الحاجة إلى الرئاسة الرسولية... وفوراً !

> غسان تويني:

>
غسان تويني
غسان تويني
حزب من أجل الله، ومخيّماً في ظل أكبر تجمّع في العالم من الكنائس والجوامع في مثل هذه المساحة الضيقة... ولا يلهمه الله ان يصلّي بورع وخشوع من أجل السلام ولو مرة، حين ترتفع دعوات المؤذّنين لتلتقي في ظل السماء أناشيد الأجراس التي تبتهل وهي تدعو المصلّين الى الايمان... بدل تدفّق الخطب والتصريحات المجبولة كلمتها بالحقد؟

ليست الدعوات الحاقدة في حد ذاتها التي تهمّنا، انما كونها في هذا الاسبوع بالذات كانت، حتماً من حيث لا يدرك مطلقوها، وكأنها تنشئ المناخ الفكري بل العقائدي لتفجيرات متسلسلة في أكثر من عاصمة - ولم توفّر مقاماً في العراق مقدساً - على نحوٍ نخشى ان يرسّخ، في العالم الذي يشغله تطرّف المسلمين (وتراجع العلمانية في تركيا الأتاتوركية) الظن ان افق الاسلام الذي صار او يكاد طبيعياً هو الارهاب ولا فسحة لحوار، حتى ولا في جيرة حديقة تاريخية اريد لها ان تسمّى "حديقة السماح"... فأين السماح؟.

وهل يمكن ان تبقى في مثل هذا الجو صدقية رسائل الاستغفار التي كتبها "أمراء الحروب" ("نهار الشباب" في 13 نيسان الجاري)، ولا تردد في أقلامهم والقلوب والعقول لأنهم، هم، يدركون أية مآسٍ صنعت حروبهم وأيّ دمار!...

***
... وعلى بُعد خطوات، أبواب مجلس الأمة مقفلة دون حوار الزعماء هؤلاء، فلا يسعهم التخاطب مواجهة واحياء ذكرى ليوم 13 نيسان المشؤوم تكون بمثابة شريعة تتعهد عدم الوقوع مجدداً في شرك الحرب، ولا ارهابها ولا الاجرام الذي لا ترجمة عملية سواه لمزامير الحقد أياً يكن مرتّلوها!

"الابواب، الأبواب" تقول صلاة المسيح الرامزة الى القيامة، وقد حفل اسبوع آلامه وقيامته بمظاهر تقوى وعودة الى الروحانية في الايمان بقدسية هذه الأرض ندر ان عاش مثلها لبنان المعذّب المأسور في الحزن والسأم، ينتظر قيامة نتناظر في امكانها واستحقاقاتها... بينما يبشّرنا يومياً ذلك المفترض فيه ان يكون رئيس جمهورية لبنان، بحربٍ أهلية اذا تقبلنا محكمة دولية ولو كان الآتي بها إلينا رسل المنظمة العالمية التي ساهمنا نحن في تأسيسها وشرعنتها لتكون حارسة السلام في العالم، بما فيه حدودنا السائبة أمام الاعداء والاصدقاء بل الاشقاء على حد سواء، يمعنون في خرقها بل تمزيقها بلوغاً لدمارنا واستفزازنا لكي نتحارب ونتقاتل ونهدّم حتى ما أعدنا تعميره.

فإلى أين؟ ومن تراه يكون، ومن أين يأتي رسول السماح والتوبة والسلام؟

***
مرة أخرى، نردّد: الحاجة وفوراً من دون انتظار حتى لا يفوت الأوان ولا تلفنا وتسربلنا دعوات الحقد، وتنتقل إلينا مآثر العراق والمغرب والجزائر - الحاجة الى رئيس رسولي رؤيوي يستخلص من افعال الايمان بلبنان الحياة المتفائلة... كتلك التي تعاهد عليها شباب التقوا حول ذكريات الأيام الجهنمية يرفضون مآسيها... أو تلك في المقابل واليوم ذاته التي لا يزال يزرعها في ظل "خيمة مضيافة بيضاء"، وعلى بعد أمتار من الجوامع والكنائس، ومن خيم الحرب، الذين يحفرون في الأرض وفي البحر علامات الطموح اللبناني التاريخي الى قيادة النهضويات الكونية، لا يستكثرونها على لبنان بدل الانسياق وراء الدعوات الى الهجرة اليائسة البائسة!!!

مَن الرسول، رسول الأمل؟

ومن الرؤيويّون المؤمنون بالخير الذي تخصب به أرضنا؟

كثيرون ولو استهدفهم رسل الحقد والكفر بالله الرحمن الرحيم الذين يدّعون الانتساب الى وعده.

المطلوب، فوراً فوراً، العودة الى حوار ليس من أجل تبادل الكلمات المفرغة من الروح، بل من أجل الاتفاق على انتخاب مخلّص يخرجنا من حلقة الارهاب الفكري التي تكاد تخنقنا... ولو كانت حلقة مفرغة!!

عن «النهار» اللبنانية 16 أبريل 2007

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى