السقوط الثاني للمكلا

> محمد باجنيد:

>
محمد باجنيد
محمد باجنيد
في الفترة التي نعمل فيها على تقديم المكلا بوصفها مدينة نموذجية ساحلية على بحر العرب نجحت في تقليص المسافة الحضارية بينها وبين بعض المدن الساحلية في الدول المجاورة إلى عشرات من السنين فإن المدينة تتعرض إلى غزو جديد وسقوط ثان، إنه غزو (الذباب) الذي أتى إلى بيوت المدينة من كل اتجاه وناحية فراح يضرب داخل كل غرفة وفسحة وفوق كل مائدة طعام.. حتى السمك أو (الصيد) المائدة الرئيسية الأولى لأهل المدينة بات (صيدا) يسيرا للذباب نظرا للشح في (الأسماك) بعد ارتفاع أسعارها وإقرار ضريبة أخرى على الصيادين المساكين الذين نأكل من عرقهم ومعاناتهم مع مياه المحيط.. فيما يرى الصيادون أن الضريبة الجديدة التي أقرت مؤخراً تأكل عرقهم.

حملة الذباب التي تضرب مدينة المكلا هذه الأيام لم تجد من يواجهها ولهذا رأى الذباب أن يستمر في تكاثره وتشديد حصاره على أبناء المدينة المغلوبين على أمرهم.. والمجلس المحلي في المدينة لم يعلن حالة الاستنفار بعد ولم يستشعر الخطر المتمثل في الأسلحة الجرثومية التي يحملها العدو والتي كانت سببا مباشرا في ازدياد غير مسبوق لحالات الإسهال والتلبك المعوي.. وأنواع أخرى من الأمراض لم يتم اكتشافها بعد لعدم وجود متبرع بأجهزة متقدمة للمستشفيات تتمكن من الكشف عن الحالات المرضية غير التقليدية.. أو غير الظاهرة للعيان.

من يتحمل مسئولية محاربة هذا العدو؟؟

صندوق نظافة المدينة يلقي بالمسئولية على الأشغال العامة التي تتساءل من أين لي بأسلحة الدفاع والهجوم، (مواد الرش) ومكافأة العمال الذين سيتقدمون إلى ساحة الوغى منشدين بالروح بالدم نفديك يا مكلا (بس هاتوا البيسات أولاً). لأن ميزانية الدفاع خلت تماما من محاربة الذباب والبعوض والأوبئة باعتبار أن مثل تلك الأمور من مهامات جهات حكومية أخرى وليست ذات طابع عسكري.. أو أمني.

ورغم أن (الأشغال) غير ملزمة بالمعركة إلا أنه لم يرق لهم مشاهدة (جحافل الذباب) تفعل فعلها في الأطفال والأهالي فوجدوا العذر للصحة المسئولة عن كف أذى الذباب وعدوانه الذي مازال مستمرا دون أن يجد من يردعه - ولو ببيان ساخن يستنكر ويشجب فيه عدوان الذباب الهمجي ويطالب بوقفه- فتبرر الأشغال عدم تدخل الصحة بأن لديها ما يشغلها من مهام جسيمة أخرى في خدمة الوطن والمواطن.

لكن أين صحة البيئة؟ وهل الحرب على الذباب من مسئولية (صحة البيئة)؟

تشابكت المسئوليات وتكاثر المسئولون ولهذا وجدت كل جهة لها مخرجا جميلا (ما سيبي) من المأزق وذلك بتوجيه اللوم إلى الجهة الأخرى في وقت مازال الذباب يأخذ من سكان المكلا صحتهم وشهرة الحضارمة العريقة في (النظافة).

سقطت المكلا للمرة الثانية فكان السقوط هذه المرة أمام الذباب الموسمي.

أما سقوطها الأول فكان أمام الأمطار الغزيرة التي أجبرت شوارع المكلا على (استضافتها) لأن شوارع المدينة الرئيسية خالية من مصارف مياه الأمطار والسيول.

وهكذا تتسع الفجوة بين ما يحلم به ابن المكلا في أن تكون مدينته نموذجية ومدن أخرى مجاورة إلى أكثر من عشرات السنين طالما أن المواجهة مع الذباب الموسمي لا تنتهي في الوقت المحدد فكيف إذا كانت المواجهة تتطلب منافسة حامية مع مدن أخرى بأهلها وعلمهم وحسن الإدارة لديهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى