الجماعة (يبغون) حقهم

> محمد عمر باجنيد:

>
محمد عمر باجنيد
محمد عمر باجنيد
أهل أول (القدامى) يقولون إن البلاش نطح الكباش أما غير ذلك فهو بالمال أو كما نسمع ونشاهد في الأفلام والمسلسلات المصرية (اللي ماعندوش مايلزموش). ولم تكن تلك الكلمات تتجاوز في أذهاننا الأمثال الشعبية والحكايات المراد بها تسلية المجتمع إلا أن هذه الأمثال انتقلت إلى حيز التطبيق في الجهات الرسمية فما أن يتقدم أحد إلى بعض الجهات الحكومية لغرض ما حتى يجد أمامه بيروقراطية لها بداية لكن ليس لها آخر ولها أول دون نهاية ولا حتى بصيص من نور في النفق فيتساءل المراجع المسكين وهو في دوائر الحكومة: هل نحن في عصر التقنية الحديثة حقاً؟؟ وهل صحيح أن هناك (كمبيوتر) قد تم اختراعه؟ وهل هناك موظفون حكوميون يتقاضون رواتبهم من عرق الناس (الضرائب)؟ وبالتالي يقع على عاتقهم تسهيل إجراءات المعاملات، وهل نحن جاهزون بالفعل للانضمام لدول مجلس التعاون الخليجي؟ وهل وهل وهل!! وتنتصب أمامه ألف (هل) وألف هم وألف غم لكنه يدرك أنه في اليمن وعليه أن يبتسم لأن الإجابة الوحيدة لكل الأسئلة التي تواجهه والصعاب التي تحيط به (أنت في اليمن).

وفي هذه اللحظة وقد أتعبته الألف (هل) وهو يطرحها على نفسه والغم الذي ملأ قلبه وأيضاً الابتسامة الحزينة التي احتلت مكاناً صغيراً في محياه يتأكد المسكين أنه في اليمن وفي لحظات اليأس يظهر له وجه من بين الوجوه يريد إنقاذه وإخراجه من محنته ومعاناته فيبادر صاحب ذلك الوجه بعد أن ينظر إلى جيبه قائلاً في دهاء لا شبيه له في غير اليمن: لا داعي لكل هذا التعب فالمسألة من السهولة بحيث لا تتخيلها والحل موجود. فيرد المراجع المسكين الباحث عن الحل: أين وكيف؟؟ فيرد ذاك الرجل بكل ثقة: الجماعة بغوا حقهم! نعم الجماعة بغوا حقهم.

ويزيد في القول ودون خجل: وحقي أيضاً!!

فصول هذه الحكاية تبدأ كل صباح مع كل مراجع لإنهاء معاملة داخل دائرة حكومية فقد تكاثر السماسرة وأصبحوا يسمحون بالممنوع ويمنعون المسموح ولا يتم شيء إلا بالدفع حتى يصيح المواطن: أين أذهب وماذا أفعل؟؟

وبسهولة ومع كثير من الثقة تتبعها ابتسامات صفراء يردد السماسرة كلمة (الجماعة بغوا حقهم) أي يريدون حقهم!! لكن السؤال من هم الجماعة وما هو الحق الذي لهم ويستحقون عليه (مال) المراجع ظلما وعدوانا.

بل نتساءل من يراقبهم؟ ويمنع سطوتهم على المراجعين الذين هم في الأساس مواطنون يأكلهم الغلاء وتتعبهم الضرائب وتحرقهم فاتورة الكهرباء وتصيبهم بالعطش فاتورة الماء وبعد ذلك يجدون من يشاركهم من السماسرة وبعض موظفي الجهات الحكومية في أموالهم.

كان الاعتقاد أن الإدارات التي يوجد بها موظفون من المحافظات الشمالية هي التي تقوم بتعطيل المعاملات فيما إذا لم يدفع المراجع للموظف (حق القات) لكن ما يحدث أن الذين (يبغون حقهم) هم من أبناء المنطقة والمفارقة في الأمر هي أن (حق القات) معروف لكن (حق الجماعة) غير معروف لذلك لا عجب أن يقوم صاحب القات بالإنجاز بينما الذي (يبغي حقه) يصيبك بالتعب مرتين مرة عند تحديد (حقه) والأخرى في رتابة الإنجاز.

لقد تفشت الرشوة في صغار الموظفين ونخرت في عظامنا وليس في عظامنا وحسب بل وأكلت (كل ما في جيوبنا) ولذلك يجب إعادة النظر إما في أجور الموظفين الحكوميين أو في تفعيل الرقابة حتى لا يصيب أحداً الضحك الأصفر والمرارة عندما يقولون له (أنت في اليمن) فيذكر الجماعة!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى