مدارسنا ووضع التعليم فيها .. آراءمختلفة وأسباب مشتركة وحلول تحتاج إلى تفعيل

> «الأيام» كفى الهاشلي:

>
طلاب ثانوية الفقيد ناصر لوتاه
طلاب ثانوية الفقيد ناصر لوتاه
عندما ترن أجراس نهاية العطلة المدرسية، يتهافت الطلاب على مدارسهم وتبدو فرحة التعليم والرغبة في الذهاب إلى المدرسة مؤشرا جيدا على بدء عام جديد، لكنها سرعان ما تنتهي ويتكرر سيناريو كل عام ويبدأ التلاميذ والمعلمون في موال كل عام، فماذا يحدث في مدارسنا؟ وماهي أسباب ذلك ؟ وماهي الحلول المطروحة من الجميع؟

«الأيام» تسلط الضوء على مشاكل التعليم في عدن وتبدؤها من مدرسة الفقيد ناصر لوتاه لتعبر عن جزء من واقع مرير على هذه الصفحة.

كانت محطتنا هذه المدرسة الثانوية التي يجلس العشرات من طلابها في أبنية المخطط الجديد ليتبادلوا الحديث والبعض يعود إلى منزله بعد المسافة التي قطعها للمدرسة. اقتربنا منهم لنجد أن بعضهم من طلاب المستويين الأول والثاني ومعظمهم من الثالث.

< سألناهم لماذا تجلسون هنا؟

تهافت الشباب ليقولوا: نحن متأخرون عن الدوام وتم إغلاق الباب دون مراعاة بُعد مساكننا والمسافة التي نقطعها.. فنحن من صلاح الدين وفقم وعمران، وهناك شباب من البريقة تم السماح لهم بالدخول مع أنهم متأخرون مثلنا.

< هل من مشاكل تريدون الحديث عنها؟

- المشاكل كثيرة كنقص المعلمين وغيابهم والمنهج الذي لا يراعى فيه المستوى.

< ماذا عن تعاطي القات والشمة؟

- نحن لا نخرج من المدرسة لنقوم بمثل هذه الامور.

< وماذا عن أبناء صلاح الدين؟

ضحك الشباب وقالوا: أن يخرج أحدهم من المدرسة ليتعاطى هذه الامور فلا، أما أن يكونوا مشهورين (بالبوستيك) فهذا صحيح. وطبعا لم يكذب الشباب لأنه في الآونة الأخيرة انتشر ما يعرف (شم البوستيك كعامل مخدر) إلى جانب الحبوب المنشطة.

اثنان من التلاميذ طلبا عدم نشر اسميهما مع أننا وعدنا الجميع بعدم نشر الأسماء قالا: إن ما يجري في المدرسة من شغب ورفض للدراسة وتأخر عن الدوام سببه الأساسي المدرسون، واسألوا من تريدون عن مدرسي اليوم وزمان ستجدون أننا نكره مدرسينا لدرجة افتعال الشغب والتلذذ به، لحرق أعصاب المدرس كما يحرق قلوبنا بالتمييز بين الطلاب والتطاول عليهم.

حملنا أنفسنا لنذهب لإدارة المدرسة لنعرف الأسباب الحقيقية وعندما ولجنا الثانوية وجدنا أن عدد الطلاب الموجودين فيها قليل، ومع هذه القلة إلا أن براءة الطفل في المشاكسات وعقلية المندفع في التصرف سلوكيات اتصفوا بها برغم أن أعمارهم تجاوزت الخامسة عشرة فهذا يصرخ وذاك يمازح زميله على طريق المارة، يصفقون ويضحكون عندما تدخل فتاة للمدرسة بدون سبب وكأنهم في عالم آخر لا يعرفون شيئاً سوى ما بداخل أسوار المدرسة.

أولياء امور بعض التلاميذ كانوا يناقشون وضع أبنائهم المتغيبين دون سبب!

توجهنا للمشرفة الاجتماعية في المدرسة لنتبادل معها الحديث.

الاختلاط كان عاملا مهدّئا
تحكي الأستاذة زينة الحبيشي بكل أسف عن وضع التعليم اليوم ووضع المدرسة قائلة: «فصول المدرسة لا تصلح للشباب حيث يبلغ عددهم في الفصل الواحد حوالي 60 طالبا ويجلسون على مقاعد بجانب بعضهم البعض، وهنا يتضايق كل منهم من الآخر، ناهيك عن استمرارهم ست حصص دون أي مواد ترفيهية أو نشاط.

وتصف اهتمام أولياء أمور الطلاب بأبنائهم بأنه حلقة وصل مقطوعة لا وجود لها. واعتبرت الاختلاط بين البنين والبنات سابقا بأنه كان يعد عاملا مهدئا حيث يحاسب كل طرف على سلوكه أمام الآخر.

الإهمال والتسيب سببه المراحل الإعدادية والابتدائية
أما الأستاذ باسل محفوظ، نائب مدير المدرسة فيبدو أنه قد ضاق ذرعا بما يدور داخل وخارج أسوار المدرسة حيث قال: قد نكون قاسين بعض الشيء، لكن ذلك لمصلحة الطالب نفسه عندما نطلب الالتزام بالزي المدرسي والوقت والطابور الصباحي الذي أعتبره واجهة المدرسة والدليل على نموذجية المدرسة وطلابها، فنحن لا نطالب بشيء خارق للعادة وإنما نطالب بالانضباط والنظام.

وأضاف: أنا أعتبر التسيب في المراحل الابتدائية والاعدادية هو السبب وأقولها بكل صراحة أصبح دورنا في المدرسة الترويض، فالطالب يأتي من الصف التاسع مستغربا من مطالبتنا له بالالتزام بالزي المدرسي ويرى أننا نبالغ ونستمر عامين لكل دفعة جديدة نضبطهم، لكن سرعان ما يتغير كل ذلك لمجرد وصول الطالب لمرحلة المستوى الثالث، حيث يزيح القناع الذي كان يضعه، لماذا لأن وضعه أصبح في يد التربية والوزارة ولا يد للمدرسة عليه، وأبسط دليل هو الامتحان التجريبي الذي حضره عشرون طالبا من أصل 114 طالبا.

المسؤولية تقع على الجميع من الوزارة وحتى الطلاب
الأستاذ محمد علي الشلن، مدير المدرسة جعل الجميع مسؤولا عما يحدث ابتداء من الوزارة وحتى الطلاب حيث قال: العائلات البسيطة أكثر تفهما ووعيا، وأبناؤها فعلا يريدون التعلم بعكس أولاد المهندسين والأطباء وأصحاب الوجاهة فهم بعيدون عن واجبهم. وعن نظام المدرسة قال: نحن المدرسة الوحيدة التي تدق الجرس مرتين! ونؤخر الطابور ليدخل الطلاب، وهذا يأخذ من وقت الحصتين الأولى والثانية.

ويضيف قائلا: الطلاب اليوم يجرون وراء التشبه فلا التزام بالوقت ولا الزي فهناك الأحمر والأزرق، ويأتي الطالب وعلى رأسه رطل زيت، ويجلسون في بانافع (مركز تجاري بالمنطقة) يتناولون الإفطار ثم الشمة وكأن المدرسة مواضع للنزهة، يأتونها وقتما يريدون، وأحيانا أذهب لأجمع الطلاب من الشارع بسيارتي الخاصة.

إدارة ثانوية الفقيد لوتاه
إدارة ثانوية الفقيد لوتاه
أولياء الأمور لا وجود لهم
ويعلق على وضع الطلاب التعليمي بأنه وصل إلى حد عدم إجادة القراءة والكتابة، ووصف المعلمين بأنهم مناضلون والا كيف يتعامل المعلم مع طالب بهذا المستوى. وقال: السؤال الذي يفرض نفسه كيف وصل هذا الطالب إلى هذا المستوى وكيف تم ترفيعه؟ وأكد أن مهمتهم تتمثل في توفير الكتاب والمدرس. والشهادة على حسب جهد الطالب، والأسرة يجب أن تتابع وتستفسر عن وضع ولدها فهناك شهادات إلى يومنا هذا لم يتسلّمها الطلاب ولم تسأل عنها الأسرة!

المنهاج لا يحقق العملية التعليمية السليمة
أما المنهاج كما يراه مدير المدرسة فهو موضوع من قبل دكاترة ليس لهم علاقة بالجانب التربوي الميداني مع التلاميذ، وبالتالي لم يحظ بقبول من الطالب والمعلم، الذي خنقه بفترة زمنية معينة دون أن تكون هناك مراعاة لضرورة إعادة الشرح في بعض المواد أو معرفة الفوارق بين التلاميذ وبالتالي أصبح هناك كتاب يجب أن ينجزه المعلم بالوقت المحدد وبأي طريقة وعلى حساب الطالب ليتخرج عدد من الطلاب كماً لا نوعاً.

إدارة المدرسة تضع بعض الحلول
تشارك المدير مع بعض المعلمين ليخرجوا بحلول، مستهلينها بالتوعية والمحاسبة في المنزل، والتقاط الشباب من الشارع عبر الشرطة، وإدراجهم في إصلاحية لتعديل سلوك البعض منهم ووضع منهاج يتناسب والواقع ومن تربويين، وتفعيل دور الأندية في المناطق لعمل نشاطات تفرغ فيها طاقاتهم، والتوعية في المساجد بأهمية التحلي بالأخلاق والاهتمام بالتعليم، وتفاعل كل الجهات.

وفي الأخير أشاد مدير المدرسة بتفاعل أمين عام المجلس المحلي الأخ رضوان محمد وهو تربوي قدير وكذلك لاعتماد مجلس للأمهات بدلا من الآباء الذين يقل اهتمامهم بابنائهم، ويبقى الأمل قائما لعل الأيام تأتي بالجديد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى