قراصنة القبور ونصيب النسور في طور الباحة

> «الأيام» وجدي عبده الشعبي :

>
بقايا عظام جرفتها مياه الأمطار
بقايا عظام جرفتها مياه الأمطار
لمحة من واقع الحياة رفضها الناس وخلفت الجدل الواسع بين الشاهد على الحقيقة والرافض لها، ومع كل ذلك تكررت رغم رفض المجتمع لها .. إنها حرمات الموتى الذين يرقدون دون سلام، ودعوا الحياة وتركوها لسواهم ليناموا تحت تربة الأرض التي كانت أصلهم الأول، ورغم هذا لم تسلم عظامهم التي تناثرت هنا وهناك بفعل بطش بني البشر وجريهم وراء المساحات والأراضي للبناء.

واليوم عادت ظاهرة نبش المقابر للبروز بقوة .. ولأننا ندرك معنى حرمات القبور، كان واجباً علينا أن نقف حول الجدل في هذا الموضوع ونسقطه على أرض الواقع وكان الهدف مقبرة الهاجرية الخضيراء جنوب مديرية طور الباحة.. فهل هي مقبرة وما المعالم والمساحة والدلائل؟ كل ذلك فيسطور هذا الاستطلاع.

> كانت البداية مع الأخ أحمد محمد الرداع الذي عاش حياته جمّالاً في المنطقة (راعي إبل) منذ الستينات، الذي قال: «حسب معرفتي التي أثق فيها أن هذه الأماكن توجد فيها قبور شاهدتها بأم عيني، وشاهدت عظام الموتى فيها التي كانت تخرجها الأمطار بسبب التدهور الذي طال بعض أماكن المقبرة مع مرور الزمن. وأتحدى أي انسان داخل المنطقة أن يقول إنها ليست مقبرة أو أنه لا يدري بشأن وجودها وحتى الذين يبعيونها أراضي هم على دراية أنها مقبرة فعلاً.

وأنا قبل سنة وجدت قبراً جرفته مياه الأمطار، وكان اللحد واضحاً يبين حجة وجوده.. ومعالم القبور موجودة من شعب الاحجام غرباً وحتى سور إدارة المياه شرقاً، وشمالاً سكن آل بقه وجنوباً الطريق المؤدية من طور الباحة إلى عدن».

إخراج جثث الموتى بحماية أمنية

> الشيخ عبده علي شكري هو الآخر يقول: «إن حرمة الموتى في طور الباحة منذ عام 1992م وهي تنتهك، ويتم البناء فيها بإسقاط هندسي من أشغال وعقارات الدولة مع علم المسؤولين والقضاة، خاصة في مقبرة (سنوي) ومقبرة (الشيخ عمر) الواقعة في جبل السبت، وكذا مقبرة الهاجرية التي لا تزال تعاني الاعتداءات المتواصلة ونبش جثث الموتى من داخلها وبحماية أمنية.

وسبق أن حصلنا على فتوى من مفتي الديار اليمني زبارة رحمة الله ولدى السلطات والقضاء نسخة منها لم يعمل بها، وتجرأت النفوس على جثث الموتى لأن الجثث لا تستطيع الدفاع عن نفسها وبمباركة من السلطة المحلية».

عثورنا على عظام دليل قاطع أنها مقبرة

> أما الأخ سيف سعيد الحاج، عضو المجلس المحلي فتحدث حول مقبرة الخضيراء الهاجرية قائلا:

«لقد كنت أحد أعضاء اللجنة المكلفة من قبل المجلس المحلي بالتحقق مما إذا كانت هناك مقبرة أم لا.. وقد قمنا بالنزول إلى المكان ومعي العضو علي ثابت طهيش وممثل الأوقاف وحيد محمد علي وأمين عام المجلس المحلي عز الدين عبده السروري، وأثناء تجولنا في الساحة الواقعة غربي منزل علي سعيد أحمد ومصنع البلوك التابع لعدنان برغش وشمال منزل علي بن علي بقة والطريق الجديد طورالباحة - المقاطرة، شاهدنا معالم تدل على وجود قبور، وكذلك عثرنا على عظام بشرية ظاهرة على سطح الأرض من جراء عوامل التعرية وجرف الأتربة بالغرافة، وكان ذلك دليلاً قاطعاً على أن المساحة عبارة عن مقبرة قديمة.

كما أن عددا من المواطنين المسنين ومنهم الشيخ عبده علي شكري، والشيخ سعيد حيدر وغيرهما من المواطنين الذين تتجاوز أعمارهم الستين عاما، أكدوا ذلك وأنهم شاهدوا معالم وشواهد القبور قبل أن تشق الطريق المؤدية من طور الباحة إلى عدن وقبل وجود هذه المباني الواقعة على جانبي القبور والطريق. كما أكد الوالد قائد خضر الذي يبلغ من العمر ثمانين عاماً أن هناك قبورا في هذه الساحة وكان فيها مسجد وسقاية ماء لكن الاعتداءات بالجرف يوماً بعد يوم طمست كل المعالم، وهذا عمل لا يرضي الله ولا رسوله ولا المؤمنين جميعاً والله من وراء القصد.

رفعنا تقريرا يفيد بأنها مقبرة

> وقال الاخ منير عبد المجيد الشعبي، عضو المجلس المحلي: «كنت رئيساً للجنة الشؤون الاجتماعية بالمجلس المحلي، وكلفنا حينها أنا وعضوين بالمجلس المحلي بالنزول إلى مقبرة سنوي والهاجرية للتأكد من صحة بلاغات مقدمة من مكتب الأوقاف وبعض المواطنين في المديرية تفيد بوجود اعتداءات على المقبرتين، وبالفعل نزلنا ولاحظنا عبثا كبيرا بالمقابر والبناء عليها، وحفر بيارات المجاري في مقبرة سنوي، وبناء سور وهنجر إدارة المياه على مقبرة الهاجرية، وحجز قطع للبيع والبناء في مقبرة الهاجرية، وأخذنا شهادة أهل الخبرة واسترشدنا بلجنة حصر الأوقاف ورفعنا تقريرا يفيد بأن المساحة الواقعة من إدارة المياه إلى خلف محطة معرد هي مقبرة، والقبور واضحة على أجزاء منها حتى الآن، ومنذ ذلك الحين والقضية لم تحسم، ولم تتخذ جهات الاختصاص أي إجراءات صارمة للفصل في المشكلة وحفظ كرامة الموتى إلى يومنا هذا.

مقبرة الهاجرية قبل الاستحداث
مقبرة الهاجرية قبل الاستحداث
وأنا اليوم أعمل رئيساً للجنة الخدمات بالمجلس المحلي وجدت إثارة للقضية من جديد في مقبرة الهاجرية الخضيراء، وكلف المجلس المحلي في دورته الثانية لجنة من أعضائه لتحديد المقبرة.

وفعلاً تم النزول وتحديد مساحة وكان رأي بعض أعضاء اللجنة أنها أقل بكثير من المساحة الحقيقية، وأثناء الخلاف بين أعضاء اللجنة تم السماح للملاك بالعمل في المكان موضع النزول وبحماية أمنية وبتوجيهات من مدير عام المديرية ورئيس المجلس المحلي، رغم التوقيف الصادر من المحافظ والنيابة العامة وأن القضية منظورة أمام القضاء.

الجدير بالذكر أن الملاك يعترفون أن هناك مقبرة قائمة في المكان، لكن الخلاف حول مساحة المقبرة.. فهل هي المساحة كلها كما يقول شهود الخبرة ولجنة حصر أراضي الأوقاف ومكتب الأوقاف بالمديرية؟ أم أنها جزء من المساحة والباقي ليس فيه القبور كما يقول الملاك؟

لا نريد أن يقع الظلم على أحد، لا على الاحياء ولا على الأموات.

نريد أن يتوقف العمل وتشكل لجنة متخصصة من خارج المديرية وتحدد المساحة الفعلية للمقبرة وتحصر بمعالم واضحة وما تبقى إن وجد فيعطي لأصحابه للتصرف فيه إن كانو لا يريدون التنازل عنه كمقبرة تخدم الجميع.

وعبر «الأيام» أطلب من أهل الخير التبرع لبناء سور حول مقبرة الهاجرية ومقبرة (سنوي) ولهم من الله أجر عظيم وثواب كبير، والله الموفق إلى ما يحبه ويرضاه».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى