> «الأيام» أنيس منصور:

أصدرت إدارة الغابات والتصحر قراراً بجعل منطقة الرما الخضراء بالقبيطة ضمن المحميات الطبيعية في الجمهورية، وقدمت منظمة أوكساد مشروع الحفاظ على المدرجات والنباتات، وقام فريق هندسي تابع للصندوق الاجتماعي للتنمية بإجراء دراسة لمشروع صيانة المدرجات وخزانات مياه الإمطار ومشروع التوعية الإرشادية الزراعية للحفاظ على الغطاء النباتي في محمية الرما الطبيعية بمديرية القبيطة. ومما يؤسف له أن طوابير تغدو كل يوم للاحتطاب وحيوانات وطيور انقرضت، وحديث سلطوي محلي لم يجد له الأهالي مكانا في الآذان أو عبرة في القلب .. في هذا التحقيق نضع لمسات وأوصاف وهموم وأخطاء تهدد المحمية فإلى التفاصيل.

مشاهد تسر الناظرين
منظر بديع لجبال وتلال تكسوها الخضرة .. حالات من السحر الطبيعي تثير الدهشة والاستغراب، وآية عظيمة من صنع الخالق البديع .. نباتات غريبة تتعطف زهورها على قمم الجبال ومتعرجات الطرق ترسم لوحة طبيعية جميلة معطرة بروائح زكية من النباتات العطرية، وتصغي الآذان لأصوات زقزقة العصافير وهديل الحمام .. تلك هي محمية الرما الطبيعية بالقبيطة التي تتميز بغطاء نباتي وحشائش متنوعة ومناخ معتدل في الصيف، حيث تسقط الأمطار في أشهر مارس، أبريل- يوليو أغسطس، وفي أشهر نوفمبر وديسمبر ويناير يخيم الضباب وزخات المطر الخفيفة، وترتفع المحمية عن سطح البحر 1300 - 1800 متر، ويتم الوصول إليها بعد مشقة ومكابدة عن طريق كرش- حدابة توجان، بمساحة (4000 هكتار) كما تتميز من الناحية الجيولوجية بتربة زراعية صفراء ومدرجات جبلية على ضفاف الأودية وتربة صخرية رملية رسوبية في المناطق العالية وسفوح الجبال والمنحدرات، ومن الناحية الطبوغرافية فالمنطقة عبارة عن سلسلة جبلية متوازية ذات غطاء نباتي نوعي مميز وفريد، والنوع السائد والمتكاثر فيها هو نبات العرعر وأشجار القرض وهناك أشجار وشجيرات حولية وتتوزع على بعض الشعاب عيون مياه الغيول، ويذكر لنا الاستاذ مصطفى عبدالله محمد أسماء ومسميات الأشجار الموجودة قائلاً: «هي العرعر، الفروش، عتم، الورف، الراد، السنف، الحلص، السلعف ، السنب، السقم، طرنوب القرانيط، الاثاب، التين الشوكي، البلس، الكاذي، الشوحط».

وفي المحمية الطبيعية أشجار عطرية ذات رائحة زكية وحشائش الوبل والبصلة (الخرف) وأيضاً أشجار وشجيرات دوائية يستخدمها البعض لعلاج أمراض عديدة.

الأخ مختار بكيل الحربي، الأمين العام للمجلس المحلي ذكر في حديثه الأحياء الفطرية في المحمية والثديات والقرود والثعالب والجنادب والقنافذ والأرانب البرية وحيوانات غريبة تظهر في أوقات محددة. أما الأخ جازم الحساني فاستعرض الطيور وأنواعها المتكاثرة وسط الأشجار كالنسور والحمام والهدهد والقمري وأنواعا من الطيور المهاجرة والزواحف بشتى أنواعها.

وكان فاروق عبدالله القباطي أكثر حماساً في الشرح التفصيلي، وتحدث عن الأبعاد السياحية التي ستخدم تنمية الرما وما حولها وقال إن ستين نوعا من النباتات والأشجار هي نباتات عطرية، وأن المحمية مراع للنحل.

الأخ زكريا غوبر، رئيس لجنة التخطيط والتنمية في محلي القبيطة تجول بنظره متنقلاً في المحمية الطبيعية قائلاً «بلادنا جميلة ذات غطاء نباتي، وهذه الطبيعة الخلابة تدعونا للتفكر وتنسينا هموم وأكدار الدنيا» وأشار زكريا بيده صوب مجموعة من الزهور قائلاً «سبحان الله! ربنا ما خلقت هذا باطلا». مدير عام القبيطة لحسون صالح مصلح قاسم أنعم النظر يمينا وشمالا في أول زيارة له لمحمية الرما الطبيعية والتقط صوراً للذكرى، واستمع إلى شرح مفصل عن المحمية الطبيعية وما تتعرض له بعض الحيوانات والحشرات من انقراض، بالإضافة إلى احتطاب الأشجار الخضراء.. وقد علق على ذلك بقوله «الحقيقة أني سعيد بما شاهدته، وسوف نحاسب كل من تسول له نفسه العبث بالمحمية الطبيعية، وستكون هناك زيارات أخرى وصدورنا مفتوحة لهموم أهالي الرما».

«الأيام» سألت المواطنين لماذا توجد في المحمية بقع متصحرة.. فقالوا إن أشجار العرعر يقوم الناس بقطعها للاحتطاب نتيجة الجهل.

فيما قال آخرون إنه الفقر وغلاء الأسعار والجرع. وعن سؤال حول علاقة الفقر وغلاء الأسعار بقطع الأشجار، كان جواب المواطنين «هناك ارتفاع في أسعار الأخشاب وإيجار نقلها إلى الرما فيقوم المواطنون بقطع الأشجار لاستخدامها لسقف المنازل ولوضع مصدات للسيول.

هموم الزائرين ومعاناة الساكنين
تتعرض محمية الرما الطبيعية لسلسلة من الهجمات، أولها قطع واحتطاب الأشجار الخضراء واصطياد الطيور بالسلاح والأفخاخ، حتى انقرضت بعض الأشجار والحيوانات والطيور كما يذكر ذلك بعض كبار السن.

ويجد الزائرون صعوبة في سلوك الطريق إلى المحمية حيث تتسلق السيارة فوق الصخور ويظل السائق مغامراً بحياته بين الجبال والهضاب .. فإين عناية الحكومة واهتمامها بشريان الحياة؟

وهل وجدت السلطة عجزاً بتوفير وحدة شق، والساكنون يعيشون حياة البؤس.

ويتضاعف عليهم إيجار السيارات أضعافا مضاعفة واتخذوا من قطع أشجار المحمية طريقة سهلة لسقف المنازل، وأما الذين يتلظون بالجوع والحرمان من اللحوم ومشتقاتها فإنهم يتمترسون لاصطياد الحمام البري والعقب (دجاج الجبل) وقد أنساهم هم بطونهم الاستمتاع بالخضرة والجمال. وهناك توصيات أصدرتها وزارة الزراعة، مكتب إدارة الغابات والتصحر بشأن الوعي الإرشادي للحفاظ على محمية الرما الطبيعية تبخرت في الهواء.