أيــام الأيــام .. السطو على الأراضي وتأميم المساكن وجهان مختلفان لعملة واحدة

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
صدر قانون تأميم المساكن عام 1972م وكان حجر عثرة في وجه التنمية وأحد الأسباب الرئيسة التي حالت دون قدوم الاستثمار إلى البلاد لأكثر من عقدين من الزمن، ويعتبر من الأخطاء السياسية والاقتصادية الجسيمة التي ارتكبها الحزب الأشتراكي اليمني خلال فترة حكمه. وفي هذا الصدد نذكر أنه عند صدور القانون ظهر على شاشة التلفزيون أحد المسؤولين في الحزب يشرح قانون التأميم وكان يرد مباشرة عبر الهاتف على الأسئلة المطروحة حوله، وقد سأل أحد المواطنين «ماهو حال وضعي فقد أخذت من البنك قرضاً وبنيت منزلاً من طابقين أسكن مع أسرتي في أحدهما وقمت بتأجير الآخر لتسديد قسط القرض للبنك؟» وكان رد المسؤول عليه «لقد أصبح الطابق المؤجر مؤمماً وآلت ملكيته للدولة، أما القرض فهو أمر شخصي بينك وبين البنك وعليك تسديده»، وعند سماع هذا المواطن رد المسؤول أصيب بنوبة وشلل فكان المسكين يعتمد في معيشته على مرتبه ويدفع أقساط البنك من الإيجار.

وبتحقيق الوحدة عام 1990 تعشم ملاك المساكن المؤممة بعدن أن تحل الدولة مشكلتهم إلا إنها لم تتخذ أي إجراء عادل في هذا الشأن، علماً بأن هناك تجربة ناجحة في حل المشكلة نفسها بعد حرب 1994م في محافظة حضرموت تمثلت في التعاون التام بين عقلاء حضرموت والسلطة المحلية وبمباركة من القيادة السياسية حيث تم الاتفاق بين السلطة وملاك المساكن في المحافظة على ما يلي:(أ) تثبيت حق ملكية المساكن لأصحابها الحقيقيين. (ب) إعطاء الحق للساكنين غير المالكين البقاء في المساكن لفترة لا تزيد عن خمس سنوات بدءاً من تاريخ الاتفاق. (جـ) يمنح الساكنون قطعتي أرض حتى يتمكنوا من بيع إحداهما وبناء مسكن في الأخرى.(د) يلزم الساكنون بتسليم المساكن إلى أصحابها عند انتهائهم من بناء مساكنهم أو في حالة انتهاء الفترة المحددة.

ومن العوامل المساعدة في إنجاح التجربة تكاتف الناس بالمحافظة بوجه عام ودور رجال الدين في النصح والتسامح بوجه خاص. وكان يمكن حينها الاستفادة من تلك التجربة في حل المشكلة نفسها بمحافظة عدن واستخدام أراضيها المتاحة والواقعة في مناطق استراتيجية كتعويض لملاك المساكن، إلا أن السلطة كأن لديها قراراً مسبقاً بإبقاء هذا الوضعية على حالها نكاية بالحزب الأشتراكي اليمني ولتصفية حسابات معه يراد لها أن تبقى معلقة وتظل وصمة عار ثابتة عليه يمكن للسلطة استخدامها في أغراض سياسية وانتخابية وفي مناسبات مختلفة. ولكن مثل هذه الأمور أو غيرها لا تعفي السلطة من تحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين الملاك، فهي التي كانت ومازالت تمتلك حق اتخاذ القرار وعليها إيجاد الحلول المناسبة وبصورة عاجلة، وإن أي تسويف في هذه القضية يعتبر من وجهة نظرنا إخفاقاً متعمداً أو مقصوداً يضر بمصالح البلاد والعباد.

وفي ظل الأوضاع الراهنة للأراضي في محافظة عدن حيث تم العبث بها عن طريق السطو أو توزيع مساحات كبيرة منها على المتنفذين في المواقع المهمة على الشواطئ وفي المعسكرات وحتى في ساحات المدارس ورياض الأطفال والحدائق العامة، وبالرغم من كل ذلك فإننا نعتقد أنه -بوجود الإرادة والنوايا الصادقة - أن المتاح من الأراضي حالياً في معسكرات طارق والنصر و20 يونيو بكريتر وبدر وجبل حديد ومناطق واسعة في الحسوة ومدينة الشعب والبريقة إضافة إلى مؤسسة النقل البري ومصنع الغزل والنسيج إذا كانت هناك ضرورة اقتصادية لخصخصتهما مع مراعاة حل مشاكل العمال فيهما حلاً عادلاً ومجزياً، هذه المساحات الواسعة يمكن استخدامها كمصدر أساسي في حل المشكلة. وفي رأينا المتواضع أنه من ضمن الحلول الممكنة أن يقسم الملاك إلى قسمين أولهما ملاك العمارات وهؤلاء يتم تعويضهم تعويضاً عادلاً بأراض أو بأراض ومبالغ مالية، وثانيهما ملاك المباني الصغيرة الأقل من ثلاثة طوابق ويتم في هذه الحالة إعادة المباني كاملة لهم مع تعويض مالي، ويمنح الساكنون أراضي تمكنهم من شراء أو بناء مساكن لهم، أو أن تقوم الدولة ببناء مساكن لهم.. ومن المؤكد أن لدى جمعية ملاك المساكن المؤممة بعدن بدائل عدة للحل، وما يهمنا ألا تظل هذه المشكلة معلقة إلى ما لا نهاية. والمشكلة الوطنية أن التأميم بكل نتائجه السلبية تم بقانون في حين أن السطو على الأراضي يتم من دون قانون.

وختاماً فإن تأميم المساكن والسطو على الأراضي هما ظلمان ووجهان مختلفان ولكنهما لعملة واحدة تؤدي إلى توقف عملية التنمية وإلى عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. والظلم أياً كانت طبيعته، قانوني أو غير قانوني فهو حرام حرام حرام.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى