لولا مواقفه لكان الفنان أيوب طارش وزيراً

> «الأيام» جلال علي بن علي الجحافي:

> الفنان أيوب طارش علم بارز في الساحة الفنية محلياً واقليمياً وعربياً ولا أحد يجهل ذلك أو يستطيع تجاهل مواقفه في الماضي والحاضر، استطاع من خلالها أن يجعل له مكانة خاصة في قلوب محبيه من أبناء هذا الوطن الذي صار الكل يهتف بنشيده (رددي أيتها الدنيا نشيدي) وغيرها من الأناشيد الوطنية التي خلدها هذا الفنان لعذوبة صوته وطراوة لحنه وحلاوة أدائه والتي ستبقى جيلا بعد جيل ولم تنته مادامت الحياة.. فمهما كثر الفنانون ومهما بلغوا درجة الشهرة إلا أن أيوب سيبقى الكنج (الملك) دون سواه، لقد استطاع هذا الفنان أن يوصل فنه إلى كل الناس الصغير والكبير والمثقف والجاهل النساء والشيوخ، غنى للحب، للزرع، للفلاح للوطن، للثورة، للأنهار والعصافير ، صوته الجميل يخترق القلوب دون استئذان ، اختياره للكلام الجميل المعبر البسيط اللحن العذب، أداؤه المشبع بالحنان الصادق، إحساسه المرهف الذي تترجمه أنامله الذهبية وتنطق به ريشته الرقيقة المتميزة المنسجمة والمتناسقة مع صوته، عندما تستمع لعزفه كأنه يهنهن بصوته لا بعزفه وهذا ما يجعلك قادراً على تمييز عود أيوب من بين آلاف الأعواد وهذا ما يجعلك تستمتع بفنه الذي لا يمل دائماً، نستمع لأغانيه وبشكل يومي وكلما استمعت إلى شريط قديم تشعر وكأنك لم تسمعه من قبل، علاوة على ذلك أكرمه الله ومنحه عزة النفس والقناعة والكبرياء رغم الظروف القاسية التي واجهها طيلة مراحل حياته وإلى يومنا هذا لكنه أبى إلا أن يكون شامخاً بشموخ حيفان، رافضاً الإغراءات المادية والانجرار وراء المكاسب المادية التي عرضت عليه مقابل أن يمدح ويمجد أشخاصا إلا أنه رفض وحافظ على موقفه المعهود وفضل الحفاظ على رصيده التاريخي وجمهوره رغم معرفته للعواقب.

وكوني أحد المعجبين المولعين بفن ومواقف هذا الفنان الكبير الذي يعتبر مدرسة وقدوة لكل الفنانين، فقد عشقت فنه منذ الصغر وكانت أمنيتي أن أراه وجهاً لوجه أو أقابله طيلة (30) عاماً من عمري إلى أن تحققت هذه الأمنية في الذكرى العاشرة لعيد الوحدة اليمنية.

وعندما جمعنا حفل فني ساهر في مدينة الضالع برعاية الأستاذ القدير الأديب صالح قاسم الجنيد الذي استضافنا في منزله في اليوم التالي وأثناء المقيل قدمت أغنيتين من تراث المحافظة نالت إعجابه وشجعني للاستمرار في هذا الطريق وفي الذكرى الحادية عشرة للوحدة كان أيوب ضمن المدعوين إلى حفل الضالع وعند قدومه من تعز بصحبة أبنائه وفي فندق النورس جلست معه حوالي ثلاث ساعات وكانت فرصة ذهبية بل حلم الجلوس معه وكما توقعت منه ذلك التواضع والذوق الرفيع/ إنه يستأهل حب الناس. لقد تبادلنا الحديث وسألته هل لديك أعمال جديده؟ أجاب بكل تواضع :نعم عندي أعمال جديدة ولكن تحتاج إلى تسجيل خارجي (في مصر) كون التسجيلات المحلية لا تناسبها.. وعندما سألته: لماذا لا تقوم بتسجيلها على حسابك ثم تبيعها؟ أجاب: الإمكانيات لا تسمح ولكن إذا وجدت جهة تتبنى تسجيلها في الخارج فإنا جاهز . بقيت أفكر وأكلم نفسي كيف الامكانيات لا تسمح.. هذا الكلام من فنان كبير مثل أيوب.. وفجأة تذكرت كلام مدير إحدى الشركات المنتجة في صنعاء ذات يوم حينما قال (لو يعطوني أعمال أيوب فقط سأضع رجل فوق رجل ولا أريد فنان سواه) نقلت هذا الكلام للاستاذ أيوب فتصوروا ماذا كان رده؟ العيش والملح ما يهون الا على أولاد الحرام. بعبارة أوضح يقصد علاقته بـ(13 يونيو) ناقشنا حول الأعمال الجديدة (المجددة) بالعود والإيقاع وتسجيل 13 يونيو التي نزلت مؤخراً وما لاحظته عليه من سلبيات رافقت عملية التسجيل والمكساج تمثلت أبرزها في جانب الايقاعات والكورس والإخراج بشكل عام.

أبديت رأيي بدون تحفظ أو مجاملة وقلت: بعد غياب دام أعواماً عن الجمهور فوجئنا بما لم نكن ننتظره وهو ما لا يتناسب مع رصيدك. اعتبر ملاحظتي في محلها وقال: أنا لا أعلم بالفنانة التي شاركتني بالكورس الا بعد نزول الكاست وهذه الدبلجة أحياناً لا تؤدي الغرض، وأشاد بالتسجيلات القديمة التي كانت تتم بحضور جميع أعضاء الفرقة الموسيقية التي كانت تمنح الفنان حيوية ونشاطاً وتحفزه لتقديم عمل جيد، ومن خلال الحديث عرفت إنه متجه إلى صنعاء بعد الحفل لمتابعة موضوع راتبه الذي عرفت بأنه موقف ولأكثر من عام تقريباً استغربت، سألت عن السبب أجاب: حصلت على ترقية وطالبت بالتسوية ولكني فوجئت بتوقيف المعاش... أما اليوم وبعد أن نشرت صحيفة «الأيام» موضوع التقاعد بالراتب الشهري 20000 ريال فإنه يتحتم القول إن تقاعد أيوب جاء بقرار ظالم، وجميعنا يعلم أن الفنان أيوب كان محارباً من أجهزة الإعلام منذ ما قبل الوحدة أو بعدها تعرض للقتل عام 1983م بعد إنزاله شريطه الجديد (صابر صبر أيوب) نقل على إثرها إلى مستشفى باصهيب العسكري في عدن وبقي هناك حتى شفي من الجراح وهذا خير شاهد، بالإضافة إلى إصابته بانحناء في العمود الفقري بعد عام 1990م، ومكث فترة طويلة يتألم وهو صابر دونما لفتة كريمة من قبل الدولة رغم أن هناك من ناشدها عبر الصحف ولكن دون جدوى، وهو أكثر ما يثير التساؤلات والحيرة.

أما توثيق أغانيه في التلفزيون فلم يتم إلا بعد أن أفسح المجال لمن هب ودب. وبشأن تكريمه فقد كان متأخراً وعليه فإننا نوجه نداءنا إلى فخامة الأخ رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح حفظه الله ونناشده بإيقاف مثل هذه الإجراءات المجحفة ومنح الفنان أيوب درجة وزير ويعاد له الاعتبار ومنحه التعويض المادي والمعنوي الذي يتناسب مع مكانته وتاريخه باعتبار تكريمه تكريماً لكل أبناء اليمن بشكل عام وللفنانين بشكل خاص.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى