هذا ما حدث ويحدث في يمننا السعيد

> مقبل محمد القميشي:

> بعد إعلان الوحدة عام 90م .. توافد الجنوبيون إلى عاصمة الوحدة (صنعاء) قادمين من شتى مناطق وقرى ومدن الجنوب.. خاصة أولئك الذين فقدوا أو اعتقدوا أنهم فقدوا مصالحهم في عهد حكم الحزب الواحد آملين الاستفادة والمنفعة لهم ولأسرهم من الأوضاع الجديدة .

وتسابق الناس شيوخاً وأعياناً من القبائل في المناطق الجنوبية عند أول استدعاء من الأخ رئيس الجمهورية للقاء بهم .. وكان ذلك بادرة أمل لمستقبل أفضل لهم وأوضاع أحسن.

ومن الطبيعي أن من حضر ذلك اللقاء كانت له مآرب مختلفة وآمال متفاوتة.. البعض كانت حاجته إلى المال والبعض الآخر لنيل مكانة أفضل في ظل أوضاع جديدة وآخرون كانوا يأملون نيل الجاه والوجاهة .. والمنجهة بين الجميع .

وحصل الجميع على وعود متباينة حسب ما كان يأمل هذا أو ذاك .. لذلك عمت الفرحة النفوس مصدقة كل الوعود.. ولكن (يا فرحة ما تمت) حسب ما يقال .

فالمعاشات التي تم اعتمادها وتخصيصها ليست مساوية لمعاشات ورواتب أقرانهم في المحافظات الشمالية (مع مشايخ وأعيان القبائل الشمالية) ولم تعد تلك المعاشات والرواتب تساوي اليوم عشرة دنانير كانت محتسبة لكثيرين منهم قبل ذلك .

ليس ذلك فقط، لكن السلطة ما بعد الوحدة خلقت أوضاعاً لم تكن على البال .. أوضاعاً منفرة بين الأخ وأخيه وصل بعضها حد القطيعة والبعض الآخر وصل إلى حد أمر منها ..

والسبب في ذلك أننا لم نتغير ولم نفهم شيئاً خلال 45 عاماً من عمر جمهورية سبتمبر وزوال عهد الولاءات القبلية و17 عاماً من عمر الوحدة اليمنية وزوال الحكم الشمولي .

وإلا ماذا يعني استدعاء شيوخ القبائل الجنوبية وأعيانها للقاء بالأخ الرئيس في صنعاء ؟! ألا يعني ذلك أن رئاسة الجمهورية مازالت تحكم أو تمارس حكم عهدٍ قد ولى إلى غير رجعة ؟ ألا يعني ذلك في ما يعنيه أن نظاماً متخلفاً يحكم اليمن تحت مظلة الجمهورية والوحدة وينهج في حكمه منهجاً ديكتاتورياً تحت شعار الديمقراطية؟ وإن كان غير ذلك أو أن هناك من يرى غير ذلك فإن عليه الاستدلال بأحوال الناس .. أهي على مايرام ؟ أم هي هموم وأوجاع وآلام؟

وبصدق نقول إن على الأخ الرئيس النزول شخصياً إلى المدن والقرى للتعرف على أحوال الناس ومظالمهم عن كثب ..أو أن يبعث بمن يثق فيهم ويثق الناس بهم أيضاً .. فليست التقارير التي تصله من المكاتب المغلقة ومن ذوي المصالح الشخصية ومن إعلام السلطة يمكن الاعتماد عليها وليست تقارير (التمام) تفيد المرام .

ومن معاناة الناس قضية الثأرات التي محاها الناس من ذاكرتهم تحت نظام الحزب الواحد في الجنوب حتى بُعثت من جديد فقد استغل البعض في السلطة الخلافات لصالحه بوقوفه إلى جانب هذا وتشجيع الآخر .. ليجعل الناس تعيش قلقاً دائماً وخوفاً مستمراً بدلاً من معالجة أسبابه وسد منابعه .

وهو الأمر الذي يعيق الوطن من أي تقدم أو تطور وبالتالي يعيش الوطن في تخلف دائم أزلي ينعكس على الأحوال المعيشية للوطن .

فعدم القضاء على ما يقلق الناس ويهدر أي جهود لصالح الوطن كالقتل والاقتتال ومنابع الفقر والجهل لا يعني سوى خلق المزيد من التناحر بين الأخوة في أسرة واحدة أو بين الأب وابنه أو أبنائه أو تناحراً بين القبائل من دون استثناء وهذا ما حدث في يمننا السعيد !!

إذ مازال التربص ومازالت الكمائن القبلية - قبلية للأخذ بالثأرات القائمة حتى اليوم والتي لم تستثن - تقريباً - منها قبيلة من قبائل اليمن .

لذلك تمكن اليأس والإحباط من نفوس الناس لعدم ما يدل على نية صادقة من الدولة لمعالجة قضايا الثأر والقضاء على بؤره وأسبابه، وما يزيد الامر سوءًا أن سلطة الدولة هي نفسها من تعمل على استمرار الثأرات وعلى يديها تتهيأ أسبابه.. أو ما يؤكد للناس بأن نظام 94/7/7 يولي اهتماماً لأحوال الناس التي تزداد تدهوراً ومرارة معيشياً، صحياً، وتربوياً .. بل إن واقع الحال يؤكد بالملموس أن رموز النظام القائم لا تحرص إلا على بقائها وعلى مصالحها بدرجة أساس .

وإذا كانت الدولة - حسب ماوصل إلى مسامعنا - فكرت أو حددت فترة دراسة لقضايا الثأر قد تستغرق سنتين وستخصص لها المليارات فإن مثل هذا العمل يعد تهرباً من معالجة الهموم الحقيقية التي يعيشها الوطن والمواطن من ناحية ..

ومن ناحية أخرى تعمل على نبش قضايا ربما جاوز عمرها المائة عام وتجاوزها الناس وتشعل فتيلاً من نوع آخر للفتنة .

وفي اعتقادي أن المليارات التي ستخصص لهذه الدراسة وما حولها غير مجدية ومضرة في آن واحد.. لو تستغل في مشاريع تطويرية تحتاجها القبائل في قراها والريف عامة لعملت الدولة خيراً لنفسها ولنفوس رعاياها.

وأما الثأرات وقضايا القتل والاقتتال فإن الدولة - إن أرادت - قادرة على القضاء عليها من خلال تطبيق:

أولاً : المواطنة المتساوية وتفعيل السلطة التنفيذية ممثلة برجال الأمن واستقلال القضاء وتطهيره منها .

ثانياً : وهنا يمكن للدولة أن تفرض الأمن والأمان .. وإصدار قرار سياسي يمنع الأخذ بأي ثأر واللجؤ إلى القضاء لكل من له ثأر ومعاقبة أي مخالف للقرار من يوم صدوره ونشره في الجريدة الرسمية .

هذا إن أردنا أن ندخل (يمناً جديداً) ويكون المستقبل أفضل .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى