عدن بين الاحتلال والاستقلال..أهمية عدن ومعنى الانتصار الوطني في 30 نوفمبر 67

> عبدالقوي محمد رشاد:

> (
عبدالقوي محمد رشاد
عبدالقوي محمد رشاد
لقد فقدت كل شيء- لقد أخذتم عدن) كلمات مؤثرة للسلطان محسن، سلطان لحج وعدن، لفتة تظهر أهمية ومكانة عدن لدى أهلها.. يقول المؤرخون والمفكرون الكثير في عدن، ونتقبس القليل منه:

عدن خزانة مال ملوك اليمن، ومصدر مهم من مصادر دخل الدولة.

عدن مركز التجارة العالمية لكل الأجناس.

ومنذ العصر الروماني نتجية لازدهارها سميت بالمخزن الروماني أيام الأمبراطور (كوستيتابين) ولكن كل ذلك لم يفقدها طابعها وهويتها اليمنية العربية.

- عدن ساحل صنعاء وفرضة كل اليمن.

- عدن كانت ولا تزال مدينة كل اليمنيين.. وهي المدينة اليمنية التي لا تعرف التصعب القبلي.

عدن كانت ساحة المواجهة الأخيرة مع بريطانيا والتي بها حسمت المعركة بالنصر الوطني.

يقول جميس لونت في كتابه (صخور عدن القاحلة):

«كانت الحجة المعلنة لاحتلال عدن هي استيلاء الأهالي على سفينة الحجاج، ولكن السبب الحقيقي للاحتلال هو أهمية السيطرة البريطانية على عدن كحلقة مهمة في خط الملاحة بين الغرب والهند».

ولهذا دشنت الملكة فكتوريا عهدها الذهبي الاستعماري باحتلالها لعدن إذ هي أولى الفتوحات الفكتورية.

ولذا فإن الملكة فكتوريا جزء من تاريخنا الوطني وجزء من تاريخهم (أي الإنجليز) الاستعماري فمن حقنا تجسيد هذا الحدث ونطالب بإعادة تمثال الملكة فكتوريا إلى موقعه الأصلي في حديقة التواهي والذي ظل هناك أثناء الحكم البريطاني حتى ليلة 30 نوفمبر 67 عندما قامت الإدارة البريطانية بنقله سرا وليلا إلى موقع سفارتهم أمام مباني الرئاسة في التواهي وبالتحديد فيما يعرف الآن بقيادة المنطقة العسكرية الجنوبية.

وقد فسر البريطانيون هذا النقل من قبلهم للتمثال بخوفهم من المواطنين اليمنيين أثناء فرحة النصر بالاستقلال أن يعمدوا إلى تحطيمه بصفته رمزا استعماريا وآخر ما تبقى من ذكرياتهم.

إن نقطة الضعف الاستراتيجية التاريخية قديمها وحديثها لليمن هي سواحلها البحرية الواجهة الرئيسة لهذه الغزوات.

وكانت عدن بالذات بوابة ونافذة اليمن على العالم ولكنها في الوقت نفسه واجهة الغزوات الخارجية على اليمن، فعدن وغيرها من المدن الساحلية بقدر ما هي واجهة اليمن ومدنها المزدهرة اقتصاديا وتجاريا ومراكز الاستثمار حديثا فإنها نقاط الضعف الأمني اليمني، لذا فعدن والمدن السواحلية والجزر والبحر.. يجب أن تبقى مركز الفكر الاستراتيجي الوطني اليمني.

أهمية الانتصار للنضال الوطني يرجع جزء منها إلى أهمية عدن لبريطانيا ووقعت عدن في مفاضلة الصراع بين أهميتها السياسية والتجارية للدوائر البريطانية.

كانت الإدارة البريطانية في الهند تركز على أهمية الازدهار التجاري لعدن، بينما إدارة الحرب في لندن تركز على أهميتها العسكرية والسياسية في المنطقة وترى هذه الإدارة أن الازدهار التجاري هو نتاج الوجود السياسي والعسكري.

وبقدر ما زاد افتتاح قناة السويس في القرن التاسع عشر من أهمية عدن لبريطانيا، بقدر ما أتت الاكتشافات البترولية في الجزيرة العربية والخليج لتضع عدن في قلب الاستراتيجية البريطانية والغربية، فهي -أي عدن- كانت مركز النفوذ السياسي في الإقليم كله ومن خلال هذا الوجود وما مثله من قوة عسكرية ونفوذ سياسي تمكنت بريطانيا من الإبقاء على مصالحها في هذا المحيط وما جاوره إلى أن صارت عدن وبعد الجلاء عن قاعدة السويس 1956م قاعدة ومركز قيادة الوجود السياسي والعسكري البريطاني في الشرق الأوسط كله والإقليم المجاور، كما كان لعدن دورها في السياسة البريطانية في ترسيخ التشطير للحالة اليمنية وقاعدة للملكيين ضد الجمهورية العربية اليمنية، وكذلك إذكاء الصراعات اليمنية السعودية، ومحاربة الحركات القومية والثورية.. إذا أدركنا كل ذلك أدركنا مدى عظمة الخسارة البريطانية وعظمة النصر الوطني 30 نوفمبر 67م.

وكما كانت عدن خزانة مال ملوك اليمن ومركزا تجاريا عالميا لكل الأجناس ومنذ العصر الروماني مع بقاء هويتها العربية وكذلك هي عدن مدينة كل اليمنيين دون قبلية وهي ساحل صنعاء وفرضة اليمن.

وأخيرا هي العاصمة الاقتصادية والتجارية لدولة الوحدة ومركز الاستثمارات الواعدة.

وما كان يميزها بصفة خاصة تلك الجموع من الأدباء والمثقفين والفنانين والمبدعين في شتى فنون الإبداع.

وكان لها طعمها ومكانتها الخاصة لا تجدها في بلد أو مدينة أخرى وبها العائلات والبيوت العربية التي هي سمة من سمات عدن ولازمة من لوازمها .

ثم كان النصر في الثلاثين من نوفمبر 67 وكان للفرحة بعض منغصاتها كالحرب الأهلية المأساوية التي تركت ألما في النفس الإنساني والوطني وإن كانت تلك الحروب من مسلمات وحتميات حروب الاستقلال وصراعات القوى الوطنية في كل دول العالم أتى النصر وعدن تحلم بغد أفضل ولكن في أسسه امتداد لعراقتها وطبيعة تكوينها، ولكن ما جرى أفقدها كل جمال وعراقة وتعايش ونفسية الماضي الجميل.

فهذه المكونات كانت لها أيضا إسهاماتها الوطنية بأشكال هي من أرقى مقومات النضال الوطني الحضاري. المؤسف أن تجاهل هذه المكونات في مسيرة الكفاح حتما أدى إلى ما هو الأسوأ بعد الاستقلال، إذ أصبح لمن ادعى الإسهام في الكفاح المسلح القوة والسيطرة في الإدارة العامة للدولة وغاب المبدعون الذين هم من مقومات بناء الدولة الحديثة، ولنا أمل في شخصية وقيادة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح في تعويض هؤلاء مرارة الماضي وإشعارهم بحقهم في العدالة كما تجلى في برنامجه الإصلاحي الشامل.

كانت هذه ملاحظة على مرحلة النضال ولكن يظل الأمر منقوصا إن لم نتعرض لمرحلة ما بعد الاستقلال، التي للأسف صورها الأخ حيدر العطاس بأن خطأها الفادح هو قرارات الناجم.. متناسيا أن الكارثة كانت في فكر ونهج النظام وما نتج عنه وهو ما سنتعرض له لاحقاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى