في الندوة المكرسة للذكرى الرابعة لاستشهاد جارالله عمر ..الآنسي: لم يكن جارالله يصل إلى باب مغلق دون أن يجد وسيلة لفتح باب آخر من خلال الخبرة السياسية والثقافية

> «الأيام» متابعات:

>
جانب من الحضور
جانب من الحضور
ويواصل د. عبدالملك المخلافي مداخلته في الندوة قائلاً : «كان جار الله يرفض الانصياع للسائد، والسائد ليس بالضرورة فكر السلطة أو فكر التخلف فقد يكون الرأي العام، عندما تُجبر على أن تخفي قناعاتك أو تجاربها، وفي هذه النقطة بالذات أشير إلى بعض القضايا قبل 13 يناير على سبيل المثال في الوقت الذي كان فيه الصراع بين الطرفين في السلطة على أشده وفي الوقت الذي كان يمثل الدعوة إلى الحوار في الوقت كان السائد هو الشد والاستقطابات الحزبية، والمقالات الطويلة التي كتبها يدافع فيها عن الشهيد صالح مصلح بعكس ما كان سائدا في الرأي العام، ويمكن أيضا ان ندرك مبادرته بالحوار للإصلاح السياسي والورقة التي قدمها وواجه فيها ما هو سائد في الرأي العام عن داخل الحزب وبعد الوحدة وخاصة فترة الأزمة وبعدها وما كان يواجه فيها من آراء تختلف بما فيها، وبعد حرب صيف 94م وما كان سائدا، فالرجل يعتبر أن المفكر أو السياسي يجب أن يكون لديه القدرة على أن يبادر ولو كان سيصدم بالرأي العام والرأي العام المعارض سواء أكان في المجتمع أو داخل حزبه مما يبدو أنه أقرب إلى الحقيقة لأن الحقيقة في بعض الأحيان تكون خاضعة للرأي العام الحزبي والمعارض تجبر السياسي أن يتخذ موقفا معاكسا، لكنه كان يعبر دائما عن قناعاته ولو دفع ثمنا فادحا. كنت أراه يتألم بصمت في بعض الأحيان، وأتذكر أنه في أحد مقالاته في إحدى الصحف المحسوبة على المعارضة التي قيل فيها كلام آلمه (ولكني لن أغير قناعاتي)».

المشترك: تعمل المعارضة في حرم السلطة في إطار خطوط حمراء لا يجوز أن تتجاوزها

وعن ممارسته السياسية في النزوع الوطني بمعنى الدفاع عن الوطن والناس يقول المخلافي: «السياسة في اليمن تمارس بسبب تغلب الأيديولوجيا في بعض الأحزاب السياسية ولأسباب تاريخية تمارس في الوعي الوطني تمارس أيضا بالسياسة ذاتها.

جار الله عمر كان شديد الانتماء الى حزبه الاشتراكي اليمني، لكن ذلك لم يكن مقدماً للتقوقع ولكن منطلق للتفاهم مع الآخرين. وكل ما يمكن أن يقال عن الشهيد أنه رجل الحوار واللقاء مع الآخر والتسامح، فلا أتصوره خارج الانتماء عن الحزب الاشتراكي لأنه لم يكن منتميا لغيره ولا مستقلا عنه ولا وسطيا ولا محايدا لانتمائه الحزبي، على الرغم من أن كل الأحزاب تستطيع القول إنه كان قاسما مشتركا معها، وهو يؤكد أن الانتماء الصحيح هو منطلق للحوار مع الآخر وأنه من الخطأ القول إننا إذا أردنا الحوار مع الآخر قطعنا علاقاتنا الحزبية».

وأشار في حديثه إلى نقطتين أساسيتين في حواره مع الشهيد جار الله عمر قبل الوحدة قائلا: «قبل الوحدة كان رجلا داعيا للحوار بين التنظيم الوحدوي الناصري والحزب الاشتراكي اليمني، ودار حوار في عام 88م وكانت طرفا فيه وكان هو أيضا فيه، وكان في هذا الحوار نقاط كثيرة وقام هذا الحوار ولم يحسم هذه النقاط إلا جارالله عمر، وكانت النقطة الأبرز في هذا الخلاف أننا كنا نطرح أهمية أن يتضمن الحوار تأكيد الديمقراطية لليمن كلها وكان يشار في البيان أن تكون الديمقراطية فيما كان يطلق عليها الجمهورية العربية اليمنية ومنشأها أن بعض المفاهيم التي كانت سائدة في الجنوب قد حسم بشكل أو بآخر.

جار الله عمر أكد أننا إذا أردنا أن نكون ديمقراطيين علينا أن نقابل بالديمقراطية والتعددية.

وهناك موقف له في قضية قد تبدو دينية ويراها البعض شكلية حيث أصر أن يشار في البيان يكتب (بسم الله الرحمن الرحيم). وعندما كنا نصطحب اعضاء من حزب التنظيم الناصري في لقاءات معنا كان يمثل هذا التصرف في مثل ذلك الوقت استفزازا لذاتية الحزب والسلطة في الجنوب، وكان جار الله عمر يدافع عن هذا الحق مثلما كان من حيث المبدأ أو إن اختلف معنا بالرأي.

وفي موقف آخر أيضا كانت دمشق منتصف التسعينات تعج باليمنيين عقب 13 يناير، وفي ظل ما كان قائما من صراع، لكن جار الله عمر كان قادرا على أن يلتقي مع الكثير من القوى السياسية بما فيها بعض رفاقه. أما في ما بعد الوحدة فيمكن تسجيل نقاط كثيرة لكني أشير إلى مسالة مهمة وهي ذلك التباين الذي حدث داخل إطار مجلس التنسيق العالمي للمعارضة حول مسألة اللقاء المشترك مع التجمع اليمني للإصلاح قبيل انتخابات عام 96م، وكان الرجل صاحب رؤية واجه فيها كل الآراء، وفي الوقت الذي كانت فيه أحزاب المجلس تلتقي لطرح رؤاها كأحزاب كان جارالله عمر يطرح رؤيته كمفكر أكثر منه حزبي ويقول إن المستقبل أن نعترف بالآخر وأن نتعايش وأن نجعل من الديمقراطية وسيلة حياة وأن نصنع التواجد في المجتمع فيما بين السلطة والمعارضة لأن فكرة معارضة قوية قادرة على المبادرة على الحوار هي التي ستصنع الديمقراطية».

< كما سلط الضوء على بعض ملامح وصفات التعامل والقدرة الكبيرة في استيعاب الدور السياسي لجار الله عمر في نزع الفتيل المتوتر للوطن، الأخ عبدالوهاب الآنسي، الأمين العام المساعد للتجمع اليمني للاصلاح قائلا: «جار الله عمر واكب أحداث اليمن قبل وبعد الوحدة بشكل تفصيلي ونشط وكان تأثيره واضحا في سير تلك الأحداث ومن الصفات التي كان يتميز بها هي الجهد الذي كان يبذله للتعرف على ما يريده الآخر، فهو يعرف ما يريده هو ولكنه يريد وضوحا أكثر لما يريده الآخر، وهذا ما جعله يكسب المهارات مع التراكم في الخبرة وهذا يسهل عليه أن يصل إلى أمور مشتركة ويركز عليها وينميها حتى ولو كانت هذه الأمور لا تلبي الطموح الذي يريده هو، لكنه كان يحرص على أي شيء يحققه مشتركا بين الفرقاء في الحوار. وكان عنده خبرة كيف يولي ظهره للماضي وكيف يستفيد منه في صنع المستقبل ، وكان يؤمن أنه عن طريق الحوار يمكن أن توجد مناخات إيجابية تحل اصعب القضايا التي يمكن ان تعترض سير العمل السياسي في هذا البلد، وكانت متضحة لديه قضية التوازن وكان يجعله هدفا من الأهداف الرئيسة للحوار لأنه يؤمن أنه في ظل التوازن ينتهي طغيان أحد على أحد ويوجد فرصة لأن يعبر كل من الفرقاء عما يريد بحرية دون أن يكون هناك شعور بضغط خارج الحوار. وكان مثابرا ويصر على السير في الطريق حتى ولو لم يحقق من هذا السير الشيء البسيط، لأنه كان عنده إيمان بقوله (فلنخطُ خطوة واحدة للأمام لأنه ليس أمامنا خيار أن نقف، وإذا لم نخطوها إلى الأمام ليس أمامنا إلا أن نخطو خطوة إلى الخلف)، وكانت عنده قدرة واضحة إذا أُغلق أمامه باب على إيجاد أبواب أخرى من خلال الخبرة الثقافية والتاريخية فلا يمكن أن يصل الى باب مغلق دون أن يجد وسيلة لفتح باب آخر ليصل إلى ما يريد من خلاله.

وكانت ثقافته الواسعة والمتنوعة العربية والإسلامية قد أتاحت له الفرصة أن يتميز بكل ذلك، وكان يروض من يتعامل معه حتى ولو كان مسؤولاً كبيرا أن يقول رأيه بشجاعة.. يمكن أن يتأذى بعض الناس من هذه الشجاعة ولكن مع استمرارية التعامل معه كانوا يكتشفون أن وراء هذه الشجاعة خلفية بريئة صادقة، وليست لمجرد التعالي على الآخر، وتصبح هذه الشجاعة محبذة إلى من يتعامل معه، فعندما يدلي برأيه تشعر أنه يبذل جهدا قبل أن يقولها ، والرأي الذي يطرحه له خلفية غير تلقائية ناتجة من الخبرة لكنه يبذل جهدا في الشيء الذي يريد أن يتحدث عنه في التعرف على الزوايا المختلفة ليأتي هذا الرأي إلى حد كبير غير اعتباطي وفي كل موقف لاحق تشعر أنه كان أفضل من الموقف السابق ولم يؤثر عليه كبر السن، وتشعر أن جار الله عمر لا يزال في طور النمو الفكري المستمر».

لا حوار فيما يحدث في صعدة

< وطرح د.ياسين سعيد نعمان، الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني فكرة أن تعمل المعارضة في حرم السلطة وقال: «أراد النظام السياسي أن يتعامل مع المعارضة كمستشار وليس كطرف في الحوار. والمعارضة تعمل في حرم السلطة في إطار خطوط حمراء لا يجوز أن تتجاوزها. وإذا قبلت المعارضة أن تستمر بهذا الوضع عليها ان تنتظر صدور قرار جمهوري يسميها مستشارا لرئاسة الجمهورية».

وأضاف: « تجربتنا مع المؤتمر تقول إن المؤتمر لا يريدنا أن نتحاور، ولكن يريدنا أن نتفاوض حول قضايا محددة (تعالوا أنا أريد أن أعدل الدستور في الاتجاه التالي ما الذي تريدونه يا معارضة؟) ليس هذا ما يحتاجه البلد والمجتمع. نحتاج أن نتحاور فيما يحدث في صعدة وحول غياب مشروع وطني لكي نحمل الوحدة الوطنية على قاعدة مشروع وطني وليس على رعاية قوة، فالقوة فشلت في أكثر من مكان في أن تحقق وحدة وطنية».

الحزب الحاكم: هل نظل نترحم على الماضي ونتجاهل ما نحن قادمون عليه في المستقبل؟

وطرح د.ياسين تساؤلات عن ماهية قيمة هذا الحوار السياسي : «نحن في اليمن من أكثر خلق الله حديثا عن الحوار وقد يكون بسبب ما عشناه وعانيناه من ظروف الإلغاء ونحن الآن نتحاور، والإقصاء خلال السنوات الماضية والتجارب السياسية المختلفة جعلت الحوار في وعينا قيمة سياسية وأخلاقية وثقافية وفكرية، لكننا لم نستطع أن نحمل هذه القيمة في حياتنا حتى تحقق».

الأحزاب السياسية تخجل من نجاح دبي

< وبدأ الأخ محمد علي أبولحوم عضو اللجنة العامة بالمؤتمر الشعبي العام حديثه متسائلاً: «اليوم نحن أمام منعطف جديد.. هل نظل نترحم على الماضي ونتجاهل مانحن قادمون عليه في المستقبل؟». ومضى يقول: «في نهاية المطاف لا يمكن للوطن إلا أن ينهض بكافة القوى السياسية بالعقلية المنفتحة، وأنتم شاهدتم قبل فترة الندوة التي أقيمت من قبل حكام دبي ومجالات التنمية التي حقتتها دبي. للأسف الشديد أن الإنسان يخجل حتى أن يشاهد هذه الإنجازات لأننا حرمنا مثل هذه الإنجازات، لأننا غصنا في المماحكات السياسية وألهينا انفسنا عن قضية التنمية، وعندما تأتي اليوم لتشاهد دخل الفرد في هذه المجتمعات ودخل الفرد في اليمن تجده شيئا مخجلا لنا كقوى سياسية وكأحزاب اليوم. من الشروط السياسية ألا نتحدث عن حرية الصحافة من عدمها لأننا قد تحدثنا بما فيه الكفاية، واليوم يقال إن دخل الفرد لدينا في اليمن يساوي 500 دولار وأنا أشكك بأن هذا الرقم ايضا عال، ونحن نريد أن يكون لدينا هدف أساسي أن يصل دخل الفرد في العام 2010م الى (1000-1500) دولار كأضعف الإيمان. من حولنا دخل الفرد في المنطقة يصل إلى (000.25 - 30.000) دولار وأعلى من ذلك، وهذه هي التنمية الحقيقية وهذا هو البناء».

وتطرق إلى دعوة الحزب الحاكم للحوار وقال: «أؤكد لكم أنها دعوة صادقة صريحة وسنتعاون ونعمل بكل ما بوسعنا لنتجاوز الكثير من الصعوبات، وحتى بعض الاخوان الذين شككوا بأن الحوار أحيل إلى الأمين العام والأمين العام سافر. اذاً المسالة فيها علامة استفهام؟ الأمين العام باجمال تعرض لنوبة قلبية وليس مخططا لها وحدث ظرف طارئ. الرجل سافر للعلاج وسوف يعود».

النظام الرئاسي يحتاج إلى كوابح

< وبدأ الأخ عبدالوهاب الآنسي، الأمين العام المساعد للتجمع اليمني للإصلاح حديثه من حيث ما انتهى ابولحوم: «نحن في اللقاء المشترك لم نسمع بهذه الدعوة إلا عن طريق أجهزة الإعلام وحتى اللحظة لم تتخذ أي خطوة في هذا الاتجاه، وأعتقد أن المفترض في هذا الموضوع ان يشعر الناس بالجدية في طرح هذا الحوار. وأعتقد أن هناك نظراً للاوضاع الموجودة التي تعيشها اليمن من زاويتين.

فالنظرة الاولى تقول إن الأوضاع في اليمن ينتابها اختلالات نقول اختلالات من باب التأدب حتى لا نستفز من لا يريد ان يسمع هذا الحديث، وإلا فهي أكثر من اختلالات.

وهناك نظرة أخرى كما قال الاخ نبيل تقول إن الأوضاع كما هي عليه الآن لا يمكن أن تكون أفضل مما هو قائم. نقول إن الحوار يعني الإقرار مسبقا بأن الوطن ليس ملكا لأحد».

وواصل حديثه عن الصعوبات التي تعترض الحوار، منها: حكم الاغلبية التي تعني نبذ الآخر وهو «تفكير موغل في عدم المنطق» وشدد على أهمية الحوار الذي يفضي الى وثيقة مشتركة وهذا حصل مع قيام الوحدة وفترة الحرب، ووجد مفهوم الحوار اليوم «تفاوضي تحكمه موازين القوى»، كما وجد تشويها عند الحزب الحاكم لطرح الشراكة بالقول «المراد لهؤلاء ان يشاركونا في الكعكة».

وشدد الاخ الآنسي على ضرورة الاصلاح السياسي وقال: « من خلال التجربة التاريخية منذ 48 كان الجميع ينطلق من أن مشكلة هذا البلد هي مشكلة الاستبداد والتفرد بالحكم الاستبدادي والنظام البرلماني الاقرب من الحكم الرئاسي. لاشك أن النظام الرئاسي له ميزات في اتخاذ القرارات في الوقت المناسب، ولكنه يحتاج إلى كوابح تتمثل في مؤسسات كابحة له وإلا سيصبح هذا النظام دماراً له وهذا واضح في أمريكا. فالرئيس الامريكي لديه طموح يريد ان يحققه، ولكن هناك مؤسسات تراقبه؛ فهو من حقه ان يتخذ قرار الحرب لكن ليس من حقه ان يقر تمويل هذه الحرب، فهذا من حق الكونجرس الذي يشكل كابحاً بجانب المؤسسات الأخرى».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى