قارعة الريح منى باشراحيل (1)

> «الأيام» عبده يحيى الذباني:

> (قارعة الريح) عنوان متميز لمجموعة قصص قصيرة نشرت في كتيب عن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وهي باكورة إنتاج القاصة الشابة منى باشراحيل، وإذا كان الإصدار الأول غالباً ما يعد شهادة ميلاد أو شهادة وفاة فإن «قارعة الريح» تعد بجدارة شهادة ميلاد قاصة مبدعة موهوبة، ولست في هذا المقام بصدد قراءة نقدية منهجية عميقة في هذه المجموعة فهذا ما أرجوه مستقبلاً اذا أمدنا الله تعالى بالعمر والصحة، على أن جيل الشباب من المبدعين سواءً في الشعر أم في القصة أم في غيرهما يستحقون كل العناية والرعاية من النقاد والدارسين والمهتمين فما أراهم إلا جيلاً مظلوماً منسياً يشقون طريقهم في دروب الإبداع الوعرة بجهودهم الذاتية بعيدا عن العناية والتوجيه والنقد والتقويم إلا من رحم ربي.

لفت انتباهي في هذه المجموعة - في جانبها الفكري - اهتمام القاصة التلقائي بأزمة الفتاة اليمنية، أسميتها (أزمة) وللقارئ أن يسميها مأساة أو غيرها، وهي لا تخص الفتاة وحسب ولكنها تخص المرأة بوجه عام، على أن أزمة الفتاة جاءت في قلب الاهتمام فكرياً وفنياً.

لقد جسدت المجموعة معاناة الفتاة اليمنية بوجه خاص والمرأة بوجه عام إلى حد معقول ومقبول حسب خبرة القاصة وثقافتها وسنها وبيئتها المكانية، وقد فعلت كل ذلك من خلال الفن القصصي ولم تقع في الخطابية أو الوعظية ولم تحول السرد إلى مقالة مباشرة كما لم تحاول وضع حلول أو مخارج لهذه القضايا فهذا ليس من مهمة الفن السردي إلا إذا كان بطريقة فنية غير مباشرة.

وحسب الكاتبة أنها قد أبرزت المعاناة من خلال القصص بما فيها من عناصر فنية كالزمان والمكان والحديث والشخصية والحوار واللغة وغيرها، فهي لم تخبرنا عن المعاناة إخباراً ولكنها جسدتها أمامنا تجسيداً من خلال العناصر السابقة.

وإذا لم تكن الكاتبة قد وقعت في شرك المباشرة والوعظ والحرفية، فإنها قد وقعت أحياناً في شرك الشعر ولا أرى بأساً في وجود بعض عناصر الشعر في القصة ووجود بعض عناصر القصة في الشعر ولكن يجب أن يظل التمايز قائماً ويبقى كل فن محتفظاً بخصوصيته وهويته والغاية منه، فربما كانت العناصر الفنية واحدة بيد أن الهدف منها في الشعر غيره منها في القصة، فالصورة الفنية مثلاً كالانزياح اللغوي توجد في القصة كما توجد في الشعر، لكن الغاية من وجودها تختلف فقد تكون في الشعر أقرب إلى الغاية، بينما هي في القصة أقرب إلى الوسيلة في سبيل التوضيح والإيجاز ونقل المعاني.

ولا بأس أن تجرب الكاتبة الشعر والقصة معاً على ألا تسمى القصائد قصصاً أو العكس. مع الإشادة بموهبتها الشعرية من خلال المجموعة نفسها، كما يجدر أن أدعوها إلى أن تقرأ قراءة متأنية بعض ما كتبه النقاد والدارسون قديماً وحديثاً في موضوع العلاقة بين الشعر والنثر والفروق الجوهرية الدقيقة بينهما على مستوى الموضوع والشكل معاً.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى