الوطن يدعونا..

> عمر محمد بن حليس:

>
عمر محمد بن حليس
عمر محمد بن حليس
في ظل الدعوات والنداءات المتكررة إلى الحوار الوطني والسياسي، مع ازدياد حاجتنا الملحة إليه، خاصة في هذه الظروف الحساسة التي يمر بها وطننا الغالي بما فيه ومن فيه، وجدتها فرصة سانحة لا تعوض أغتنمها لأدلي بدلوي وأقول رأيي منطلقاً من الإيمان العميق والمصداقية بأهمية الحوار كبديل وحيد لأية خيارات أخرى، فضلاً عن أنه الضمان الأكيد لإحلال السلم الأهلي محل النزاعات غير الموضوعية والمكايدات التي لا سند لها ولا أساس وهي في حد ذاتها لا تخدم إلا الأعداء دون غيرهم، وهو الأمر الذي يؤصل الحب الصادق في كياني ويجسد اعتزازي بالانتماء لهذا الوطن الأغر (اليمن) للإسهام في تجنيبه كل تلك المصائب والنوائب والعثرات.

ولكي نكون أقوياء أعزاء، فإن الواجب الديني المقدس يفرض علينا كمسلمين العودة والاستئناس بكلام ربنا سبحانه وتعالى ?{?وجادلهم بالتي هي أحسن?}? والجدال في الآية يعني الحوار الطيب والهادئ الخالي من المكايدة والتعصب أو المغالطة، يعني الحوار القائم على قاعدة متينة يرمي فيما يرمي إليه إلى أهداف واضحة ونبيلة تضع مصلحة الوطن والشعب في مقدمة كل المصالح، وفي ذات الموضوع يقول الرسول محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين «ما ضل قوم بعد هدى إلا أوتوا الجدال» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، ويتضح من حديثه صلوات ربي وسلامه عليه أن أي جدال لا يرتكز على قاعدة ثابتة غالباً ما تتحكم به الأهواء والرغبات، يكون مذموماً ولا يؤدي إلا إلى ضلال.

وعليه فإن الحوار الذي تكون قاعدته صلبة وأهدافه واضحة وتسوده الثقة والصدق والوضوح والصراحة والشفافية، يعتبر حوار العقل والمنطق وبكل تأكيد تكون نتائجه أكثر قبولاً وإيجابية، بل وواقعية، ولا بأس من وجهة نظري لو برزت بعض الاختلافات في بعض محاور الحوار، بل وليس (كفراً) أن يتم التنازل عن بعض النقاط التي لا تمس الثوابت الوطنية والسيادية حينما يستدعي الأمر ذلك، طالما والهدف هو الوصول إلى الحقيقة.

وهكذا يتجسد تعبيري مع شعور السعادة والتفاؤل والأمل لا سيما حين سمعت فخامة الأخ علي عبدالله صالح، حفظه الله، يكرر ويؤكد في خطابه بمناسبة العيد السابع عشر للوحدة اليمنية في مايو 1990 الدعوة إلى الحوار كخيار لا يجاريه خيار، إذاً فإن الثابت والعنوان هو الوطن مادام المتحاورون هم أبناء هذا الوطن ومحاور حوارهم من أجل وطن خال من الفساد، وطن ميزان عدله القضاء المستقل، وطن يجتمع أبناؤه تحت ظلال شجرة الحب والمساواة والإخاء، وطن ينعم بمزيد من الأمن والاستقرار فتتهيأ مناخات جادة وحقيقية للاستثمار، وطن نعيش معه انتصارات وإنجازات الحاضر، وننتقل فيه بأحلامنا وأمانينا إلى مشارف المستقبل الجديد في اليمن الجديد الذي لا تحلق في سمائه إلا حمائم السلام وترتسم على شفاه أبنائه ابتسامة الحب والوئام.

إن الوطن يدعونا إلى طي صفحات الماضي السوداء المؤلمة والحزينة، وفتح صفحات ناصعة البياض، لنعكس عليها واقعاً صحيحاً أكثر نقاءً وصفـاءً، وأكثر ألفة ولحمة وعدلاً.. الوطن يلح علينا ألا نلجأ إلا إلى الحوار دون سواه، الوطن يصرخ بصوت يرفع الهامات فتردد أصداءه الأرض والسماوات، صوت الوطن.. اسم الوطن.. هو العنوان وهو المرجعية، فلنلبّ هذا النداء المقدس ولنتفاعل معه بضمائر حية وقلوب نقية وعقول نيرة، ونقول بصوت واحد «لبيك يا وطن .. لبيك يا يمن».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى