رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> الولادة والنشأة ..اللواء عمر علي العطاس من مواليد عام 1943م بقرية (حصن باقردان) بمديرية حجر فيما كانت تعرف بالسلطنة القعيطية (حضرموت)، ونال فيها قسطا متواضعا من التعليم وهنا يقول صديق عمره اللواء خالد باراس، الشخصية الوطنية والعسكرية المعروفة: «الفقيد المغفور له بإذن الله لم يستطع مواصلة دراسته في بداية حياته شأنه شأن نظرائه من أبناء جيله لانعدام المدارس في الأرياف ولأسباب أخرى كثيرة، لكنه استطاع التغلب على هذه المسألة بمثابرته المتواصلة وقوة إرادته ورغبته الجامحة في تحسين مستواه الثقافي مستغلا كل الوسائل الممكنة».(«الأيام» 31 يناير 2007م - اللواء خالد أبوبكر باراس: خسرنا مناضلا وطنيا جسورا وقائدا عسكريا ماهراً، في ذكرى أربعينية الفقيد عمرعلي العطاس).

اللواء العطاس في جيش البادية الحضرمي
خبرت حضرموت المؤسسة العسكرية منذ ثلاثينيات القرن الماضي فبعد إنشاء الجيش النظامي الحضرمي أنشئ (جيش البادية الحضرمي) عام 1939م وكان تابعا للمستشارية البريطانية وكانت ميزانيته مستقلة وتم تكوينه على نسق الفيلق العربي في الأردن، وقد أشرف على تدريبه وقيادته ضباط أردنيون تحت إدارة قائد بريطاني، وقد حل ضباط محليون محل الضباط الأردنيين. ارتبطت بجيش البادية الحضرمي بنية تحتية هامة تصدرتها (مدارس أبناء البادية) و(المستشفى العسكري)، وبتقادم الزمن تراكمت خبرات نوعية متنوعة لدى أفراد ذلك الجيش العطر الذكر.

في العام 1959م (وهو في السادسة عشرة من عمره) التحق عمر علي العطاس بجيش البادية الحضرمي، والتحق في نفس العام بمدرسة اللا سلكي وتخرج فيها كعامل لاسلكي - مورس، وهنا يقول اللواء خالد باراس (راجع: حلقة رجال الذاكرة: اللواء خالد باراس: عصامي ووطني مناضل دفع الضريبة عند كل منعطف - «الأيام» - 16 أبريل 2006م) وهو يتحدث عن بداية مشواره في جيش البادية الحضرمي بأنه (أي خالد باراس) التحق بمدرسة اللا سلكي وكان من زملاء الدراسة: عمر علي العطاس وسعيد محمد القرزي وجعفر الشعيبي وعبدالرحمن بن مالك ومصبح كرامة العجيلي وآخرون.

العطاس ناشط وطني في صفوف جيش البادية
بدأ عمر علي العطاس ممارسة العمل الوطني عام 1963م بانضمامه للجبهة القومية في خلايا جيش البادية الحضرمي، وهنا يفيد اللواء خالد باراس (مرجع سابق: خالد باراس في حلقة رجال الذاكرة) بأن من ضمن مسؤولياته العسكرية أنه تحمل مسؤولية تنظيم الجبهة القومية في صفوف جيش البادية، سواء كانوا ضباطا أم صف ضباط أم جنودا، ومن أفراد الفئة الثانية الذين كان مسؤولا عنهم: صالح أبوبكر بن حسينون وسالم عوض الشماسي وعمر علي العطاس وعبدالرحمن محمد بن مالك وعلي سالم باربار المحمدي ومصبح كرامة العجيلي.

بعد نيل المحافظات الجنوبية استقلالها في 30 نوفمبر 1967م رقي عمر علي العطاس إلى رتبة ملازم أول، وتدرج في سلم الخدمة ليصبح قائد سرية مشاة في لواء المشاة 30 فقائداً للكتيبة ليرقى بعدها إلى رتبة نقيب.

العطاس قائدا لسلاح المدرعات
في بداية العام 1970م صدر قرار جمهوري بتعيين عمرعلي العطاس قائدا لسلاح المدرعات في جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وتزامن قرار تعيينه مع قرار تعيين صديق عمره خالد أبوبكر باراس قائداً لسلاح المدفعية.

في منتصف العام 1970م غادر عمر العطاس عدن إلى الاتحاد السوفيتي للدراسة العسكرية حيث التحق بأكاديمية المدرعات للجيش السوفيتي تخصص قيادة وأركان وحصل على درجة الماجستير بتقدير ممتاز عام 1974م، وعاد إلى أرض الوطن ليواصل عمله قائداً لسلاح المدرعات حتى عام 1978م.

العطاس بين مقعدي الملحقية وهيئة الأركان
في العام 1978م صدر قرار بتعيين عمر علي العطاس ملحقا عسكريا في سفارة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في موسكو وجلس على كرسي الملحقية حتى العام 1981م حيث عاد إلى أرض الوطن وعُيّن نائبا لرئيس هيئة الأركان العامة لشؤون العمليات والتدريب ورقي الى رتبة (مقدم).

مارس المقدم عمر علي العطاس مهامه من خلال اللجان الوحدوية وتحديدا في اللجنة العسكرية منذ تأسيسها ضمن اللجان الوحدوية التي أنشئت على خلفية اتفاقية طرابلس بين سالم ربيع علي، رئيس مجلس الرئاسة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والقاضي عبدالرحمن الإرياني، رئيس المجلس الجمهوري في الجمهورية العربية اليمنية عام 1972م.

كلمة حق قالها القائد العسكري المحنك والسفير الماهر أحمد عبدالله الحسني
أدلى الأخ أحمد عبدالله الحسني (قائد القوات البحرية لليمن الديمقراطية خلال الفترة 1980-1986م، السفير اليمني السابق في سوريا، اللاجئ السياسي حاليا في بريطانيا) بشهادته للتاريخ ووسمها (كلمة في حق الفقيد اللواء عمر العطاس) نشرتها «الأيام» في 6 يناير 2007م ورد فيها: «والفقيد عمر العطاس كان واحدا من الناس الذين أسهموا بشكل فاعل ومسؤول في بناء النظام الوطني في اليمن الديمقراطية، واتسمت أفعاله بالنضج وبمحبة الآخرين ولا يكاد يسجل المرء على الفقيد عداوة لمخلوق من الناس».

ويضيف القائد والسفير الحسني: «كما برهن (أي العطاس) على قدرة متميزة في قيادة الوحدات الكبرى أثناء تنفيذ المناورات والعمليات القيادية الواسعة، ولعل الفقيد عمر العطاس كان في طليعة المجموعة القيادية الشابة التي أثبتت مهارات في قيادة الوحدات الكبرى متعددة الصفوف (أي وحدات مشاة ومدرعات ومدفعية وبقية صفوف القوات البرية، إضافة إلى وحدات من القوات الجوية والبحرية) وتشهد المناورات المنفذة بالذخيرة الحية في منطقة خرز على ذلك...».

اللواء خالد باراس شاهد على حنكة العطاس إدارياً
اللواء خالد أبوبكر باراس أدلى بشهادته للتاريخ («الأيام» - 31 يناير 2007م) عن قدرات اللواء عمر العطاس عسكرياً، إدارياً وإنسانيا وقال في سياق شهادته: «عرف الفقيد اللواء الركن عمر علي العطاس بدقة متابعته لأعمال المرؤوسين أثناء تنفيذهم لواجباتهم وعدم تساهله مع المقصرين، ولكنه لا يأمر مرؤوسيه بما لا يستطاع، فهو قبل ذلك يؤمن متطلبات التنفيذ ثم يصدر الأوامر».

العطاس على كرسي المستشارية
أدى المقدم عمر علي العطاس مهامه كنائب لرئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في اليمن الديمقراطية بكل مهارة واقتدار حتى قيام دولة الوحدة في 22 مايو 1990م، وعُيّن بعد ذلك مستشارا لوزير الدفاع ورقي إلى رتبة (عقيد) وأبلى بلاء حسنا عندما كان جالسا على كرسي المستشارية حتى انفجار الأوضاع في صيف 1994م فأجبرته ظروف قهرية على مغادرة أرض الوطن والبقاء خارج البلاد.

العطاس يعود إلى أرض الوطن
اختار العقيد عمر علي العطاس يوما تاريخيا لعودته إلى أرض الوطن ليؤكد للقاصي والداني أنه كان من المدافعين والمؤمنين بقضية الوطن والوحدة، وكان يوم عودته في 14 أكتوبر 2002م، لينهي بعد ذلك فترة الشتات والمنافي لأن الوطن وطنه والأرض أرضه. وفي أكتوبر 2006م منح رتبة (لواء) وأحيل إلى التقاعد.

العميد المحمدي شاهد على أعمال البر المحسوبة للعطاس
الأخ العميد أحمد سعيد المحمدي، أحد القادة العسكريين السابقين وعضو مجلس نواب سابق، أدلى بشهادته للتاريخ والموسومة «وداعا يا ابن حضرموت البار اللواء عمر علي العطاس» («الأيام» - 4 يناير 2007م) ورد في سياقها أن للفقيد عمر علي العطاس مساهمات فاعلة حتى في المشاريع التنموية مثل مساهمته في مشروع طريق ميفع - حجر (الذي سيفتتح قريبا إن شاء الله) من خلال تقديمه للدراسات الميدانية للطريق وإقرارها من ضمن خطة الدولة قبل الوحدة.

ويضيف الأخ العميد المحمدي: «كما أن للمغفور له مساهماته في تطوير مديرية حجر وفي بقية المناطق في حضرموت والشاهد على ذلك مدرسة حصن باقروان حيث شكل المرحوم لجنة من أبناء المنطقة وجمع التبرعات لبناء المدرسة بجانب دور الدولة الرئيسي».

اللواء العطاس يلقى ربه راضياً مرضياً
في جمعة مباركة تزامنت مع 22 ديسمبر 2006م شيعت المكلا التي تجللت بالسواد الكامل جثمان المغفور له بإذن الله اللواء الركن عمر علي العطاس، الذي انتقل إلى جوار ربه راضياً مرضياً عن عمر ناهز الثالثة والستين عاما وقد خلف وراءه سجلا حافلا من الخدمة الوطنية والعسكرية والاجتماعية ورصيدا ضخما في قلوب الناس.

للفقيد اللواء الركن عمر علي العطاس (10) أولاد، الذكور منهم أربعة هم: 1- سالم، 2- خالد، 3- هاني، 4- محمد و (6) بنات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى