دعوة من الطائفة اليهودية في مدينة ريدة بمحافظة عمران .. اشتهروا باحترامهم مشاعر المسلمين خصوصاً في رمضان
طفل يهودي يقف على قبور اليهود
> «الأيام» عبدالحافظ معجب:
> 
تلقت «الأيام» دعوة من أبناء الطائفة اليهودية بمدينة ريدة في محافظة عمران لزيارة الحي اليهودي خلال احتفال أبناء الطائفة بمناسبة عيد الفصح اليهودي، الذي يستمر لمدة 7 أيام وبدأ يوم السبت الماضي، وتنتهي هذه المناسبة بانقضاء اليوم الخامس عشر من شهر أبريل.
ننقل لكم تفاصيل لا يعرفها الكثير عن الحياة اليهودية في اليمن والطقوس الدينية لدى يهود اليمن، وقضايا تشكف لأول مرة عن علاقتهم بجيرانهم المسلمين وكراهيتهم لدولة إسرائيل وظاهرة زواج يهوديات ريدة بمسلمين.
حي اليهود في ريدة
يقطن أغلب من تبقى من أبناء الطائفة اليهودية في اليمن بمدينة ريدة التاريخية التي تبعد عن عاصمة محافظة عمران بحوالي 15 كليومترا شمالا في تجمع سكاني يضم ما يقارب اثنين وثلاثين مسكنا لا تختلف في مظهرها الخارجي كثيرا عن مساكن المسلمين في المنطقة من خلال بنائها المعماري اليسير، التي يطلق عليها في التسمية المحلية (مساكن شعبية)، وتحيط بمساكن اليهود جدران عالية وأسوار مرتفعة، كما يلاحظ في البيوت اليهودية كثرة الغرف وصغرها ويخصص اليهود هذه الغرف لوظائف خاصة منها غرفة يتم استخدامها كمخزن خاص لحفظ الحبوب الزراعية ويطلقون عليها (مدفن) وغرفة أخرى لصناعة الخمر وكانت تسمى قديما عند يهود صنعاء (ديمة العرقي)، وغالبا ما يقومون بتجهيز إحدى غرف مساكنهم للعبادة وممارسة الصلوات الدينية. وتتميز المنازل اليهودية في اليمن من منازل المسلمين بالقمريات التي تعـلو نوافذها بالشكل الهندسي المعروف بنجمة داود السداسية التي تعتبر شعار الدولة اليهودية في الوقت الراهن.
نحن جزء من بني إسرائيل
يرى أبناء الحي اليهودي بمدينة ريدة أنهم جزء من بني إسرائيل ومرجعهم الأصل إلى أبناء (يهودا) وحسب اعتقادهم أنه بعد تدمير الهيكل ومعبد القدس في العام 70 قبل الميلاد جاؤوا إلى اليمن واستوطنوا وعاشوا فيها، ويذهبون بالقول إلى أن طائفتهم هي من أقدم طوائف اليهودية في العالم واستنادا إلى ما جاء في تلمود موسى بن ميون «الطائفة اليهودية في اليمن من أقدم الطوائف اليهودية في العالم».
وتشير بعض الدراسات التاريخية إلى أن الحي اليهودي في اليمن أنشئ ابان فترة حكم الإمام المهدي أحمد بن الحسن الذي حكم اليمن ما بين عامي 1676-1681م، وقد كان اليهود في صنعاء يتجمعون في حي خاص بهم يسمى قاع اليهود غرب العاصمة صنعاء وسمي مؤخرا قاع العلفي، وكان لديهم فيه أكثر من 20 معبدا يمارسون فيها طقوسهم وأعيادهم الدينية، أما بالنسبة للتجمع اليهودي بمدينة ريدة فيعد التجمع السكاني الأكبر لمن تبقى من يهود اليمن الذين يقطنون بمنطقة أرحب من محافظة صنعاء وبلاد المشرق من محافظة صعدة، ويأتي ذلك نتاجا للنزوح اليهودي الأخير من المناطق المتفرقة التي سكنها يهود اليمن مثل (الحائط، ناعط، بني عبد، عثار، الشفادرة) إلى الحي اليهودي بمحافظة عمران. وتشير المعلومات إلى أن يهود اليمن سكنوا قديما عدة مناطق من عمران منها ظليمة، حبور والمداير.. وفي مدينة إب سكنوا جبلة وكانت لهم حارة خاصة بتجمعهم اليهودي تسمى (المكعددة) وفي مديرية السياني كانت لهم قرية خاصة بهم اسمها (الجدس)، بالإضافة إلى بعض الأسر التي عاشت مع المسلمين في قرى دمنة نخلان وذي يشرق التي لا تزال مساكنهم وقبورهم فيها معروفة حتى وقتنا الحاضر.
ويعد انعزال يهود اليمن في أحياء خاصة بتجمعاتهم السكنية نمطا حياتيا خاصا يعكس ظاهرة عامة لم تقتصر عليهم فحسب، فقد عاش اليهود في أوروبا وسط أحياء خاصة بهم عرفت (بالجيتو) اليهودي، رغبة منهم في تمييز أنفسهم من المجتمعات التي يعيشون فيها ولضمان تماسكهم وعدم ذوبانهم، ولابد أن حياة اليهود في اليمن في حي خاص بهم قد جاءت متوافقة مع رغباتهم المبنية على تقاليد دينية خاصة ، فهو يتيح لهم قسطا أكبر لممارسة شؤون حياتهم الداخلية بمعزل عن تأثير المجتمع المحـيط بهم ولا سيما فيما يخص تربية أبنائهم التربية اليهودية الخاصة بعيدا عن الاحتكاك بأقرانهم من أطفال المسلمين.وصل عدد اليهود في اليمن مطلع القرن العشرين إلى ما يقارب مائة ألف نسمة كانوا موزعين على 100 حي وتجمع سكاني ما بين البادية والحضر.واحتلت مـدينة صنـعاء العدد الاكبر منهم فيما توزعت الأعداد الأخرى على كل من عدن ولحج وإب وتعز وعمران وصعدة، وفي الوقت ذاته تزايدت أعداد سكان اليهـود بمـدينة عدن في ظل سلطة الاحتلال البريطاني حتى وصل عددهم عام 1948 إلى ما يقارب خمسة آلاف نسمة.وحصل يهود عدن على قدر كبير من الأمان لم يحصلوا عليه في الدول الاوروبية وعاشوا مع جيرانهم العرب في حي كريتر وبعد أن كان يهود اليمن في عشرينات القرن الماضي يشكلون ربع سكان اليمن أصبحت أعدادهم الآن بضع مئات نتيجة للهجرة إلى إسرائيل وترجع أسباب هجرة اليهود من اليمن عام 1948م، إلى البداية في نشاط الحركة اليهودية بعد حصولهم على وعد بلفور حيث أتت إلى اليمن عناصر يهودية لدعوة يهود اليمن إلى الصهيونية وإقامة دولة اسرائيل في فلسطين وساعد على سرية هذه الدعوة الاستعمار البريطاني في جنـوب اليمن والحكم الإمامي في الشمال، واستطاعت العناصر اليهودية الصهيونـية التسرب إلى اليمـن سرا والاتصـال باليهود وبعد ذلك تـولت الجمعيات اليهـودية في عدن مهمة التهجير بواسطة أحد التجار اليمنيين المسلمين وقامت الجمعيات حينها بتهجير ما يقارب 140 ألف يهودي يمني.
العيلوم.. مرجعهم الديني
للطائفة اليهودية مراجع دينية تسمى (العيلوم) أي الحاخام ويقول يحيى داود: عيلومات الطائفة اليهودية في ريده هم ثلاثة: يعيش بن يحيى، فائز الجرادي، سليمان بن يحيى يعقوب، وهم المرجع الذين نرجع اليهم في جميع أمورنا الدنيوية والدينية ولهم حق التدخل في كل جوانب الحياة ويحررون العقود ويقومون بختان الطفل المولود وتكفين الميت، كما توكل للعيلومات مهمة الذبح لأن اليهودي تحرم عليه الذباحة مهما كانت الذبيحة.
الكنيس اليهودي
في الحي اليهودي تشاهد الكنيس أو المعبد الذي لا يميزه عن المنازل سوى طلاء أبيض يلون واجهته من الخارج كما يلون الجير (الجص) فناءه من الداخل، ويتكون من باب صغير يؤدي إلى فناء واسع مكشوف يحوي غرفا صغيرة، ويوجد في الطرف المقابل للباب حجرة كبيرة نسبيا وهي المكان المعد للعبادة وتحوي في داخلها مجموعة من النوافذ المنتشرة على الجدران ذات أحجام متفاوتة، وفي الحائط الرئيسي للكنيس الذي يمثل القبلة التي يتجه إليها اليهود في صلواتهم (صوب بيت المقدس) توجد لوحة مرسوم عليها أشكال تمثل رموزا دينية مقدسة عند اليهود، ففي وسطها رسم شمعدان ذي سبعة أذرع إشارة إلى أيام الأسبوع وعلى كل من جانبيه صورة لرجل مسن يحمل في الجهة اليمين توارة وفي الجهة الشمال ملعقة وسبحة ومبخرة، يعلو ذلك رسم بناء تحيط به حديقة ترمز إلى الأرض الموعودة.وتخلو الكنس اليهودية من الفرش والأمتعة عدا الحصير، وفي بعض الكنس توجد صناديق تحوي نسخا مخطوطة من التوراة على جلد الغزال.
رمضان عند اليهود
اشتهر أبناء الطائفة اليهودية بعمران بأخلاقهم واحترامهم لمشاعر المسلمين، وفي جميع الأحوال وفي شهر رمضان الذي يؤدي فيه المسلمون فريضة الصيام يلتزم اليهود بعدم الأكل أو الشرب خارج منازلهم مراعاة واحتراما للشعائر الدينية لدى جيرانهم المسلمين، ويمتنعون أيضا من تناول القات نهارا وغالبا ما يتناولون القات في شهر رمضان ليلا للتسامر حتى الفجر ليناموا أوقات النهار، ويمارسون حرفهم ومهنهم في الوقت الذي يمارس فيه المسلمون في المنطقة أعمالهم ويشتغل أبناء الطائفة في اليمن بأعمال حرفية متعددة منها النجارة والحدادة وإصلاح السيارات، ويعمل البعض في مواسم الحصاد الزراعي لدى ملاك الأراضي الزراعية من المسلمين.
حياتهم الاجتماعية.. الزواج والطلاق
عادات الزواج عند أبناء الطائفة اليهودية لا تختلف كثيرا عن عادات المسملين في الزواج بالمنطقة، فمن أصول الزواج لدى يهود اليمن (الملكة) وهي ما يسمى بعقد الزواج، وتكون الملكة بقيام طالب الزواج أو العيلوم وبعض الأقارب، الذين تشترط اليهودية أن يكون عددهم ثمانية، بالشهادة على عقد الزواج ويكتب عقد الزواج بحبر التلمود ويوقع الزوجان على العقد وتوضح فيه كل التفاصيل عن حقوق وواجبات الزوج والزوجة ويبارك العيلوم للزوجين زواجهما وبعد ذلك يكون حفل الزفاف الذي يستمر لمدة سبعة أيام تبدأ من الخميس أو الجمعة، ولا تمانع الطائفة من مشاركة نساء المسلمين في الاحتفال بزفاف العروس اليهودية، حيث تجتمع النساء للاحتفال في بيتها ويكون تجهيزها بالخضاب والحناء وما جرت عليه تقاليد الزواج في المجتمع اليمني، ويتخلل حفل النساء الإنشاد والدعاء بسعادة الحياة الزوجية لكلا الزوجين. وفي آخر يوم للعرس وهو الخميس يذهب المدعوون من الرجال لأداء الصلاة في الكنيس وهي صلاة منتصف النهار ثم يعودون لتناول وجبة الغداء التي لا يدعى إليها المسلمون لحرمة الذبيحة اليهودية، وبعد الفراغ من طعام الغداء يجتمع المدعوون في غرفة كبيرة داخل بيت العريس يطلق عليها اسم (الديوان أو المفرج) لتناول القات والاستماع إلى أغان من التراث اليهودي يرددها اليهود في فمثل هذه المناسبات.
وضمن الطقوس الاجتماعية للطائفة اليهودية في اليمن يقدم الحاضرون في المقيل للزوج مبالغ نقدية تسمى (رفد العريس) وهي مبالغ لا تتجاوز خمسة آلاف ريال ولا تقل عن ألف ريال، وهي عادات تقليدية يمارسها المسلمون أيضا للتكافل الاجتماعي بين أهل المنطقة، ومن العادات التي كانت سائدة في الأعراس اليهودية في صنعاء أن يوجه العريس في كل ليلة من ليالي العرس ظهره نحو الحائط المقابل لباب الحجرة، وفوق رأسه قطعة قماش ملونة وأمامه سبع شمعات ست منها صغيرة والسابعة ذات حجم أكبر، وفي نهاية كل ليلة تطفأ شمعة واحدة ويرفع المحتفلون أصواتهم ابتهاجا بهذه المناسبة.وتزف العروس إلى زوجها في آخر أيام أسبوع العرس يرافقها والدها وعدد من الأقارب وهي ترتدي ثوبا أبيض ومغطاة بقطعة قماش تبدأ من أعلى رأسها حتى قدميها وبعد قيام والدها بإيصالها إلى منزل الزوج يعود من حيث أتى، ويدخل الزوج على زوجته وتحدد له فترة قصيرة فإن وجدها غير عذراء يرجع له كل مهرها ويطلقها وفي هذه الحالة تكون العقوبة المنصوص عليها في التوارة على نوعين:
-النوع الأول من العقوبة في التوراة:إذا ثبت أن الزنا تم برضا الفتاة تحدد عقوبتها بمقتضى النص الآتي:
«إذا اتخذ رجل امرأة وحين دخل عليها ابغضها وقال هذه المرأة اتخذتها ولما دنوت منها لم أجد لها عذرة...»، إن كان الامر صحيحا يخرجون الفتاة إلى بيت أبيها ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت وبناء على ما ورد في الكتاب المقدس تكون عقوبتهما الرجم حتى الموت.
- والنوع آلاخر من عقوبة الزنا في التوراة:إذا ثبت أن الفتاة أُكرهت على الزنا فلا تعاقب عندئذ، وإنما يعاقب الذي اضطجع معها وحده وأما الفتاة فلا يُفعل بها شيء. (النص من الكتاب المقدس، سفر التثنية ، الإصحاح)، أما إذا تأكد عدم صحة ما ادعاه الرجل وثبت أن زوجته عذراء فعندئذ لا يستطيع تطليق زوجته مدى الحياة وتفرض عليه غرامة مالية كما ورد في النص التالي: «يأخذ شيوخ تلك المدينة الرجل لتأديبه ويغرمونه بمائة من الفضة،
ويعطونها لأبي الفتاة، فتكون له زوجة لا يقدر أن يطلقها كل أيامه»، والطلاق حق للرجل لأن العصمة تبقى في يده وحده وليس للمرأة إلا مؤخر صداقها وله أن يرجع مطلقته قبل أن تزوج بآخر فإن تزوجت بآخر فقد حرمت عليه نهائيا حتى في حال طلاقها من زوجها الأخير أو موته. وتحث الشريعة اليهودية على زواج الرجل الذي يبلغ من العمر الثالثة عشرة والبنت البالغة الثانية عشرة، وتجوّز اليهودية الزواج قبل هذا السن بالنسبة للبنت إذا ظهرت علامات البلوغ.
وتشترك عادة الزواج المبكر عند يهود اليمن مع الموروث الثقافي للمجتمع كله ولا سيما في المجتمعات الريفية التي غالبا ما يفضل الزواج في سن مبكرة لاعتقادهم بأن الزواج المبكر يحصن الجنسين من الوقوع في الخطيئة.
ويرى أبناء الطائفة اليهودية أن الشاب اليهودي إذا بلغ العشرين عاما ولم يتزوج يستحق اللعنة ما لم تكن هناك أسباب صحية أو مادية تحول دون الزواج في السن المعتاد. ولا يوجد ما يمنع الرجل من أبناء اليهود أن يتزوج من امرأة أو أكثر من أربع نساء أيضا دون تقييد.
طلاب يهود يقفون مابين مدرستهم والكنيس
ننقل لكم تفاصيل لا يعرفها الكثير عن الحياة اليهودية في اليمن والطقوس الدينية لدى يهود اليمن، وقضايا تشكف لأول مرة عن علاقتهم بجيرانهم المسلمين وكراهيتهم لدولة إسرائيل وظاهرة زواج يهوديات ريدة بمسلمين.
حي اليهود في ريدة
يقطن أغلب من تبقى من أبناء الطائفة اليهودية في اليمن بمدينة ريدة التاريخية التي تبعد عن عاصمة محافظة عمران بحوالي 15 كليومترا شمالا في تجمع سكاني يضم ما يقارب اثنين وثلاثين مسكنا لا تختلف في مظهرها الخارجي كثيرا عن مساكن المسلمين في المنطقة من خلال بنائها المعماري اليسير، التي يطلق عليها في التسمية المحلية (مساكن شعبية)، وتحيط بمساكن اليهود جدران عالية وأسوار مرتفعة، كما يلاحظ في البيوت اليهودية كثرة الغرف وصغرها ويخصص اليهود هذه الغرف لوظائف خاصة منها غرفة يتم استخدامها كمخزن خاص لحفظ الحبوب الزراعية ويطلقون عليها (مدفن) وغرفة أخرى لصناعة الخمر وكانت تسمى قديما عند يهود صنعاء (ديمة العرقي)، وغالبا ما يقومون بتجهيز إحدى غرف مساكنهم للعبادة وممارسة الصلوات الدينية. وتتميز المنازل اليهودية في اليمن من منازل المسلمين بالقمريات التي تعـلو نوافذها بالشكل الهندسي المعروف بنجمة داود السداسية التي تعتبر شعار الدولة اليهودية في الوقت الراهن.
نحن جزء من بني إسرائيل
يرى أبناء الحي اليهودي بمدينة ريدة أنهم جزء من بني إسرائيل ومرجعهم الأصل إلى أبناء (يهودا) وحسب اعتقادهم أنه بعد تدمير الهيكل ومعبد القدس في العام 70 قبل الميلاد جاؤوا إلى اليمن واستوطنوا وعاشوا فيها، ويذهبون بالقول إلى أن طائفتهم هي من أقدم طوائف اليهودية في العالم واستنادا إلى ما جاء في تلمود موسى بن ميون «الطائفة اليهودية في اليمن من أقدم الطوائف اليهودية في العالم».
وتشير بعض الدراسات التاريخية إلى أن الحي اليهودي في اليمن أنشئ ابان فترة حكم الإمام المهدي أحمد بن الحسن الذي حكم اليمن ما بين عامي 1676-1681م، وقد كان اليهود في صنعاء يتجمعون في حي خاص بهم يسمى قاع اليهود غرب العاصمة صنعاء وسمي مؤخرا قاع العلفي، وكان لديهم فيه أكثر من 20 معبدا يمارسون فيها طقوسهم وأعيادهم الدينية، أما بالنسبة للتجمع اليهودي بمدينة ريدة فيعد التجمع السكاني الأكبر لمن تبقى من يهود اليمن الذين يقطنون بمنطقة أرحب من محافظة صنعاء وبلاد المشرق من محافظة صعدة، ويأتي ذلك نتاجا للنزوح اليهودي الأخير من المناطق المتفرقة التي سكنها يهود اليمن مثل (الحائط، ناعط، بني عبد، عثار، الشفادرة) إلى الحي اليهودي بمحافظة عمران. وتشير المعلومات إلى أن يهود اليمن سكنوا قديما عدة مناطق من عمران منها ظليمة، حبور والمداير.. وفي مدينة إب سكنوا جبلة وكانت لهم حارة خاصة بتجمعهم اليهودي تسمى (المكعددة) وفي مديرية السياني كانت لهم قرية خاصة بهم اسمها (الجدس)، بالإضافة إلى بعض الأسر التي عاشت مع المسلمين في قرى دمنة نخلان وذي يشرق التي لا تزال مساكنهم وقبورهم فيها معروفة حتى وقتنا الحاضر.
ويعد انعزال يهود اليمن في أحياء خاصة بتجمعاتهم السكنية نمطا حياتيا خاصا يعكس ظاهرة عامة لم تقتصر عليهم فحسب، فقد عاش اليهود في أوروبا وسط أحياء خاصة بهم عرفت (بالجيتو) اليهودي، رغبة منهم في تمييز أنفسهم من المجتمعات التي يعيشون فيها ولضمان تماسكهم وعدم ذوبانهم، ولابد أن حياة اليهود في اليمن في حي خاص بهم قد جاءت متوافقة مع رغباتهم المبنية على تقاليد دينية خاصة ، فهو يتيح لهم قسطا أكبر لممارسة شؤون حياتهم الداخلية بمعزل عن تأثير المجتمع المحـيط بهم ولا سيما فيما يخص تربية أبنائهم التربية اليهودية الخاصة بعيدا عن الاحتكاك بأقرانهم من أطفال المسلمين.وصل عدد اليهود في اليمن مطلع القرن العشرين إلى ما يقارب مائة ألف نسمة كانوا موزعين على 100 حي وتجمع سكاني ما بين البادية والحضر.واحتلت مـدينة صنـعاء العدد الاكبر منهم فيما توزعت الأعداد الأخرى على كل من عدن ولحج وإب وتعز وعمران وصعدة، وفي الوقت ذاته تزايدت أعداد سكان اليهـود بمـدينة عدن في ظل سلطة الاحتلال البريطاني حتى وصل عددهم عام 1948 إلى ما يقارب خمسة آلاف نسمة.وحصل يهود عدن على قدر كبير من الأمان لم يحصلوا عليه في الدول الاوروبية وعاشوا مع جيرانهم العرب في حي كريتر وبعد أن كان يهود اليمن في عشرينات القرن الماضي يشكلون ربع سكان اليمن أصبحت أعدادهم الآن بضع مئات نتيجة للهجرة إلى إسرائيل وترجع أسباب هجرة اليهود من اليمن عام 1948م، إلى البداية في نشاط الحركة اليهودية بعد حصولهم على وعد بلفور حيث أتت إلى اليمن عناصر يهودية لدعوة يهود اليمن إلى الصهيونية وإقامة دولة اسرائيل في فلسطين وساعد على سرية هذه الدعوة الاستعمار البريطاني في جنـوب اليمن والحكم الإمامي في الشمال، واستطاعت العناصر اليهودية الصهيونـية التسرب إلى اليمـن سرا والاتصـال باليهود وبعد ذلك تـولت الجمعيات اليهـودية في عدن مهمة التهجير بواسطة أحد التجار اليمنيين المسلمين وقامت الجمعيات حينها بتهجير ما يقارب 140 ألف يهودي يمني.
العيلوم.. مرجعهم الديني
للطائفة اليهودية مراجع دينية تسمى (العيلوم) أي الحاخام ويقول يحيى داود: عيلومات الطائفة اليهودية في ريده هم ثلاثة: يعيش بن يحيى، فائز الجرادي، سليمان بن يحيى يعقوب، وهم المرجع الذين نرجع اليهم في جميع أمورنا الدنيوية والدينية ولهم حق التدخل في كل جوانب الحياة ويحررون العقود ويقومون بختان الطفل المولود وتكفين الميت، كما توكل للعيلومات مهمة الذبح لأن اليهودي تحرم عليه الذباحة مهما كانت الذبيحة.
الكنيس اليهودي
في الحي اليهودي تشاهد الكنيس أو المعبد الذي لا يميزه عن المنازل سوى طلاء أبيض يلون واجهته من الخارج كما يلون الجير (الجص) فناءه من الداخل، ويتكون من باب صغير يؤدي إلى فناء واسع مكشوف يحوي غرفا صغيرة، ويوجد في الطرف المقابل للباب حجرة كبيرة نسبيا وهي المكان المعد للعبادة وتحوي في داخلها مجموعة من النوافذ المنتشرة على الجدران ذات أحجام متفاوتة، وفي الحائط الرئيسي للكنيس الذي يمثل القبلة التي يتجه إليها اليهود في صلواتهم (صوب بيت المقدس) توجد لوحة مرسوم عليها أشكال تمثل رموزا دينية مقدسة عند اليهود، ففي وسطها رسم شمعدان ذي سبعة أذرع إشارة إلى أيام الأسبوع وعلى كل من جانبيه صورة لرجل مسن يحمل في الجهة اليمين توارة وفي الجهة الشمال ملعقة وسبحة ومبخرة، يعلو ذلك رسم بناء تحيط به حديقة ترمز إلى الأرض الموعودة.وتخلو الكنس اليهودية من الفرش والأمتعة عدا الحصير، وفي بعض الكنس توجد صناديق تحوي نسخا مخطوطة من التوراة على جلد الغزال.
رمضان عند اليهود
اشتهر أبناء الطائفة اليهودية بعمران بأخلاقهم واحترامهم لمشاعر المسلمين، وفي جميع الأحوال وفي شهر رمضان الذي يؤدي فيه المسلمون فريضة الصيام يلتزم اليهود بعدم الأكل أو الشرب خارج منازلهم مراعاة واحتراما للشعائر الدينية لدى جيرانهم المسلمين، ويمتنعون أيضا من تناول القات نهارا وغالبا ما يتناولون القات في شهر رمضان ليلا للتسامر حتى الفجر ليناموا أوقات النهار، ويمارسون حرفهم ومهنهم في الوقت الذي يمارس فيه المسلمون في المنطقة أعمالهم ويشتغل أبناء الطائفة في اليمن بأعمال حرفية متعددة منها النجارة والحدادة وإصلاح السيارات، ويعمل البعض في مواسم الحصاد الزراعي لدى ملاك الأراضي الزراعية من المسلمين.
حياتهم الاجتماعية.. الزواج والطلاق
عادات الزواج عند أبناء الطائفة اليهودية لا تختلف كثيرا عن عادات المسملين في الزواج بالمنطقة، فمن أصول الزواج لدى يهود اليمن (الملكة) وهي ما يسمى بعقد الزواج، وتكون الملكة بقيام طالب الزواج أو العيلوم وبعض الأقارب، الذين تشترط اليهودية أن يكون عددهم ثمانية، بالشهادة على عقد الزواج ويكتب عقد الزواج بحبر التلمود ويوقع الزوجان على العقد وتوضح فيه كل التفاصيل عن حقوق وواجبات الزوج والزوجة ويبارك العيلوم للزوجين زواجهما وبعد ذلك يكون حفل الزفاف الذي يستمر لمدة سبعة أيام تبدأ من الخميس أو الجمعة، ولا تمانع الطائفة من مشاركة نساء المسلمين في الاحتفال بزفاف العروس اليهودية، حيث تجتمع النساء للاحتفال في بيتها ويكون تجهيزها بالخضاب والحناء وما جرت عليه تقاليد الزواج في المجتمع اليمني، ويتخلل حفل النساء الإنشاد والدعاء بسعادة الحياة الزوجية لكلا الزوجين. وفي آخر يوم للعرس وهو الخميس يذهب المدعوون من الرجال لأداء الصلاة في الكنيس وهي صلاة منتصف النهار ثم يعودون لتناول وجبة الغداء التي لا يدعى إليها المسلمون لحرمة الذبيحة اليهودية، وبعد الفراغ من طعام الغداء يجتمع المدعوون في غرفة كبيرة داخل بيت العريس يطلق عليها اسم (الديوان أو المفرج) لتناول القات والاستماع إلى أغان من التراث اليهودي يرددها اليهود في فمثل هذه المناسبات.
طفل يهودي يقف على قبور اليهود
-النوع الأول من العقوبة في التوراة:إذا ثبت أن الزنا تم برضا الفتاة تحدد عقوبتها بمقتضى النص الآتي:
«إذا اتخذ رجل امرأة وحين دخل عليها ابغضها وقال هذه المرأة اتخذتها ولما دنوت منها لم أجد لها عذرة...»، إن كان الامر صحيحا يخرجون الفتاة إلى بيت أبيها ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت وبناء على ما ورد في الكتاب المقدس تكون عقوبتهما الرجم حتى الموت.
- والنوع آلاخر من عقوبة الزنا في التوراة:إذا ثبت أن الفتاة أُكرهت على الزنا فلا تعاقب عندئذ، وإنما يعاقب الذي اضطجع معها وحده وأما الفتاة فلا يُفعل بها شيء. (النص من الكتاب المقدس، سفر التثنية ، الإصحاح)، أما إذا تأكد عدم صحة ما ادعاه الرجل وثبت أن زوجته عذراء فعندئذ لا يستطيع تطليق زوجته مدى الحياة وتفرض عليه غرامة مالية كما ورد في النص التالي: «يأخذ شيوخ تلك المدينة الرجل لتأديبه ويغرمونه بمائة من الفضة،
ويعطونها لأبي الفتاة، فتكون له زوجة لا يقدر أن يطلقها كل أيامه»، والطلاق حق للرجل لأن العصمة تبقى في يده وحده وليس للمرأة إلا مؤخر صداقها وله أن يرجع مطلقته قبل أن تزوج بآخر فإن تزوجت بآخر فقد حرمت عليه نهائيا حتى في حال طلاقها من زوجها الأخير أو موته. وتحث الشريعة اليهودية على زواج الرجل الذي يبلغ من العمر الثالثة عشرة والبنت البالغة الثانية عشرة، وتجوّز اليهودية الزواج قبل هذا السن بالنسبة للبنت إذا ظهرت علامات البلوغ.
وتشترك عادة الزواج المبكر عند يهود اليمن مع الموروث الثقافي للمجتمع كله ولا سيما في المجتمعات الريفية التي غالبا ما يفضل الزواج في سن مبكرة لاعتقادهم بأن الزواج المبكر يحصن الجنسين من الوقوع في الخطيئة.
ويرى أبناء الطائفة اليهودية أن الشاب اليهودي إذا بلغ العشرين عاما ولم يتزوج يستحق اللعنة ما لم تكن هناك أسباب صحية أو مادية تحول دون الزواج في السن المعتاد. ولا يوجد ما يمنع الرجل من أبناء اليهود أن يتزوج من امرأة أو أكثر من أربع نساء أيضا دون تقييد.