العلامة السلطان صالح بن غالب القعيطي (1301- 1375هـ /1884-1956م) .. لم تعرف حضرموت في تاريخها سلطاناً مثل العلامة العبقري صالح بن غالب القعيطي باعث النهضة التعليمية والزراعية

> «الأيام» محمد أحمد عبدالرحيم باعباد:

> من خلال قراءتي لشخصية السلطان صالح العلامة وما أكده المؤرخون أن لعظمته قدرات ومؤهلات وفكر تنموي حضاري، لو أطال الله في عمره سنين طوالا لكان لحضرموت شأن عظيم وتقدم متطور في حياة شعبها المحب الوفي الذي تفاءل بعهد توليه الحكم، فاتحاً لهم باب الأمل، بعد أن كاد يغلقه اليأس، فقد كانت ولايته للحكم بعد وفاة عمه السلطان عمر بن عوض القعيطي في أواخر سنة 1354هـ وهو من مواليد 1301هـ-1884م وتوفي في شوال 1375هـ -1956م رحمه الله. وقد وصف عهد توليه الحكم بأنه نهاية عهد وبداية عهد جديد، ونقطة تحول وبداية انقلاب ونصر حاسم لشعور الشعب بآدميته وكرامته، وكان مطلعاً اطلاعاً واسعاً على أحوال العالم الحديث وتطوراته، وهنا تظهر ديمقراطيته الصحيحة وحبه لشعبه في توسع دائرة التعليم، وقد فتحت في عهده الأندية والأحزاب بيقظة وطنية في وقت كانت الظروف تعمل في الجانب المعاكس وواجهها بحكمته ليبني حضارة بنيّة الإصلاح الشامل الذي جاء ليطبقه في حضرموت.

تجلي شخصية السلطان وقت الاستشارة البريطانية

تجلت شخصية السلطات صالح في صفة الإنسان الأبي الشهم الذي لا يضيره التدخل الأجنبي أمام ظروف قاهرة حتمت عليه الاستشارة البريطانية والحماية ليتخلص من نظام الطبقات ولينعم شعبه بلذة الأمن والاستقرار سائراً نحو تطور الأحوال وتحسنها، وفي الوقت نفسه يدرك إدراكاً تاماً أن الاستعمار يولي المنطقة اهتماماً كبيراً، والشعب مازال متخلفاً بالرغم من أن مؤهلاته العلمية وطموحاته الوطنية ومواهبه المتعددة وذكائه الوقاد ظل يدهش الاستشارة البريطانية من خلال طروحاته الوطنية لقضايا التنمية في البلاد التي تفوق فكراً وتخطيطاً أفكار سلاطين وأمراء المناطق المجاورة من دول الجزيرة والخليج بشهادة المستر (هارولد إنجرامس).

طموحاته التنموية في البلاد

إننا عندما نقف أمام فترة حكم السلطان صالح رحمه الله منذ توليه الحكم حتى وفاته (1354هـ - 1375هـ) والتي بلغت إحدى وعشرين سنة هجرية، وبطموحاته ومؤهلاته وقدراته نحو تنمية بلاده نجده قد حقق للشعب حياة جديدة ونهضة عمرانية ووضع حجر الأساس لنهضة ثقافية كانت فاتحة مباركة لعهد جديد من المعرفة والإصلاح الشامل لما يوليه للمعارف ونشرها، وإيلائه جل اهتمامه الخاص بالإنفاق السنوي المخصص في موازنة الدولة على بند المعارف 1355هـ- 1936م الذي يعلو بنسبة ملحوظة المبلغ المخصص تحت نفس البند من قبل الحكومة البريطانية في مستعمرة (التاج) عدن. وقد شهد المستر (هارولد إنجرامس) مع زوجته (دورين) للسلطان صالح وأفكاره التنموية للبلاد، في تلك المحاضرة التي ألقاها أمام الجمعية الملكية البريطانية الجغرافية بلندن بتاريخ 18 ديسمبر عام 1944م (محرم 1364هـ) قائلاً: «إن كل التنمية التي تحققت في حضرموت كانت بتشجيع كبير من صاحب العظمة السلطان صالح في جوانب الكهرباء وتطور الزراعة واهتمامه بالثقافة بتأسيس مكتبتين عامتين في كل من المكلا والشحر وتعتبر أول وأفخم مكتبة عربية في جنوب الجزيرة العربية بتنظيمها وترتيبها الرائع، مما يدل أن صاحب العظمة مليء بالأفكار لتنمية بلاده واهتمامه الحقيقي في هذه الأمور التنموية وليس في ضيق أفق فكان يطلب الخبراء في المجال التنموي للزراعة والصحة وإنشاء الطرق والاتصالات اللاسلكية والكهرباء والثروة السمكية، وترتيب مسح استكشافي وتحليلي لمصادر بلاده المعدنية، وكان أول من فاوض لعقد اتفاقية للاستكشاف عن النفط في الجزيرة العربية بعد البحرين وفي وقت متزامن بالتقريب مع الكويت والتي كانت مع شركة(EASTERN SYNDICATE LTD) البريطانية، إلا انها لم تقم بأية مساع.

مؤهلاته العلمية ومؤلفاته

لقد قيل عنه إنه وحيد عصره وفريد دهره، فهو العالم والفقيه والمحدث والأديب والفيلسوف والميكانيكي والملم بعلوم الطبيعة، مثقف يجيد قراءة وكتابة ونطقاً خمس لغات أجنبية هي (الانجليزية، الفرنسية، الألمانية، الفارسية والأردو) وله مؤلفات كثيرة وكانت نظرته إلى الحكم وواجباته تختلف عن نظرة غيره ممن سبقه من السلاطين لثقافته الواسعة ووعيه وغزارة علمه وإيمانه القوي بالله، حيث ينظر إلى البلاد أنها أمانة في عنق الحاكم الذي عليه أن يسعى بكل الطرق والوسائل لتقدمها ورفاهيتها وليست عقاراً خاصاً به يستنفعه لمصلحته الخاصة.

من مؤلفات السلطان صالح: (1) مصادر الأحكام الشرعية، مطبوع في ثلاثة أجزاء. (2) الآيات البينات الدالة على وجود خالق الكائنات (مطبوع).(3) التعبد بأحاديث الآحاد (مطبوع). (4) الملاحة البحرية في مجلدين (مخطوط). (5) رسالة في الهندسة (مخطوط). (6) رحلة إلى دوعن (مخطوط). (7) مفردات القرآن (باللغة العربية والأردو) لم يطبع وغيرها من مؤلفاته.

المراجع:

- الفكر والثقافة في التاريخ الحضرمي للشيخ سعيد عوض باوزير .

- تأملات عن تاريخ حضرموت قبل الإسلام وفي فجره (السلطان غالب بن عوض القعيطي).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى