الأدباء والكتاب ومكرمة الرئيس

> «الايام» د. عبده يحيى الدباني:

> منذ أن بدأت أجدف في كتابة المقالة السياسية، وأنا اتجنب توجيه أي نقد مباشر إلى الرجل الأول في الدولة ولا يعني هذا أنه في منأى عن النقد أو أنه معصوم عن الخطأ ولكنني بطبعي لا أحب أن أكتب عن أشخاص محددين بالاسم سواء بالسلب أو بالإيجاب نظراً لمحاذير أخلاقية منها الوقوع في شرك الاستفراز أو الرياء وليس من باب الخوف أو الطمع أو الحيادية السلبية. بيد أن هذا الموضوع ذو علاقة برئيس الجمهورية لأن المكرمة مقدمة منه للكتاب والأدباء اليمنيين. ومع هذا سأركز الحديث عن المكرمة نفسها وعن ردود فعل الأدباء إزاءها - كما أتوقعها- بوصفي عضواً في هذا الاتحاد العريق الذي أتشرف في الانتماء إليه.

تناهي إلينا أن قيادة اتحاد الأدباء والكتاب سعت مشكورة لدى رئيس الجمهورية في سبيل دعم الاتحاد وقد تمخض عن ذلك تقديم مكرمة تتمثل بقطعة أرض لكل أديب أو كاتب وكذا تخفيض ?50 من قيمة تذاكر السفر على الخطوط الجوية اليمنية للأدباء والكتاب وهذه لفتة طيبة وكريمة من الرئيس وقيادة الاتحاد معاً، بيد أن المشكلة التي قد تتحول إلى معضلة هي أن معشر الأدباء والكتاب أناس زاهدون معتدون بأنفسهم.. مثاليون في تعاملهم بحكم مواهبهم وثقافتهم ومكانتهم الاجتماعية، فأنت تجدهم حريصين على مصالح الآخرين والمصلحة العليا أكثر من حرصهم على مصالحهم الخاصة، مثل هؤلاء لم يجبلوا على المشارعة والمتابعة والمراجعة بل أنها من أشد أعدائهم حتى لقد قال أديب اليمن الكبير محمد عبدالولي في قصته الرائعة (أصدقاء الرماد) على لسان إحدى الشخصيات:«إن اليمني حيوان مراجع» فلن تجدهم إذن يتزاحمون على أبواب المكاتب في أروقة الوزارات والمصالح الحكومية أو يتهافتون على المسؤولين والموظفين المختصين حتى وإن خسروا بعضاً من مصالحهم الخاصة المهمة، فكيف سيجري تنفيذ التوجيهات الخاصة بمكرمة الرئيس حتى تؤتي أكلها بعيداً عن الإذلال وسفح ماء المحيا لاسيما أننا في زمن فساد إداري ومالي ساحق وماحق!!

ولاشك أن الأدباء سيرحبون بهذه الإكرامية لأنها من أبسط حقوقهم المكفولة، أما إذا أحسوا بأنهم يعطون ما لا يستحقون على حساب قطاعات أخرى فأنهم لن يقبلوا هذه الإكرامية بل سيرفضونها وقد يتندرون بها شعراً ونثراً، ولنا في زهد الأدباء في اليمن أمثلة ساطعة من مثل عمر الجاوي والبردوني والربادي وعبدالله فاضل والقرشي عبدالرحيم وغيرهم فهذا الأخير رفض أن يستلم شقته الجديدة في الحي السعودي في المعلا معلناً للجميع أن غيره أحق بها منه أما هو فعنده بيت متواضع يأويه ويكفيه، رحمه الله تتعالى. أما إذا علم الأدباء أو أحسوا أن دعم الدولة الاستثنائي أو الموسمي لهم هو من أجل استرضائهم وكسب مواقفهم وإعلان شكرهم فإن كل ذلك لن يأتي إلا بنتيجة عكسية.

يتبع

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى