مدينة المحفد التاريخية.. آثار لمعالم إسلامية شاهدة على حضارة قديمة زاخرة بالعلم والثقافة

> «الأيام» عبدالله حيدرة قردع :

>
آثار المصنعة لا تزال عامرة في الشقماء
آثار المصنعة لا تزال عامرة في الشقماء
في ضوء المعالم الأثرية يتم التعرف على الحضارات القديمة، ولكي نحكم على أي مجتمع يجب علينا النزول إلى أرض واقعه والوقوف على معالمه وآثاره القديمة والبحث فيها بتأنّ ومن ثم إصدار الحكم عليه، ومن الظلم والافتراء أن نحكم عليه من بعد أو بما يقال عنه، ولإنصاف المجتمع المحفدي ولتوضيح الصورة التي شوشها بعض المؤلفين والكتاب وما قيل إن أهلها يجهلون الدين الإسلامي وعلومه وأحكامه قمنا بالاستطلاع التالي.

> كانت البداية مع الباحث في الشؤون التاريخية والأثرية الأخ محمد سالمين سليمان بن شداد الذي قال: «المحفد مدينة تاريخية ضاربة في أعماق التاريخ، وتقع مديرية المحفد شرق محافظة أبين يحدها من الجنوب مديرية أحور ومن الغرب دثينة (مديرية مودية) ومن الشمال والشرق محافظة شبوة ويبلغ عدد سكانها حوالي 36129 نسمة ومساحتها نحو 2572كم2 وهي عبارة عن سلاسل جبلية وأودية وهضاب، وكانت محطة عبور للقوافل التجارية ما بين دثينة وشبوة، وتتميز بعدة آثار ومعالم إسلامية قديمة موزعة في مناطق عديدة بالمديرية ومن أهمها:

1) مدينة المحفد القديمة:

تعتبر العاصمة الإدارية لسلطنة العوالق السفلى (باكازم) تقع على كورة (الكبس) وتمتد شرقاً نحو (جول المحفد) ما يعرف سابقاً بمطار المحفد، وقد شيدت مدينة المحفد الحديثة على أنقاض مطار المحفد القديم، ثم توسعت وامتدت نحو الشمال انطلاقاً من مدينة المحفد الطينية التاريخية القديمة، وكان بداية هذا التوسع العمراني في العام 1961، ولا نعرف بالدقة متى تأسست مدينة المحفد القديمة.

2) جامع عبدالعزيز:

وهو من أهم المعالم الإسلامية في مدينة المحفد القديمة، وقد اختلف المؤرخون في تاريخ تأسيسه فالبعض يرى أنه في تأسس في القرن الأول الهجري والآخرون أنه تأسس في القرن السادس الهجري، ومن وجهة نظري أن الرأي الثاني هو الأقرب للصواب.

ونظرا لعدم توفر مراجع تاريخية تهتم بتاريخ المحفد فقد جهله بعض المؤلفين والبعض اصدر كتابات مغلوطة خاطئة مأخوذة من الأساطير كما حصل في كتاب (ملوك العرب) لأمين الريحاني الذي كتب عن المحفد في الوقت الذي لم يزرها عـلى الإطـلاق، والقليل من المؤرخـين الـذين زواروا المحفد نقلوا عنها صورة طيبة أمثال حمزة لقمان صاحب كتاب (تاريخ القبائل اليمنية).

3) حصن الوكير:

يقع شرق مدينة المحفد وهو حصن صغير يقع على جبل، وقد تم بناؤه من حجر هذا الجبل، وهو من أقدم آثار مدينة المحفد.

وكانت تقع على يمين هذا الحصن قلعة ضخمة على شكل كهف بداخله نقوش وكتابات حميرية، ولكن للأسف الشديد تم تدمير تلك القلعة مع الكهف بما فيه من كتابات ونقوش في مطلع السبعينات من القرن الماضي نظرا لمرور الخط العام الذي يربط عدن بحضرموت في موقع القلعة والكهف.

منظر طبيعي من جبل الرمثة
منظر طبيعي من جبل الرمثة
4) المصنعة:

وهي منازل طينية تاريخية تقع في منطقة الشقماء في الحيق (الحاق) شمال غرب مدينة المحفد، والشقماء هي العاصمة الاولى لسلطنة لعوالق السفلى (باكازم) وقد انقسمت دولة العوالق إلى قسمين، قسم هاجروا من يشبم الى الحنك ثم استقروا في مدينة نصاب وخرج منهم قسم آخر إلى مرخة السفلى ولا يزالون هناك حتى اليوم، أما القسم الثاني فهاجروا من يشبم إلى الشقماء ومكثوا فيها لفترة طويـلة ثم هـاجروا إلى أحور ولا يزال بعضهم هناك حتى اليوم.

5) بيت الشعب:

يقع وسط مدينة المحفد الحديثة وهو عبارة عن حصن طيني قديم مكون من ثلاثة طوابق، وقد شيد وسط ما كان يعرف سابقاً بمطار المحفد، وقد تربع على هذا الحصن الأمير أبوبكر أحمد بن علي وصي السلطنة ثم عُين النائب الأول لسلطان العوالق السفلى، وكذلك تربع على الحصن الأمير حنتوش بن علي النائب الثاني للسلطنة وقد تم بناء هذا الحصن في مطلع اربعينيات القرن الماضي.

6) جامع رباط الشيخ باعزب:

يقع في وادي مريع شمال مدينة المحفد ولا نعرف متى تأسس، وقد سميت قرية مريع بالرباط لوجود رباط وعلوم إسلامية فيها وتم تجديد وتوسيع جامع الرباط خمس مرات، كانت الرابعة عام 1386هـ والأخيرة عام 1427هـ ويبدو أن عمر هذا الجامع 250 عاما تقريباً.

7) سوق المحفد:

قبل أكثر من أربعة عقود كان في مدينة المحفد القديمة سوق شعبي (بلدي) قديم مزدهر، وفيه تباع أنواع الحبوب مثل الدخن والبر والبكر والبيني والجلجل والدجر، وأنواع العسل والسليط والسمن البلدي بالإضافة إلى التمور والقصب والحطب وأدوات الزراعة والحراثة والأواني الخشبية والبز وغيرها، وقد كانت تقصد هذا السوق قبائل كثيرة مثل باكازم (العوالق السفلى) والعوالق العليا من شبوة وقبائل حمير وغيرها، وكانت تنطلق قوافل الجمال من المحفد إلى عدن عن طريق دثينة (مودية) وتقطع الطريق في 8 أيام، وتنطلق قوافل جمال أخرى من سوق مدينة المحفد إلى المطهاف في بلاد حمير (شبوة) لجلب التمور إلى سوق المحفد، وتستغرق هذه الرحلة 4 أيام ذهابا وإيابا، وكانت منطقة لباخة محطة استراحة لهذه القوافل، وقد انتقل هذا السوق إلى مدينة المحفد الحديثة في مطلع الستينات من القرن الماضي.

حصن الوكير من أقدم آثار مدينة المحفد
حصن الوكير من أقدم آثار مدينة المحفد
8) مطار المحفد:

يمتد مطار المحفد من حصن الوكير شرقاً إلى غول الخمورة غرباً، ومن جبل حلم شمالاً إلى الأرض الزراعية على ضفاف الوادي جنوباً وتقدر مساحته بعشرات الكيلومترات وكان عبارة عن قطعة مستوية تهبط فيها الطائرات وتقلع بسهولة، وقد استخدمته القوات البريطانية لأغراض عسكرية ومدنية حيث كانت الطائرات تنقل المسافرين من المحفد إلى عدن والعكس، كذلك كانت تهبط فيه طائرات تحمل سيارات عسكرية ليتم إرسالها إلى محافظة شبوة عبر طريق جبلي، وقد كانت هذه الطائرات تنقل المرضى والجرحى من أبناء هذه المنطقة والمناطق المجاورة إلى عدن لتلقي العلاج، وانتهى دور المطار في العام 1967».

> الاستاذ خالد عبدالله باحقينة الشمعي، مدير مكتب التربية والتعليم بالمديرية قال: «تعد مدينة المحفد القديمة من المدن التاريخية وتتميز مبانيها بالطراز المعماري اليمني القديم، حيث إن أغلب منازلها مبنية من الطين ومتجمعة حول تلة تشبه البرج وتسمى (الكبس) وهي اللبنة الأولى لمدينة المحفد عاصمة المديرية. وقد ذكرها عدد من المؤرخين والشعراء في عدد من المناسبات قديماً وحديثاً، وكلمة (محفد) تجمع على (محافد) وقد وردت هذه الكلمة في الكتابة اليمنية القديمة وتعني الأبراج».

وأضاف: «هذه المدينة ذات طابع تاريخي وسياحي ففي الفترة السابقة كان يأتي إليها السياح بشكل كبير ومستمر، إلا أننا لم نعد نراهم في الوقت الراهن بسبب الإهمال وعدم الاهتمام بهذه المدينة التاريخية، فقد بدأت المنازل القديمة تتساقط وبعضها الآخر معرض لجرف السيول، كما تفتقر المدينة إلى شبكة الصرف الصحي وإلى الكثير من الخدمات الأساسية.

وفي الأخير أتمنىعلى الإخوة في هيئة الحفاظ على المدن التاريخية والأثرية أن يلتفتوا إليها ويعطوها حقها من الرعاية والاهتمام».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى