«الأيام» تنفرد بنشر تحقيق عن ابتكار جهاز محلي يؤدي وظائف متعددة .. شاب بطور الباحة يبتكر جهازا متميزا في التحكم بالأجهزة الإلكترونية والكهربائية

> «الأيام» علي الجبولي:

>
اكرم يشرح كيفية عمل الجهاز
اكرم يشرح كيفية عمل الجهاز
حينما سمعت عن ابتكار شاب لجهاز جديد له وظائف مثيرة للغرابة في التحكم بالأجهزة الكهربائية، شككت في بداية الأمر بصحة ما يقال، إلا أن كثرة الأحاديث عن أهمية الجهاز حفزت فضولي لزيارة صاحب الابتكار والتعرف على ابتكاره والتأكد من مدى صحة ما يقال. انشغاله بعمله وتخوفه وتردد بعض أفراد أسرته أعاق اللقاء به مرات عديدة، بل وكاد أن يفشل هذا التحقيق المتفرد والهام الذي نضعه بين أيدي القراء الكرام.

في زاوية ضيقة في مركز كمبيوتر متواضع يعمل فيه إخوانه اتخذ الشاب أكرم محمد حسن محرد (22 عاما) موضعا ضيقا سماه مجازا (ورشة) يقضي فيها معظم ساعات نهاره وليله في تصليح مختلف أنواع أجهزة الهاتف والأجهزة الصوتية والكهربائية. في هذا الموضع البائس وجد أكرم ضالته لإشباع رغباته القديمة وهواياته الجامحة في الهندسة التي هام بها منذ كان طفلا في التاسعة من عمره حتى لقبه أقرانه بـ (المهندس). بيد أن تطلعاته وطموحاته لم تقف عند حدود ورشته وإصلاح ما تعطل من الإلكترونيات والكهرباء والأجهزة السمعية والصوتية لكنها تخطتها إلى آفاق أبعد وأوسع لتصل إلى إبداع شيء جديد دون أن يتلقى درسا نظريا في جامعة أو يحضر تجربة عملية في معمل سوى عدة أشهر قضاها في تعلم مبادئ وأوليات الكمبيوتر والهاتف.

الهيام بالهندسة حال دون التحاق أكرم بالجامعة فاكتفى بالثانوية العامة القسم العلمي، غير أن حب الهندسة تسنده الإرادة والعزيمة أوصلته إلى ابتكار جهاز بسيط في مكوناته، متميز في أدائه، مثير في دقته. يكفي دليلا على فائدة هذا الجهاز أن يستطيع بواسطته المزارع إيقاف مضخته العاملة بالكهرباء في مزرعته وهو في منزله مهما كانت المسافة.

يستقبل اتصال الهاتف أو الإنترنت

من خلال تعريفه بالجهاز والشرح العملي لمكوناته التي قال إنها جمعت من أجهزة مختلفة، تبين أن ثمنه لا يكلف أكثر من 4 آلاف ريال وربما أقل.

بشيء من التحفظ والحذر يقول أكرم عن مكونات الجهاز وكيفية تركيبه (أضفت إلى اللوحة الأم في الهاتف قطعا أخرى من أجهزة الهاتف والكهرباء والمسجل والتلفزيون. الجهاز يتكون من: لوحة هاتف جوال، شاشة هاتف، بطارية هاتف 7 أمبير، شريحة هاتف للاستقبال، لوحة شاحن، دينما ـ محرك صغير مأخوذ من مسجل ـ مؤشر كهربائي (اميتر)، بطاريتين قوتهما 3 فولت، سلك كهربائي لتوصيل البطاريتين، أزرار للضبط وأخرى للتحكم، وسلك توصيل (كيبل) يوصل الجهاز بالكهرباء. هذا الجهاز يحل محل المفتاح الكهربائي الذي يشغل باليد ويؤدى وظيفته عن بعد ولو كان شاسعا، يتم توجيه الأمر إليه بواسطة الهاتف الجوال أو عبر الانترنت) لتشغيل أو إغلاق أي جهاز يعمل بالكهرباء مثل مضخات المياه الكهربائية، السيارات، الكمبيوتر، المكيفات، المراوح، والمصابيح وغيرها).

ما رواه عن مكونات الجهاز ووظيفته قد يصعب التسليم بصحته لأول وهلة، وهو ما دفعني إلى البحث عن تفاصيل أدق وأوضح عن كيفية عمله وهل باستطاعة كل شخص الاتصال به وأقصى نطاق التغطية.

قال «من يوصل هذا الجهاز إلى أجهزته الكهربائية أو الإلكترونية يستطيع التحكم بتشغيلها أو إغلاقها من أية بقعة في العالم. برنة واحدة يرسلها من هاتفه إلى شريحة الهاتف الموجودة في الجهاز يستطيع تشغيل الجهاز المراد تشغيله أينما كان، ورنه ثانية للإغلاق. لحماية الجهاز من اتصال الآخرين أو دخولهم عبر النت يستطيع مستخدم الجهاز تخصيصه له ولمن أراد فقط، عن طريق تشفيره ليحظر على الآخرين الاتصال به سواء من هواتفهم أو من النت. يشفر الجهاز على رنة مخصصة فقط لصاحب الجهاز أو لمن يسمح له، وحينما يتصل به هاتفه يؤشر الجهاز لتوليد الطاقة، وإذا اتصل به هاتف غير مسموح له الاتصال فلا يعطى الجهاز إشارة (أمر) لأن الاتصال غير المسموح يكون موقعه في الجهاز فارغا وهو ما يسمى بحظر المكالمات».

وعن أهمية هذا الجهاز وأبرز فوائده قال بلهجة الواثق «فوائد كثيرة، مثلا إذا ذكرت عند وصولك صنعاء أنك نسيت تلفزيونك في عدن دون إغلاق أو الباب الكهربائي لمحلك مفتوحا ما عليك إلا إرسال رنة واحدة من هاتفك الجوال إلى رقم شريحة الجهاز لإغلاق التلفاز، ومثلها تفعل لإغلاق باب المحل. مثال آخر شخص يريد تشغيل مكيف صيدليته وهو على بعد مئات الأميال ما عليه إلا الاتصال برقم جهازه المثبت بمفتاح تشغيل المكيف للتشغيل، وبعد ساعات أراد إغلاقه ما عليه إلا إرسال رنة ثانية للإغلاق. لا يقتصر الاتصال بالجهاز على الهاتف فقط ولكن عبر الانترنت أيضا. الانترنت متصل بهاتف أرضي والجهاز ذو رقم خاص وعلى مستخدم الجهاز إدخال الرقم الخاص بجهازه في الإنترنت ومن هذا الرقم يستطيع الاتصال بالجهاز من خلال رنة واحدة ليؤدي الوظيفة المطلوبة».

ويوضح مكونات جهازه
ويوضح مكونات جهازه
حكاية طريفة تقف وراء الابتكار

حاولت استفزازه لسبر أعماق نفسه لعله يكشف إذا ما كانت هناك مصادر استقى منها معارفه، فسألته من أين جاءت الفكرة؟ أم تعرفت على أجهزة شبيهة؟ أو قرأت عنها وقلدتها ليس إلا، وربما وظيفة الجهاز لا تختلف عن وظيفة الريموت كنترول، فقال: «فرق كبير بين الريموت وهذا الجهاز. الريموت لا يؤدي غرض التحكم إلا على بعد أمتار قليلة فقط ولأجهزة معينة وفي وضع معين، أما هذا الجهاز فإنه يؤدي عمله بأوامر تصله من أية بقعة في العالم ولو على بعد عشرات آلاف الكيلومترات لتشغيل الأجهزة التي يتصل بها، ولا يحتاج لوضع معين مثلما يوضع الريموت مقابل التلفاز مثلا. ثم إن الريموت يغلق الدائرة الكهربائية فقط ولا يغلق التيار، بينما هذا الجهاز يفصل التيار بكامله. لم أجد جهازا أقلده حسب قولك، ولم أقرأ أو أسمع عن شيء مماثل كي أطبقه على الواقع. أما الفكرة فلها خلفية تمتد إلى أيام الطفولة، عندما كنت في الصف الثالث ابتدائي وعمري نحو 9 سنين كان ما يصدر عن الأجهزة الصوتية والمرئية مثل الراديو والمسجل والتلفاز وغيرها أراه شيئا غريبا ويثير حيرتي وتساؤلي .. كيف تصل الصور إلى التلفاز أو الصوت إلى الراديو من بلاد بعيدة جدا؟ كنت آخذ الأجهزة العاطلة وأفككها، أريد أن أعرف ما بداخلها وكيف يركب؟ وما وظيفته؟ أخذت أصلحها، أحيانا أنجح وأحيانا أفشل. وهناك حكاية طريفة استولت على تفكيري زمنا طويلا، ذات يوم منذ سنين بعيدة كنت أبتل (أحرث) بالثيران قطعة أرض من أرض والدي وكان معي راديو (إذاعة) وفي نشرة الأخبار سمعت عن تفجير قطار في إحدى الدول، وبيّن الخبر أن تفجير المتفجرات تم عن بعد بواسطة الهاتف الجوال. هذا الخبر كان محيرا لي، كيف التفجير بالهاتف! يومها لم يكن الهاتف قد وجد في منطقتنا ولا نسمع عن مكوناته لكن نسمع أنه ينقل الصوت. الخبر الغريب سيطر على تفكيري مدة طويلة، ظللت أفكر كيف يتحول الصوت إلى طاقة كهربائية تنتج فعلا ملموسا. ولما ظهرت الهواتف في منطقتنا كنت أرى الهاتف حينما يتصلون به يعطي رنة (صوت) استرجعت خبر تفجير القطار بدأت أفكر هل يمكن تحويل الرنة إلى طاقة كهربائية ثم إلى طاقة ميكانيكية تعطي فعلا ملموسا (ماديا). عملت في مركز الكمبيوتر فساعدني الحظ عندما أتيحت لي الفرصة لإصلاح الهواتف والأجهزة الإلكترونية والكهربائية حلمي القديم، ومن خلال تعاملي مع أجهزة دقيقة وحديثة تعرفت على مكونات أنواع الهواتف والإلكترونيات والكهرباء ومعرفة وظيفة كل قطعة فيها، واكتسبت خبرة ومعارف، وتعرفت على أشياء ما كنت حتى أحلم بالتعرف عليها. عادني هاجس السؤال القديم، هل بالإمكان تحويل الصوت إلى طاقة من خلال ابتكار جهاز تجمع مكوناته من أجهزة الهاتف والكهرباء والتلفاز والمسجل؟ اخترت القطع المطلوبة وفق معرفتي بوظائفها وربطتها ببعضها.

ثم أجريت التجربة ونجحت نصف النجاح، أضفت لها قطعة كهربائية أخرى هي مؤشر (أميتر) وظيفته استقبال الأمر (إشارة الهاتف) ليعطي أمر سريان تيار قوي في قطعة مأخوذة من الراديو تسمى المكثف (كمبستر) ينتج عنه تحريك الدينما فتتحول الإشارة الإلكترونية إلى حركة ميكانيكية تستطيع التأثير والتحكم بالأجهزة المستهدفة، أي تشغلها وتغلقها». سألته: هل لديك طموحات من هذا القبيل؟ فأجاب:

«أفكر بابتكار أحدث إذا نجحت سأتكلم عنه في وقته، لكن حاليا هناك فكرة تستولي على تفكيري وتوشك أن تكتمل، لدي إحساس أنها ستنجح وتتمثل بإضافة تأمين خاص ومتميز للكمبيوتر».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى