> «الأيام» عن« عكاظ» :
نشرت صحيفة «عكاظ» السعودية يوم امس الاول حديثا شاملا مع الرئيس الصومالي عبدالله يوسف اجراه معه الزميل نبيل الأسيدي فيما يلي نصه :قبل أن تلج إلى القصر الرئاسي الصومالي سيكون عليك أن تتوقف أمام الكثير من الجنود المنتشرين بكثافة لتشرح لهم أن لك موعدا مع الرئيس حدد للمرة الثانية ولن تصل إلى باحة مكتب الرئيس حتى تمر على ثلاث بوابات وعشرات الجنود الصوماليين بزيهم الأخضر القاتم وإضعافهم من الجنود الإثيوبيين الذين يراقبون عن بعد من جوار دباباتهم ورشاشاتهم الثقيلة .هناك في (فيلا صوماليا) وهو الاسم الذي يطلقه الصوماليون على قصرهم الرئاسي كانت الساعة تشير الى الثامنة مساء وهي الساعة التي يبدأ الصوماليون الشعور بالقلق فما تخبئه ساعات الليل قد لا تكون محمودة خاصة اذا كنت تعلم ان المكان الذي أنت فيه كان قبل يومين فقط من موعدك هدفا مباشرا لقذائف الآر بي جي مستهدفة الشخصية التي ستقابلها بعد لحظات ..
عبدالله يوسف ، رئيس الحكومة الفدرالية المؤقتة في الصومال ،، جنرال عرف بقوة طباعه وإرادته ومعارضته لنظام سياد بري حتى انهيار الدولة 1991م ، وظل يواصل خطواته نحو (فيلا صوماليا) متنقلا بين إثيوبيا ونيروبي وصنعاء وصولا إلى مدينة بيداوا المقر المؤقت لحكومته فيما كان معارضوه يسيطرون على مقديشو والمدن الرئيسية حتى حاصروه في مقره المؤقت الذي يكرر منه تصريحاته الطموحة بأنه سيصل الى مقديشو قريبا رغم الحصار .
قبل أكثر من شهر وصل بالفعل الجنرال عبدالله يوسف الى مقديشو بعد ان استعان بالقوات الأثيوبية لدحر أعدائه في المحاكم الإسلامية وانسحابهم من مقديشو دون حرب حتى فرارهم خارج الصومال .
(عكاظ) التقت الحاكم الجديد للصومال بعد ستة عشر عاما من انهيار الدولة والنظام ووباء الاقتتال وأمراء الحرب والفوضى التي عمت كل شيء في الصومال ، وفي حديث دام قرابة ساعتين طرحت الكثير من القضايا الملحة والآنية وأولويات المرحلة الجديدة وكيفية إعادة أمن ضاع طيلة عقد ونصف وقضايا الإرهاب والعلاقة الصومالية بالأمريكان والدول العربية وحساسية العداء التقليدي بين الصومال واثيوبيا واثر تدخل جيش العدو التقليدي الذي واجهه الصوماليون في ثلاثة حروب سابقة ،وحماية السواحل من القاعدة ومستقبل قيادات المحاكم السامية ومقاتليها ومناصريها ، وغيرها من القضايا في هذه الحصيلة .
< فخامة الرئيس .. بعد أن هزمت قواتك بتحالف مع اثيوبيا المحاكم الشرعية ومسلحيها وحققت هدفك بالوصول الى مقديشو وجئت بالحكومة معك من مقرها المؤقت في بيداوا ،، ما هي أولويات حكومتكم في المرحلة القادمة لإنهاء فوضى دامت ستة عشر عاما ؟
-لاشك أن أمامنا أشياء كثيرة وبالذات فيما يخص الجانب الأمني وأشياء تخص الإدارة في مقديشو فهذه المدينة الكبيرة تحتاج إلى الكثير من الجهود لإعادة الأمن إليها بعد الخوف الذي عاشته لفترة طويلة سنحتاج لإيجاد مديريات ومراكز الشرطة وتفعيل المحاكم وبناء السجون فإذا لم نوجد هذه الأشياء لن نستطيع السيطرة على المدينة .
لقد بدأنا فعليا بتعيين عمدة لمقديشو وطاقمه المساعد وأعدنا افتتاح مراكز الشرطة وبدأنا في تفعيل المحاكم وشارفنا على الانتهاء من تجهيز أماكن التوقيف للمجرمين ولم يبق سوى إمدادها بالكهرباء والماء وسنستكمل تعيين مديرين للمديريات الست عشرة .
أما الجانب الثاني فهو ما يتعلق بالأمن العام ولتحقيق هذا الدور أستطيع ان أقول أن أول شيء هو ما يخص بقايا المحاكم الإسلامية وكما تعلمون أن منهم من قد فروا وبعضهم قد يكونوا متواجدين هنا في الصومال وهم الآن في حالة تعبئة وتجهيز ولا بد ان نتخلص منهم بأي طريقة .
< ماذا تقصد بالتخلص منهم بأي طريقة ؟
-أن أغلبية الشعب مع الحكومة والدولة وبقايا هذه الفئة تريد الفتنة والدمار للدولة فلابد أن نتخلص منهم في اقرب وقت ، وهذا يعني قتلهم كما تظن ، فمن جنح منهم للسلم وللحكومة وترك العنف فلن نلاحقهم ومن استمروا في حربنا ومواجهتنا سنكون أيضا في مواجهتهم ، وبعد ان نفرغ منهم ستكون مهمتنا التالية هي إعادة الامن والاستقرار إلى كل ربوع الأرض الصومالية من خلال قيام الحكومة بنزع السلاح من أيدي الناس فكما تعرفون ان السلاح انتشر في كل الصومال وبقائه بحوزتهم سيسبب لنا الكثير من المشاكل فالشعب عندما يكون مسلحا يبدأ التفكير بالقتال ولا بد من نزع هذا السلاح .
< كيف ؟
- نحن نعمل حاليا على نزع السلاح من أمراء الحرب وهذه العملية مستمرة حتى الآن وقد كان آخر من سلم السلاح منهم هو محمد طيري ولا نزال نستقبل كل من يريد تسليم سلاحه ، وسبب البدء بنزع سلاح أمراء الحرب انه منذ أن وصلنا الى مقديشو كنا ندرك تماما امكانية ان يعودوا كأمراء حرب مرة أخرى وإذا حدث ذلك فلن يثق الشعب الصومالي بالحكومة وسنفقد مصداقيتنا أمام شعبنا اذا لم نفعل ذلك ونبدأ بنزع السلاح من امراء الحرب ، حينها سيكون من السهل نزع السلاح من الشعب وستكون الخطوة الثانية هي نزع السلاح من التجار الذين يمتلكون أسلحة كثيرة ومتنوعة فقد كانت حجتهم لامتلاكه هو فقدان الأمن ومن اجل ان يحموا ممتلكاتهم وأموالهم وتجارتهم وبعد ان انتهى السبب وعادت الدولة فقد أصبحت حاجته إلى السلاح ضئيلة ..
< وماذا عن مليشيات أمراء الحرب ؟
-لقد بدأنا بأخذ المقاتلين التابعين لأمراء الحرب وسندخلهم المعسكرات وندربهم وندمجهم في الجيش ، فبداية تكوين الجيش ستكون من المليشيات وبعدها سنفتح باب الانتساب للراغبين بدخول الجيش من أفراد الشعب للوصول إلى مرحلة بناء جيش صومالي وطني من كل المناطق الصومالية ليقوم بحفظ الأمن والاستقرار حتى لا نحتاج لأي جيش خارجي.
< هل ستحل المشكلة الصومالية بنزع السلاح ودمج المليشيات في الجيش فقط؟
-بالطبع هذا لن ينهي المشكلة الصومالية فأنتم تعرفون ان فوضى الاقتتال دام 16 عاما ولابد الى جانب خطوات نزع السلاح المضي في نفس الوقت بعمليات اجراء المصالحة الوطنية بين كافة القبائل والعشائر الصومالية وهذا الامر سيكون من اولويات مرحلتنا القادمة ـ فكما رأيتم ـ نحن نلتقي يوميا مع قبيلة او قبيلتين ونتحدث معهم ونتفاهم على وسائل حل الخلافات ونقنعهم بالعمل مع الحكومة ونقول لهم عفا الله عمى سلف ونعمل على تنمية وتعزيز الروح الوطنية والانتماء للصومال وهذا جهد نحن مستمرون بالعمل به وهو احد ركائز بناء الدولة فما دار من قتال يحتاج الى مصالحة وطنية حقيقية .
< هل ما زالت الكثير من المباني والمرافق والمنشآت الحكومية تحت سيطرة امراء الحرب؟
-لقد استعدنا من أمراء الحرب الكثير من المباني والمنشآت السيادية كالمطارات والموانئ وسنبدأ قريبا من تجهيزها وإعادة تشغيلها وإداراتها من قبل الحكومة حتى نجني منها الضرائب و موارد تدعم خططنا وأولويات المرحلة القادمة التي تحتاج الى الكثير من الدعم حتى نتمكن من تنفيذ خططنا السابقة وعبر صحيفة عكاظ أقول ان الصومال تحتاج دعما ماديا وعربيا ودوليا ومن أي جهة في العالم وهي بأمس الحاجة لهذا الدعم حتى نستطيع تجاوز هذه المرحلة الحساسة والذين يريدون للصومال الاستقرار نقول لهم إن الوقت قد حان لمن يريد ان يدعم الصومال ويخلصه من محنته .
< هل يعني ذلك ان حكومتكم لم تتلق أي دعم عربي او دولي حتى الآن؟
-لم يصل لنا أي دعم حتى الآن ولم نجد دعما سوى من الجمهورية اليمنية التي كانت تدعمنا منذ البداية حتى قبل وصولنا الى مقديشو أما بقية الدول العربية فلا ادري ما الذي تنتظره حتى الآن لكي تدعمنا واستغرب من تجاهل دول العالم لنا وبالأحرى تجاهل إخواننا العرب ، فكما تعلمون أننا طلبنا قوة افريقية لحفظ السلام في الصومال لتساعدنا في حفظ الأمن وتدريب الجيش ورغم اقتصار هذه القوات على الدول الإفريقية فإننا ندعو إخواننا العرب في إفريقيا لمساعدتنا في هذه المهمة ونتمنى أن تشارك اليمن في قوة حفظ السلام اذا فسح المجال لها من قبل الأمم المتحدة ، فنحن نحتاج الى صومال آمن ونريد إعادة اعمار هذا البلد المدمر وهذه مشاريع كبيرة ونحتاج الى مشاركة العالم.
< لكن هناك معلومات عن دعم أمريكي وأوروبي لكم ؟
-الحاجة الوحيدة التي اعرفها ان الأمريكيين وعدوا بدعم الصومال بأربعين مليون دولار وسمعنا ان اوروبا وعدت بتقديم سبعة وأربعين مليون يورو وهذه وعود سمعنا بها فقط ولم يصلنا منهم أي شيء .
< لكن أمريكا ساعدتكم في حربكم ضد المحاكم؟
-حينما بدأت الحرب ضد جماعة البلاء (يقصد المحاكم الشرعية) طلبنا من الأمريكيين ان يغلقوا السواحل الصومالية وان يراقبوا الأجواء حتى لا يفر أصحاب المحاكم وقد استجاب الأمريكان وقاموا بالمهمة وكانوا مهتمين بهذا الأمر .
< لماذا برأيكم ؟
- سبب هذا الاهتمام الأمريكي جاء بسبب ان لديهم بعض المطلوبين في صفوف المحاكم ولذلك تعاونوا معنا واهتموا بحربنا ضد المحاكم كما أننا نقوم حاليا بمتابعتهم حتى لا يعودوا لإثارة الفتنة وتنفيذ عمليات هجومية ضدنا .
< ألم تطلب امريكا منكم تسليمها مطلوبين وماذا لو طلبت ذلك لاحقا ؟
- إذا كان المطلوبين لأمريكا من الذين أسالوا الدماء وارتكبوا جرائم في أمريكا كما حدث للأبراج في 11 سبتمبر او من المتورطين في عمليات إرهابية داخل أمريكا او ضد مصالح امريكية كما حدث في سفاراتهم في نيروبي ودار السلام فإذا لدى الأمريكان برهان فمن الممكن ان نسلم أي مطلوب لها لان العالم كله يتعاون من اجل محاربة الإرهاب ، اما اذا كان الدم الذي سال صوماليا فإننا سوف نتعامل معهم بأنفسنا وخاصة الإرهابيين الذين يتبعون المحاكم والذين يريدون تدمير الصومال وتريد قتلنا.
< لماذا تستهدفك المحاكم وتريد قتلك في بيداوا فقد تعرضت لمحاولة اغتيال وهنا في مقديشو نجوت في اللحظات الأخيرة من قذيفة سقطت بعد خروجك لثواني من مكتبك؟
-( ضحك ) .. أنا المسئول الأكبر في هذه الحكومة والجهة التي استهدفتني في بيداوا وفي القصر هم من الإرهابيين وأنا ضد الإرهاب ولا يوجد كراهية سابقه بيني وبينهم ويعتقدون أني اذا قتلت فإن الحكومة سوف تنتهي ، ولكن أقول لهم انه حتى لو قتلت فإن الدولة والحكومة ستستمر ، ومقتلي لن يحل المشكلة.
وأريد ان أوضح ان المحاكم لم تكن تريد قتلي فقط بل لقد حاولوا اغتيال رئيس الوزراء مرتين وقبل هزيمتهم وفشلهم كانت لديهم قائمة بأسماء شخصيات لقتلهم أولهم انا وقد حكموا علينا بالإعدام ومن القائمة ايضا رئيس صومالي لاند ومسئولين من بونت لاند وهؤلاء هدفهم الإرهاب فهم يعتقدون ان القتل هو الذي سيوصلهم إلى السلطة وقد استخدموا الدين كغطاء لمطامعهم في الاستيلاء على السلطة .
< أليس من الممكن إجراء مصالحة بينكم وبين المحاكم ؟
- أولا نحن نتعامل مع المحاكم وفق جماعتين الأولى هم المخططين والرؤوس الكبيرة الذين أتوا بالبلاء للصومال والجماعة الثانية هم العاملين معهم والعسكر الذين كانوا تحت إمرتهم ، فأما المخططون والرؤوس الكبار وخاصة المتطرفين منهم فلن يتم العفو عنهم لأنهم تسببوا بخراب ودمار الصومال ولن نعفو عنهم او نتصالح معهم اما البقية الساحقة من الجماعة الثانية فإذا تخلوا عن العنف وتركوا السلاح وجنحوا إلى السلم فسنمنحهم العفو فهم لا حول لهم ولا قوة ونحن مركزين على المتطرفين والقادة فقط.
< ماذا عن القوات الاثيوبية التي استعنتم بها في حربكم ضد المحاكم الاسلامية وجئتم بهم الى مقديشو رغم العداء التقليدي والتاريخي بين الصومال واثيوبيا وأشعل ثلاثة حروب سابقة بينـهما ؟
-الصوماليون كانوا طيلة 16 عاما في حالة حرب فيما بينهم والاقتتال كان بين صومالي وصومالي مما سبب انهيار الدولة والأمة ، وقد يكون هناك حساسية بين الشعبين الصومالي والاثيوبي وهذا امر كان في وقت سابق ، اما الآن ونتيجة للحرب الأهلية التي دارت في الصومال فإن ابناء الشعب الصومالي الذين عاشوا طيلة ستة عشر عاما من الحرب فيما بينهم فليس لديهم معرفة بتاريخ الكراهية والعداء التقليدي بين الصومال واثيوبيا .
< ألا تخشون من ان التواجد الاثيوبي سيعيد الى أذهان الصوماليين تاريخ العداء التقليدي مما قد يؤثر على انصياعهم للحكومة الصومالية التي أدخلت الإثيوبيين الى بلادهم ؟
-لا ، لا اظن ذلك فالصوماليون الآن ينظرون الى اثيوبيا وقدومها الى الصومال بأنه إنقاذ لهم من الوضع الذي كانوا يعيشون فيه ، وبالتالي فلا احد من أبناء الشعب الصومالي يتخيل ان اثيوبيا جاءت لتستعمرنا .
< وكم ستبقى اثيوبيا في الصومال ؟
-كما قلت لك سابقا اننا قد طلبنا قوة افريقية لحفظ السلام في الصومال والسبب لهذا الطلب هو أن تعفى اثيوبيا من مهامها في الصومال وتنسحب بقواتها والتي ستحل محلها القوات الافريقية ولن يطول بقاء القوات الاثيوبية في الصومال ، وأريد ان اضيف ان اثيوبيا لم تأت برغبة منها بل نحن من طلبنا منها ان تقوم بهذه المهمة وهي استجابت لطلبنا خاصة بعد ان رأينا ان الشعب الصومالي يريد إنقاذه من الحروب بأي شكل وبأي وسيلة .
كيف تنظرون الى مواقف الدول المحيطة بكم خلال هذه المرحلة ؟
-كما قلت سابقا ان لليمن دور مشرف ونبيل معنا وكذلك الدور الاثيوبي ولكن الدور الجيبوتي فيه الكثير من التساؤلات..
< ما الذي تقصده بهذه التساؤلات ؟
-المشكلة في الصومال هي مشكلة حقيقية ليس للصومال فقط بل مشكلة لكل جيران الصومال وللمنطقة التي تريد الامن والاستقرار ، وإدراكنا وإدراك هذه الدول لهذا الخطر الذي يهدد استقرار الجميع فقد قدمنا خدمة لجيراننا بمقاتلتنا لقوات المحاكم وكان ذلك خدمة لنا ولجيراننا ، لأن ذلك كان يشكل تهديدا لنا ولجيراننا ولمصلحتنا ولمصلحة المـنطـقـة كامـلة وعـلى الجـميع ان يعي ذلك .
< تحدثت عن اولويات المصالحة الوطنية الا تعتقدون ان الإطاحة برئيس البرلمان مؤخرا يؤثر على هذه المصالحة ؟ وهل تعاطفه مع المحاكم هو السبب؟
-هذا الامر لن يؤثر على المصالحة الوطنية فالشخص صار خائنا والناس مسرورون من إقالته وليس هناك أي اشكاليات وكما ترون فإن الاطاحة به كانت عبر تصويت أعضاء البرلمان وكان ان صوت الاغلبية مع قرار إقالته ومادام الشعب معنا فلن يكون هناك أي إشكاليات.
< ومتى سيعود البرلمان الى العاصمة مقديشو من مقره المؤقت في بيداوا ؟
-لقد انتقل البرلمان الى بيداوا بقرار من أعضاء البرلمان ونحن نحتاج إلى قرار آخر حتى ينتقل إلى مقديشو .
< ومتى سيتخذ هذا القرار ؟
-بعد إقالة رئيس البرلمان سيتم أواخر هذا الشهر اختيار رئيس جديد للبرلمان وبعد ذلك سيتم مناقشة موضوع نقل مقر البرلمان إلى مقديشو.
عبدالله يوسف ، رئيس الحكومة الفدرالية المؤقتة في الصومال ،، جنرال عرف بقوة طباعه وإرادته ومعارضته لنظام سياد بري حتى انهيار الدولة 1991م ، وظل يواصل خطواته نحو (فيلا صوماليا) متنقلا بين إثيوبيا ونيروبي وصنعاء وصولا إلى مدينة بيداوا المقر المؤقت لحكومته فيما كان معارضوه يسيطرون على مقديشو والمدن الرئيسية حتى حاصروه في مقره المؤقت الذي يكرر منه تصريحاته الطموحة بأنه سيصل الى مقديشو قريبا رغم الحصار .
قبل أكثر من شهر وصل بالفعل الجنرال عبدالله يوسف الى مقديشو بعد ان استعان بالقوات الأثيوبية لدحر أعدائه في المحاكم الإسلامية وانسحابهم من مقديشو دون حرب حتى فرارهم خارج الصومال .
(عكاظ) التقت الحاكم الجديد للصومال بعد ستة عشر عاما من انهيار الدولة والنظام ووباء الاقتتال وأمراء الحرب والفوضى التي عمت كل شيء في الصومال ، وفي حديث دام قرابة ساعتين طرحت الكثير من القضايا الملحة والآنية وأولويات المرحلة الجديدة وكيفية إعادة أمن ضاع طيلة عقد ونصف وقضايا الإرهاب والعلاقة الصومالية بالأمريكان والدول العربية وحساسية العداء التقليدي بين الصومال واثيوبيا واثر تدخل جيش العدو التقليدي الذي واجهه الصوماليون في ثلاثة حروب سابقة ،وحماية السواحل من القاعدة ومستقبل قيادات المحاكم السامية ومقاتليها ومناصريها ، وغيرها من القضايا في هذه الحصيلة .
< فخامة الرئيس .. بعد أن هزمت قواتك بتحالف مع اثيوبيا المحاكم الشرعية ومسلحيها وحققت هدفك بالوصول الى مقديشو وجئت بالحكومة معك من مقرها المؤقت في بيداوا ،، ما هي أولويات حكومتكم في المرحلة القادمة لإنهاء فوضى دامت ستة عشر عاما ؟
-لاشك أن أمامنا أشياء كثيرة وبالذات فيما يخص الجانب الأمني وأشياء تخص الإدارة في مقديشو فهذه المدينة الكبيرة تحتاج إلى الكثير من الجهود لإعادة الأمن إليها بعد الخوف الذي عاشته لفترة طويلة سنحتاج لإيجاد مديريات ومراكز الشرطة وتفعيل المحاكم وبناء السجون فإذا لم نوجد هذه الأشياء لن نستطيع السيطرة على المدينة .
لقد بدأنا فعليا بتعيين عمدة لمقديشو وطاقمه المساعد وأعدنا افتتاح مراكز الشرطة وبدأنا في تفعيل المحاكم وشارفنا على الانتهاء من تجهيز أماكن التوقيف للمجرمين ولم يبق سوى إمدادها بالكهرباء والماء وسنستكمل تعيين مديرين للمديريات الست عشرة .
أما الجانب الثاني فهو ما يتعلق بالأمن العام ولتحقيق هذا الدور أستطيع ان أقول أن أول شيء هو ما يخص بقايا المحاكم الإسلامية وكما تعلمون أن منهم من قد فروا وبعضهم قد يكونوا متواجدين هنا في الصومال وهم الآن في حالة تعبئة وتجهيز ولا بد ان نتخلص منهم بأي طريقة .
< ماذا تقصد بالتخلص منهم بأي طريقة ؟
-أن أغلبية الشعب مع الحكومة والدولة وبقايا هذه الفئة تريد الفتنة والدمار للدولة فلابد أن نتخلص منهم في اقرب وقت ، وهذا يعني قتلهم كما تظن ، فمن جنح منهم للسلم وللحكومة وترك العنف فلن نلاحقهم ومن استمروا في حربنا ومواجهتنا سنكون أيضا في مواجهتهم ، وبعد ان نفرغ منهم ستكون مهمتنا التالية هي إعادة الامن والاستقرار إلى كل ربوع الأرض الصومالية من خلال قيام الحكومة بنزع السلاح من أيدي الناس فكما تعرفون ان السلاح انتشر في كل الصومال وبقائه بحوزتهم سيسبب لنا الكثير من المشاكل فالشعب عندما يكون مسلحا يبدأ التفكير بالقتال ولا بد من نزع هذا السلاح .
< كيف ؟
- نحن نعمل حاليا على نزع السلاح من أمراء الحرب وهذه العملية مستمرة حتى الآن وقد كان آخر من سلم السلاح منهم هو محمد طيري ولا نزال نستقبل كل من يريد تسليم سلاحه ، وسبب البدء بنزع سلاح أمراء الحرب انه منذ أن وصلنا الى مقديشو كنا ندرك تماما امكانية ان يعودوا كأمراء حرب مرة أخرى وإذا حدث ذلك فلن يثق الشعب الصومالي بالحكومة وسنفقد مصداقيتنا أمام شعبنا اذا لم نفعل ذلك ونبدأ بنزع السلاح من امراء الحرب ، حينها سيكون من السهل نزع السلاح من الشعب وستكون الخطوة الثانية هي نزع السلاح من التجار الذين يمتلكون أسلحة كثيرة ومتنوعة فقد كانت حجتهم لامتلاكه هو فقدان الأمن ومن اجل ان يحموا ممتلكاتهم وأموالهم وتجارتهم وبعد ان انتهى السبب وعادت الدولة فقد أصبحت حاجته إلى السلاح ضئيلة ..
< وماذا عن مليشيات أمراء الحرب ؟
-لقد بدأنا بأخذ المقاتلين التابعين لأمراء الحرب وسندخلهم المعسكرات وندربهم وندمجهم في الجيش ، فبداية تكوين الجيش ستكون من المليشيات وبعدها سنفتح باب الانتساب للراغبين بدخول الجيش من أفراد الشعب للوصول إلى مرحلة بناء جيش صومالي وطني من كل المناطق الصومالية ليقوم بحفظ الأمن والاستقرار حتى لا نحتاج لأي جيش خارجي.
< هل ستحل المشكلة الصومالية بنزع السلاح ودمج المليشيات في الجيش فقط؟
-بالطبع هذا لن ينهي المشكلة الصومالية فأنتم تعرفون ان فوضى الاقتتال دام 16 عاما ولابد الى جانب خطوات نزع السلاح المضي في نفس الوقت بعمليات اجراء المصالحة الوطنية بين كافة القبائل والعشائر الصومالية وهذا الامر سيكون من اولويات مرحلتنا القادمة ـ فكما رأيتم ـ نحن نلتقي يوميا مع قبيلة او قبيلتين ونتحدث معهم ونتفاهم على وسائل حل الخلافات ونقنعهم بالعمل مع الحكومة ونقول لهم عفا الله عمى سلف ونعمل على تنمية وتعزيز الروح الوطنية والانتماء للصومال وهذا جهد نحن مستمرون بالعمل به وهو احد ركائز بناء الدولة فما دار من قتال يحتاج الى مصالحة وطنية حقيقية .
< هل ما زالت الكثير من المباني والمرافق والمنشآت الحكومية تحت سيطرة امراء الحرب؟
-لقد استعدنا من أمراء الحرب الكثير من المباني والمنشآت السيادية كالمطارات والموانئ وسنبدأ قريبا من تجهيزها وإعادة تشغيلها وإداراتها من قبل الحكومة حتى نجني منها الضرائب و موارد تدعم خططنا وأولويات المرحلة القادمة التي تحتاج الى الكثير من الدعم حتى نتمكن من تنفيذ خططنا السابقة وعبر صحيفة عكاظ أقول ان الصومال تحتاج دعما ماديا وعربيا ودوليا ومن أي جهة في العالم وهي بأمس الحاجة لهذا الدعم حتى نستطيع تجاوز هذه المرحلة الحساسة والذين يريدون للصومال الاستقرار نقول لهم إن الوقت قد حان لمن يريد ان يدعم الصومال ويخلصه من محنته .
< هل يعني ذلك ان حكومتكم لم تتلق أي دعم عربي او دولي حتى الآن؟
-لم يصل لنا أي دعم حتى الآن ولم نجد دعما سوى من الجمهورية اليمنية التي كانت تدعمنا منذ البداية حتى قبل وصولنا الى مقديشو أما بقية الدول العربية فلا ادري ما الذي تنتظره حتى الآن لكي تدعمنا واستغرب من تجاهل دول العالم لنا وبالأحرى تجاهل إخواننا العرب ، فكما تعلمون أننا طلبنا قوة افريقية لحفظ السلام في الصومال لتساعدنا في حفظ الأمن وتدريب الجيش ورغم اقتصار هذه القوات على الدول الإفريقية فإننا ندعو إخواننا العرب في إفريقيا لمساعدتنا في هذه المهمة ونتمنى أن تشارك اليمن في قوة حفظ السلام اذا فسح المجال لها من قبل الأمم المتحدة ، فنحن نحتاج الى صومال آمن ونريد إعادة اعمار هذا البلد المدمر وهذه مشاريع كبيرة ونحتاج الى مشاركة العالم.
< لكن هناك معلومات عن دعم أمريكي وأوروبي لكم ؟
-الحاجة الوحيدة التي اعرفها ان الأمريكيين وعدوا بدعم الصومال بأربعين مليون دولار وسمعنا ان اوروبا وعدت بتقديم سبعة وأربعين مليون يورو وهذه وعود سمعنا بها فقط ولم يصلنا منهم أي شيء .
< لكن أمريكا ساعدتكم في حربكم ضد المحاكم؟
-حينما بدأت الحرب ضد جماعة البلاء (يقصد المحاكم الشرعية) طلبنا من الأمريكيين ان يغلقوا السواحل الصومالية وان يراقبوا الأجواء حتى لا يفر أصحاب المحاكم وقد استجاب الأمريكان وقاموا بالمهمة وكانوا مهتمين بهذا الأمر .
< لماذا برأيكم ؟
- سبب هذا الاهتمام الأمريكي جاء بسبب ان لديهم بعض المطلوبين في صفوف المحاكم ولذلك تعاونوا معنا واهتموا بحربنا ضد المحاكم كما أننا نقوم حاليا بمتابعتهم حتى لا يعودوا لإثارة الفتنة وتنفيذ عمليات هجومية ضدنا .
< ألم تطلب امريكا منكم تسليمها مطلوبين وماذا لو طلبت ذلك لاحقا ؟
- إذا كان المطلوبين لأمريكا من الذين أسالوا الدماء وارتكبوا جرائم في أمريكا كما حدث للأبراج في 11 سبتمبر او من المتورطين في عمليات إرهابية داخل أمريكا او ضد مصالح امريكية كما حدث في سفاراتهم في نيروبي ودار السلام فإذا لدى الأمريكان برهان فمن الممكن ان نسلم أي مطلوب لها لان العالم كله يتعاون من اجل محاربة الإرهاب ، اما اذا كان الدم الذي سال صوماليا فإننا سوف نتعامل معهم بأنفسنا وخاصة الإرهابيين الذين يتبعون المحاكم والذين يريدون تدمير الصومال وتريد قتلنا.
< لماذا تستهدفك المحاكم وتريد قتلك في بيداوا فقد تعرضت لمحاولة اغتيال وهنا في مقديشو نجوت في اللحظات الأخيرة من قذيفة سقطت بعد خروجك لثواني من مكتبك؟
-( ضحك ) .. أنا المسئول الأكبر في هذه الحكومة والجهة التي استهدفتني في بيداوا وفي القصر هم من الإرهابيين وأنا ضد الإرهاب ولا يوجد كراهية سابقه بيني وبينهم ويعتقدون أني اذا قتلت فإن الحكومة سوف تنتهي ، ولكن أقول لهم انه حتى لو قتلت فإن الدولة والحكومة ستستمر ، ومقتلي لن يحل المشكلة.
وأريد ان أوضح ان المحاكم لم تكن تريد قتلي فقط بل لقد حاولوا اغتيال رئيس الوزراء مرتين وقبل هزيمتهم وفشلهم كانت لديهم قائمة بأسماء شخصيات لقتلهم أولهم انا وقد حكموا علينا بالإعدام ومن القائمة ايضا رئيس صومالي لاند ومسئولين من بونت لاند وهؤلاء هدفهم الإرهاب فهم يعتقدون ان القتل هو الذي سيوصلهم إلى السلطة وقد استخدموا الدين كغطاء لمطامعهم في الاستيلاء على السلطة .
< أليس من الممكن إجراء مصالحة بينكم وبين المحاكم ؟
- أولا نحن نتعامل مع المحاكم وفق جماعتين الأولى هم المخططين والرؤوس الكبيرة الذين أتوا بالبلاء للصومال والجماعة الثانية هم العاملين معهم والعسكر الذين كانوا تحت إمرتهم ، فأما المخططون والرؤوس الكبار وخاصة المتطرفين منهم فلن يتم العفو عنهم لأنهم تسببوا بخراب ودمار الصومال ولن نعفو عنهم او نتصالح معهم اما البقية الساحقة من الجماعة الثانية فإذا تخلوا عن العنف وتركوا السلاح وجنحوا إلى السلم فسنمنحهم العفو فهم لا حول لهم ولا قوة ونحن مركزين على المتطرفين والقادة فقط.
< ماذا عن القوات الاثيوبية التي استعنتم بها في حربكم ضد المحاكم الاسلامية وجئتم بهم الى مقديشو رغم العداء التقليدي والتاريخي بين الصومال واثيوبيا وأشعل ثلاثة حروب سابقة بينـهما ؟
-الصوماليون كانوا طيلة 16 عاما في حالة حرب فيما بينهم والاقتتال كان بين صومالي وصومالي مما سبب انهيار الدولة والأمة ، وقد يكون هناك حساسية بين الشعبين الصومالي والاثيوبي وهذا امر كان في وقت سابق ، اما الآن ونتيجة للحرب الأهلية التي دارت في الصومال فإن ابناء الشعب الصومالي الذين عاشوا طيلة ستة عشر عاما من الحرب فيما بينهم فليس لديهم معرفة بتاريخ الكراهية والعداء التقليدي بين الصومال واثيوبيا .
< ألا تخشون من ان التواجد الاثيوبي سيعيد الى أذهان الصوماليين تاريخ العداء التقليدي مما قد يؤثر على انصياعهم للحكومة الصومالية التي أدخلت الإثيوبيين الى بلادهم ؟
-لا ، لا اظن ذلك فالصوماليون الآن ينظرون الى اثيوبيا وقدومها الى الصومال بأنه إنقاذ لهم من الوضع الذي كانوا يعيشون فيه ، وبالتالي فلا احد من أبناء الشعب الصومالي يتخيل ان اثيوبيا جاءت لتستعمرنا .
< وكم ستبقى اثيوبيا في الصومال ؟
-كما قلت لك سابقا اننا قد طلبنا قوة افريقية لحفظ السلام في الصومال والسبب لهذا الطلب هو أن تعفى اثيوبيا من مهامها في الصومال وتنسحب بقواتها والتي ستحل محلها القوات الافريقية ولن يطول بقاء القوات الاثيوبية في الصومال ، وأريد ان اضيف ان اثيوبيا لم تأت برغبة منها بل نحن من طلبنا منها ان تقوم بهذه المهمة وهي استجابت لطلبنا خاصة بعد ان رأينا ان الشعب الصومالي يريد إنقاذه من الحروب بأي شكل وبأي وسيلة .
كيف تنظرون الى مواقف الدول المحيطة بكم خلال هذه المرحلة ؟
-كما قلت سابقا ان لليمن دور مشرف ونبيل معنا وكذلك الدور الاثيوبي ولكن الدور الجيبوتي فيه الكثير من التساؤلات..
< ما الذي تقصده بهذه التساؤلات ؟
-المشكلة في الصومال هي مشكلة حقيقية ليس للصومال فقط بل مشكلة لكل جيران الصومال وللمنطقة التي تريد الامن والاستقرار ، وإدراكنا وإدراك هذه الدول لهذا الخطر الذي يهدد استقرار الجميع فقد قدمنا خدمة لجيراننا بمقاتلتنا لقوات المحاكم وكان ذلك خدمة لنا ولجيراننا ، لأن ذلك كان يشكل تهديدا لنا ولجيراننا ولمصلحتنا ولمصلحة المـنطـقـة كامـلة وعـلى الجـميع ان يعي ذلك .
< تحدثت عن اولويات المصالحة الوطنية الا تعتقدون ان الإطاحة برئيس البرلمان مؤخرا يؤثر على هذه المصالحة ؟ وهل تعاطفه مع المحاكم هو السبب؟
-هذا الامر لن يؤثر على المصالحة الوطنية فالشخص صار خائنا والناس مسرورون من إقالته وليس هناك أي اشكاليات وكما ترون فإن الاطاحة به كانت عبر تصويت أعضاء البرلمان وكان ان صوت الاغلبية مع قرار إقالته ومادام الشعب معنا فلن يكون هناك أي إشكاليات.
< ومتى سيعود البرلمان الى العاصمة مقديشو من مقره المؤقت في بيداوا ؟
-لقد انتقل البرلمان الى بيداوا بقرار من أعضاء البرلمان ونحن نحتاج إلى قرار آخر حتى ينتقل إلى مقديشو .
< ومتى سيتخذ هذا القرار ؟
-بعد إقالة رئيس البرلمان سيتم أواخر هذا الشهر اختيار رئيس جديد للبرلمان وبعد ذلك سيتم مناقشة موضوع نقل مقر البرلمان إلى مقديشو.