عبدالكريم توفيق: لم يسعدني الحب وأخاف من الصداقة

> «الأيام» مختار مقطري:

> عبدالكريم توفيق.. هذا الطائر الغريد والمزهر الصداح.. حرم الله الخمرة، فجعلها هو حلالاً بعذوبة صوته، تترقرق في نبراته الذهبية بالدفء والسحر والشجن، حمل (لحج) بصوته، خضيرة وماءً رقراقاً وشمساً دافئة.. فلاً وياسمين، قرمش ومضروب و فاكهة.. عطراً وبخوراً، وعشقاً وشوقاً وأحلاماً صبايا.. فإذا غنى أرهفت له القلوب فتملكها.. وغسل المشاعر وهذبها.. وشنف الآذان بغناء مدهش لا يتكرر... وأداء ذائب أرهفُ من ومضة وترٍ يقطر سلسبيلاً من الحنان، فلا يرق مع النغم ولكن يميل لصوته النغم فيضفي عليه من رقته ألوانا من الجمال .. غنى طفلاً وشاباً وكهلاً.. فلا تدري أيهم تفوق على الآخر.. وأيهم سبق الآخر وأيهم، وأيهم ارتشف من الآخر حيويته ونضارته وشبابه المتجدد، وبعطائه المتدفق ترجم مشاعر لحج و أحلامها.. صبواتها وأحزانها.. أمانيها وأشجانها لأكثر من نصف قرن.. وبصوته وأغانيه صار اللحجيون كلهم عشاقاً ..وخبأته عدن في عيونها.. وأودعته أبين حناياها.. وتغنت بلوحاته الغنائية كل الجماهير اليمنية.. واعتبرتها نفائس فنية خالدة لا تستودع إلا خزائن القلوب وخلايا الذاكرة.

ولأن عبدالكريم توفيق الفنان في غنى عن التعريف، فقد حرصت في هذا اللقاء على أن أتعرف ويتعرف معي القراء على بعض جوانب عبدالكريم توفيق الإنسان، من خلال الحوار التالي:

> هل لايزال الطفل عبدالكريم توفيق في ذاكرتك؟

- نعم ، لا يزال الطفل عبدالكريم توفيق في ذاكرتي.

> وأنت طفل ، هل كنت تميل أكثر للعب واللهو أم للفن؟

- عندما كنت طفلاً كنت أحب أن ألعب وألهو كباقي الأطفال ولكن عالم الغناء والموسيقى شاغلني أكثر.

> هل حرمك الفن من التمتع بطفولتك؟

- نعم ، حرمني الفن من التمتع بطفولتي كسائر الأطفال ممن كانوا في عمري.

> هل كنت تغار من زملائك الفنانين؟

- لا ، لا أغار من زملائي الفنانين ، بل كنت أساعد الكثير منهم وهذا العمل تأصل فيّّ ولا زلت أساعد الكثير منهم إلى يومنا هذا.

> لو رجعت إلى الطفولة هل ستختار الفن أيضاً؟

- إذا رجعت إلى طفولتي مرة أخرى سأختار الفن أيضاً.

> هل كنت تفهم المعاني العاطفية في أغانيك؟

- عندما كنت طفلاً كنت أحس بالكلمة العاطفية في الأغاني التي كنت أغنيها ولكن لا أدرك أبعادها الأخرى.

> أغنية لك عبرت تماماً عن تجربة عاطفية في حياتك.. ما هي؟

- الأغنية التي عبرت عن تجربة عاطفية لي في بداية حياتي الفنية كانت أغنية (بنار الشوق، مسيت محروق، وقلبي يذوق عذاب البعد والهجران) كنت في كثير من المرات عندما أغنيها في جلسات الطرب أو المسرح أفاجأ بدموعي تسيل، وصوتي يتقطع ويتحشرج، وأعيش في حالة يرثى لها.

> أعطني تعريفاً لـ (لحج) بعبارة واحدة؟

- لحج مدرسة الإبداع.

> أسعدت الجماهير بأغانيك عن الحب.. فهل أسعدك الحب؟

- الحب بما تعنيه كلمة حب يسعدني، ولكن أسعدني حب الناس وتقديرهم لعملي الفني.

> في الحب.. هل أنت غيور.. وفيّ.. سريع النسيان؟

- المحب دائما يغار على من يحبه ، وإلا كيف تعرف كلمة حبيبي .. ولكني سريع النسيان.

> متى تبكي؟

- أبكي عندما أرى إنساناً مقهوراً ، وطفلاً مشرداً، وكلمة صادقة تعبر عن واقع مؤلم.

> هل تخاف من الصداقة والأصدقاء؟

- نعم ، أصبحت اليوم أخاف من الصداقة والأصدقاء ؛ لأنه في هذه الأيام يصعب العثور على الصديق الصادق في القول والعمل.

> حلمك الذي لم يتحقق؟

- العمل الإبداعي وبالذات الفني يتطلب الاستمرار في العمل والبحث عن الجديد ، وأرى بعد ما قدمته في مسيرتي طوال خمسين عاماً وما حققت في الرحلة الطويلة أن علي أن أستمر. وحلمي الذي لم يتحقق سببه أنني أرى الفن والإبداع يتقهقر كثيراً في اليمن برغم أننا نملك الكثير من أدوات العمل الفني والإبداعي، وقريباً إن شاء الله ستتحقق أحلام كثيرة للمبدعين ؛ إذا وجدوا لهم معينا، وحلمي واحد منهم.

> ماذا يعني لك المال؟

- المال بالنسبة لي وسيلة تعينني على تيسير أمور حياتي اليومية وليس غاية.

> هل الالتزامات الأسرية تعرقل الفنان عن العطاء؟

- الجو العائلي والتزامات الأسرة لا تعرقل عمل الفنان إذا كانت الأسرة متماسكة يسودها الحب.

> كيف تنظر للمستقبل على المستوى الشخصي والفني؟

- على المستوى الشخصي العمر الباقي لي في هذه الحياة قليل وقادر أن أتكيف معه، أما المستوى الفني فهو أصعب في الوقت الحاضر سندعو المولى، والجهات المختصة والمسئولة عن الإبداع أن تنظر لهذا الأمر بجدية وإلا سيجيء يوم تدفع الأجيال القادمة فيه الثمن ، وستجد نفسها لا تملك أي شيء من العمل الإبداعي وما نملكه سيسجل لغيرنا.

> أيهما راضٍ عن نفسه.. عبدالكريم توفيق الإنسان أم الفنان؟

- أنا راضٍ عن نفسي إنساناً وكذلك فناناً.

> لولم تكن فناناً ماذا كنت تتمنى أن تكون؟

- لولم أكن فناناً لتمنيت أن أكون فناناً.

> ماذا تقول في الأخير؟

- أخيراً.. أشكرك على هذا الحوار الذي أسعدني فعلاً لأنه احتوى على أسئلة جديدة ووجدت فيه أسلوباً مختلفاً للحوار.. كما أشكر صحيفة «الأيام» الغراء التي من خلالها أنقل تحياتي وتقديري لقرائها في كل مكان وجمهوري الحبيب أينما وجد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى