السودان...صورة لأكثر الدول فشلا في العالم

> الخرطوم «الأيام» اوفيرا مكدوم:

>
أطفال سودانيون من قبائل الدنكا يصلون إلى جوبا عاصمة إقليم الجنوب
أطفال سودانيون من قبائل الدنكا يصلون إلى جوبا عاصمة إقليم الجنوب
لا تبدو الخرطوم بطرقها السريعة والعريضة التي تزينها شاشات تلفزيونية ضخمة تعلن عن شركات سودانية متناسبة مع صورة اكثر الدول فشلا في العالم.

ولكن المؤشر الذي نشرته مجلة السياسة الخارجية التي تصدر في الولايات المتحدة وضع السودان على رأس هذه القائمة ليتقدم حتى على العراق والصومال.

وحين يصل الزائر لمبنى مطار الخرطوم القديم الذي تم تجديده فإن أول ما يراه صالة عرض ضخمة لسيارات تويوتا جدرانها من الزجاج تعرض احدث طرز السيارات.

وبفضل ثروة السودان الحديثة من النفط إذ يضخ اكثر من نصف مليون برميل يوميا اتيحت خدمات لاسلكية فائقة السرعة وتتنافس شبكات المحمول على كسب عملاء جدد.

بينما تنتشر المقاهي التي تقدم مخبوزات فرنسية في الخرطوم وهي واحدة من أكثر العواصم أمنا في افريقيا.

ولكن محللين يعزون ذلك لقوة الجهاز الامني في الخرطوم حيث يوجد مقر الحكومة ويرجعون ثروة المدينة لتجمع الشركات العالمية فيها. ويختلف الوضع خارج الخرطوم حيث يبدو مؤشر مجلة السياسة الخارجية أكثر منطقية.

واستند باحثو المجلة لمعايير من بينها الخدمات العامة وحقوق الانسان والجهاز الامني واعداد النازحين وسيطرة الدولة على اراضيها وعلاقاتها بالمجتمع الدولي لقياس مدى نجاحها أو فشلها.

ووجدت المجلة أن السودان الاكثر فشلا في عدة نواح من بينها عدد اللاجئين والنازحين وشكاوى جماعات معينة من الدولة وانعدام شرعية الدولة وانتهاكات حقوق الانسان.

ونشرت المجلة “السبب الرئيسي لعدم الاستقرار (في السودان) العنف في منطقة دارفور الغربية التي يعرفها الجميع كما يعرفون مأساتها.”

وأضافت أن العنف في دارفور اثر على تشاد وجمهورية افريقيا الوسطى وعانت الدولتان نتيجة انتقال النزاع عبر الحدود.

وتحتل تشاد المرتبة الرابعة وجمهورية افريقيا الوسطى المرتبة العاشرة على القائمة.

وتابعت المجلة “كان للتأثيرات الممتدة من السودان دور كبير في تراجع ترتيب الدولتين مما يبين ان المخاطر في دول فاشلة غالبا ما تنتقل عبر الحدود.“

وخارج وسط العاصمة سريع النمو يعيش ملايين من الفارين من المنازعات المحلية في اكبر دولة افريقية في ضواح فقيرة مترامية الاطراف بدون كهرباء او ماء نظيف او رعاية صحية ملائمة.

والوضع اسوأ في المناطق البعيدة.

ويقول اريك ريفز الاكاديمي والنشط الامريكي “بجميع المعايير باستثناء اقتصاد الخرطوم والمنطقة المحيطة بها مباشرة يعتبر السودان دولة فاشلة تماما.“

واسفرت الحرب المريرة بين الشمال والجنوب التي اندلعت على فترات منذ استقلال السودان قبل نصف قرن عن مقتل مليوني شخص وانتهت في عام 2005 باتفاق سلام أسفر عن تشكيل حكومة حكم ذاتي في الجنوب وحق التصويت على الانفصال.

ولكن منطقة ابيي الوسطى الغنية بالنفط في السودان محل نزاع.

ولم ينجح اتفاق السلام في دارفور في قمع اعمال العنف في غرب السودان حيث سقط 200 ألف قتيل حسب تقديرات خبراء دوليين.

وفي الشمال اندلعت اعمال العنف حين حاولت السلطات نقل مواطنين من اراض تريد ان تبني عليها سدا. وادت المنازعات في السودان لتشريد نحو سبعة ملايين .

وبعد تهديدات بفرض عقوبات وعزلة دولية قبل السودان نشر قوة حفظ سلام مشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في منطقة درافور الغربية قوامها بين 20 و25 ألفا من قوات الجيش والشرطة.

ويوجد حاليا قوة من الامم المتحدة قوامها 11 ألف جندي في الجنوب.

وهذا سوف يترك نحو نصف تعداد سكان السودان البالغ 32 مليون نسمة تحت حماية دولية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية علي الصادق ان الحقائق على ارض الواقع تثبت ان السودان ليس دولة فاشلة.

ووقع السودان ثلاث اتفاقات سلام محلية في عامين.

واضاف المتحدث ان بلاده لا تأخذ مثل هذه الامور على محمل الجد ويرجع ذلك بصفة أساسية لان الواقع يشير إلى ان السودان ليس كما يصورونه.

واتفق المحللون جميعا على ان الديمقراطية ضرورية في السودان وان من يجنون ثمار الاسثتمار الاجنبي لا ينبغي ان يتوقعوا دوام مثل هذا الحال إلى الابد.

وقال لورانس روسين وهو سفير امريكي سابق “مالم يتغير نموذج حكم الصفوة الجشعة الذي ميز السودان لعقود فإن التفكك المتنامي والفشل الحقيقي للدولة سيكتسب زخما.” واضاف “السودان قد يصبح دولة فاشلة بسبب تصرفات حكومته.”

وقال روسين ان الضغط مطلوب لتشجيع تغيير اساسي في اسلوب الحكم.

وتولى الرئيس عمر حسن البشير الحكم في عام 1989 إثر انقلاب غير دموي ويحكم البلاد منذ ذلك الحين.

وتشرذمت الاحزاب السياسية وجماعات المتمردين مما حرم البلاد من جبهة معارضة موحدة أو فعالة.

وقال روسين “حتى تتم ممارسة مثل هذه الضغوط الدولية المستمرة سيحتاج نصف سكان السودان لحماية (خارجية)...من حكومتهم.”

وقال جون اشوورث الخبير في الشؤون السودانية “من الناحية الاخلاقية السودان دولة فاشلة .. وحتى يصبح السودان دولة قوية اخلاقيا يحتاج لتغيير الهيكل الاساسي للحكم الذي يبقى السطة في أيدي أقلية لا تمثل (الشعب).” رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى