التمرد في اليمن من التعتيم إلى المساحات المكشوفة الأزمة تشعل حرباً باردة عبر الانترنت

> «الأيام» عن «النهار» اللبنانية :

>
صورة من الارشيف لجنود في نقطة عسكرية أقاموها في صعدة
صورة من الارشيف لجنود في نقطة عسكرية أقاموها في صعدة
نشرت صحيفة «النهار» اللبنانية يوم أمس تقريراً عن أحداث صعدة من مراسلها في صنعاء الزميل أبوبكر عبدالله، جاء فيه:«انتقلت حرب "التمرد" التي تخوضها السلطات اليمنية ضد أنصار المرجع الشيعي بدر الدين الحوثي المتهم بقيادة تمرد مسلح في محافظة صعدة من دائرة التعتيم إلى مساحات مكشوفة عبر شبكة الانترنت التي اتاحت للمرة الأولى كسراً للحصار الإعلامي غير المسبوق الذي فرض على الأزمة الثالثة منذ اندلاعها في يناير الماضي.

وتحولت بعض المواقع الالكترونية والمنتديات اليمنية على شبكة الانترنت إلى ساحة حرب باردة بين السلطات والحوثيين وأنصارهما ومنابر لكشف مستجدات الأزمة على الأرض من طريق الوثائق وأفلام الفيديو التي ترصد مشاهد من سير المعارك في مناطق الحرب التي أغلقتها السلطات اليمنية، فضلا عن كشفها للكثير من التداعيات التي رافقت الأزمة .

ورغم تعرض بعض المواقع الالكترونية لعمليات تدمير وتوقيف مؤقتة ودائمة والاتهامات التي توجهها السلطات بعضها إلى بعض بالعمالة ودعم التمرد، إلا أن ذلك لم يمنع المبادرات من ظهور أخرى تستقطب الكثيرين ممن وجدوا فيها وسيلة مثالية للتعبير عن المواقف .

عناوين أزمة
وقياسا بالتفوق الإعلامي لدى السلطات اليمنية، وجد الحوثيون في شبكة الانترنت وسيلة جيدة لتقديم رؤاهم واختراق حاجز التعتيم الإعلامي المفروض على المعارك بنشر مقاطع فيديو عن المعارك الدائرة ونتائجها وعمليات النزوح الجماعي للسكان وحياتهم في المخيمات، فضلا عن تسلط الضوء على التخريب الذي لحق بالمنازل والممتلكات العامة والخاصة.

وتكاد قضايا العمالة الأجنبية، الفتنة المذهبية والارتباط بمؤسسات دينية ودول خارجية، الحكم الفاسد، الإصلاح السياسي الفساد وتجارة الحروب، والصراع المذهبي والطائفي، مسؤولية إشعال الحروب والصراعات، السلاح، الحكم المحلي والتعاطي الرسمي مع الطوائف الدينية تسيطر على المواضيع المطروحة في الكثير من المواقع الالكترونية والمنتديات.

مطالب سياسية
وتكاد جبهة المعارضين للحرب تكون الأكثر حضورا في المواقع والمنتديات والتي تعج يوميا بالفضائح وبالتسريبات والشائعات حول مجريات الحرب والفائز والخسائر وقضايا الفساد.

لكن الحوثيين (الطرف الأضعف في معادلة الحرب الإعلامية) بدوا مؤخرا أكثر قدرة على المناورة في تناولهم للأسباب المؤدية إلى الحرب ومسائل الخلاف التي تتجاوز القضايا المذهبية التي تتهمهم بها السلطات اليمنية إلى المطالبة بالحكم المحلي الواسع الصلاحيات في محافظتهم وافساح المجال "لانتخاب المحافظ والقيادات المحلية وتعيين الموظفين واستخدام موارد المحافظة لصالح مشاريع التنمية فيها" كوسيلة لإنهاء الأزمات التي تعيشها المحافظة منذ سنوات.

وتركز طروحات هذا الفريق على قضية التطور الخطير للأزمة والتي بدأت بحسب قولهم باعتراضات حكومية على ترديد "الشباب المؤمن" شعار "الموت لأميركا، الموت لاسرائيل، ثم اعتقالات ومواجهات محدودة، إلى مواجهات واسعة تطاول حاليا كل مناطق المحافظة.

ويتحدث هؤلاء عن المآسي الإنسانية التي خلفتها الحرب الثالثة والخسائر الكبيرة في صفوف الجيش والمدنيين وانصار الحوثي، إلى "الفساد السياسي في مؤسسة الحكم والمصالح الذاتية التي قادت البلاد إلى أزمات متتالية". ويشير هؤلاء إلى "المنتفعين من قيادات الجيش وزعماء القبائل والقيادات الأمنية كمستفيدين من استمرار الأزمة باعتبار أنهم "يسيطرون على زمام الأمور ويعملون على إطالة أمد الحرب للاستفادة من الميزانيات الكبيرة التي تخصص للجيش" .

حرب التداعيات
ومن بين أكثر الرسائل الإعلامية للحوثيين خطورة قضية لجوء السلطات إلى سياسة الأرض المحروقة في القصف الجوي والصاروخي والمدفعي العنيف الذي شهدته أغلب مناطق محافظة صعدة حيث تدور مواجهات بين الجيش والحوثيين"، والتي جاءت "بقصد تغطية الإخفاق في حسم المواجهات الميدانية وإخفاء الخسائر الكبيرة التي يتكبدها الجيش".

ويشير هؤلاء إلى عمليات الإخلاء التي باشرتها السلطات قبل حوالى شهرين لعشرات الآلاف من المدنيين من المناطق التي شهدت مواجهات ونقلهم إلى مخيمات إيواء تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر باعتباره واحدا من الأساليب التي اعتمدت في هذه السياسة.

وعلى رغم أن السلطات قالت إن عمليات الإخلاء تمت لغرض حماية المدنيين وتضييق الخناق على الحوثيين الذين يختبئون في صفوفهم واستخدامهم دروعا بشرية وإجبارهم على قتال القوات الحكومية، إلا أن الطرف المعارض يرى أن ذلك"لم يكن سوى ذر للرماد على العيون لانها كانت سياسة نظامية تستهدف حرق هذه المناطق لتوسع رقعة القتال وإظهار الحوثيين كدولة داخل الدولة وميليشيا مسلحة تهدد الأمن والسلام".

و يشير الحوثيون والمعارضون في كثير من أطروحاتهم إلى الفساد في حديثهم عن التداعيات السياسية والعسكرية التي رافقت الأزمة في التغييرات الواسعة للقيادات المدنية والعسكرية في المحافظة بما اعتبر "انشقاقات وخلافات بين من يريد حسم المواجهات ومن يريد إطالة أمدها لجني أكبر قدر من الغنائم ".

العمالة والواجب الديني
ورغم التغير الكبير في الخطاب الإعلامي الرسمي حيال أزمة التمرد بما اتسم به من تركيز على البعد المذهبي للأزمة والذي كانت الأوساط السياسية اليمنية حذرت من مخاطره خاصة في وصفه الحوثيين بانهم "شيعة اثني عشرية"، "صفويين"، "خارجين عن الإجماع والسنة"، إلا أن ملامح هذا الخطاب لا تزال مسيطرة على الحرب الإعلامية في شبكة الإنترنت .

ويبدو ذلك واضحا في الاتهامات التي يوجهها الموالون للحكومة إلى الحوثيين بتشويه وعي الشباب وجرهم إلى هاوية العمالة الخارجية واستخدامهم كأداة "للتخطيط للانقلاب على النظام الجمهوري بدعم من مؤسسات دينية إيرانية " بغية إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء على حد قولهم.

ويركز هؤلاء على قضايا السلاح والعتاد الكبير الذي بحوزة الحوثيين ومصادره ، والدعم الخارجي المالي القادم من ليبيا باعتبارها تهديداً للأمن والسلم الاجتماعي ومحاولات لإدخال البلد في دوامة فتنة مذهبية وحال عدم استقرار، فضلاً عن الاتهامات بـ "خيانتهم للوطن وتضحيات الشهداء بتحويل المحافظة إلى ساحة حرب لتصفية حسابات اقليمية" .

ولا تخلو المعارك الإعلامية للطرف الموالي من الاتهامات الدينية التي تصفهم بـ " الروافض " وتبني مخطط تآمري على الدين والترويج لقضايا تخالف الإجماع و"وجوب قتالهم حتى آخر رمق باعتبار ذلك واجبا دينيا ".

ويتحدث بعض المواليين عن تبعات خطيرة قد يخلّفها إيقاف الحرب في صعدة ومنها " ان تفقد الدولة هيبتها وتكون البلد تحت رحمة أي تمرد يكلف البلاد والعباد الكثير".

صورة من الارشيف لجنود في إحدى المعارك بصعدة
صورة من الارشيف لجنود في إحدى المعارك بصعدة
ويشير هؤلاء إلى قضية حمل الحوثيين السلاح على الدولة بصفته تمردا وخروجا على الدستور والقانون وعودة باليمن إلى ما قبل الدولة مما يهدد بتقويض البلد وتهديد الأمن فيه.

شروط متعارضة
وعلى رغم عدم وضوح رؤية طرفي الأزمة بشأن الشروط التي يمكن أن تفرض لإنهاء دوامة الأزمة، فإن المهاترات الإعلامية التي ينشرها الطرفان على الشبكة تبين مدى الهوة القائمة .

وبحسب الطروحات التي يضعها الموالون للحكومة، فإن السلطات اليمنية تشترط تسليم الحوثيين أنفسهم وأسلحتهم إلى السلطات وتعهد عدم القيام باية اعتداءات على الجيش ومحاكمة المتورطين في أعمال التخريب التي تعرضت لها المرافق الحكومية وجرائم القتل التي تعرض لها بعض ضباط الجيش وأفراده.

كما تتضمن الشروط إنهاء الحوثيين تمردهم وعودتهم إلى منازلهم سالمين، لهم ما للـيمنيين من حقوق وواجبات كفلها الدستور والقوانين كشروط أساسية لإنهاء الأزمة.

وفي المقابل، يشترط الحوثيون إعلان السلطات وقف الأعمال الحربية في المحافظة وسحب قوات الجيش من مناطقهم وإصدار عفو عام عن جميع المقاتلين والإفراج عن المعتقلين ودخول طرف ثالث دولي كوسيط لضمان عدم حدوث أية أعمال انتقامية في المستقبل.

ويزيد الحوثيون بشروط تتحدث عن ترك السلطات مواطني صعدة وشأنهم وعدم التدخل في شؤونهم الدينية والخاصة وضمان انتخابات محلية حرة ونزيهة لانتخاب المحافظ ومديري المديريات وتعيين الموظفين واستخدام موارد المحافظة لمصلحتهم إلى تعويض المتضررين».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى