بثُّ الشجون

> «الأيام» كريم الحنكي:

> حيّيْتُ يافعَ، إذ وافيتُ ناديها

كم استخفَّ شجوني، كلّما ذُكرَتْ

وكم وددتُ، قديماً، لو أطوفُ بها

أو أنها صلةٌ ما، ربما خفيَتْ

يا لائمي في هوى من لستُ أعرفُها

لئنْ عرفت فُرادى من أكارمها

ولو تبلّغْتَ من تاريخها خبراً

لقد سَرَتْ بي إليها قبل رؤيتها

ورقرقَتْها على ماء الضمير رؤىً

واليومَ، إذ وردَتْها العينُ ظامئةً

هذي يفاعةُ، أعلى الروح منزلةً

ما للأعالي سوى من كان ذا هممٍ

وليس كل حلولٍ في الذرى لهمو

يا أهلها الغرّ، يا أهلي، ويا وتداً

ويمسكُ الأرضَ إن جاشت كوامنُها

هذا الجنوب أتى فوجاً يُحرِّكُهُ

ظمآن، توجعُه الأحلامُ، إذ وئدت

قد أدرك اليوم أن الأمس أوردَهُ

«ضُحى الغد» الآن، أبدى أيّ داهية

حتى استفاق على الأوخام، يشربها

وكلُّ من وخُمَتْ يأساً مواردُه

يا سادة العُرّ: لي - في عُرّكم - خبرٌ

هنا الحصون، حصون المجد، إن هتفَتْ

وهو الذي إن رمَتْهُ العاديات، دعا:

تُكِنّه إن شكا يوماً، وترفدُهُ

وتنزع النِّيْرَ عن أوجاع غاربهِ

كأنها رأسُهُ العالي، وليس لها

حييتُ يافع، إذ وافيتُ محتملاً

حييت يافع، مرتاداً ومنتجعاً

حييت يافع عن بعدٍ وعن كثبٍ

وطال ما كنتُ - عن بُعدٍ - أحيّيها

وقْعُ اسمها، ودعا الأشواقَ داعيها

كأنّ ثمّ لقلبي كعبةً فيها

عني، يكاد مثار الوجد يُبديها

إلاّ خيالاً: كفاك اليوم تنويها

كمن عرفت، لما استكثرتَ حُبّيها

لجئت- مثلي، طروباً - كي تغنّيها

ركائبٌ، كان محض الحب حاديها

جلّت عن المِثلِ في أدنى تجلّيها

فاقت حقيقتها، عندي تمنّيها

هل للنسور سوى سُكنى أعاليها

أعلى، تروِّضها عزماً وترويها

سماء يافعَ، أو عَزْمَاتُ أهليها

يُرسي الجنوبَ، إذا مادتْ رواسيها

فيه، فيحميه - من بغيٍ - ويحميها

تَوقُ الحياة، إذا اغتيلت معانيها

سهواً، فأطلالُها تُؤْوي بواكيها

مشارعَ الوهم، حتى استرفَهَ التّيها

دَهَتْ مشاربَه، لؤماً وتمويها

تجرُّعاً، وهي لا تصفو مساقيها

لا بدّ يصدر عنها، أو.. قضى فيها

يُملي على النفس آمالاً، فيحييها

باسم الجنوب، صحا- كُلاً - يلبيها

«وا يافعاهُ» فضمَّتْهُ أياديها

ماءَ الحياة، فما يؤذيهِ يؤذيها

تُبري الجراحَ به، ما أن تداويها

إلاّ به جسدٌ، إن أنَّ يُضنيها

بَثّ الشجون، بقلب حَلّ جنبيها

من سيرة السّرو، باديها وخافيها

أستلهم العُرّ: ماضيها.. وآتيها

الحبيلين 12 تموز 2007م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى