فتاة الجزيرة في كتاب

> «الايام» د. عبده يحيى الدباني:

> أهداني أخي وأستاذي د. أحمد علي الهمداني مشكوراً كتاباً ضخماً قام هو بجمعه وإعداده وتقديمه، بعنوان (المجاهد محمد علي لقمان المحامي.. فتاة الجزيرة، افتتاحيات ومقالات من عام 1940م إلى 1950م). يقع الكتاب في 751 صفحة، وقد تضمن افتتاحيات ومقالات الكاتب التنويري الشهير محمد علي لقمان (ت 1966) المنشورة في صحيفة «فتاة الجزيرة» منذ تأسيسها في عام 1940م إلى نهاية عام 1950م، هذا الكتاب طبع على نفقة الأستاذ ماهر محمد علي لقمان الذي يسعى جاهداً إلى بعث مجد أبيه لما في ذلك من خدمة للفكر والثقافة والتاريخ، وكانت هذه المقالات والافتتاحيات قد رتبت في الكتاب حسب توالي أعداد الصحيفة بصرف النظر عن موضوعاتها المتنوعة، ونأمل في أي طبعة قادمة للكتاب أن يكون مشفوعاً بفهرس لعناوين هذه المقالات والافتتاحيات حتى يسهل للقارئ العودة إلى ما يريد منها.

لقد بيّن مؤسس الصحيفة وناشرها في أول أعدادها أهمية الصحافة في العصر الحديث على مستويات الحياة كافة، وبيّن دورها في بناء الإنسان والشعوب والدول، وفي تكوين الرأي العام، وكان مما قال في أول مقال: «...ولما كانت عدن ونواحيها بحاجة ماسة إلى جريدة عربية تكون لسان حالها عزمت على إصدار هذه الصحيفة خدمة لهذه البلاد وأهلها قاصداً نشر الثقافة العربية ومجاراة الأمم المتمدنة في تقدمها الثقافي والزراعي والصناعية والتجاري ورقيها العلمي والفني والأدبي».

وفي أثناء رحلتي الممتعة في خضم هذه المقالات والافتتاحيات ذات السنوات العشر استطعت أن أرصد أبرز القضايا التي تناولها الكاتب على مختلف ميادينها، فمنها قضايا الدين الإسلامي وترسيخ قيمه وأخلاقه وثقافته، وقضية التربية والتعليم والاهتمام بالشباب والنشء والعمل على إنقاذهم من الضياع وبيان مكانة المرأة وبلورة حقوقها، وبناء ثقافة الأسرة الحضرية، والتعرض لأهمية الوقت وقضايا الطب والصحة والاقتصاد وغيرها من قضايا الإصلاح الاجتماعي والتنوير الثقافي والفكري والديني والسياسي، ويلاحظ الاهتمام أكثر بقضايا السياسة عالمياً لا سيما قضية الحرب العالمية الثانية وآثارها المدمرة في الشعوب عموماً، وكذا الاهتمام بالشأن القومي العربي والدعوة مراراً إلى الوحدة العربية، فضلاً عن القضايا السياسية على المستوى المحلي الوطني. ولم تكن قضايا الأدب بمنأى عن هذه المقالات الرصينة، إذ أخذت نصيبها من اهتمام الكاتب مثل الحديث عن الأدب في عدن والمخيمات الأدبية، كما أن بعض المقالات يصب في موضوع أدب الرحلات.

كما يلاحظ المتأمل قليلاً في ذلك السفر الكبير أن ما حواه من مقالات إنما هي بحوث موجزة دقيقة ولم تكن ثرثرة وإنشاء كالكثير من مقالات اليوم، فضلاً عن أسلوبها الرصين ولغتها السليمة الجميلة، كما يلاحظ اهتمام الكاتب بالثقافة الإسلامية في دعوته التنويرية والاهتمام بالمناسبات الدينية المختلفة، وهذا ما لا نجده في صحف اليوم إلا قليلاً وعلى استحياء، وتجدر الإشارة إلى أن كثيراً من تلك المقالات لا يزال يصلح في حياتنا اليوم وفي معالجة أمراضها المزمنة.

وأخيراً فإن هذه المقالات والافتتاحيات كشفت عن سعة ثقافة الكاتب وعبقريته وألمعيته وعن نزعته الواضحة إلى التنوير والإصلاح والدعوة الإسلامية.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى