المدرسة الأهلية النموذجية بصنعاء كيف بدأت؟

> «الأيام» طه سيف نعمان:

>
اول مبنى للمدرسة في بداية سنوات السبعينيات وتضم 5 فصول
اول مبنى للمدرسة في بداية سنوات السبعينيات وتضم 5 فصول
أول مدرسة أهلية بصنعاء فرضت تقدير الجميع واحترامهم لها ولطاقمها التربوي بإدارة المرحوم عملاق التربية والفكر والأدب والتاريخ والإدارة الأستاذ الوالد والأب الحنون سعيد قائد أحمد، الذي تحمل أعباء ومسئولية بناء المدرسة تلك منذ أن منحت من قبل (التعاون الأهلي) إلى الهيئة اليمنية للمدارس الأهلية برئاسة الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني، وكانت حينها عبارة عن مساحة فارغة ليس فيها غير خمسة فصول فقط إلى جانب غرفة الإدارة المدرسية، كان ذلك في أوائل السبعينات وبالتحديد في العام 1972م.

وهناك.. ومنذ تلك اللحظة بدأت مرحلة الهموم والتعب والكد والعمل المتواصل على مدار سنوات تزيد على الثلاثين عاما لكي تكون المدرسة الأهلية النموذجية بصنعاء على قمة مجدها من حيث العطاء والبذل في سبيل أجيال المستقبل من أبناء هذا الوطن.

وقد تحمل أستاذنا المرحوم الكبير سعيد قائد تلك المهمة بشرف ونزاهة الرجال ونقاء نفوسهم وعلو هممهم، فكانت المسألة حينها في غاية الإحساس بهذا الوطن وأجياله من قبل ذلك (العملاق النظيف) الذي لم تتلوث نفسه وقناعاته بزيف الإغراءات وتدفق الأطماع يوما بعد يوم. كل هذا لم يكن بالأمر السهل وإنما بالجهد والعرق والإحساس بالتعب والمسئولية تجاه هذا الوطن وأبنائه، ولقد واجه هذا العملاق الصبور والصامت (رحمه الله وغفرله) كثيرا من الصعوبات والعقبات في سبيل أن تستقر العملية التعليمية والتربوية في ربوع المدرسة الأهلية على أحسن ما تكون الأحوال.

عندما التحقت مدرساً بالمدرسة الأهلية في عام 1976م كانت الإدارة قد استكملت بناء الطابق العلوي كاملا وهو المطل على ساحة ملعب المدرسة، وفي بداية الثمانينات كان الأستاذ سعيد قائد ذلك العملاق بحق قد بنى الخلفية المقابلة للمبنى الأول، بناها دورين كاملين أيضا ونقل غرفتي الإدارة مع غرفة هيئة التدريس إلى المبنى الجديد، ثم بنى قاعة كبيرة وواسعة في الجهة اليسرى الواقعة بعد بوابة الدخول الكبيرة للمدرسة (جهد شبيه بعلو هامات الرجال وصفاء وقناعة نفوسهم)، وكبرت همة الرجل واتسعت مع ذلك رقعة المدرسة حتى صارت مدرستين: الأولى هي المدرسة الأهلية المعروفة، والثانية هي مدرسة الجراف الثانوية، وهي بقعة أرض كبيرة اشترتها الأمانة العامة للهيئة اليمنية للمدارس الأهلية، ثم بناها الأستاذ سعيد قائد أحمد على أدق وأجمل ما يكون التشييد والبناء.

الأستاذ سعيد والد الجميع غفر الله له وأسكنه واسع جناته لا يختلف عليه اثنان مطلقا، ولم تستطع أمانة العاصمة أن تفعل شيئا وهو حي يرزق، أما بعد رحيله إلى مالك الملك فإنها زحفت بأطقمها نحو المدرسة تريد احتلالها والاستيلاء عليها.. هكذا (عيفطة) من غير وجه حق إلى أن استقر الوضع أخيرا على هدوء نسبي وحالة تشبه من (نفسه على كف عفريت) كما يقولون. وأعضاء الامانة موقعهم فيه غرابة!! أما الغريب في الأمر والمثير للحنق والغضب «ومن لا يغضب للحق فليس له في أنساب الرجال عرق» بل هو في قوائم الأنذال والجبناء والمنتفعين.. أقول إن الذي يثير الغيظ أن أبناء هذا الرجل الذي (قدم نفسه كلها للمدرسة الأهلية) بعد موته صاروا ملزمين بدفع رسوم المدرسة، وهو الذي كان يعفي أبناء العاملين بالمدرسة بل وأبناء جيران المدرسة من فقراء الحي من الرسوم المدرسية إلى آخر حياته. لقد أعطت المدرسة الأهلية النموذجية الأولى بصنعاء أمثلة في غاية الرقي والنبل في كل تعاملاتها فيما يتعلق بالتعليم والتحصيل والتربية والاهتمام والرعاية حتى في الجانب المالي ضربت مثلا عاليا في هذا الجانب (ولا تتميز الأشياء إلا بأضدادها) فبالنظر إلى الرسوم السنوية فإن المدرسة الأهلية تميزت بأنها كانت (المثل الرائع والإنساني) البعيد عن الجشع والابتزاز عند المقارنة. ثم أعطت المدرسة الأهلية نماذج رائعة ومتقدمة ونابغة في قضية التحصيل العلمي الأساسي والثانوي.. وليسأل السائل عن هؤلاء الذين درسوا في الأهلية وتخرجوا منها.. اسألوا في مجالات (البزنس والتجارة) صبري حسن ياسين وسمير الاشطل وحميد عبدالله بن حسين الأحمر وكهلان مجاهد أبو شوارب.

وأسألوا في مجال العمل الدبلوماسي سمير خميس وانتصار نعمان ونبيل الضبعي وغيرهم، ثم اسألوا في مجال الصحافة باشراحيل هشام باشراحيل وشوقي شاهر ثم في مجال الدرجات العلمية العالية والكبيرة اسألوا نادية الكوكباني المتخصصة في الهندسة المعمارية وهي تعمل على (الدكتوراه) اليوم في مجالها العلمي المتميز وهي الإبداعية القصصية والأدبية إلى جانب تخصصها السابق الذكر والذي نبغت فيه.. ثم هناك غيرها كثيرون من الرجال والنساء ممن نبغوا في مجالات مختلفة وعديدة.. ولن أنسى أخيرا أن عمر الكرشمي خريج الأهلية النموذجية هو وزير الأشغال العامة اليوم، وكذا وزير التخطيط عبدالكريم الأرحبي.

الاستاذ سعيد قائد مع هيئة التدريس
الاستاذ سعيد قائد مع هيئة التدريس
اسألوا ثم اسألوا وستعرفون أن الاستاذ سعيد قائد أحمد كان هو الرجل العملاق بصدق، الذي حمل على عاتقه تاريخا جميلا امتد على ثلاثين عاما اسمه (المدرسة الأهلية النموذجية بصنعاء).. وإن شئتم اسألوا عن الطبيبة منال والطبيبة هالة الخرباش!!

والآن أمر آخر ختاما لهذا المقال وهو أن الأمانة العامة للمدرسة الأهلية والمكونة من خمسة أعضاء لم تجتمع هذا العام لتنظر في قضايا المدرسة عمومها وخصوصها، ومن بين قضاياها تلك (قضية الأستاذ سعيد قائد) والتي قدمت قبل أكثر من عام للأخ الاستاذ (أمين الأمانة) عبدالعزيز عبدالغني والذي وعد بعد تسلمه مني شخصيا الرسالة الموجهة إليه من أبناء الأستاذ سعيد قائد بأن ينظر في (الاجتماع القادم قبل سنة) والذي لم يتم إلى اللحظة.. وعد بالنظر في الطلب المرفق بالرسالة المذكورة وعرضه على الأمانة ثم الرد عليه!!

أستاذ عبدالعزيز، أستاذ حسين الحبيشي، أستاذ علي لطف الثور، أستاذ محمد انعم غالب.. هل عجزتم جميعا عما كان يقدر عليه ذلك الرجل؟ لا تقولوا نحن مشغولون، فهذا عذر غير مقبول إلا إذا كانت المسألة (تشتي عذر والا حمار)!!

نرجو منكم أيها الأساتذة إن كان لهذا الرجل (ريح تهب نسماتها عندكم) أن توفوه حقه وقدره، والله المستعان وهو ولي الصابرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى