تاريخ قريب في قصري صالة والعرضي بين النهب والانهيار ..التاريخ الحاضر في المتاحف ينبغي الحفاظ عليه لأنه صورة حية من تاريخ أمة

> «الأيام» عبدالملك الشراعي:

>
مخازن في حوش القصر انهارت أجزاء كبيرة منها
مخازن في حوش القصر انهارت أجزاء كبيرة منها
قصرا صالة والعرضي معلمان شاهدان على أسباب قيام ثورة سبتمبر. هذان المعلمان أصبحا عرضة للنهب والضياع رغم قيمتهما السياحية النادرة لمدينة تعز الحالمة، والأنكى أن يتوفى أول مدير لمتحف صالة وعليه دين أجور العمال خمسة وأربعون ألف ريال. ويقول العاملون فيه إن إهماله سببه متنفذون يريدون إسكاته وتحويله إلى مشروع مربح. فإليكم الصورة التي خرجت بها «الأيام»:

التفاصيل تختزل في ركن صغير من الدنيا هو متحف، ولكن ما مصير الأمة دون الإلمام بتفاصيل الماضي القريب؟

مخطوطات وكم هائل من الكتب لم تعرف الصيانة والمحافظة عليها بل أكلتها الفئران، وطالها العطب بسبب الإهمال، تغير لون الأثاث الخاصة ولبسها الغبار، جدران انتفخت وأخشاب نخرتها الأرضة التي بنت لها مدناً وأنفاقاً، بعض الإسمنت انهار بفعل الرطوبة ونزول الماء من على الجدران، غرف دمرت وكل ما فيها من تحف ومقتنيات وملابس، ستائر تغيرت ألوانها بفعل الرياح والغبار والأمطار الواصلة عبر زجاج النوافذ المكسور دون أن تتكلف الإدارة إصلاحها!

< يتحدث (ف.ن.ل) الموظف في أحد القصرين: «قصر صالة كان ملتقى الإخوة المناضلين في الجنوب (جبهة التحرير- الجبهة القومية) واستمر على هذا الحال، واستخدم من قبل المخابرات العسكرية، ومازال يستخدم حتى الآن». واستطرد قائلا: «وقد فكر مدير المتحف السابق المرحوم (عبدالله المقحفي) بجعل هذا القصر الاثري متحفا بدلا من أن يكون مبنى لجهة ما، فكانت رؤيته أن يبدأ بإيجاد القطع الأثرية لفترة ما قبل الإسلام وبعده، بالإضافة الى الصناعات الحرفية اليمنية، وبعض المقتنيات الخاصة بالإمام (أحمد)، واستمر يؤدي خدماته الى ما قبل 98م. تحولت الأمور إلى الأسوأ، أقصد الإهمال المتعمد والمقصود لإنهاء دور هذا القصر الأثري كمتحف يؤدي دوره الثقافي في توعية الناس ويعكس ثقافة هذه المحافظة عبر العصور».

< وقال أحد الموظفين (غ.ل.ص):

«مبدأ التخريب والتكسير وعدم الترميم قائم، وإن وجدت ترميمات تكون غير علمية، وفتحت أبواب السرقات حيث سرقت مخطوطات قبل ثلاث سنوات وأغلق قصر صالة حينها، وما تزال القضية معلقة حتى الآن».

على رغم معرفة اللصوص إلا أن...
وأضاف قائلاً: «وقد حدثت سرقة في الوقت الحالي، وعلى الرغم من معرفة هوية اللصوص إلا أن هناك تواطؤا من الجهات ذات العلاقة لتغطية القضية تماماً، بينما السرقة الحالية مرتبطة بالسرقة الماضية»، وتابع: «الغرض من إهمال هذا القصر هو الاستيلاء عليه من قبل متنفذين وتحويله الى مشروع استثماري، ونحن نتساءل لماذا هذا الإهمال والإغلاق وعدم الترميم وتفريغه من المحتويات الأثرية ونقلها إلى قصر العرضي بطريقة غير علمية وكأنها بضائع تنقل منه ،ومن المسئول الأول عن كل ما يجري للآثار ومتحف تعز من إهمال وتسيب؟!»

< من ناحيته تحدث مراقب الآثار في قصر صالة الأخ محمد الشجاع، وقال: «منذ عام 72م كان الزوار يتوافدون إلى قصر العرضي بشكل مستمر سواء أكانوا مواطنين أم أجانب ليل نهار بعكس الفترة الحالية، وذلك بسبب إهمال إدارة القصر (المتحف) وعدم المتابعة على الرغم من أن الدولة تنفق على أي مشروع يقدم من قبل الإدارة. أيضاً تسليم أسود الإمام إلى حديقة التعاون بالحوبان ساعد على انقطاع الزوار».

توفي مديره الأول وعليه دين أجور عمال
ومضى يقول: «توفي المدير الأول المقحفي وعليه دين حوالي (45) ألف ريال أجور عمال وترميم، وبالنسبة لقصر صالة فبعد الثورة صار سكنا لجبهة التحرير، وبعدما خرجوا حلت مكانهم (قوات العاصفة) التابعة للواء السادس مدرع، وأُخلي القصر بعد ذلك بمتابعة حميدة من المرحوم المقحفي».

وعن الفترة التاريخية التي استعمل فيها الإمام أحمد القصر يقول: «كان قصر صالة عبارة عن استراحة للإمام وكان تحت القصر (الشذروان) وهو الآن استراحة رسمية للضيوف القادمين إلى اليمن وكذلك المسئولين».

ودعا الشجاع مسئولي المحافظة والمجالس المحلية إلى الاهتمام بالمواقع الأثرية والسياحية وتوفير الخدمات للسياح والزوار، حيث لا توجد حمامات في المواقع الأثرية ونخجل عند دخول السياح الأجانب وبالذات عندما يدفعون500 ريال نظير الدخول ولا يجدون حماما يقضون فيه حاجتهم».

المطبعة التي كان يستخدمها الإمام في طبع الرسائل والمذكرات
المطبعة التي كان يستخدمها الإمام في طبع الرسائل والمذكرات
وواصل الأخ على محمد غالب الشميري، مرشد في القصر، حديثه عن أحزان الزائر: «إن الزائر الأجنبي قبل المحلي لهذين المعلمين السياحيين يحزن لما يراه من إهمال متعمد، بل ويستغرب للحالة التي وصلت إليها هذه المعالم، مخطوطات وكم هائل من الكتب لم تعرف الصيانة والمحافظة عليها، أكلتها الفئران وطالها العطب بسبب الإهمال، وتغير لون الأثاث ولبسها الغبار، جدران انتفخت وأخشاب نخرتها الأرضة حيث بنت لها مدنا وأنفاقا، بعض الاسمنت انهار بفعل الرطوبة ونزول الماء من على الجدران، غرف دمرت وكل ما فيها من تحف ومقتنيات وملابس، ستائر تغيرت ألوانها بفعل الرياح والغبار والأمطار والسبب أن زجاج النوافذ مكسر ولم تتكلف الإدارة عناء إصلاحه»!

وأضاف: «غرف وأقسام أخرى أغلقت وأسدل الستار عليها بما فيها من معروضات والسبب هو إما ثقب بالقمريات ودخول بعض الطيور مثل الحمام الذي عشش فيها وتكاثر والبركة في ثقوب القمريات وزجاج النوافذ».

وقال: «انهار سقف إحدى الغرف مما تسبب بإتلاف محتوياتها، وكان يمكن تلافي ذلك بكيس من الاسمنت ولكنه الإهمال.. نصف واجهة المبنى كما ترون آيلة للسقوط إذا لم يتدارك المشكلة بأسرع وقت، خاصة في موسم الأمطار. هذا سوف يتسبب بكارثة لا سمح الله. هذا الإهمال ملموس لكل زائر لهذه المعالم وعندما يشكو الزائرون للمسئولين عن هذا الإهمال لا يجدون آذانا صاغية.

واختتم الشميري حديثه: «كيف نثبت ذلك التناقض للأجيال، والتي قامت على اثرها الثورة المباركة ونحن نرى هذه المعالم تتلاشى أمام أعيننا دون أن نعي أنه بفعلنا هذا سوف نطمس أهم شاهد على تلك الفترة».

< وختاما تحدث الينا الحاج يحيى ضبيان، حارس قصر العرضي بقوله: «كان للإمام ثلاثة قضور في تعز: قصر ناصر، قصر العرضي، قصر صالة، وتم الاستحواذ على مخزن السلاح المسمى بـ(الدباية) بجوار قصر صالة من قبل أحد المسؤولين، وبالنسبة للشارع أمام قصر صالة فهو الوحيد آنذاك المؤدي الى عدن .. فأين هذه الطريق الآن؟ لقد تخربت وانتهت!».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى