عدن في شعر دان الدحيف

> «الأيام» سعيد محمود بايونس:

> ليست عدن بالنسبة للشقريين قطعة أرض لها حدودها الجغرافية، ولكنها قطعة وجدانية سكنت قلوبهم وقبلة يؤمونها كلما هوت أفئدتهم إليها، أحبوها وأحبوا أهلها، هذا ما تقوله ألسنتهم حين يتسامرون فلهم في عدن ذكريات جميلة لأنها موطنهم الذي يستأنسون به فهم يعرفونها جيدا لأنهم يلجؤون إليها من جهتين: البر والبحر، وهم يرونها أجمل من البحر لأن وجه عدن البحري كما يقولون فيه من المعاني والعبر الشيء الكثير، يأخذون منه دروسا في الصبر والشموخ والعطاء، فهم حين يقبلون على عدن بحراً تمتلئ نفوسهم بهذه القيم الصادقة.

وشعر دان الدحيف هو سجل حياتهم اليومية، وديدنهم الذي يبثونه كل همومهم، ولأن عدن حاضرة في نفوس أبناء شقرة فقد عبروا عن حبهم لهذه المدينة الوجدانية بمساجلات كثيرة يستعصي حصرها في هذه الإطلالة، لقد قالوا عن عدن الكثير، منهم من تمنى العيش فيها لأنه لا يقوى على فراقها كما يقول الشاعر صالح خليل:

ريتني ياعدن نا فيش ساكن وحال

من جيز حلاّل دي فيها من أول دويله

ماعاد بالمال قد الأرض لي راس مال

أعيش رحال في بندرعدن والطويله

عدن ياعدن يادي تربي الجيال

ذا جيل في جيل وانتي ياعدن يا الجميله

أحبوا هواءها العليل كما يقول الشاعر محمد سعيد الخدش:

وآخر عدن جاء النون أيش ذا النسيم

هزت من البحر نسمات الهواء العليله

لم ينسوا جمال عدن، فهذا الشاعر عبدالله علسه يجعل عدن نموذجا في الجمال حين أراد التغزل بمحبوبته:

لا في المعلا ولا في الشيخ أو في العريش

ماشفت مثلك وباهين الذي با يهينك

حالة العشق هذه لعدن عند أبناء شقرة ليست حديثة عهد بل قديمة يدل عليها كل الشعر القديم المدون لدينا في جمعية شقرة الثقافية الاجتماعية وأشهر بيت تتناقله الألسن قول الشاعر محمد علي بوجنية:

دخلنا عدن من شان فوطة حرير

لكنه التاجر البهري مغلي حريره

ومهما بلغ الشعراء في حب عدن لن يبلغوا المكانة التي بلغها عميد شعراء الدحيف أبوبكر باسحيم فقد كان عاشقا هائما في حب هذه المدينة حتى أصبحت تحتل مساحة كبيرة من شعره فنراه في بعض مساجلاته يبتدئ بالتحية قائلا:

حيا عدن والشيخ زين الوصوف

حيا المعلا وحيا أرضها والحلال

لقد تمكن هذا الحب من قلب الشاعر فجعله يرى عدن مثلا يقاس عليه كثير من الأشياء التي يحبها كقوله:

يا سلامي المعطر خص وإن با تعم

قدامك الناس وانته شل ذي تستخيره

وأوبه تفوت البيت وابن الحكم

دي أنا أبصره مثلما حيد المعلا وصيره

وترتفع درجة الحب عند الباسحيم إلى البث والشكوى فحينما يجور الزمن عليه وتنتابه الهموم لا يجد إلا عدن مستودعا لسره وصدرا حانيا لهمه، كقوله:

لمن باشتكي حالي وسري لمن

يمين بالله ما اتنازل شبر عن سؤالي

وباسايرك ياذا الزمان العفن

إما أنا بدِّلك وإلا تحصل بدالي

ألا ياجبل شمسان مولى عدن

رعهم من الرعي والوده يردوا جمالي

ومن شغفهم بهذه المدينة أن الشاعر إيهاب باضاوي لم ينس عدن وهو يلقي قصيدته في العاصمة صنعاء:

سلامي على صنعاء وبندر عدن

وعلى اليمن كلها دولة قبائل وساده

إن عدن رمز له قيمته الدلالية المتجذرة في نفوس محبيها وهذه السطوة العاطفية لها أسبابها التي لانعرف إلا الظاهرة منها وأبرزها طيبة أهلها، ولكن يظل سبب ولع وشغف الناس بعدن كالهواء تحسه ولا تراه.

رئيس جمعية شقرة الثقافية الاجتماعية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى