> لقد تميز عالم اليوم عن عالم الأمس بظهور الكثير من الوحوش الفتاكة، ومن اعظم هذه الوحوش وأخطرها هو الوحش المهلك، ولعلك تتساءل باندهاش ما هو هذا الوحش وأين يوجد؟ حتى نحذر منه ونتمكن من القضاء عليه بكل ما استطعنا .. إنه وحش الفساد المهلك، وسمي مهلكا لأنه لا ينتهي الا باهلاك المجتمع الواقع فيه، وفي مجتمعنا اليمني بل في كثير من المجتمعات العربية والاسلامية أصبح يأكل اهلها وأرضها وينخر فيها حتى تسقط وتهلك فلعلنا الآن يدور في أذهاننا تساؤل غريب وهو لم عمَّ هذا الوحش البلدان العربية والإسلامية؟

ولو نظرنا جيدا فسنجد ان العامل الرئيسي لنشوء هذا الوحش هي أيدي الناس بارتكابها المعاصي من رشوة وكذب وأكل اموال الناس بغير الحق والعبث بها، وأيضا الحروب.. وكل هذه المعاصي بما كسبت ايدينا.. والفساد الموجود اليوم في مجتمعاتنا العربية والاسلامية وخاصة مجتمعنا اليمني هو بما كسبت أيدي اهل هذا المجتمع.

ولكن للأسف بعض الناس يقولون لو أردنا ان نقضي على الفساد فلا بد من القضاء على فساد المسؤولين، كلا بل عليك بالقضاء على الفساد الموجود في نفسك لأنه هو الفساد الأعظم الذي اتحدث عنه، وإياك أن تكون من الذين يقولون ما لا يفعلون بل كن من الذين يفعلون ثم يقولون، كما قال الشاعر:

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

أما إذا قبلنا الصمت وصرنا نشتغل بعيوب غيرنا ونجهل عيوبنا فاعلم أن مجتمعنا هذا سيهلك كما هلكت المجتمعات السابقة فأصبحت موطنا لكثير من الامراض والجراد والفيضانات والزلازل والبراكين، وكل ذلك من غضب الجبار على أهل هذه المجتمعات وعلى ولاة امورها.

فلنكف ايدينا عن أخذ الرشوة ولنمنعها عن البطش وعن الخداع، ولنمسك ألسنتنا عن الكذب على الناس وعدم (تسهين) الناس بإقامة المشاريع لهم كما ان من الضروري ايضا فض المنازعات وإقامة العدل بين الناس.