النائب عيدروس:على الجهات الحكومية أن تخجل من الادعاء أن الخارج يتآمر مع المظلومين في الداخل

> «الأيام» أنيس منصور:

> ما هو تقييمه لاحتقانات أبناء المحافظات الجنوبية ومن المسئول عما حدث؟ وهل صحيح أن هناك أيادي خارجية تدير النضالات السلمية التي يمارسها المتقاعدون؟ وما صحة ادعاء السلطة أن الحزب الاشتراكي يقف خلف هذه الفعاليات؟ وإلى أين وصلت مناقشات مجلس النواب بخصوص الاعتداءات على أراضي عدن ولحج وحضرموت وشبوة وأبين من قبل نافذين؟ وكيف خضعت الوظائف الحكومية لطرق ملتوية؟ وإلى أين وصلت لجنة المفاوضات مع الحوثيين؟ وماذا تعني كلمة (الوحدة اليمنية) وصحيفة «الأيام» .. كل ما سبق هي أسئلة حملتها «الأيام» إلى رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني والسياسي المثقف والاديب د. عيدروس نصر النقيب فإلى التفاصيل:

> ما هو تقييمكم للأحداث الأخيرة التي شهدتها المحافظات الجنوبية؟

- في البداية أتوجه بالشكر لـ «الأيام» والقائمين عليها وأحييها على الدور التنويري لمتابعتها مستجدات الأحداث وأقول إن حركة الاعتصامات كان ينبغي لها أن تحصل من زمان وتأخرت قليلا، ومبرراتها قائمة منذ 7 يوليو 94م بعد أن استقوى المتنفذون والمنتصرون في الحرب الذين أوهموا أنفسهم أنهم كسبوا الجولة وسيطروا وصادروا كل شيء بما في ذلك الأرض والإنسان والثروة والحياة السياسية، وظنوا أنهم أغلقوا الملف .. والذين لحق بهم الظلم والجور جراء السياسات المعوجة صبروا طويلا وضاقت صدورهم فعبروا عن مطالبهم بحركة احتجاجية سلمية متحضرة مدنية ومعظمهم عسكريون يجيدون استخدام أنواع الأسلحة لو أردوا التمرد لتمردوا، لكن تربيتهم المدنية فرضت عليهم أن يسلكوا طريق النظام والقانون للمطالبة بحقوقهم، ولم يقتصر التعبير على حقوق المتقاعدين بل توسعت المطالب برفضهم للسياسات السائدة في البلاد فيما يتعلق بالوظيفة العامة والسيطرة على الثروة ونهب الأراضي وسلوكيات المتنفذين الذين يعيثون في الأرض فسادا، وآلمهم كيف تعاملت السلطة مع حركة المتقاعدين. نقول لو أن لدينا سلطة لديها جزء يسير من الرشد لتعاملت مع الاحتجاجات بكل بساطة وحمتها من الشغب وتوفير الأجواء السلمية، لكن عقلية المنتصر وسلوك المستقوي الذي لا يرى في الناس إلا أعداء اعتبرت الاعتصامات حركة معادية، فهناك من يقول إنهم أعداء الوطن ويتهمهم بالخيانة وأنهم ضد الثوابت الوطنية، وأنا أقول إن الفقر والفساد والبطش والإرهاب والاستبداد والقمع والتنكل ليست من الثوابت الوطنية، ومن حق الناس أن يثوروا ويتمردوا على هذه السلوكيات. لقد أثبتت السلطة أنها أقل كفاءة من المحتجين، فلو أنها تعاملت بأساليب متحضرة لسارت الاعتصامات بسلام وهذه هي رسالة سياسية للدولة، كما أنه كان أولى للسلطة التي واجهت المتقاعدين بالقمع والهراوات وإطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع أن تبحث عن أسباب الاحتجاجات ودوافعها، وعليها أن تتعلم جيدا مما جرى يوم الخميس 2 أغسطس الماضي.

> هل صحيح أن أيادي خفية خارجية تدير هذه الفعاليات؟

- عودتنا السلطة أنه إذا احتج مجموعة من الموظفين أو حتى عمال النظافة وكل من يطالب بحق قانوني، فإنه متآمر مع الخارج وعميل. إن الذي يعاني من الجوع والفقر لا يحتاج إلى من يدفعه خارجيا، وفعاليات المتقاعدين حق كفله الدستور وعلى الجهات الحكومية أن تخجل من نفسها عندما تدعي أن الخارج يتآمر مع المظلومين، وتعترف أن هناك ظلما، أما إذا كان المظلومون لا ينصرون إلا من الخارج فهذه فضيحة للدولة ووصمة عار.

> الحزب الاشتراكي متهم بأنه وراء ما يحصل.

- للأسف الشديد كم كنت أتمنى أن يكون الحزب الاشتراكي هو من يقف خلف ما يدور في المحافظات الجنوبية من حركات اعتصامية سلمية، لكن الحزب الاشتراكي لم يعد وحده منفردا بالساحة الجنوبية، وهو منذ عام 90م قد أصبح شريكا في الحياة السياسية في كل نواحي اليمن طولا وعرضا شمالا وجنوبا، وبالتالي يشعر بمسئوليته تجاه كل اليمنيين وفي كل محافظة من محافظات البلد، ومسئولية الحزب تتميز بالنسبة لمحافظات الجنوب على اعتبار أنه هو الذي قاد الجماهير إلى مشروع الوحدة اليمنية، المشروع العظيم النبيل الذي حلم به كل اليمنيين طوال التاريخ، ومسئولياته تتضاعف تجاه مواطني المحافظات الجنوبية باعتبار أنه قاد الحياة السياسية والاقتصادية، واليوم كثير من المواطنين يلومون الاشتراكي على أنه هو الذي أوصلهم إلى الوضع المأساوي التعيس نتيجة للسياسة الخاطئة وإن كان الاتهام غير صحيح، لأن السبب هو من يمارس هذه السياسة، أما الحزب فقد أقصي من السلطة منذ عام 1994م وأنا أنصح الحكومة أن تبحث عن الأسباب والدوافع الحقيقية للمشكلة، ونؤكد أن الذي يقف خلف ما يحدث في جنوب الوطن هي المعاناة والفقر والجوع والبطالة وتدني الخدمات ورداءة التنمية وانهيار التعليم وغياب الخدمات الطبية وانقطاعات الكهرباء وعدم وجود المياه الصحية النقية .. هذه الاسباب تدفع الناس إلى التمرد ورفض السياسات الرسمية. إن الحزب الاشتراكي ليس وحده مسئولا وإن كان يتحمل جزءا كبيرا من هذه المسئولية، وأتوقع أن منظمات المجتمع المدني والجمعيات التي شكلت والأحزاب السياسية التي لها حضور في الجنوب أيضا مسئولة بما في ذلك المؤتمر الشعبي العام كحزب سياسي مسئول عما حصل في المحافظات الجنوبية، وعليه أن يسعى ويبحث عن حلول لمشاكل الشعب بدلا من البحث والسعي عن تهم جاهزة تحمل نظرية المؤامرة.

> إلى أين وصلت مناقشات مجلس النواب بخصوص الاعتداءات على أراضي عدن ولحج؟

- أنا تغيبت أكثر من 40 يوما عن جلسات المجلس وكنت ضمن اللجنة التي ذهبت إلى صعدة، ولكني متابع للموضوع وسبق أن كنت أحد الذين أثاروا هذه القضايا، فللأسف بعد عام 94م تحولت المحافظات الجنوبية إلى غنيمة حرب وصار المنتصرون يتعاملون مع الإنسان والأرض وما تحت الأرض وفوقها على أنها غنيمة، وبالتالي ظهرت مشاكل الاستيلاء على أراض في عدن ولحج وحضرموت وأبين وشبوة وأثيرت قضية أراضي دارسعد من قبل النائب عبدالباري دغيش، وهناك أراض أخرى لها وعليها مشاكل عصيبة، لكن مشكلة أراضي دارسعد أن المتنفذين في محافظة عدن بينهم محافظون سابقون وقادة عسكريون ملكوا الأرض لأنفسهم وباعوها للمستثمرين، وعندما جاءت المؤسسة الاقتصادية العسكرية تدعي أنها ورثت مؤسسة اللحوم، بدلا من أن تبحث عن الذين استولوا على الأراضي ذهبت فوق المستثمرين، وأنا لا أدري هل هذه المؤسسة قطاع عام أم خاص أم مختلط ، وبما أن هذه الأراضي قد آلت لملاك لديهم وثائق رسمية فعلى المؤسسة الاقتصادية أن تعرف أنها وريثة مؤسسة اللحوم في الأصول القائمة وليس السابقة وكل ما توصل إليه المجلس هو إعادة النظر في القرارات السابقة وتعويض من لحق بهم الضرر جراء الهدم الذي قامت به بعض الوحدات العسكرية.

> قضية التلاعب بالدرجات الوظيفية ناقشها بعض أعضاء مجلس النواب .. هل اقتصرت القضية على المناقشة فقط؟ وأين دور المجلس؟

- اللائحة الداخلية للمجلس والقانون والدستور تمنح النائب البرلماني كثيرا من الصلاحيات، لكن الأعضاء لا يجيدون استغلال صلاحياتهم، بعضهم بسبب كسب ود الحكومة والبعض لعدم وجود الوعي، ومنهم من تتصدى لهم هيئة الرئاسة، والقضية تقع على عاتق الخدمة المدنية، نحن في بلد لا تتوفر فيه فرص العمل، بلد طارد للاستثمار فلو كان لدينا استثمارات لما نشأت عندنا بطالة مكدسة وصارت الوظيفة الحكومية هي الملجأ الأقرب لكثير من الخريجين، ولهذا دخل الفساد وصارت الوظيفة الحكومية تباع بالمزاد بمئات الآلاف، تباع كما تباع الأحذية والمعلبات والأقمشة والسبب هو سوء الإدارة وعدم احترام معايير استحقاق التوظيف.

> بماذا تفسر إنشاء جمعيات العاطلين عن العمل في المديريات والمحافظات الجنوبية؟

- هي ظاهرة صحوة سليمة تأتي للتعبير عن معاناة الشباب الجامعيين العاطلين، وظهور هذه الجمعيات حق قانوني لفئة الشباب الذين يرون أن الآفاق مسدودة عليهم وإنشاء هذه الجمعيات أفضل بكثير من اللجوء إلى قطع الطرق والسرقة واختطاف الأجانب.

> كونك عضواً في لجنة المفاوضات مع الحوثيين ما هي النتائج والرؤى التي خرجت بها اللجنة؟

- نحن في الحقيقة تعمدنا أن نترك عمل اللجنة في الظل وتحاشينا كثيرا من التصريحات الإعلامية والإعلان عما يدور في دهاليز اللجنة ليس لأنه سر نريد إخفاءه ولكن التصريحات في الوسط الإعلامي تشوش على عمل اللجنة في ظل الحساسية القائمة بين طرفي النزاع، وعلى كل حال قطعنا شوطا كبيرا في تنفيذ الاتفاقية وأهم ما في الأمر أنه جرى وقف إطلاق النار وقفا شبه كامل، وهناك ظروف صغيرة جدا هنا وهناك أو احتكاكات بسيطة كما جرى سحب التمترس من ثلاثة أرباع محافظة صعدة، وهي مناطق الآن دخلت اليها الحياة المدنية السلمية، ويبقى طور الإعمار وما تبقى من الاتفاقية متروك لنشاط قادم إن شاء الله تتمكن اللجنة من تحقيقه.

> كلمة أو رسالة من رئيس كتلة الاشتراكي للمتقاعدين والخريجين العاطلين عن العمل؟

- أولا صحيح أني منتخب في البرلمان عن الاشتراكي لكني في الأخير نصير لكل المظلومين في كل مكان بانتمائي الاجتماعي والوطني والثقافي إلى شرائح الشعب الذين يتطلعون إلى الحياة المدنية العادلة، ورسالتي لجمعيات المتقاعدين هي أنني أحيي بحرارة تلك المواقف المتحضرة والوعي والشجاعة التي تمتعت بها جمعيات المتقاعدين، وأعبر عن مساندة الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي وعدد واسع من البرلمانيين لنضالهم السلمي.

وأستنكر بشدة أساليب الصلف العنجهي الذي تعاملت به السلطات المحلية الأمنية في عدن وبعض المحافظات الأخرى، ويسرني أن أقول يا معشر المتقاعدين ليس لديكم ما يمكن أن تخسروه، عليكم أن تتشبثوا بحقوقكم، لا تخافوا من العنجهيات التي تعبر عن الضعف أكثر مما تعبر عن القوة وأنتم الأقوى لأنكم أصحاب الحق، واحذروا من أولئك المندسين الذين يميعون مطالبكم الكبرى والقضايا العظيمة ويحولونها إلى متاهات تفقد القضية عدالتها وجوهرها الإنساني.

وأقول للعاطلين عن العمل إن من حقهم أن يحصلوا على فرص العمل، والدولة ملزمة قانونا ودستورا أن تجد حلا لمشاكلهم، ونؤكد لهم أن نظام الحكم في البلد لا يهمه مستقبل الاجيال وكل ما يهم المستفيدين هو كم راكموا من الثروات والمكاسب، وحلول هذه المشاكل بيد الشعب من ضمنهم العاطلون فهم الذين اوصلوا الفاسدين إلى سدة الحكم وعلينا أن نسقطهم غدا بالوسائل السلمية والانتخابات من خلال صناديق الاقتراع، ومثلما استغلونا ووعدونا بالمستقبل الافضل واليمن الجديد علينا ان نسألهم ماذا حققتم؟ وأين المستقبل الافضل؟ وعلى الجميع ان يعي الدرس السابق جيدا ويتنبه من الخداع السابق.

> ماذا تعني لك الكلمات التالية:

- الوحدة اليمنية: الوحدة اليمنية تعني الكرامة والحرية والازدهار والرفاهية والمساواة، تعني الحياة الانسانية الراقية، تعني النظام والقانون، فإذا غابت هذه المعايير غابت الوحدة اليمنية.

صحيفة «الأيام»: منبر محترم تنشر الحقائق لكل الباحثين عنها، وهي محط احترام وتقدير كثير من القراء، وما هذه الحملات التي تتعرض لها إلا بسبب المصداقية والموضوعية في الطرح وانتصارها للمظاليم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى