معاهدات بريطانيا عن عدن وعمقها الجغرافي والأمني

> «الأيام» نجمي عبدالمجيد:

>
دار المندوب السامي الجديدة أثناء تشييدها ويقال إن أحد المقاولين اليمنيين قام ببنائها وإهدائها إلى المندوب السامي البريطاني وقد تحولت إلى دار رئاسة الجمهورية بعد الاستقلال عام 1967م
دار المندوب السامي الجديدة أثناء تشييدها ويقال إن أحد المقاولين اليمنيين قام ببنائها وإهدائها إلى المندوب السامي البريطاني وقد تحولت إلى دار رئاسة الجمهورية بعد الاستقلال عام 1967م
أدركت بريطانيا منذ دخولها عدن في 19 يناير 1839م أهمية المعاهدات في رسم وتحديد العمق الجغرافي والأمني لمسافات الوجود البريطاني في عدن، فكانت تلك النصوص السياسية - القانونية السور العسكري الذي يوضح مساحة النفوذ البريطاني وعند أية نقطة تبدأ أملاك السلاطين والأمراء في الجنوب.

أول معاهدة بين بريطانيا وحاكم في جنوب الجزيرة العربية (6 سبتمبر 1802م)

توثيقا لجوانب هامة من تاريخ المعاهدات بين بريطانيا وعدن، نقدم أول معاهدة وقعت بين سلطان لحج وعدن أحمد عبدالكريم فضل بن علي بن صلاح بن علي السلامي وبريطانيا، والتي وقعها سفير بريطانيا لدى الدول العربية السر هوم بوفم، وكان وصوله إلى اليمن لعقد معاهدة تجارية مع إمام اليمن في سنة 1217هـ الموافق 1802م.

غير أن هذه الرحلة لم يكتب لها النجاح وغادر السفير البريطاني إلى عدن بحرا على متن السفينة البريطانية راني، وكان يعرف أن سلطان لحج وعدن يستقبل الانجليز بترحاب وإكرام وقد اجتمع السلطان مع السفير واطلع على شروط المعاهدة ووافق عليها، وكان ذلك بتاريخ 6 سبتمبر من عام 1802م وهي أول معاهدة تعقدها بريطانيا مع حاكم عربي في جنوب الجزيرة العربية وكانت تلك المعاهدة تحتوي على 17 بندا، ويذكر البند الأول منها أن العلاقات التجارية ستكون بين شركة الهند الشرقية ورعايا بريطانيا الذين يسمح لهم حاكم الهند العام من جهة ورعايا السلطان من جهة أخرى.

أما البند الثاني من المعاهدة ينقسم إلى: 1- أن يجعل السلطان ميناء عدن مفتوحا أمام جميع البضائع الواردة على متن السفن البريطانية.

2- أن لا يزيد ما يأخذه السلطان من عشور على اثنين في المئة بنسبة ما هو مسجل في قوائم البضائع لمدة عشر سنوات، وليس للسلطان أو نوابه أن يطالبوا أي عشور آخر كرسوم جمركية أو موازين أو رسو السفن.

وكان البند الثالث من المعاهدة امتدادا للبند الثاني ومما جاء فيه أن السلطان يمكن أن يزيد الرسوم إلى ثلاثة في المئة بعد انتهاء مدة المعاهدة وتجديدها لمدة أخرى وأن لا يفرض السلطان أي نوع آخر من الرسوم الجمركية أو الموازين وغيرها.

أما إذا خالف السلطان أو من جاء بعده في الحكم هذا الشرط فسوف يكون هذا العمل إخلالا بالصداقة مع بريطانيا وخرقا للعلاقات التجارية.

أما البند الرابع من المعاهدة فهو يقضي بضرورة دفع اثنين في المئة لمدة عشر سنوات ثم ثلاثة في المئة بعد أن تمر الفترة الزمنية المذكورة على كل البضائع (الصادرة من حاصلات بلاد السلطان أو البلاد المحيطة بها). والعبارات الأخيرة من هذا البند، تهدف إلى حرمان خزينة السلطان من مبلغ مالي كبير.

البند الخامس يذكر، إذا اشترى من عدن أو مينائها أحد رعايا الدولة البريطانية بضائع ليست من حاصلات بلاد السلطان وأراد أن يرسل بها إلى الخارج، فلا يكون للسلطان حق أخذ العشور عليها لأنها لا تعد من حاصلات بلاد السلطان بل هي مستوردة من الخارج، لأن عشورها يكون قد دفع أثناء دخولها إلى عدن.

البند السادس أعطى لرعايا بريطانيا الذين استخدموا ميناء عدن الحرية الكاملة في مواصلة أعمالهم من غير أية ضغوط من جانب السلطان أو نوابه ومن دون وسطاء أو دلالين الا باختيارهم. أما البند السابع فيذكر أن السلطان قد وافق على أن يكون في عدن مقيم بريطاني يرعى المصالح البريطانية ورعايا التاج البريطاني من الانجليز وذكر هذا البند انه من حق رعايا بريطانيا أن يسلموا أموالهم لمن يختارون من غير ضغط سواء أكانوا أصحاء أو مرضى.

كما ذكر هذا البند ايضا إذا توفي أحد رعايا الدولة البريطانية فيلزم أولا أن تسدد من مخلفاته جميع الديون التي عليه لرعايا السلطان أما ما بقي من المخلفات فيسلم إلى المقيم البريطاني لإرساله إلى عائلة المتوفى في الهند أو في أي بلاد أخرى.

والبند الثامن يقضي بأن يسجل كل رعايا الدولة البريطانية الساكنين في عدن وأن يحمل كل واحد منهم على شهادة مسجلة في دائرة القاضي ودائرة المقيم البريطاني.

أما إذا ادعى أي شخص لنفسه الحماية البريطانية سواء أكان من أوروبا أو من رعايا السلطان فلا يحق له أن يتمتع بالامتياز المذكور في البند السابع.

وكان البند التاسع امتدادا للبندين الثامن والسابع حيث نجد الامتيازات التي ذكرت تشمل الزوار والمسافرين والضباط المشرفين على السفن البريطانية وبحارة تلك السفن إذا هم قدموا شهادة من قائد السفينة التي ترسو في ميناء عدن.

وفي البند العاشر يتعهد السلطان بأن يعمل على إرجاع الديون التي على رعاياه لرعايا الدولة البريطانية، وإذا لم يدفع المديون الدين الذي عليه بعد أن يثبت الرعوي البريطاني ماله ويقدم دعواه إلى القاضي فللقاضي الحق في إصدار الحكم بحجز مال المديون وبيعه لصالح الدائن ويكون ذلك بعد ثلاثة أشهر من تقديم الدعوى.

وإذا كان المديون ليس له مال فمن حق القاضي أن يأمر بحبسه حتى يتم بشأنه تدبير يرضي الدولة البريطانية.

أما البند الحادي عشر من تلك المعاهدة فهو يعطي المقيم البريطاني سلطة قضائية مطلقة وكأنه في بلاد مستعمرة بريطانية.

بل كان من حقه أن يشير على القاضي بإصدار أمر الحبس على من يحكم عليهم المقيم البريطاني ويقول هذا البند: «إنه في حالة وقوع نزاع بين رعايا الدولة البريطانية في بلاد السلطان يلزم أن ترفع الدعوى لا إلى القاضي نائب السلطان بل إلى المقيم البريطاني الذي يقوم بالحكم وإجراءات الحبس طبقا للإجراءات السارية في بلاده ويكون نافذا في أي دعوى لا تتجاوز ألفي ريال. وإذا زاد المبلغ عن ذلك يرفع استئناف إلى الهند وفي حالة رفض أحد الفريقين المتنازعين لحكم المقيم البريطاني فيمكن للمقيم أن يشير على القاضي بأن يسجنه».

والبند الثاني عشر يقضي بإحالة المنازعات بين رعايا الدولة البريطانية ورعايا السلطان إلى محاكم البلاد المحلية. أما في البند الثالث عشر فيقبل السلطان أن يعطي الدولة البريطانية بقعة أرض مقررة المساحة تكون في غرب مدينة عدن (الخساف) مقابل مبلغ من المال.

ويمكن لشركة الهند الشرقية أن تقيم أي بناء على تلك البقعة وأن تشيد دربا حول البقعة إذا دعت الحالة، ويتعهد السلطان أن يمنع رعاياه من إقامة أي بناء حوالي الدرب إلى مسافة تقرر مقاسها في المعاهدة. أما البند الرابع عشر فيعطي الحرية لرعايا الدولة البريطانية في دخول عدن من أي ناحية وأن يركبوا الخيل والبغال والحمير أو أي حيوان آخر يرغبون فيه دون أي معارضة أو إهانة.

ويقضي البند الخامس عشر بأن لا يقبل أي جندي بريطاني يلجا إليه راغبا في اعتناق الدين الإسلامي إلا إذا وافق المقيم البريطاني.

كما نص أيضاً هذا البند: «أن على القاضي أن يرسل إخطارا رسميا إلى المقيم البريطاني وإذا لم يطلب المقيم البريطاني إعادة الجندي الهارب خلال ثلاثة أيام فللقاضي أو أي نائب للسلطان أن يتصرف بمقتضى رأيه في معاملة الجندي البريطاني».

والبند السادس عشر يعطي السلطان مجانا بقعة أرض لتكون مقبرة عامة لرعايا الدولة البريطانية الذين يموتون في حدود بلاد السلطان.

أما البند الأخير من المعاهدة فيذكر هذا الشرط: «يقبل السلطان والدولة أنه إذا اقترح أحد الفريقين مادة غير مذكورة في هذه المعاهدة فستعتبر ملحقة بالمعاهدة».

تلك المعاهدة كانت بداية الدخول البريطاني جغرافيا وسياسيا واقتصاديا إلى عدن وما يحيط بها من حدود ومساحات تضمن لهذا التواجد حالة من الاستقرار الأمني.

وبعد دخول بريطانيا إلى عدن جاءت عدة معاهدات عملت على تشكيل نوعية العلاقة بين عدن وبريطانيا والمحميات الشرقية والغربية، وكلها تهدف إلى جعل عدن البريطانية في حالة أمنية دائمة الاستقرار. ونقدم بعضاً من معاهدات تلك الحقبة كقراءة لمعرفة العمل السياسي البريطاني في هذه المنطقة التي توسع حركتها على مستوى الجزيرة العربية، حيث كانت لبريطانيا عملية إعادة صياغة الوضع السياسي من خلال الترسيم الجغرافي الذي يعد في مفهوم الفكر السياسي البريطاني الموقع الثابت والمتحول في خلق الكيانات السياسية.

رحيل القوات البريطانية من عدن
رحيل القوات البريطانية من عدن
تاريخيا يعود اتصال بريطانيا بعدن إلى 8 ابريل 1609م عندما جاء الكابتن الكسندر شاربي على متن السفينة اسينشون من جل إقامة علاقات تجارية مع اليمن وفي عام 1610م أرسلت شركة الهند الشرقية ثلاث سفن بريطانية إلى عدن تحت قيادة سير هنري ميدلتون وكان يوم وصولها بتاريخ 10 نوفمبر من نفس العام، ورحلة أخرى عام 1612م إلى ميناء المخا، وفي سنة 1618م وصل القبطان شلنج إلى المخا على متن السفينة البريطانية آن رويال من أجل إقامة وكالة تابعة لشركة الهند الشرقية ومن خلال قراءة التاريخ البريطاني في المنطقة ندرك أن الغرض هو الوصول إلى أهم موقع حغرافي، فكانت عدن بعد عدة مراحل من الاستطلاع في هذا المكان.

عدن - العبدلي -رقم (3) 1839م

معاهدة صداقة بين العبادلة والإنجليز

موقعة من قبل الوكيل وصهر السلطان محسن 1839م

بسم الله الرحمن الرحيم وبمنة الله.

اعتبارا من هذا اليوم وللمستقبل فإن السيد محمد حسين بن وائس بن حامد صفرين يقطع على نفسه وعدا للقبطان هينس بأنه ستحل الصداقة والأمن وكل ما فيه مصلحة الإنجليز والعبادلة وإنني أعد أن لا أعمل خطأ أو أسيء لاحد ولن يعم إلا السلام وأن الحكومة البريطانية تبادله هذا الوعد ويوافق السلطان محسن وعلى مسؤوليته وكل الأمراء العبادلة على هذا الوعد، وسيمنع كل الذين يقطعون الطرقات من ارتكاب أية مخالفات كما لو كانت عدن تحت سيطرة السلطان محسن. تم الاتفاق على هذا بيني وبين القبطان هينس نيابة عن الحكومة البريطانية، وأعد إن شاء الله أن أكثر من ذلك، وأطلب من القبطان هينس أن يبادلني نفس المشاعر والوعود إن أمكن.

السيد محمد حسين بن وائس حسن الخطيب

اس. بي. هينس

17 ذو القعدة 2 فبراير 1839م

عدن - العبدلي - رقم (3) 1839م

اتفاقية بين السلطان محسن وأولاده والإنجليز ممثلا بوكيله المعتمد 1839م

ثم الاتفاق بين السيد محمد حسين وحسن الخطيب، ممثلين لسلطان لحج والقبطان هينس، وكيل الحكومة..

بناء على كلمة ووعد السلطان محسن فإنني أعد أن لا يكون هناك انتهاك لحرية الطريق أو خلاف بين رعاياه والرعايا الإنجليز وأؤكد أن يكون هنالك أمن واستقرار وأوافق أيضا أن لا يكون هناك خلافات أو ضغوط وأن الانجليز يوافقون على الأمن وأن يكون للتجار حرية الحركةة التجارية دون اضطهاد.

شهد على ذلك:

راشد عبدالله، حاجي محمد حسين، حاجي جعفر، السيد محمد حسين بن وائس، محسن بن عبدالله الخطيب

اس. بي. هينس

حررت في 4 فبراير 1839م

أقرت حكومة بومباي هذه الاتفاقية

في 23 فبراير 1839م

عدن - العبدلي - رقم (4) - 1839م

ترجمة تعهد بين السلطان محسن فضل وأولاده

السلطان أحمد بن محسن فضل علي وعبدالله وفضل

مع القبطان هينس الممثل السياسي في عدن 1839م

وافق السلطان محسن بن فضل وأولاده المشار إليهم أن يكون مسؤولا للحكومة البريطانية عن أية اضطرابات أو قلاقل يرتكبها رعاياه على الطرقات وأن لا يقاوموا الحكومة البريطانية لأن مصالحهم متطابقة لينعم الجميع بالاستقرار العام الذي شهدته منطقتهم ويحمي الفقراء والضعفاء ويؤمن رجال قبيلته الطرقات العامة.

ستتحمل الحكومة البريطانية كافة العوائد التي فرضتها سلطنة لحج على كل من الفضلي واليافعي والحوشبي وقبائل الأمير وسيستلم السلطان محسن وأولاده وكل الأجيال التي تأتي بعدهم مخصصات من الحكومة البريطانية تقدر بـ 6500 ريال سنويا ابتداء من شهر ذي القعدة 1254هـ (يناير - فبراير 1839م) وستبقى المنطقة الممتدة من خورمكسر إلى لحج تابعة للسلطان طالما أنها عرفت منذ وقت بتبعيتها لقبيلة العبدلي.

سيعمل السلطان مع الحكومة البرطانية على صد أية قلاقل أو هجمات تتم على لحج وقبيلة العبدلي أو على عدن والقوات البريطانية.

سيلتزم رعايانا بالقوانين البريطانية عند زياراتهم لعدن، وبالمقابل سيمتثل كل الرعايا البريطانيين بقوانين سلطنتنا عند زيارتهم للحج.

سنعفى من الضرائب الجمركية عند قدومنا أو قدوم أبنائي إلى عدن.

وقع هذا التعهد يوم الثلاثاء السادس من ربيع الثاني 1255هـ الموافق 18 يونيو 1839م ختم محسن فضل

بشهادة: جعفر، وكيل القبطان، حسن عبدالله الخطيب، عبدالستار عبدالله دربي، علي باعبدالله، علي احمد.

تم التصديق على هذا التعهد من المحترم الحاكم العام لحكومة الهند في 24 اكتوبر 1839م

تي.اتش. مادوك

السكرتير الرسمي لحكومة الهند

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى