> «الأيام» علوي بن سميط:

مخيم اليمن بمنى.. واعظ يمني يحاضر الحجاج
أما تسكين حجاج اليمن فقد تفاوتت مستويات تلك الخدمة سواء من الوكالات أم من الوزارة، وسعيد الحظ من سكن في غرفة بفندق تضم من سبعة إلى تسعة أسرّة وبحمام واحد حتى وإن كانت الغرفة لا يوجد بها دواليب لحفظ حاجاتك المتواضعة، وشكا عدد من الحجاج ضيق الأمكنة التي سكنوا فيها إذ يقول الحاج يحيى حسن يحيى من عتمة بأنه يشترك وستة عشر آخرين في الدور الأرضي في أحد أبراج فندق مكة كورال، وشاهدت ذلك فلعل تلك الغرف هي صالات أو أمكنة شبيهة بالمخازن للفندق رصت فيها السرر جنبا إلى جنب وبالكاد تجد فسحة حتى للمرور كي تصل إلى سريرك بل ويشترك الحجاج، الذين أسكنوا هذه الغرف الشبيهة بعنابر المستشفيات أو المعسكرات، بحمامات قليلة مشتركة بعيدا عن مهجعهم المتواضع ولا يجد الحاج تفسيرا لهذه المعاناة التي يلقاها وهو يؤدي ركنا من أركان الإسلام إلا أنه لا يتبرم متمنيا أن يكون له الأجر والثواب، فما معنى الملصقات الكبيرة الحجم المرفوعة عند مداخل مسكن الحجاج اليمنيين «خدمة الحجاج شرف لنا» أم أننا اليمنيين مهووسون برفع الشعارات التي لا نعرف منها سوى قراءة كلماتها أما معانيها ودلالاتها أو تطبيق بعض منها فذلك لا يعنينا؟!

حجاج افترشوا ممرات مخيم اليمن بالجبل وتظهر خيام الدول الأخرى تحتهم
حجاج من وادي حضرموت معظمهم عائلات حطت بهم الطائرة في مطار صنعاء والمفترض أن تنقلهم إلى سيئون بحسب حجوزاتهم، إلا أن المبرر هو أن الوقت متأخر ولن تستطيع الطائرة المواصلة إلى سيئون! كما أكدوا لنا أن التأخير حصل في مدينة الحجاج ولم تصل الطائرة في موعدها، وبعضهم غادر صنعاء برا إلى الوادي فيما أمتعتهم بقيت في جوف الطائرة بمطار صنعاء وبقي الآخرون ليوم واحد ونقلوا جوا إلى سيئون.
هذه ملاحظات عن سفر الحجاج جوا لكنها ليست كل الملاحظات، وكما نقول في حضرموت شعبيا ملاحظات ولكنها من (رأس الكيس) أي ليس جميعها وليس من العمق، وقد تبدو عادية لأنها أضحت عادة مع كل موسم.. ربما.

مخيمات منى .. الصورة التقطت من مخيم اليمن وتؤكد الصورة ارتفاع المخيم ومشقة الصعود إليه
كما قلنا إن الحاج اليمني لا تبدأ معاناته في الأراضي المقدسة بل من أرض الوطن في المعاملة أو السفر، ولم تبدأ هذه المرة في هذا الموسم 1427هـ بحريق أصاب عمارة وخنق حجاجا، بل إن الحرقة والاختناق من كثرة معاناته في المواصلات والسكن ونسبة كبيرة من الإهمال مقارنة بحجاج البلدان والدول الأخرى، ويمكن سؤال كل حاج يمني وستجدون الإجابة عنده مصحوبة بالتندر على وضعه والإشادة بأوضاع الحجاج من الدول الأفريقية والآسيوية كدولتي الصومال وإفغانستان على الرغم من ظروفهما إلا أن مستوى الأداء لخدمة حجيجهم عالية ولا تعليق، وعندما كنت وزميلاي نستعرض ما يتعرض له الحجاج اليمنيون ووصلنا إلى اليمنية قال الزميل مصطفى إنه تحادث ووزير الأوقاف حول ذلك وأجابه بأن مسائل الحجز والتأخير من الطيران يبلغ بها رئيس مجلس إدارة اليمنية ورئيس الحكومة أيضا، إلا أننا كحجاج وصحفيين يبدو أننا أثرنا حفيظة أحد مسئولي وزارة الأوقاف في بعثة الحج إذ تجمع حولنا حجاج يمنيون عقب أداء المناسك في بهو فندق مكة كورال لنسجل شكاواهم وملاحظاتهم فإذا بذلك المسؤول يحاول انتزاع دفتر الملاحظات، مما أثار الحجاج وبلغ ذلك مسامع وزير الأوقاف الموجود بمكة ومسؤولي البعثة وتم التواصل معنا واعتذر ذلك المسؤول لنا وحصل خير، وفي منى لا ندري كيف اختير لحجاج اليمن أن يكونوا في أعلى قمة الجبل حيث نصبت خيام المخيم لكفل أفواج وزارة الأوقاف والوكالات وفي معظم الخيام لن تجد موطئ قدم إذ رصت (الفُرُش) وتلاصقت حتى أن حجاجا رقدوا تحت الأقدام وآخرين افترشوا الممرات ما بين الخيام مواجهة للرياح والبرد القارس .
الحجاج يصعدون للتلبية والدعاء على جبل عرفة، وتم تصعيد الحجاج للسكن في منى حتى أن تعليقات الحجاج تقول إن حجاج اليمن مميزون لذلك اختير لهم أعلى الجبل، وقد يكون التميز في المشهد الذي تراه من علو، فالخيام البيضاء لملايين الحجاج من الدول الأخرى تبدو لوحة جميلة ودلالة على عظمة ديننا وقوته ومساواته، هذا في رأيي الشخصي أهم ما يميز المخيم اليمني الذي يشرف على مخيمات مسلمي العالم، أما القدوم إليه فيستلزمك الصعود (حتى ينقطع نفسك) وبداخل المخيم تجد معظم ما ترغب به خصوصا الطعام وإن كان هنا أكثر غلاءً فعلبة التونة (الغويزي) وصل سعرها إلى ما بين 8-10 ريالات سعودية ورشفة الشاي بريال وأحيانا تصل إلى ريالين، وبدون نقل فإن الصعود إلى المخيم راجلا يفرض عليك التوقف للراحة عدة مرات، كما أن الموقع يبعد كثيرا عن الجمرات بل ربما لا تصدق أن خياما تم تأجيرها مقابل مبلغ من المال لحجاج يمنيين وغير يمنيين مما أدى بآخرين يفترض أن يكونوا فيها إلى البحث عن موقع لهم، والازدحام لا ينقطع عند دورات المياه، لذلك فالصعود في كل شيء بمخيم اليمن في منى، الأسعار والخدمات الأخرى.. فيما بعض الوكالات وفرت مواصلات وخدمات متميزة لحجاجها. وتميزت وزارة الأوقاف بوعاظها ومرشديها وخطبائها بإقامة كثير من المحاضرات وحلقات الوعظ بين الخيام وحيثما توفرت المساحات الصغيرة، ويحضر هذه المحاضرات إضافة لليمنيين عدد من حجاج دول أخرى وهذه ميزة حسنة لمخيمنا. في عدد لاحق نسطر ملاحظات أخرى (الحلقة الأخيرة) .. وربنا يتقبل.