الجماهير

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
كنا على عتبة أن نصطف اصطفافا وطنيا آخر، بل كان خليقاً بنا أن نقف في مواجهة التحديات بأنفاس لا تتهدج بعد الانتخابات الأخيرة، وإنما بشحنة جديدة من الطاقة والإصرار والعزيمة، مستفيدين من كل ذلك الزخم الجماهيري الذي أفرزته الانتخابات.. والإقرار هنا - مقرونا بمزايا الفخر- أن درجة الغليان السياسي لم تصل - ونتمنى أن لا تصل يوما - إلى درجة التبخر، وأن هناك شيئا حكيما يجعلنا نصل إلى التراضي قبل لحظة التبخر أو حتى على حافة الهاوية. وأن شعرة معاوية، وهي أرهف من حد السكين، تشدنا جميعا إلى معادلة التسامح المتبادل واعترافنا بعضنا بعضا، وأن قدرنا أن نشد الشعرة أو نرخيها، وفي الحالتين تكتمل المعادلة السياسية بنا، ونظهر على حقيقتنا دون سوءة، وكما ينبغي، لا غالب في شأن السياسة كما هو في شأنها لا مهزوم، وتكون الواشجة أخلاقاً في السياسة وسياسة بالأخلاق (الحميدة طبعا) ومن ثم {نميرُ أهلنا ونحفظ أخانا ونزدادُ كيلَ بعير}.

نعترف الآن بأحقية الجماهير في كل ما يأتلق صناعة وطنية لا تضاهيها صناعة المعلبات اليمنية الأقدر على صناعة الموت فينا.

وكانت الثورة فعلا إنسانيا عظيما للتغيير ، وكان الاستقلال الوطني، وكانت الوحدة والديمقراطية، ثم لا نستطيع إلا أن نرفع القبعات لهذه الجماهير التي اجترحت صنع انتخابات حرة بقدر كبير من الانضباط والحماسة والشفافية، رغم سيوف الفساد والغلاء والرشوة والروتين والتهريب والسمسرة والاستحواذ على الأراضي والنهب المنظم...إلخ وكل صناع هذه المثالب، هذه المساوئ في حياتنا يقولون، وما فتئوا يقولون: نفسي .. نفسي ومن بعدي الطوفان، وليذهب الجميع الوطن والمواطن إلى الجحيم.

إنها إرادة الجماهير التي لا نقدرها حق قدرها، وقد كانت الأقدر على المبادرة والعمل في حين تتخلف الأحزاب والمنظمات وأسطورة الدولة اللا دولة، وتظهر السوءة عارية من دون ورقة توت.

لقد أعطت الجماهير الشرعية لمن يستحقها بإدراك ووعي تامين رغم القسمة الضيزى التي تأخذها إلى القاع والفاقة والأحزمة التي تُشدُّ على البطون واستحواذ قلة على خيرات الأرض وعرق الإنسان دون وجه حق، وكان بالإمكان أن لا نبرح لحظتنا التاريخية بعد الانتخابات إلا وقد أخذتنا الإرادة السياسية إلى منابت أخرى وناشئة تكوينية جديدة في أفق السياسة والديمقراطية، تضعنا في قلب المهام التي تأجلت في يمننا أربعين عاما وأكثر، بقوة نشحذها من هدير الحق الجماهيري، ذاك الذي سمعناه في العشرين من سبتمبر الماضي. وعندها سوف نغادر مرابض البؤس والاحتقان الداخلي وكل ما يؤرق الإنسان ويشوه صفاء السماء وجمال الأرض، وسوف نقول بملء الفم: إنها إرادتنا، إرادة الشعب التي تنتصر وستنتصر دوما رغم الانتظار الطويل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى