وتلك كانت البداية

> جلال عبده محسن:

> هناك نظرية في مجال الطب تقول إن معرفة نوع المريض الذي أصابه المرض لأهم كثيراً من معرفة نوع المرض الذي أصاب المريض.

وهذه النظرية وهي ما تعرف بنظرية أبقراط تنبه الطب إلى الصلة الوثيقة بين أسباب المرض وما يتصف به كل شخص من تفرد بيولوجي وتفرد في أسلوب حياته، وتتناول المرض على أنه انحراف عن الحالة السوية.

وأتباع هذه النظرية يحاولون تجنب استخدام مصطلح المرض (disease) ويفضلون فحسب أن يشيروا إلى أناس معتلين يعانون صعوبة في التكيف مع ظروف خاصة في وقت معين، وهو الأمر الذي يعني بأن أناساً بعينهم يعجزون عن التكيف مع عامل البيئة، فالأمر ببساطة أن أجسادهم لا تستطيع التكيف والنتيجة هي أن يحدث المرض.

والاعتصامات والاحتجاجات السلمية المفتوحة التي جرت وتجري في الشارع اليمني والتي ظهرت بقوة على مسرح الأحداث لآلاف المتقاعدين العسكريين والمدنيين وكذا المسرحين والتي جرت معها احتجاجات لعشرات الآلاف من العمالة الفائضة وحزب (خليك في البيت) وبدلا من التعاطي الجيد للسلطة في معالجة جملة قضاياهم ومشاكلهم المتراكمة منذ عام 1994م من خلال تسوية أوضاعهم ومعالجة مظاهر الاختلالات فإنها دأبت في سياسة التجويع والتهميش وإلغاء الآخر وظلت تتعامل مع تلك القضايا وفقاً لإسقاطاتها وحساباتها الخاصة ووفقاً لنظرية أبقراط التي وإن كانت تصلح في مجال الطب إلا أنها لا تصلح في معالجة المشكلات الاجتماعية والسياسية وذهبت إلى استخدام ورقة التشكيك بوحدوية البعض وإلصاق التهم الجاهزة بهم كالتآمر والخيانة والانفصالية وغيرها من المغالطات، وهو الأمر الذي ألحق الضرر بمستوى معيشة تلك الشرائح وأسرهم وما صاحب ذلك من شعور بالظلم والحقد وعدم الاستقرار النفسي والبدني، وتلك كانت البداية.

وإذا كانت الإجراءات الأمنية قد نجحت في تشتيت بعض تلك الاعتصامات إلا أن ذلك كان بمثابة معالجة العارض وليس المرض مثلما ينجح الثلج في خفض درجة الحرارة للمريض ولكنه لا يعالج المرض المتسبب في ارتفاعها، وعليه ينبغي تغيير كثير من السياسات الخاطئة وإعادة النظر في بعض الحسابات والإسقاطات حتى لا تبقى النار تحت الرماد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى