يرامس تستغيث:هل من وقفة لإعادة الأيام الخوالي؟

> «الأيام» فضل الشبيبي:

>
منطقة آثار في قمة جبل
منطقة آثار في قمة جبل
تمر الأيام والسنون وثمة أحزان لاتجد من يطيبها ببلسم يريح ويزرع أملا لحياة جديدة مفعمة بأجمل الأماني والسفر إلى دروب الاطمئنان والحياة الكريمة. من حق كل أبناء هذا الوطن أن ينعموا بمنجزات الثورة والوحدة ذلك حق كفله الدستور والقانون ولكن أن تمر أكثر من أربعة عقود من عمر هذه الثورة وثمة مناطق مهملة ومنسية ومتروكة لعوامل التعرية لتعمل فيها ما تشاء فتلك ورب الكعبة مأساة حقيقية، الناس في بلادنا كما تعلمون طيبون ومتسامحون وقد أثنى عليهم الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال: أهل اليمن أرق قلوبا وألين أفئدة. نعترف أن هناك مناطق في محافظة أبين تعاني نقصاً في الخدمات الأساسية ونعترف أن هناك إنجازات في مختلف ميادين الحياة تلك حقيقية علينا الاعتراف بها ولكن بالمقابل هناك مناطق مازالت تعيش في ظروف هي غاية في التعقيد برغم توفر كل مقومات الحياة فيها من أرض خصبة ومياه عذبة وغيرها من المقومات الأساسية.. ومن ضمن تلك المناطق منطقة يرامس التي تعد من أخصب المناطق الزراعية بدلتا أبين وتشتهر بزراعة القطن طويل التيلة والكثير من المحاصيل الزراعية المهمة وخصوصا الحبوب والسمسم والموز والخضار والفواكه وتتميز بمحميات طبيعية ساحرة ويشتغل أهلها بالاضافة الى الزراعة بتربية الثروة الحيوانية وعسل النحل وتتميز ايضا بهوائها المنعش ومائها العذب ويتميز أهلها بالطيبة والكرم والمرح وحب الشعر ونبغ العديد من أبنائها في هذا المضمار ولهم صولات وجولات كل محافظة أبين سمعت ومازالت تسمع بها واليوم العديد من أبنائها يشغلون مراكز علمية رفيعة بسبب حبهم للعلم وسعيهم خلفه لكن للاسف كل تلك المقومات لم تغفر لأبناء هذه المنطقة الطيبة لكي يعيشوا حياتهم الهانئة والمستقرة.

الفضل بعد الله للشيخ محمد
الفضل في هذا الاستطلاع بعد الله للشيخ الشاب محمد بن حسين الفضلي رئيس جمعية وادي حسان للخدمات والتسويق التعاوني الذي سهل مهمة نزولنا الى منطقة يرامس والشيخ محمد يمتلك رؤية اقتصادية ثاقبة في أمور الحياة ومنها الزراعة وأجمل ما في هذا الشيخ انه ينظر الى المستقبل ولا يقف أمام الماضي الحزين بكل تجلياته الذي عاشته المنطقة والجنوب جراء الصراعات السياسية ويرى ان السمو على الجراح والتوحد وضم الصفوف والعمل معا هي الانطلاقة الحقيقية لتحقيق الازدهار والنماء. ويقول الشيخ محمد عن جمعية وادي حسان: «في البدء أود أن أعبر عن شكري وتقديري لصحيفة«الأيام» التي دائما ما تتحفنا بروائعها ونقلها لهموم ومعاناة المواطن اليمني في كل مكان أما الحديث عن هذه المنطقة المحرومة من أبسط مقومات العيش فنقول : تقع منطقة يرامس في أعلى وادي حسان (أحد الاودية الرئيسية بمحافظة أبين) وترتفع عن مستوى سطح البحر بـ 500 متر تقريبا وكانت يرامس وراء الشهرة العالمية لقطن دلتا أبين الذي يسمى بقطن (أبين بورد) حيث وصلت انتاجيته في أوج ازدهاره الى مليون ونصف مليون رطل سنويا في نهاية الخمسينات من القرن الماضي وكان اجمالي المساحات المخصصة لزراعته من ألف الى ألف ومئتي فدان. وقد جرى تأسيس أول جمعية في المنطقة في فبراير 1957م بتوجيه من السلطنة الفضلية .

وتراكمت أرصدتها المالية بفعل استثنائها من سياسة تسعيرة القطن المعمول بها في دلتا أبين حينها وكان يتم شراء القطن من مزارعي الدلتا بالاسعار المحلية بينما يتم شراء قطن يرامس بالعملة الصعبة وقد ازدادت المساحات المخصصة لزراعة القطن لتصل الى أربعة آلاف وخمسمائة فدان وخلال الخمس والعشرين السنة الماضية تعرضت المنطقة للانجراف المستمر للاراضي الزاعية بسبب السيول وعدم اهتمام السلطات بتقديم الدعم الفني وتشييد المنشآت والدفاعات للحفاظ على المساحات الزراعية مما أدى الى تقلصها وبالتالي أدى إلى هجرة التجمعات السكانية الى المدينة».

الشحه في المياه
الشحه في المياه
يرامس عطشى
يواصل الشيخ محمد حديثه عن افتقار المنطقة لمياه الشرب فيقول : «توجد في المنطقة أرض خصبة بحاجة الى دفاعات ومداخل قنوات وبحاجة الى طرق لتربط الفرع بالأصل حيث ان وادي يرامس تتلاطمه الرياح العاتية وإلى متى وجارته شقرة تتلاطمها الامواج وإلى متى..؟ توجيهات قيادتنا السياسية الاهتمام بالزراعة، اليوم في يرامس نظام الري الحديث قامت به الجمعية من جهودها الشخصية حيث ان الري الحديث أفضل الوسائل في العملية الزراعية من خلال الترشيد الامثل للمياه تواكب تقنيات العصر الحديث في القطاع الزراعي.

هذا النظام الحديث سيتعرض الى الانجراف اذا لم تواكبه دفاعات تحميه وتهذيب الوادي من أعلاه وليس من أسفله، هذا السؤال نطرحه على اخواننا في السلطة المحلية بمديرية خنفر لأننا نحن رادفهم الاقتصادي.

وبالنسبة للمياه يوجد في منطقة يرامس موقع جمعية وادي حسان المشروع السابق الذاهب الى الشقيقة شقرة المحرومة.

يرامس مرتبطة تاريخيا وأسريا بيرامس (أبناء شقرة أساتذة لأبناء يرامس) وما أشبه الليلة بالبارحة.. يوجد في مقر الجمعية خزانان والثالث على بعد أربعة كيلو من منطقة شقرة كل ما تحتاجه هو عملية الربط لمشاريع المياه لأن الأهم في الموضوع هو وجود مصدر المياه والخزانات وكل هذا متوفر لم تقم الجمعية به بل قامت به الدولة والجمعية قامت بإعادة تأهيله وأصبح جاهزا..وإلى متى الانتظار اذا لم يكن الآن فمتى وإذا لم نكن نحن فمن ؟

جمعية وادي حسان تسعى إلى إحراز تقدم في توسيع زراعة القطن واستصلاح بعض المساحات التي تعرضت للجرف حيث تبلغ المساحات المزروعة حاليا من القطن طويل التيلة 275 فدانا .. التنسيق مع السلطة المحلية لتقديم الدعم والدراسات الفنية واقامة المنشآت الزراعية للحفاظ على ما تبقى من الاراضي والاهتمام بالثروة الحيوانية والحفاظ على المراعي وتوعية السكان وتشجيعهم على العمل الزراعي التعاوني والتنسيق مع الخبراء لإدخال أصناف جديدة من البذور ذات المواصفات الاقتصادية عالية الجودة والعمل على تسويق انتاج المزارعين بمختلف أنواعه».

مشاهدات
تعاني هذه المنطقة من وعورة الطريق اذ تبلغ المسافة التي يقطعها المسافرون من مدينة جعار الى يرامس ساعتين ذهابا ومثلها إيابا وشاهدنا بأم أعيننا معاناة أبناء المنطقة والتقطت كاميرا «الأيام» صورة ناطقة لتلك المعاناة اذ يحشر في السيارة مايقارب العشرين راكبا في سيارة لاندكروزر قديمة يتقاسمون عذابات الطريق من صعود وهبوط وعند تجاوزنا تلك السيارة العتيقة طلب منا ركابها نقل هذه المعاناة وقالوا بالحرف الواحد (طلعونا في «الأيام» وانقلوا معاناتنا) ونحن ننقل الصورة كما هي.. الطريق إذا تم إصلاحها وتعبيدها وسفلتتها ليست بالطويلة إذ سيبلغ طولها عند إنجازها 38 كيلومترا ولكن متى سيتحقق ذلك الامل؟

ذلك سؤال نتركه للسلطة المحلية أما معاناة المياه فهي أشد إيلاما من الطريق وللأسف ساهم بعض أبناء المنطقة في نهب معدات المشروع في حرب صيف 1994م والى اللحظة مايزال الأهالي يعانون من عدم توفر مياه الشرب بالرغم من ان المياه متوفرة على عمق 13 مترا والآبار والخزانات موجودة والأهالي يطالبون السلطة المحلية بسرعة نجدتهم.

مزارع قطن وموز
مزارع قطن وموز
قطاع التعليم
يوجد في المنطقة مدرسة الشعب الرئيسية المكونة من 12 فصلا دراسيا وبنيت في السبعينات وألحقت بالمدرسة ثلاثة فصول على حساب المشروع اليمني الالماني. ويضيف الاخ محمد عبد مدير المدرسة إن اجمالي المدرسين في المنطقة 16 مدرسا بنقص 7 مدرسين في المواد العلمية واللغة الانجليزية كما توجد مدرسة الجول ومدرسة المعر.

وبالاضافة الى تلك المعاناة فالسكان يعانون ايضا عدم توفر الكهرباء والخدمات الصحية الضرورية، معاناة في شتى المجالات وتساؤلات كثيرة ومشروعة من قبل أبناء المنطقة للنظر الى معاناتهم ووضع حلول وليس وعودا لا تسمن ولا تغني من جوع.

الناس ملوا هذه الوعود العرجاء التي جعلت بعض الاهالي ينزحون الى المناطق الحضرية بينما تظل قلوبهم معلقة بمسقط الرأس ولا يملكون الا الذكريات لتاريخ هذه المنطقة التي كانت أرض المرح والسمر والدان.

يرامس بحاجة الى وقفة حقيقية لإعادة تلك الأيام الخوالي وزرع البسمة على تلك الوجوه التي مازالت تعاني حتى اللحظة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى