المواطن بانتظار لحظة الفرج في تثبيت الأسعار والتراجع عن رفعها

> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

>
المواد الغذائية
المواد الغذائية
يشكو المواطنون بمختلف مستوياتهم المعيشية وبالطبع في مقدمتهم ذوو الدخل المحدود من موجة الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار التي عمت كافة المواد الغذائية والاستهلاكية هذه الأيام.

«الأيام» توجهت الى أحد أسواق العاصمة صنعاء للتعرف على كيفية مواجهة المواطن هذه الوضعية المعيشية الصعبة.

وعود لم تتحقق
< المقدم علي صالح المنج، قال:«في الوقت الذي كنا نأمل ان نجد استقرارا معينا للأسعار خصوصا بعد الانتخابات أو في أسوء الأوضاع ارتفاعا بطيئا للأسعار وعلى عدة مراحل فوجئنا بتصاعد جنوني للأسعار ودون هوادة، ولم نجد ازاء ذلك سوى بلع المرارة والأسى وضرب الكف أخماسا في أسداس، خاصة وان الأسعار في المواد الغذائية قد فاقت كل توقع.

مازال صدى الوعود الانتخابية لم يتلاشى من آذاننا بعد، ونحن الآن نرى الأسعار المرعبة تكتسح الأسواق، نحن الموظفين الحكوميين مهما بلغت رواتبنا فإنها بالكاد تكفي حتى منتصف الشهر، هذا لمن لا يعاني من مشكلة السكن، فالمستأجر للسكن حلت عليه لعنة الإيجار، بالإضافة الى لعنة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فكل شيء يرتفع والراتب كما هو، وإن ارتفع قليلا زاد كل شيء في الارتفاع، نحن الموظفين لا نريد أي زيادة، نريد تخفيض أسعار المواد الغذائية التي هي القوت الأساسي لاستمرار الحياة وقد أصبح الحصول عليها صعبا جدا ولا نستطيع احتمال المزيد، ولا ندري بعد عام أو عامين الى أين ستصل الأسعار؟».

آلية سوق مجنونة
< المواطن أحمد صالح قال: «قالوا لنا إنها آلية السوق، وحسب العرض والطلب والارتفاع مصدره عالمي، ونحن نقول هذا ممكن ـ وممكن نصدق ذلك على كره طبعا ـ لكن هذه الزيادة الأخير غير مبررة ومهولة ومفزعة، إنها مدمرة وتتصاعد بجنون.

نحن قابلون بالعرض والطلب، المهم ان يقبل التجار والمستوردون وبائعو التجزئة ان هناك صعودا وهبوطا، لأننا نرى ارتفاعا لأسعار السلع ولا نرى لها هبوطا أبدا كما يقضي بذلك قانون العرض والطلب وآلية السوق، بل إننا نسمع حكايات عن أساليب الاحتيال على المواطن المكدود.

إننا لا نعلم لماذا ركنت الجهات المعنية وكذا الجهات الأخرى التي نراها نحن أنها معنية بتفسير آليات السوق ونسيت ظاهرة الاحتكار التي تسيطر عليه.

أنا شخصيا أضع مبلغا مقطوعا لزوجتي لتشتري مصاريف المنزل وأقول لها دبري حالك، فتلجأ الى شد الحزام، ولكن هذه الأيام أصبحت تتذمر كثيرا وتطالب بالمزيد الذي لا أستطيع تقديمه، والخوف كل الخوف ان نشد الحزام حتى تنقطع أوساطنا، ولا نجد ما نشد عليه في الأيام القادمة».

الطماطم ارتفع سعرها في موسمها
< سمير لطف الأسعدي، أحد بائعي الخضار والفواكه قال: «أكثر الخضروات ارتفاعا هي الطماطم يليها البصل، فقد كنا نشتري سلة الطماطم بـ (800ـ1200) ريال وارتفع سعرها حتى وصل سعر السلة الى (4500) ريال، واليوم اشتريتها بـ(2600) ريال وليست ذات جودة عالية، وأنا أبيع كيلو الطماطم اليوم بـ(250) ريالا، وقد كنت أبيعه قبل ذلك بـ(80ـ100) ريال، وبدأ ارتفاع الأسعار منذ شهر ونصف تقريبا، ولا ندري سببا لهذا الارتفاع سوى مبرر البرد، والذي يكاد يكون سنويا في موسم البرد ولكن لا تصل الأسعار الى هذا الحد».

< أم محمد (45عاما) قالت: «من بعد الإنتخابات لاحظنا ارتفاع الأسعار بداية بالدقيق الأبيض والبر، ثم لحقه الخبز الذي أصبح بحجم البسكويت، ثم الدجاج، ليأتي بعد ذلك البيض الذي ارتفع بشكل كبير في الأيام ما قبل العيد، والخضار أيضا ارتفعت بشكل كبير جدا كالبصل والطماطم، حتى البيعة (الكراث) والنعناع والجرجير، لم تسلم من رفع الأسعار، وأنا كربة بيت أحاول جاهدة ايجاد البدائل وأحيانا أعمل الأكل مسلوق، لا عاد فيه طعم لأكل ولا لعيشة، ومع كل ذلك لم يعد مصروف البيت يكفي حتى آخر الشهر، والله يعيننا على ما جرى لنا».

< أم جمال، وهي في الخمسينات من العمر قالت: «الارتفاع في الأسعار ليس بشكل عادي، فهناك ارتفاع كبير، بعد ان وصلت أسعار بعض الأشياء الى الضعفين أو أكثر، (حتى البيضة ما عاد غليت وبس، كمان قل وزنها وصغر حجمها، والدجاجة مثلها)، الظاهر ان هذا بسبب سخط الله علينا، لا يصلح الله ما بقوم حتى يصلحوا ما بأنفسهم».

في انتظار المجهول
< تاجر جملة (فضل عدم ذكر اسمه) قال: «ارتفع سعر كيس الدقيق بشكل جنوني من (1900ـ2000) ريال الى (3300) ريال، وكذلك ارتفع سعر كيس البر من (2600) ريال الى (3100) ريال، وكيس السكر أصبح سعره اليوم (5200) ريال، وكيس الأرز بـ(5200) ريال، لتلحق بذلك الارتفاع الجنوني أسعار بقية المواد الغذائية المحلية والمستوردة، ولا ندري سببا حقيقيا لذلك والتجار الكبار أغلبهم متوقفين عن البيع ومضربين ومغلقين لمخازنهم بسبب ضريبة المبيعات التي لم تعجبهم مما حدى بكثير من باعة الجملة والتجزئة لبيع ما لديهم من بضائع بسعر أعلى حتى يواجهوا الأسعار القادمة والتي مازالت في علم الغيب ويستطيعوا بقيمتها شراء بضائع جديدة.. وأنا حاليا بسب هذا الإضراب أبيع ما لدي من بضائع في المخزن منتظرا لما ستحمله الأيام القادمة، والله يستر».

الله يحفظ الحكومة
< وأثناء حديثنا مع التاجر دخل الى المحل أحد الموظفين الحكوميين يحمل حقيبة مهترئة طالبا من التاجر كيس دقيق صغيرا (محلي) وشرع في فتح حقيبته لإخراج ثمن الدقيق ليفاجئه البائع بأن سعر الكيس المطلوب قد ارتفع الى (1900) ريال فتوقف عن اخراج المال وأغلق حقيبته ورفع يده الى السماء، قائلا: «الله يخلي الحكومة ويحفظها على طول داعسة فوق رقابنا ومجوعتنا.. الله يحفظها!» ثم عاد أدراجه دون ان يشتري كيس الدقيق.

مشكلة ضريبة القيمة المضافة
< الأخ أمين أحمد قاسم، رجل أعمال، تحدث لـ«الأيام» عن ارتفاع الأسعار بقوله: «ارتفاع الأسعار له أسباب كثيرة، أسباب خارجية وأسباب داخلية، فالأسباب الخارجية عديدة منها ان الريال اليمني مرتبط بالدولار وما تستورده اليمن من بضائع باليورو والإسترليني وغيره، وهذه العملات ارتفعت وكذلك عملية الشراء خاضعة للعرض والطلب، أما الأسباب المحلية فهناك أسباب عديدة منها ضريبة المبيعات والقيمة المضافة حيث شكلت عبئا اضافيا على الأسعار لأن بعض السلع تمر عبر ثلاثة أو أربعة وسطاء، وهنا مطلوب من كل وسيط ان يضيف نسبة ضريبة المبيعات، والقيمة المضافة معناها ان الضريبة يجب ان تضاف على كل فاتورة، وهذه بالتالي تؤثر على التاجر في أي حال، ونتمنى أن يتم اعادة النظر في القيمة المضافة، لأننا نشعر أنها شكلت عبئا حقيقيا في ارتفاع الأسعار».

وفيما يتعلق بما تردد حول اعفاء المواد الغذائية من القيمة المضافة، قال:«هناك 5 سلع غذائية فقط معفية من هذه القيمة المضافة لضريبة المبيعات، مثل الدقيق والقمح والأرز وحليب الأطفال، وسبب رفع أسعارها أسباب خارجية، والآن مطلوب من تجار القطاع الخاص التعامل مع ضريبة القيمة المضافة للمبيعات والتي يترتب عليها وجود سجلات وفواتير والتي تستدعي زيادة الموظفين..الخ، في الوقت الذي لم يكن لديهم مصروفات ادارية وهناك اجراءات طويلة عريضة 95% من التجار حتى اليوم لم يتعودوا على التعامل بها، ولكن التعامل الآن مع ضريبة القيمة المضافة يتطلب منهم مصاريف ادارية أعلى من أجل التعامل مع هذه القضية».

ضرورة اعطاء فرصة للتجار
وعلى صعيد الحل لهذه المشكلة اقترح الأخ أمين أحمد قاسم، قائلا: «لابد من اعطاء التجار فرصة من الزمن لكي يتم تأهيل مصلحة الضرائب للتعامل مع هذا النوع من الضرائب، وكذا تأهيل القطاع الخاص للتعامل معها، ففي العالم الخارجي هذا النوع من الضريبة لا يأتي الا بعد ان يصل التجار الى مستوى كبير من التطور، لأن كل شيء لديهم يعتمد على الكمبيوتر والنظم المحاسبية الحديثة والمسألة تصبح لديهم سهلة، بينما التجار لدينا كثير منهم ليس لديه حتى دفاتر وبالتالي يكتفي بنسبة ربح قليل والمطلوب تأهيل الضرائب والقطاع الخاص للتعامل بسهولة مع هذا القانون والمسألة مسألة وقت، وصعب جدا اعتساف الواقع».

لي الذراع
< وتحدث لـ«الأيام» الشيخ محفوظ شماخ، رئيس الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة بقوله:«الارتفاع الذي جرى في بعض الأسعار للمواد الغذائية ناتج عن اتجاهين خارجي وداخلي، فالخارجي يتمثل في تفاوت أسعار الحليب، مثلا مما أدى الى تفاوت أسعار الزبادي ومشتقاته وايضا كثير من الدول ألغت كل دعم للكثير من المواد الغذائية مثل البيض والمنتجات الأخرى كالفاصوليا والفول الصادر من الصين، ألغيت كلها.

وهذا هو ما أدى الى ارتفاع في الأسعار لأن الدعم كان الأساس الذي يجعل الأسعار لدينا رخيصة ـ وإلا كيف سيكون الحليب الذي يأتي الينا من الخارج (من هولندا والدول الأوروبية الأخرى) أرخص من المنتجات المحلية كحليب رصابة وغيره التي هي أعلى منه؟ الا عن طريق الدعم.

فأوروبا بدأت تلغي الدعم عن الحليب ومشتقاته، وهذا أثر على ارتفاع الأسعار، ولهذا يجب ان يكون التوجه للإنتاج المحلي لنضمن الاستقرار على الأقل وهذا هو السبب الأول.

تجار يحجمون عن الاستيراد
أما السبب الثاني فلا ننسى الزوبعة التي تثار حاليا حول ضريبة المبيعات التي أدت الى ان الكثير من التجار ورجال الأعمال المستوردين يحجمون عن الاستيراد او يؤخرون استلام سلعهم ويطلبون تأخير شحنها، وهذا أدى الى نقص في هذه المواد وخلق أزمة والبعض تخوف من أنه لم يعد يدري، هل يبيع بالوجه هذا أو ذاك والبعض الذي باع حاول ان يعمل احتياطيا الى أقصى حد ليحمي نفسه وهذه الأمور اذا ما استقرت وطبقت ضريبة المبيعات كما أعلن مجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضي فإن هذا سيبعد نصف البلاء.

خضروات مستوردة
خضروات مستوردة
حذر وقلق يساور التجار
والبلاء الآخر الذي أتى الينا من الخارج سنحاول ان نحذر ونقلق تجاريا ونعمل جلسة مع بعض التجار والصناع والمستوردين ونناقش هذه الأمور، لكن لم يترك لنا حالنا لأول مرة نرى كلاما في الإعلام وبالبنط العريض (رئيس الجمهورية يلغي قرار مجلس الوزراء)، فما معنى هذا الكلام؟! هذا الكلام لا يعني سوى ادخال الفتنة ما بين مجلس الوزراء وبين الرئيس وما بين الرئيس والشعب وهذه دسـيسـة سـواء جاءت بقصد او بغير قصد».

أما بشأن أسباب الغاء الدول الأوربية دعمها لتللك المواد الغذائية، فقد قال الشيخ شماخ: «العولمة هي السبب الرئيسي، فأحد شروطها الرئيسية هو إلغاء كل دعم مقدم للسلع خاصة الزراعية والحليب من المنتجات الزراعية».

الخاسر الوحيد
< في الأخير تبقى الإجابة عن السؤال الأخير وهو (من هو الخاسر في هذه المعمعة؟) واضحة بجلاء ولا تحتاج الى كثير من الشرح.. إنه المواطن الذي أخذت تطحنه رحى الغلاء الفاحش والجوع بغير رحمة، بانتظار لحظة الفرج التي قد تجيء وقد لا تجيء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى