مشروع تعديل قانون الأحزاب .. بداية النهاية للديمقراطية التعددية

> «الأيام» د. محمد علي السقاف:

>
د. محمد علي السقاف
د. محمد علي السقاف
يبدو أن الحزب الحاكم لم يتمكن من التخلص من نزعة الوصاية والهيمنة والاستحواذ على كل شيء بسبب ظروف البيئة الشمولية التي تأسس في ظلها عام 1982م، وبسبب طبيعة تكوين قيادته العسكرية. فالرداء الديموقراطي الذي لبسه مع بداية الوحدة لم يغير كثيراً من جوهر معتقداته وثقافته، فمشروع التعديلات لقانون الأحزاب الذي اختيرت صحيفة (الجيش) «26 سبتمبر» لنشره في عددها رقم (1304) من الأسبوع الماضي يؤكد عقلية الوصاية المستحوذة عليه، فقد كان من المعتقد أن التعديلات لقانون الأحزاب ستكرس مزيداً من حرية تشكيل الأحزاب السياسية في نطاق إصلاح سياسي شامل استوعب دروس الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتقارير الرقابة الدولية، إلا أن مشروع التعديلات جاء لفرض المزيد من القيود على تشكيل أحزاب سياسية جديدة من جهة ومن جهة أخرى إلى اقتراح مادة إضافية قد تؤدي إلى تهديد وجود الأحزاب القائمة بذاتها. وكان من المعتقد ايضاً أن الحزب الحاكم سيترجم في تعديلات قانون الأحزاب قرارات مؤتمره العام السابع بعدن (ديسمبر 2005) بإلزام الأحزاب السياسية تخصيص نسبة 15% من مرشحيها للانتخابات للمرأة اليمنية. لكن للأسف عقيدة الوصاية على الأحزاب ووصاية الذكر على الأنثى لا تزال مسيطرة عليه لم يستطع التخلص منها. ولذلك جاء مشروع التعديلات ليكرس نزعة الوصاية والهيمنة على الديموقراطية التعددية وعلى حقوق المرأة. والمشكلة الكبرى هنا أن ترزية القوانين في هذه البلاد في تحضيرهم للقوانين لا ينظرون إلا إلى بعض النماذج العربية سيئة الصيت ويجهلون أو يتجاهلون بعض الموروثات التشريعية الإيجابية كالتي عرفها جنوب اليمن وفي مستعمرة عدن على وجه التحديد. فقد شهدت عدن تعددية حزبية مشكلة من عشرات الأحزاب والتنظيمات السياسية المحلية إضافة إلى فروع الأحزاب السياسية القائمة في الدول العربية (حركة القوميين العرب، وحزب البعث العربي الاشتراكي) وعرفت ايضاً حياة برلمانية محدودة توزعت فيها الأحزاب السياسية بين مشارك ومقاطع لدورة البرلمان الأولى في 15/2/1955 ولدورة البرلمان الثانية في 15/2/ 1959 (حول هذه النقطة الأخيرة راجع رسالة الدكتوراه باللغة الفرنسية للزميل د. محمد جعفر قاسم) .

وبالرغم من الطابع الشمولي ونظام الحزب الواحد لفترة ما بعد الاستقلال، أقر الحزب الاشتراكي اليمني بعد مخاض عسير في الدورة الـ18 للجنة المركزية في نهاية 1989م التعددية الحزبية، وتم الإعلان قبل قيام الوحدة عن تشكيل عدد من الأحزاب والتنظيمات السياسية منها التنظيم الوحدوي الناصري، والتجمع الوحدوي اليمني.. الخ ذلك، لم يعرف الشمال الحزبية لأنها كانت محظورة بجميع أشكالها ولم يتأسس المؤتمر الشعبي العام إلا بعد عقدين من ثورة سبتمبر 1962م (في أغسطس 1982م)!!

إذن بدلاً من استلهام تجربة التعددية الحزبية للجنوب استوحي قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية رقم (66) لسنة 1991 من قانون الأحزاب المصري رقم (40) لسنة 1977 الصادر في عهد الرئيس السادات وتم أخذ أسوأ ما في هذا القانون المتمثل في إنشاء لجنة شؤون الأحزاب حيث رئاسة اللجنة والغالبية المهيمنة فيها هم أعضاء في الحزب الحاكم تقوم مهامها الأساسية على محاربة أحزاب المعارضة المنافسة للحزب الحاكم وتضييق الخناق على أنشطتها فإذا كانت لجنة شؤون الأحزاب تم تحييدها نسبياً في إطار التنافس بين المؤتمر والاشتراكي في الفترة 1995-1994، فإنها بعد الحرب أصبحت أداة مطلقة بيد حزب المؤتمر الشعبي العام.

وسنرى في مشروع التعديل لقانون الأحزاب أنه من جديد استوحي من تعديل قانون الأحزاب المصري لعام 2005 في حين ما جاء من مشروع تعديل «صناعية يمنية» خالصة فهو فريد من نوعه عالمياً مستوحى من القانون الشمولي لنشأة الحزب الحاكم. نتناول على التوالي:

1- قيود مشددة على إجراءات تأسيس أحزاب جديدة

2- شروط تهدد الأحزاب القائمة

أولاً: قيود مشددة على إجراءات تأسيس أحزاب جديدة

ذكرت صحيفة «26 سبتمبر» في عددها بتاريخ 18/1/2007 (أن مجلس الوزراء يدرس حالياً تعديلا قانونيا محدودا لقانون الأحزاب السياسية رقم (66) لسنة 1991م ويشمل الفقرتين (أ) و(ب) من المادة (14) من القانون. وقالت مصادر مطلعة لـ( 26 بستمبر) إن التعديل المقترح في الفقرة (أ) يجدد ضرورة وجود 1500 شخصي لتشكيل الحزب أو التنظيم السياسي بدلاً من العدد السابق وهو 75 شخصاً وعلى أن يكون من كافة شرائح المجتمع ويمثلون كافة المحافظات) .

1) مشروع تعديل الفقر (أ) من المادة (14) المادة (14/أ) من قانون الأحزاب اليمني اشترطت تقديم طلب كتابي موقع عليه من عدد لا يقل عن 75 مؤسساً وهو مأخوذ من المادة (7) من قانون الأحزاب المصري رقم (40) لسنة 1977 الذي يشترط تقديم إخطار كتابي (وتعبير إخطار بغرض التمويه برغم اختلافه قانونا عن تقديم طلب ترخيص) موقع عليه من 50 عضواً من أعضائه المؤسسين. ويعدل المشروع المصري المادة (7) بالقانون رقم (177) لسنة 2005 ليزيد العدد من 50 توقيعاً إلى توقيع ألف عضو على الأقل من أعضائه المؤسسين، مضيفاً شرطاً جديداً «على أن يكونوا من عشر محافظات على الأقل...».

وفي مشروع التعديل اليمني أخذ المبدأ نفسه مضاعفة العدد عشرين مرة * 75 ليصبح العدد المطلوب توقيع 1500 مؤسس كالمثال المصري 20*50 ليصبح ألف عضو. مضيفاً كالتعديل المصري من ناحية المبدأ بأن يمثلوا كافة المحافظات في حين حدد التعديل المصري العدد بعشر محافظات على الأقل وترك المشرع اليمني العدد دون تحديد واكتفى بعبارة مطاطة «كافة المحافظات». ما غاب على المشرع اليمني أن سكان مصر (70 مليون نسمة) يمثلون 3 أضعاف ونصف سكان اليمن (نحو 20 مليون نسمة). توجه المشرع اليمني نحو التشديد يتضح في استبداله كلمة «أغلب» محافظات الجمهورية التي كما سنراها وردت في الفقرة (ب) من المادة (14) بكلمة «كافة» المحافظات في مشروع تعديل الفقرة (أ) ومعنى الكلمتين مختلفان تماماً إذ يوجد فرق بين «أغلب» و«كافة» محافظات الجمهورية. ولمزيد من التشديد أضافت الصناعة اليمنية في التشريع شرط أن يكون الـ 1500 شخص من كافة شرائح المجتمع ويمثلون كافة المحافظات. إنه شرط تعجيزي ومطاط. فمن الذي يحدد شرائح المجتمع اليمني من قبيلي، وبدوي، ومهندس، وفلاح، وكادر.. الخ. وهل هذا يعني ضرورة وجود واحد من كل شريحة بشكل إجمالي، أم على مستوى العدد المختار من المحافظات يجب توافر جميع الشرائح من كل محافظة وليس في اطار العدد الإجمالي لـ1500 من المؤسسين؟ هذا الشرط يلغي التعددية الحزبية ويشكلها على نمط وهيكلية المؤتمر الشعبي العام وهو فعلاً عام مفتوح لعضوية الجميع ودون هوية لكي لا تقول ايدلوجية محددة. فهذا الشرط يقضي على التعددية الحزبية بمعنى أنه يلغي تقسيمات الأحزاب المتعددة من أحزاب عمالية، أو من الكادر، أو من النخب.. الخ وبناءً على هذا الشرط تصبح جميع الأحزاب متشابهة في تكوينها وفق مشروع التعديل والشرط الآخر المضاف صيغ بالأخير باستحياء بالقول «وكذا وجود المرأة» من بين المؤسسين كنوع من إبراء الذمة، في حين أن الشرط الرابع من المادة (8) من القانون النافذ تشترط لتأسيس أي حزب عدم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللون وهو ما سبق أن ناشد به الكاتب المنظمات النسائية للاستناد إليه لإلزام الأحزاب السياسية بعدم التمييز في جنس مرشحيها في الانتخابات حتى يتم تعديل القانون بنص أكثر صراحة وتحديداً لصالح المرأة.

2) مشروع تعديل الفقرة (ب) من المادة (14)

هنا مشروع التعديل اقتصر على زيادة العدد المطلوب أن يكون الحد الأدنى للأعضاء المنضوين في الحزب 10 آلاف شخص بدلاً من 2500 شخص وفق النص النافذ الذي اشترط بأن يكونوا من «أغلب محافظات الجمهورية اليمنية بما في ذلك أمانة العاصمة» ولاحظنا في الفقرة (أ) أن مشروع التعديل اشترط أن يكون الأعضاء المؤسسين من كافة شرائح المجتمع ويمثلون كافة المحافظات بينما لم يشترط ذلك على مستوى الحد الأدنى من أعضاء الحزب وإن لم يكن مستبعداً عن تعديل الفقرة (ب) أن يغير فقط العدد من 2500 إلى 10 الآف، واستبدال كلمة من أغلب بكلمة من كافة محافظات الجمهورية الموجود في النص النافذ ولاحاجة للقول هنا أن قانون الأحزاب المصري بتعديلاته لم ينص على ضرورة وجود حد أدنى من العضوية عند طلب التصريح لتأسيس حزب جديد، وكذا أيضاً الشروط التالية التي سنتناولها الآن.

ثانياً: شروط تهدد الأحزاب القائمة

ما تناولناه في (أولاً) يخص مشروع تعديلات للفقرتين (أ) و(ب) من المادة (14) من قانون الأحزاب بشأن تغيير شروط تأسيس أحزاب جديدة، وما سنتناوله الآن يتعلق بالأحزاب القائمة. فقد أشار خبر صحيفة «26 بستمبر» بأن المصادر المطلعة أضافت بأن «هناك دراسة لإضافة مادة إلى قانون الأحزاب تخول للجنة شؤون الأحزاب حق إلغاء تصريح أي حزب لا يحصل في الانتخابات النيابية أو المحلية على 1% من عدد أصوات الناخبين وكذا إلغاء أي حزب إذا امتنع عن دخول الانتخابات العامة مرتين». مشروع هذه المادة الإضافية بمكوناتها والتعابير الواردة في الخبر إذا أكدتها الدراسة يعني بداية النهاية للديمقراطية التعددية في اليمن من ناحية: 1- توسيع اختصاصات لجنة شؤون الأحزاب الواسعة أصلاً، 2- تعبيري «إلغاء» تصريح «أي» حزب سيف مصلت على أحزاب المعارضة بيد الحزب الحاكم، 3- إلغاء حق الأحزاب المشروع في مقاطعة الانتخابات. إنه مشروع مادة جداً خطير على الديمقراطية والحريات، وأجزم أنه فريد من نوعه باستثناء تشريعات بعض الأنظمة الاستبدادية كما سيتبين لنا الآن.

1) توسيع اختصاصات لجنة شؤون الأحزاب

التشريع المصري هو الذي «ابتدع» فكرة لجنة الأحزاب، ففي جميع الدول الديمقراطية يكتفى بتحديد جهة ما لإخطارها بتأسيس الأحزاب الجديدة، ويتولى القضاء مراقبة اذا كانت الأحزاب السياسية انتهكت القوانين أو الدستور، وليس من اختصاص أي جهة إعطاء تصاريح لتكوين الأحزاب. فلجنة الأحزاب في اليمن هي التي تتولى إعطاء تصاريح تأسيس الأحزاب ومراقبة أنشطتها وبفعل تشكيلها تكون مطية بيد الحزب الحاكم لتمنع تشكيل حزب أو أحزاب قد تكون منافسة له، وتقيد نشاط الأحزاب القائمة المعارضة وتشغلها بمعارك جانبية حتى لا تتفرغ للقيام بمهامها التي أنشئت من أجلها. فوفق المادة (13) من قانون الأحزاب تشكل اللجنة من : وزير الدولة لشؤون مجلس النواب (رئيسا) ومن وزير الدخلية ووزير العدل عضوين وأربعة أشخاص من غير المنتمين لأي حزب . لكن السلطات الحقيقية وفق القانون واللائحة هي بيد الوزراء الأعضاء، ولا يمكن ترؤس اللجنة إلا من واحد منهم وجميع الوزراء يتبعون الحزب الحاكم ويمتثلون لأوامره. فمشروع المادة الإضافية لم يجرؤ حتى جهابذة ترزية القوانين في مصر على إضافتها للجنة الأحزاب المصرية التي يقيد نفوذها وجود قضاء مصري أكثر نزاهة واستقلالاً نن القضاء اليمني.

2- التعابير الخطيرة في مشروع المادة الإضافية

اذا تضمن فعلاً مشروع المادة الإضافية ما جاء في الخبر من إعطاء لجنة شؤون الأحزاب «حق إلغاء تصريح أي حزب..» فهذا جداً خطير. فتعبير إلغاء سيحل أو يضاف إلى موضوع حل الأحزاب وليس إلغاء الأحزاب التي وردت في المادتين (34) و(35) من القانون النافذ. ففي حال الحل لا تمتلك لجنة الأحزاب حق حل الأحزاب باستثناء حالات الحل الاختياري أو الاندماج أو الانضمام إذ تنص المادة (34) «أنه لا يجوز حل الحزب.. أو وقف نشاطه أو أي من قراراته إلا بموجب حكم قضائي بناءً على طلب مسبب يتقدم به رئيس لجنة شؤون الأحزاب.. إلى المحكمة المختصة» وذلك وفق شروط معينة في حين حسب صياغة الخبر فإن المادة الإضافية تعطي حق إلغاء تصريح أي حزب للجنة شؤون الأحزاب دون إخضاع ذلك لحكم قضائي. فهل هذا المشروع جاء بعد عجز الحزب الحاكم عن تنفيذ تهديداته المكررة بالحل التي وجهها ضد الحزب الاشتراكي، وحزب (رأي).. الخ، فرأى في مشروع المادة الإضافية وسيلة جديدة لتحقيق مآربه غير المشروعة؟ وتعبير إلغاء (أي) حزب معناه تهديد شامل لجميع الأحزاب القائمة ولكنه يجهل أن ذلك لن ينطبق على الحزب الاشتراكي لأنه الطرف الثاني الموقع باسم دولة الجنوب على اتفاقية ميلاد دولة الوحدة، فالتهديد سيطاول بقية أحزاب المعارضة. مشروع هذه المادة الإضافية يمس بمقتل الركن الأساس للنظام السياسي للجمهورية القائم على التعددية السياسية والحزبية وفق نص المادة (2) من الدستور ، كما يؤكد نص المادة (3) من قانون الأحزاب النافذ بدوره أن التعددية السياسية والحزبية حق وركن من أركان النظام السياسي والاجتماعي للجمهورية اليمنية ولا يجوز إلغاؤه أو الحد منه أو استخدام أية وسيلة تعرقل حرية المواطن في ممارسة هذا الحق. أليس نسبة الـ1% تحد من هذا الحق وتمثل وسيلة تعرقل حرية المواطنين في ممارسة هذا الحق؟ ومن قال إن وظيفة قيام الأحزاب تقتصر على المشاركة في الانتخابات لتداول السلطة لماذا لا يحق لحزب ما في مرحلة ما أن يؤدي وظيفته الأخرى المنصوص عليها في المادة (7) من قانون الأحزاب في الإسهام في «تحقيق التقدم السياسي.. وترسيخ الوحدة الوطنية.. باعتبار الأحزاب تنظيمات سياسية وطنية...». إن شرط الحصول على نسبة معينة من أصوات الناخبين تحدد في التشريعات عادة من أجل تحديد حجم إعانة الدولة للأحزاب السياسية، التي تستبعد منها الأحزاب التي لم يحصل مرشحوها في الانتخابات على نسبة 5% من مجموع الأصوات (المادة 19/ب) من القانون، وليس تحديد بقاء أو إلغاء تصريح أي حزب لا يحصل على 1% من عدد أصوات الناخبين.

3- إلغاء حق الأحزاب في مقاطعة الانتخابات

وهو ما لم تنص عليه تشريعات حقبة الاستعمار البريطاني في عدن في الانتخابات البرلمانية 1955- 1959 ضد الأحزاب التي قاطعت الانتخابات فهل يمكن الآن في ظل النظام الجمهوري والديموقراطي في القرن الـ 21 تصور إلغاء الأحزاب التي تمتنع عن دخول الانتخابات العامة مرتين وفق مشروع المادة الإضافية؟ إنها «أم المهازل» في التشريعات السخيفة إذا نفذت فعلاً. فما يسمى بالامتناع عن دخول الانتخابات يعني حظر مقاطعة الانتخابات العامة التي تمثل حقاً طبيعياً مشروعاً للأحزاب السياسية وللمواطنين متى رأت الأحزاب عدم توفر شروط النزاهة المطلوبة لدخول أية انتخابات عامة. فإلغاء هذا الحق سيعني أن على الأحزاب السياسية قبول المشاركة في الانتخابات مهما غابت عنها أية ضمانات بإجرائها بشكل نزيه ونظيف، وسيعنى ذلك إطلاق يد السلطة في تهيئة البيئة والشروط التي تؤمن لها الفوز في الانتخابات وإن كانت مخالفة بذلك أبسط شروط النزاهة والحيادية والمساواة بين أطراف اللعبة السياسية المتنافسة لأنها ستخشى في عدم مشاركتها مرتين أن يؤدي ذلك إلى إلغاء تصاريح وجودها كأحزاب، بمعنى آخر يريد المشرع تحويل الأحزاب المعارضة إلى أحزاب ديكورية.. وقد يقول المدافعون عن هذا المشروع إن الإلغاء مقيد بعدم دخول أي حزب الانتخابات العامة مرتين. فهو لا يلغي الحق في المقاطعة وإنما يقيد الحق بعدم المقاطعة مرتين. المشكلة في كيفية احتساب المرتين زمنياً، فعلى سبيل المثال في الانتخابات الأخيرة في سبتمبر الماضي هددت أحزاب اللقاء المشترك بمقاطعة الانتخابات في حالة عدم توفر الحد الأدنى من ضمانات النزاهة. فإذا تصورنا أن مشروع المادة الإضافية كان موجوداً في قانون الأحزاب وقاطعت أحزاب اللقاء المشترك الانتخابات الرئاسية والمحلية معاً سينطبق عليها مشروع المادة الإضافية لكونها امتنعت عن المشاركة في عمليتين انتخابيتين الرئاسية والمحليات وسيحق للجنة إلغاء أحزاب اللقاء المشترك وهنا يجب على جميع المعنيين من أحزاب اللقاء المشترك الانتباه لاختيار توقيت مشاريع تعديل قانون الأحزاب وإعداد المادة الإضافية. فهناك استحقاق انتخابي قادم في أبريل 2009 لانتخاب مجلس نواب جديد الذي سيتزامن مع انتخابات المجالس المحلية. فإذا ارتأت أحزاب اللقاء المشترك مقاطعتها ألا يعني ذلك أنها ستقع تحت مطرقة تطبيق أحكام مشروع المادة الإضافية في عدم مشاركتها في دخول انتخابات عامة مرتين مرة ضد الانتخابات البرلمانية ومرة ثانية ضد انتخابات المجالس المحلية وهما متزامنان وماذا إذا اختصرت الولاية الرئاسية واستقال الرئيس الحالي ونظمت انتخابات رئاسية بعد 5 سنوات ويكون أحد المرشحين من أقارب الرئيس المستقيل وقررت أحزاب اللقاء المشترك أو غيرها المقاطعة احتجاجاً على مبدأ «التوريث» ألن ينطبق عليها أحكام المادة الإضافية على أساس أن الحزب الحاكم بمكرمة منه اعتبر عملية المقاطعة لانتخابات 2009 عملية واحدة وليست اثنتين؟

في الخلاصة: يجب الوقوف بحزم ضد مشروع التعديلات المزمع إدخالها في قانون الأحزاب فإذا كانت هناك رغبة إصلاح سياسي حقيقي يجب إلغاء لجنة الأحزاب، والنص على كوتا نسائية للمرأة في قانون الأحزاب.. أما إذا مرت هذه التعديلات فستكون بداية النهاية للديمقراطية التعددية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى