فضيحة إسمها مسابقات الناشئين

> «الأيام الرياضي» إبـراهيــم حجــازي:

> المستوي الحالي الذي عليه أي لاعب كرة بالفريق الأول لأي ناد مرتبط تماما بما حصل عليه هذا اللاعب في مراحل الناشئين من رعاية في المهارات الفنية واللياقة البدنية والصحية والغذائية والسلوكية والنفسية .. وبقدر حجم ونوعية الرعاية في مراحل الناشئين يكون المستوى في مرحلة الكبار مع الفريق الأول !.

هذه حقيقة علمية لا خلاف عليها وتخرج عنها الحالات النادرة التي فيها المهارات واللياقة موجودة بالفطرة وهي كما قلت حالات نادرة لا يمكن حتى اعتبارها استثناء .. وعليه نحن أمام واقع يقول إنه لا يمكن أن يكون عندنا لاعبون كبار متميزون مهاريا وبدنيا وسلوكيا ما لم تكن عندنا رعاية تامة متكاملة للنشء الصغير تضمن تعليمه وإكسابه كل المهارات وكل السلوكيات وكل عناصر اللياقة وهو صغير لأنها الضمانة الوحيدة لتقديم لاعب كرة قدم متميز فيما بعد !.طيب أين نحن من هذه الحقيقة؟ ..لا علاقة لنا بها لأن الاهتمام باللاعب عندنا يبدأ عند وصوله الفريق الأول وفيما عدا ذلك كل مايحدث لهذا اللاعب قبل وصوله الفريق الأول هو شكل بلا مضمون ومجرد تسديد خانات حتى يقال على الورق إن عندنا ناشئين وعندنا لهم مسابقات وعندنا معهم مدربون وعندنا برامج إعداد لهم وعندنا الخير كله على الورق فقط لكن علي الطبيعة لا شيء في الواقع عندنا وكل ماهو موجود مجرد حبر على ورق يملأ أدراجا في هيئة أرقام وبيانات ومجملها شكل فقط بلا مضمون لأن تلك المسابقات ليس فيها فائدة لأي ناشئ لأن الاهتمام المطلق للأندية هو للفريق الأول وإن تبقي شيء يوزع على قطاع الناشئين والمصيبة أن القليل المتبقي من اهتمام هو مظهر لا جوهر فيه النادي مهتم بعدد بطولات الناشئين التي يفوز بها وليس بإعداد النشء لأن يكونوا لاعبي كرة قدم حقيقيين !.. اهتمام بشكل فيه أمامنا فرق ومدربون ومسابقات لكن ماهو عائدها الفني والبدني والسلوكي علي الناشئ؟ .. لا شيء .. والدليل اتحاد الكرة له نشاط إسمه دوري القطاعات وفيه مسابقة الشباب تحت 19 سنة في دوري على مستوى مصر بدأ الموسم بـ 16 فريقا تيمنا فيما يبدو بعدد أندية الدوري الممتاز وبعد مرور ثلاثة أسابيع من بداية المسابقة صدر فرمان بإضافة فريقين آخرين للمسابقة وهو قرار مخالف لكل اللوائح ولكل المسابقات ومع ذلك طبقناه لأننا لا نحترم لوائح ولا قانونا !. طبقناه لأجل خاطر عضوين بالمجلس أعطيا كلمة وعيب أن تسقط على الأرض كلمة أعطياها للناديين !. وبالفعل تحقق لهما ما أرادا والمسابقة التي بدأت انضم لها ناديان بعد ثلاثة أسابيع من بدايتها وإجراء مثل هذا واحد من دروس الفوضى والخروج عن النظام والسبهللة قدمها اتحاد الكرة نموذجا إلى الشباب الذي يلعب في هذه المسابقة .. قدم اتحاد الكرة لشبابه أول درس عملي في عدم النظام وعدم الالتزام والدهس علي اللوائح والقوانين وذلك بالسماح لناديين بدخول المسابقة بعد بدايتها والقرار هو في الواقع قرار استخفاف بالمسابقة ذات نفسها لأن الدهس على لوائحها معناه أنه لا قيمة لها .. اتحاد الكرة أول ما علمه للنشء الصغير هو عدم احترام اللوائح والنظام ولو كانت هذه اللوائح محترمة لاحترمها اتحاد الكرة لكنه لم يفعل وأعطى درسا عمليا في ذلك للنشء الذي نريد أن نعلمه النظام والالتزام ونطبع داخله الاحترام للقوانين واللوائح من خلال ما ننظمه له من مسابقات !.. الناشئ الذي هو عمره أصغر من 19 سنة كيف نطلب منه أن يصدقنا عندما نتكلم معه عن النظام والالتزام وحتمية ألا يخرج عن النظام وحتمية الالتزام بكل مايطلب منه داخل الملعب وخارجه؟ . كيف نفسر له أن المسابقة التي يخوضها بهدف التعلم من خلال التنافس تحولت إلى وسيلة ترضية وفاتورة من فواتير الانتخابات .. أريد أن أوضح لاتحاد الكرة أن مسابقات الناشئين تحديدا بالغة الأهمية لأنها مستقبل الكرة المصرية المتوقف على حاضر هؤلاء الناشئين والحاضر كما نرى في المسابقات تحول إلى نكتة لأن الهدف من إقامة مسابقات الناشئين انحرف وبدلا من أن يكون الهدف هو صناعة لاعب أصبح كارت مجاملة .. في كل الدنيا مسابقات الناشئين هي للتعلم وإضافة خبرات والتخلص من السلبيات والتأكيد على الإيجابيات !. الهدف من مسابقات الناشئين هو تعليم الناشئ وصقل الناشئ من خلال مسابقات يتعلم منها التنافس بما فيه من ضغوط عصبية ومواقف مختلفة جذريا ما بين لحظات انتصار ولحظات خسارة !.. الهدف من مراحل الناشئين هو استكمال كل ما ينقص الناشئ وليس انتظار نتائج من هذا الناشئ في هذه المرحلة لأن الأهم إكسابه كل ما ينقصه من مهارات وعناصر لياقة وسلوكيات والهدف من المسابقات في الناشئين هو إدخال الناشئ في منافسات وهي وحدها التي تكشف للمدربين نقاط القوة والضعف عند ناشئيهم ليعمل عليها المدربون لأن الغرض والهدف هو صناعة لاعب كرة قدم في هذه المرحلة مكتمل المهارات واللياقة والسلوكيات الإيجابية لأنه يصعب جدا جدا إكسابها فيما بعد لهذا اللاعب .

الذي قلته هو ما يجب أن يكون وهو مختلف تماما عما هو موجود عندنا ومسابقات الناشئين يتم تنظيمها للمجاملات واستكمال أوراق وتسديد خانات ولو كنا ننظمها حقا لأجل صناعة لاعبي كرة في هذه المرحلة ما جعلنا مسابقات الناشئين هدفا .. نعم .. هذه المسابقات باتت هدفا الكل يريد أن يكسبها لا أن يستفيد منها في صقل ناشئيه وتعليمهم ما تظهر المباريات افتقارهم له !.. بكل أسف الأندية تتعامل معها على أنها هدف مطلوب الفوز ببطولتها أو احتلال أفضل مراكز فيها والدليل أن عقود مدربي هذا القطاع مرتبطة بالنتائج وتلك جريمة لأن النادي هنا يدفع المدرب لأن يجعل هدفه هو الفوز بالبطولة وليس التركيز على تعليم ناشئيه ما ينقصهم لأن أحدا لا يسأله كم لاعبا متكاملا قدمت إنما يسألونه كم بطولة حققت؟ .. واتحاد الكرة من جهته لا يعنيه هذا ولا ذاك .. أي لا يعنيه أن تكون المسابقة هدفا أو تكون وسيلة تعليم لأن كل ما يعنيه أن تنظم البطولة وتكتمل وليس مهما أي شيء آخر .. معنى القرار أن الاتحاد يريد استكمال البطولة على الورق حتى لو لعبوا مباراة كل يوم .. فالأهم استكمال البطولة وليس مهما بأي صورة استكملت ! الاتحاد يعنيه هنا الشكل فقط بينما مضمون قراره دمار لهذا النشء وتعريضهم لإصابات قد تبعدهم عن الملاعب وتحرمهم من الاستفادة بمسابقة مثل هذه تقام لأجل أن يلعب النشء مباريات في منافسة رسمية والهدف هنا ليس الفوز ببطولة إنما التعرف على أخطاء اللاعب التي أوضحتها كل مباراة وما ينقص كل لاعب على ضوء ما كشفته المباراة وطالما هذا هو الهدف فلابد أن تعطي للمدرب مساحة الوقت التي يتعامل فيها مع أخطاء لاعبيه والتدريب على تصحيح هذه الأخطاء والتأكد فيما بعد في المباراة التالية على اختفاء أو تراجع هذه الأخطاء .. من الآخر .. صناعة لاعب الكرة تبدأ من مرحلة الناشئين وأي تأخير في القيام بذلك استهانة واستخفاف بحقوق وطن !.

من صحيفة الاهرام المصرية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى