أسواق زنجبار.. فوضى الباعة في كل مكان وجهود النظافة زوبعة في فنجان

> «الأيام» شكري حسين:

>
لم يعد لأسواق مدينة زنجبار علاقة بالنظام والنظافة، وغدت مظاهر الفوضى عناوين لمشاهد يومية تستفز أعين المواطنين الذين تنتابهم بين الحين والآخر مشاعر من عدم الرضا حيال العشوائية المنبعثة من بين جدران أصحاب المحلات التجارية وأصحاب البسطات والعربات، الذين وجدوا في افتراش طرق المارة وأماكن عبور السيارات مكاناً آمناً في ظل سياسة الصمت التي ينتهجها صندوق النظافة ونظرته للأمر بعيون مغمضة، طالما و(حنفية) الجباية تدر عليه يوميا أموالاً طائلة.

ولم يتوقف الأمر عند حد افتراش الباعة وأصحاب المحلات التجارية والبسطات لأماكن مرور المشاة بل تعداه إلى ما هو أسوأ، حيث يفترش بائعو القات رصيف السيارات في الشارع الرئيس مسببين زحاماً شديداً للمارة خاصة بعد وقت الظهيرة.

وهو الوقت الذي يهجر فيه باعة القات السوق المحدد لبيعه الذي لا يبعد عن الشارع الرئيسي أكثر من 200 متر فضلاً عن الإزعاج والأصوات النشاز الصادرة من الباعة تجاه الباحثين عن مقتنياتهم، خاصة النساء اللاتي يجدن حرجاً شديداً في المرور بين الأكوام البشرية المفترشة للإسفلت.

عاصفة في فنجان

لم تكن الحملات التي يقوم بها بين الحين والآخر مكتب الأشغال العامة وصندوق النظافة على أصحاب المحلات التجارية الذين يعرضون بضاعتهم مقتطعين أجزاء ومساحات من رصيف المشاة وأيضاً أصحاب البسطات والعربات والباعة المتجولين.

إلا زوبعة في فنجان تستشف منها أدخنة متصاعدة تحمل رائحة تحصيل الرسوم وقبض المعلوم ليس إلا، ثم تبقى الأمور تمام التمام وكل شيء على ما يرام، والمتتبع لمثل هكذا أمور والهدف منا سيخلص إلى حقيقة مهمة مفادها أن فرض النظام والحفاظ على المسحة الجمالية للشوارع التي تكرمت الدولة قبل سنوات قليلة بإعادة ترتيبها وبما يتناسب مع اسم (عاصمة) لم يكن له أثر في أجندة القائمين عليه بقدر ما هو ابتزاز وأساليب ملتوية الغرض منها جمع الأموال وحسب.

وقد تجلى ذلك من خلال تضييق الخناق على من يأبى دفع المعلوم وقد يصل الأمر إلى حد مصادرة البضاعة كما حصل قبل مدة بسيطة لأصحاب البهارات الذين اشتكوا وبمرارة من تصرفات القائمين على مثل هكذا (حملات) بينما يجد آخرون الطريق مفروشة أمامهم بالورود بعد أن دفعوا المطلوب ورفعوا شعار (كفى الله المؤمنين شر القتال) وإن شئت قُل الجدال.

صندوق للنظافة ولا نظافة

قالوا في المثل «شر البلية ما يضحك» ولقد صدقوا إذ قالوا، فمن بين الأشياء المضحكة أن للمحافظة صندوقاً للنظافة ولا نظافة فيها إذ تعج أسواق العاصمة بالقاذورات وأماكن تجميع القمامة، فضلاً عن الجريان المستمر لمياه الصرف الصحي رغم الجلبة والهالة الإعلامية المصاحبة لعملية القضاء عليها، وهي مجرد جعجعة لم نر طحنها..

كل تلك الأمور تدفعنا للتساؤل هل بالفعل للمحافظة صندوق للنظافة؟

نعم هو موجود ولكن فقط في فواتير الكهرباء والمياه والهاتف وكشوفات الراتب، ويصل إلى حد مشاركة الأسرة أحياناً في منزلها والتاجر في بضاعته والسائق في أجرته وحتى العامل في قوت يومه، وهذا يذكرني بما قاله ذات يوم الشاعر المصري بيرم التونسي، الذي نظر في واقع مصر قبل أن يستدبر الدنيا فوجد إحدى مؤسساتها قد تجاوزت حدها في تعاملها مع الشعب المصري كما هو حال صندوق النظافة والمجلس المحلي عندنا. فقال مستهجناً سلوكها في أسلوب ساخر:

قد أوقع القلب في الأشجان والكمد

هوى حبيب يسمى المجلس البلدي

ما شرّد النوم من جفني القريح سوى

طيف الخيال خيال المجلس البلدي

إذا الرغيف أتى فالنصف آكله

والنصف أتركه للمجلس البلدي

وما كسوت عيالي في الشتاء ولا

في الصيف إلا كسوت المجلس البلدي

ولم أذق طعم قِدْر كنت طابخها

إلا إذا ذاق قبلي المجلس البلدي

أمشي وأحبس أنفاسي مخافة أن

يعدها عامل المجلس البلدي

يا بائع الفجل بالمليم واحدةُ

كم للعيال وكم للمجلس البلدي

كأن أمي أبلّ الله تربتها

أوصت فقالت: أخوك المجلس البلدي

أخشى الزواج فإن يوم الزفاف أتى

يبقي عروسي صديقي المجلس البلدي

أو ربما وهب الرحمن لي ولداً

في بطنها يدعيه المجلس البلدي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى