الشعر والدرسات الشعرية والنقدية الشعرية اخذت مساحته تتسع، أما الباحثون فدورهم نشط في هذه المرحلة وتنصب معظم الابحاث في دارسة التاريخ من منظور بحث الوقائع وتحليلها ورفض المقولات المسلم بها.

ومن المظاهر الثقافية البارزة منذ قيام دولة الوحدة نشوء المنتديات والمؤسسات الثقافية المختصصة في بعضها وقيام الندوات العلمية والادبية ويلعب فرع الاتحاد دوراً بارزاً في تنشيط الحركة الادبية والثقافية.

> هل تعرفونا على مشاركاتكم داخل الوطن وخارجه كمؤرخ وباحث ومسرحي؟

- شاركت خارج الوطن ككاتب مسرحي وأمين عام اتحاد المسرحيين اليمنيين في مؤتمر المسرح بالوطن العربي بدمشق خلال الفترة من 15- 22 مايو 1973م وقدمت فيه بحثا عن «تاريخ المسرح باليمن».

ندوة النشاط المسرحي بألمانيا الديمقراطية من 7-31 أكتوبر 1976م وشاركت فيها ببحث عن «المسرح المرتجل باليمن» نشأته ومضامينه.

مؤتمر المسرح بالوطن العربي ببغداد من 1- 8 فبراير 1988م شاركت فيه ككاتب مسرحي.

أما المشاركات الداخلية فكانت معظمها عن الندوات التاريخية والمسرحية منذ عام 1977م وقدمت عددا من الدراسات عن الحركة المسرحية بحضرموت خلال عقد ثمانيات القرن الماضي وتطور مضامينها وملامحها التكتيكية من حيث الشكل في الكتابة والاخراج والاداء اضافة الى ندوة تاريخية بكلية التربية بالمكلا عام 1989م عن المقاومة الشعبية ضد الحكم القعطيعي بحضرموت وشاركت فيها ببحث بعنوان «الصراع الحمومي القعيطي»، أما في عهد الوحدة المباركة فقد شاركت في ندوة الاغنية اليمنية بصنعاء عام 1997م ببحث عن خصوصيات أغاني الصيادين والملاحين بحضرموت، وبالمهرجان الادبي الذي أقامه اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين بالمكلا قدمت بحثا بعنوان «الاهمية العلمية والتاريخية لمعارف ربابنة العرب في القرن التاسع عشر»، وغيرها من الندوات واللقاءات.

> ما هي الأبحاث والإصدارات التي صدرت لكم؟

- الاصدارات هي: الدلالات الاجتماعية واللغوية والثقافية لمهرجانات ختان صبيان قبائل المشقاص- ثعين والحموم (مطبوع عام 2001م- التوجيه المعنوي صنعاء)، الحضارم في ممباسا ودار السلام 1930-1960م» (مطبوع عام 2004م دار حضرموت للدراسات والنشر المكلا- حضرموت)، ملامح من التداخل المعرفي بين ربابنة حضرموت وعمان (تحت الطبع حاليا بإشراف وزارة الثقافة بسلطنة عمان)، معارف ربابنة جنوب الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر، روزنامة الربان بامعيبد ..تحقيق (مخطوط)، صحفات من تاريخ مدينة الشحر ويضم عدة أبحاث تاريخية وأدبية وعلمية بالمدينة (قيد الإعداد، أبحاث من حضرموت (قيد الإعداد)، أما الأبحاث فقد كتبت ما يزيد عن 20 بحثا.

> هل لاقى أستاذنا التكريم اللائق من قبل الدولة والحكومة؟

- الحمد لله فقد كرمت من قبل رئيس الجمهورية بوسام الثلاثين من نوفمبر لمناضلي الثورة اليمنية، ومن وزير الثقافة والسياحة بترس عام 2004م بمناسبة صنعاء عاصمة الثقافة العربية وبترس وشهادة تقديرية لمهرجان المسرح وتكريم المسرحيين الاوائل وذلك عام 2006م وشهادات تقديرية من قيادة المحافظة وفرع اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين ومهرجان الاغنية اليمنية الحضرمية عام 2000م ومهرجان الذكرى الخامسة عشرة لقيام الوحدة اليمنية المباركة 2005م.

> الشاعر الغنائي حسين ابوبكر المحضار رحمه الله ارتبطتم به بعلاقة وطيدة هلا حدثموتنا عن علاقتكم بالمحضار، وبعد وفاته اخترتم أمينا عاما لمركز المحضار الثقافي عند انشائه.. كيف تقيمون نشاطات المركز؟

- أولا نحن أبناء مدينة واحدة، العلاقة توطدت بيننا في منتصف خمسينات القرن الماضي كما عملنا معا بمكتب الثقافة والسياحة بحضرموت عندما تم تعيينه أميناً لمتحف الآثار ثم توطدت أكثر بمنزله الذي يضم عددا من أدباء ومثقفي مدينة الشحر والمحافظة، أما بالنسبة للشطر الثاني من السؤال فكل ما أقوله ان المركز يبحث عن هوية.

> والدكم عبدالكريم الملاحي رحمه الله رجل عرف بأنشطته التربوية والدينية والاجتماعية هل لنا ان نتعرف من خلالكم على شيء من حياة والدكم وأنشطته المختلفة؟

- الوالد رحمه الله من الشخصيات النادرة التي جمعت بين العلم والعمل ومن هذا المبدأ انطلق في مسيرته التعبدية والعلمية والعملية، ولد بجزيرة انجازية مدينة مروني بجزر القمر عام 1907م حيث تلقى تعليمه الاولي هناك ثم نزح مع عائلته الى الشحر عام 1921م وأكمل تعليمه بمدرسة مكارم الاخلاق بالشحر وكان أستاذه وشيخه في العلم والفتح العلامة السيد عبدالله بن عبدالرحمن بن الشيخ ابوبكر ثم أصبح خليفته في الاشراف على التدريس برباط المصطفى حيث كان يمضي وقته في التدريس بالمساجد ثم المنزل في أواخر أيامه وتخرج على يديه طلاب علم كثيرون وكان المرجع في الافتاء بالمدينة قائما بحل كافة القضايا والمنازعات التي تعرض عليه، توفي رحمه الله وأسكنه دار جناته يوم السبت 17 ربيع الثاني عام 1416هـ 31 أغسطس 1996م.

> ما هي الانشطة الاجتماعية والثقافية والخيرية لكم ضمن مؤسسات المجتمع المدني؟

- عضو في اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين وتحملت رئاسة فرعه بالمحافظة، ومن الانشطة الثقافية فإن لي اسهامات بإلقاء محاضرات في المنتديات الثقافية بعدد من مدن المحافظة وخاصة منتدى الخيصة بالمكلا وجمعية أنصار الثقافة والتراث بغيل باوزير، أما الانشطة الاجتماعية والخيرية فأنا عضو بمجلس أمناء مؤسسة الصندوق الخيري للطلاب المتفوقين بحضرموت ومستشار جمعية الشحر الاجتماعية الخيرية.

> ما هي الكلمة الاخيرة التي تودون قولها في ختام لقائنا معكم؟

- هي كلمتان لا غير أولهما تذكير الموسرين من أبناء حضرموت بوجوب دعم الانشطة العلمية والثقافية عبر مؤسساتها بالمحافظة فعليهم التذكير دائما بأن سمات السكينة والامانة والتسامح التي يتحلون بها مرهونة بخلفيتهم الثقافية والعلمية فهي الواجهة الخلفية لهم أما الأمامية فهي شهرتهم بما وصفوا به.

أما الكلمة الثانية فعلى مثقفي هذه المحافظة عدم الانزلاق الى هاوية الابتذال والانحطاط والنرجسية المفرطة فهم جزء من عالم اسلامي عربي فالإفراط في الحديث عن الشعر الشعبي الخالي من المضامين الفكرية والأصالة مدعاة الى الانفصال عن المجتمع الإسلامي وذلك ما ينشده الأعداء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى