نائب السفير الأميركي في اليمن د.نبيل خوري في حوار مع «الأيام» :الحرب على الفساد يجب أن ترقى إلى أعلى من الحرب على الإرهاب

> صنعاء «الأيام» باشراحيل هشام باشراحيل:

>
د. نبيل خوري
د. نبيل خوري
وصف نائب السفير الأميركي في اليمن د. نبيل خوري، التغييرات التي حصلت في الحكومة بأنها «إيجابية جدا». وقال في سياق حوار أجرته «الأيام» معه:«يجب أن تكون حكومة حرب على الفساد وأن ترقى إذا لزم الأمر إلى أعلى من مستوى الحرب على الإرهاب».

ودعا نائب السفير الأميركي في سياق رده على سؤال حول الانتخابات اليمنية عام 2009م إلى «إعادة رسم المناطق اليمنية على أسس علمية خلافا لما كان في الماضي برسم بعض المناطق بشكل سياسي ولمصلحة حزب ضد أحزاب أخرى.. والعمل على تنظيف اللوائح الانتخابية من كل الفساد الذي طرأ عليها في الماضي بعد أن كان عليها خلاف كبير في عام 2006م، وتجهيز اللجنة العليا للانتخابت تجهيزا أفضل بحيث تستطيع أن تتخذ قرارات وليس فقط تكتب تقارير».

وحول الموقف الأميركي من موضوع الحرب في صعدة قال د. خوري: ».. نحن قلقون من استمرار هذه الحرب الذي قد تؤدي إلى فوضى ليس في صعدة ولكن في مناطق أخرى من اليمن ولذلك ننصح أن تستنفد كل الإجراءات والوساطات والحلول السياسية..».

يرى الأمريكان أن الحكومة الجديدة يجب أن تكون حكومة حرب على الفساد وإذا لزم الأمر إلى أعلى من مستوى الحرب على الإرهاب.. وذلك من خلال برامج جدية للانطلاق باليمن في شتى المجالات وتحديدا الاقتصادية والإدارية.

بهذه الكلمات الموجزة عبر د. نبيل خوري، نائب السفير الأمريكي لدى اليمن عن رؤيته للحكومة الجديدة وذلك في سياق حديث أجرته «الأيام» معه في صنعاء تناولت فيه عددا من القضايا ذات الصلة بالمستجدات في الساحة اليمنية والعلاقات بين البلدين الصديقين وتعزيزها.

نائب السفير الأمريكي رد على تساؤلات عدة وبشفافية ودون تحفظ وأبرزها قضايا الاستثمار والإصلاح القضائي والانتخابات القادمة 2009 والحرب الدائرة في صعدة.. وتاليا نص إجاباته عن تلك القضايا وغيرها.

< د. خوري ، تم تشكيل حكومة يمنية جديدة مؤخرا، هلا أعطيتنا انطباعك عن هذه الحكومة الجديدة؟

- نحن نعتبر التغييرات الأخيرة التي حصلت في الحكومة تغييرات إيجابية جدا منذ بدايتها في العام الماضي و قد اكتملت الآن، وهذه الحكومة على تشكيلتها الحالية هي حكومة إصلاحية وإذا أردنا أن تكون التمنيات حقيقة فيجب أن تكون حكومة حرب ولكن حكومة حرب على الفساد بمعنى أن الحرب على الفساد يجب أن ترقى إذا لزم الأمر إلى أعلى من مستوى الحرب على الإرهاب، ذلك أن الفساد مشكلة تاريخية مزمنة وتؤثر على كل المجالات بما فيها المجالات الأمنية، ونحن متفائلون أن التغيير الأخير مقصود لكي تكون هناك بداية جديدة في الإصلاحات الاقتصادية والسياسية وعلى رأسها محاربة الفساد ويتزامن هذا مع إعادة اليمن إلى برنامج العتبة في الألفية الثالثة مما يعني أنه سيكون هنالك برنامج إصلاحي متفق عليه من قبل أمريكا والحكومة اليمنية وموافق عليه أيضا من الدول الأوروبية والدول المانحة وهنالك اهتمام كبير اليوم من دول الخليج ومن دول أوروبا ومن أمريكا ومن هذه الحكومة لكي تكون هنالك حرب شاملة على الفساد على التخلف المؤسساتي وبرامج جدية للانطلاق باليمن في المجالات الاقتصادية والإدارية وفي مجالات الإصلاح السياسي.

< هل تعتقد أن هذه الإصلاحات ستكون كافية لجذب الاستثمار؟ فهناك شعور بخيبة أمل من المستثمرين.

- أظن بالطبع أن هذه الإصلاحات ترتبط ارتباطا مباشرا بإعطاء الثقة للمستثمر بأنه ستكون هنالك شفافية للقوانين والإجراءات وأن تكون هنالك فرص متكافئة عندما تكون هنالك منافسة تجارية..

< هل ستكون كافية؟

-ستكون كافية إذا تم تطبيقها كلها أما إذا بدأنا ووقفنا في نصف الطريق فلن تكون كافية ولكن مؤتمر المستثمرين الأخير الأسبوع الماضي فيه بعض الإشارات الإيجابية من قبل بعض المستثمرين الذين بالفعل بدأوا بتنفيذ بعض المشاريع الجديدة في اليمن وهنالك تساؤلات كثيرة طرحت من قبلهم وهذه التساؤلات هي تماما ما يحاول برنامج الإصلاح الإجابة عنها.

مثلا اليوم هنالك قانون محاربة الفساد الذي تبنته الدولة ولكن اللجنة الجديدة لم يتم تشكيلها بعد وبرنامج هذه اللجنة هو أن يعلن عن تقاريرها ويلاحق من يرتكبون جرائم الفساد داخل الدولة وإذا ما نفذ هذا البرنامج فسيعطي ثقة جديدة للمستثمرين، أيضا هنالك القوانين الجديدة للمشتريات لم تمرر بعد في البرلمان وعندما تمرر ويتم اختيار لجنة جدية للمناقصات العليا وعندما تستطيع هذه اللجنة أن تحكم بالعدل وبالمقاييس الدولية على المنافسات التجارية الكبيره فهذا ما ينتظره المستثمرون.

بالنسبة للبرنامج على الورق أقول نعم يكفي، ولكن البرنامج لا يكتمل إلا عندما يوضع في حيز التنفيذ فهذا ما هو متوقع، إذا كنت أنا متفائلا فسأتوقع أن هذه الإجراءات ستتخذ ضمن العام القادم وستأخذ من سنة إلى سنة ونصف لكي تنفذ ولكي يظهر مفعولها على الأرض وهذا في حيز الإمكان إذا كانت الإرادة السياسية بالفعل موجودة، وإذا نفذ هذا البرنامج بنشاط فأتوقع بعد سنة ونصف أن تكون كل هذه الإجراءات نافذة وأن يتم تأهيل اليمن إلى العضوية الكاملة في برنامج الالفية الثالثة بعد سنه ونصف.

< واجه اليمن، تحديدا مع برنامج الألفية الثالثة مشكلة مع حرية الرأي .. هل سيكون تحرير الإعلام المرئي والمسموع أحد شروط العضوية الكاملة؟

- هو ليس شرطاً بل مقترح، بمعنى أننا ننصح به ولكنه ليس شرطا فحرية الكلمة تنفذ بطريقتين إما بوسائل الإعلام الموجوة اليوم بأن لا يكون عليها ضغوط ولا تخضع لتدخلات من الدولة، هذا من جهة، ومن هذه الجهة فاليمن أحسن من غيره من دول الجوار بالنسبة لحرية الكلمة ، و لكن هناك تأخر بخصخصة وسائل الإعلام المرئي والمسموع مما يسمح بنسبة أعلى من الحرية، بمعنى أنك تفتح المجال لآراء مختلفة أن تظهر وأن تظهر بشكل يصل إلى معظم اليمنيين أكثر من الصحف، ولكن حقيقة أنا لا أتوقع أن يتم تنفيذ هذه الخصخصة .. لا أرى حاليا أن الإرادة السياسية موجودة لفتح مجالات الإعلام المرئية والمسموعة بعد.

< يزور الرئيس علي عبدالله صالح واشنطن.. ما الموجود في أجندة واشنطن؟

- من وجهة نظرنا نحن النقطة الرئيسية هي الإصلاحات الاقتصادية، سيكون هنالك نوع من الثناء على الإجراءات التي أخذت حتى اليوم وخاصة الإجراءات التي خولت اليمن أن يتأهل لبرنامج العتبة الألفية الثالثة وتشجيع اليمن على المضي في هذه الإصلاحات، يعني هنالك اعتراف بأن هنالك آليات جديدة توضع لكي تنفذ الإصلاحات، يجب أن نقول هذا جيد ولكن نقول الآن يجب أن تستمروا بالنصف الآخر من الطريق وهو تطبيق وتنفيذ هذه الإجراءات.. هذه نقطة والنقطة الأخرى هي بشكل عام التعاون الأمني والمواضيع الإقليمية كلها ستكون موضع نقاش، قد يكون من الطرف اليمني هنالك بعض النقاط التي يريدون أن يثيروها إضافة إلى ما نريد أن نثيره نحن.

< لاحظنا في السنوات الخمس الأخيرة أن معظم المانحين يقومون بتحاشي الإصلاحات القضائية أو ليسوا دافعين بقوة في هذا الموضوع مثل بقية الإصلاحات السياسية والاقتصادية رغم ضرورتها القصوى!

- الإصلاح القضائي موجود في برنامج الألفية الثالثة وهناك مقترحات يمنية تقدم إلى الألفية الثالثة، بالنسبة للإصلاح القضائي أظن بعض الخطوات التي اتخذت حتى الآن هي خطوات جيدة ولكن ننتظر برنامجا أكبر كالذي يمكن أن تموله الألفية الثالثة، ولكن حتما الإصلاح القضائي موضوع على الطاولة .

< هل من الممكن أن تحدثنا عن الانتخابات القادمة في 2009؟

- هنالك انطلاقة جيدة منذ نهاية انتخابات 2006م والتقارير الدولية التي صدرت عن اللجنة الأوروبية للمراقبة والمعهد الوطني الأمريكي تشكل أرضية جيدة لتصحيح الأخطاء التي حصلت في 2006 وللبناء على أرضية الإصلاحات التي نفذت في 2006 بمعنى أن انتخابات 2006 شكلت تحسنا عن الانتخابات الماضية ولكن هنالك أمورا مهمة جدا وتأخذ بعض الوقت لإصلاحها ويجب البدء فيها من الآن، فمثلا يجب إعادة رسم المناطق الانتخابية بناء على الإحصاء الأخير (إحصاء التعداد السكاني) لأن الأعداد تغيرت. ومن المعروف أن من أشكال الفساد في الماضي أن رسم بعض هذه المناطق كان يتم بشكل سياسي ولمصلحة حزب ضد أحزاب أخرى، ولذلك يجب أن يعاد رسم هذه المناطق على أسس علمية، والمنظمات غير الحكومية الدولية الموجودة هنا مستعدة لأن تساعد في هذا المجال، ونحن ننصح بأن يبدأ العمل عليها منذ اليوم لكي تكون جاهزة لانتخابات 2009 .. الشيء الآخر المرتبط بها هو اللوائح الانتخابية وكان عليها خلافات كبيرة في 2006 ولكن تم الوصول إلى حل وسط للمضي بها ولكن قبل أن نصل إلى انتخابات 2009 يجب أن تنظف هذه اللوائح من كل الفساد الذي طرأ عليها في الماضي وأيضا أن ترتبط ارتباطا مباشرا بالمناطق الانتخابية الجديدة وربما أن تكون مرتبطة أيضا ببطاقة هوية وطنية جديدة تعمل عليها وزارة الداخلية لكي تقلص إمكانيات الغش والفساد في الانتخابات القادمة، إضافة أن هناك شيئا مهما وهو قانون تمويل الحملات الانتخابية الذي يمكن أن يمر في غضون عام أو عام ونصف لو بدأ العمل فيه منذ اليوم فذلك أيضا سيجعل فرص المتنافسين متكافئة .. لو نفذ هذا القانون بالإضافة إلى التدريب الروتيني وتجهيز اللجنة العليا للانتخابات تجهيزا أفضل للانتخابات القادمة وتحديد دورها بشكل أكثر وضوحاً بحيث تستطيع أن تتخذ قرارات وليس فقط أن تكتب تقارير، يعني أن موظفي اللجنة العليا يجب أن يكون لديهم القدرة على الحد من التدخل مباشرة في مراكز الاقتراع عندما يجدون هذه الأخطاء أمامهم، فأظن الإصلاح الانتخابي سيكون مهما جدا بالإضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية المقترحة للعام القادم.

< التزمتم الصمت حيال موضوع تمرد الحوثي في صعدة.. هلا أوضحت موقفكم؟

- نحن ومرة أخرى كالماضي مع الدولة وحقها في فرض سلطة القانون في كل أنحاء البلاد، للدولة الحق في الدفاع عن نفسها عندما يواجهها متمردون مسلحون، ولكن نحن أيضا قلقون من أن هذه هي المرحلة الثالثة على مدى سنتين من هذه المشكلة وأنه لم يستطع الطرفان أن يصلا إلى حل سياسي أو حل عسكري.

< رئيس الوزراء قال مؤخراً إنه لا حل سوى الحرب.

- نحن نعتقد أنه في كل مشكلة هنالك دائما حلول أخرى، والحرب تكون الملجأ الأخير عندما لا يستطيع الطرفان الوصول إلى اتفاق.. الحرب استعملت في 2004-2005 م ولم تصل إلى نتيجة حاسمة، ونحن قلقون من أن استمرار هذه الحرب قد يؤدي إلى فوضى ليس فقط في صعدة ولكن في مناطق أخرى من اليمن قد تستغلها فئات خارجية ولذلك ننصح أن تستنفد كل الإجراءات والوساطات والحلول السياسية، وعلى كل حال الحرب دائرة اليوم ولكن كل حرب لا بد أن تنتهي بسلم وكل سلم لا بد أن يكون له شروط معينة فبالنهاية بعد أن تسكت المدافع يجب أن يكون هنالك حل يضمن لكل سكان هذه المناطق حقوقهم وأن يضمن للدولة سلطتها وهيبتها بأن تستطيع أن تتحرك وتفرض النظام في كل أصقاع اليمن.. في هذا المجال يجب أن يكون هنالك معاملة متساوية لكل المواطنين، ولنعط مثلاً بالنسبة للاقتصاد لوكان الشمال منطقة مفتوحة لكل الدول المانحة لاستطاع الشق الشمالي من اليمن أن يحصل على برامج الدعم والتنمية مثل سائر اليمن وهذا ما نصحنا به بعد نهاية الفترة الأخيرة في 2005 من القتال في الشمال، إضافة لمسألة حمل السلاح فالحكومة الجديدة بدأت بتنفيذ القوانين القديمة وأخذت إجراءات جديدة بالنسبة للسلاح.

يعني من الصعب أن تطلب من المواطنين في الشمال أن لا يحملوا السلاح عندما يحمل السلاح المواطنون في كل أنحاء البلاد الأخرى، وفي هذا المجال يجب التنبه إلى أن الخطر الأهم يأتي من تجارة الأسلحة، والدولة قد اتخذت بعض الإجراءات للحد من تجارة الأسلحة بعد أن وصلت خطورة هذه الأسلحة إلى ما وصلت إليه ، فالمتمرد يحصل على أسلحته من الأسواق المحلية، والجماعات الإرهابية في البلاد وخارج البلاد تحصل على أسلحتها من الأسواق المحلية اليمنية، يجب أن يكون هنالك حل جذري وأن يمنع منعا باتا كل من يتاجر بالأسلحة في اليمن، وأنا لا أتكلم عن الشخص الذي يحمل قطعة أو قطعتين من السلاح أنا أتكلم عن تاجر الأسلحة الذي يأتي بسفينة كبيرة مليئة بكل أنواع الأسلحة ويبيعها في البلاد. هذه الظاهرة يجب أن تنتهي، ونحن نتوقع خيرا من الحكومة الجديدة بأنها أدركت جدية الموضوع وأنها ستنفذه تنفيذا صارما ليس على الشمال فقط ولكن على كل أنحاء اليمن إن شاء الله.

- إن شاء الله .. شكرا دكتور خوري.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى